إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



حديث الفيصل مع مندوب الإذاعة البريطانية(1)

          أعلن سمو الأمير فيصل في حديث مع مندوب الإذاعة البريطانية أن دستور المملكة هو أقدم دستور في العالم وهو "القرآن". وقال سموه: إن من يساعده الحظ أن يكون القرآن دستوره، فهل يتطلع إلى دستور وضعي آخر؟ وقال سموه: إن الهدف من نظام المقاطعات هو التخفيف عن الحكومة المركزية ولسرعة إنجاز الأعمال. كما تحدث سموه عن الأيدي العاملة لتنفيذ مشاريع البلاد العمرانية، وأخطار الانحراف والانزلاق وأسبابها. وفيما يلي الأسئلة وأجوبة سموه عليها.

          صاحب السمو: المشاريع التي أنجزتموها والتي هي في سبيل الإنجاز وتحت البحث والتخطيط تحتاج بلا شك إلى أيدي عاملة حاجة متزايدة، فهل لسموكم أن تتحدثوا عن الخطوات التي اتخذتموها وستتخذونها لسد هذه الحاجة؟

          بلا شك إن الأيدي العاملة الفنية هي ضرورية جداً لإنجاز ما تتطلبه المشاريع من أعمال، ولكننا نحاول بقدر الإمكان أن نوفر هذه الأيدي العاملة قبل كل شيء من بلادنا نحن، فإذا تعذر ذلك نحاول أن نوفرها من البلاد العربية الشقيقة، فإذا تعذر ذلك استعنا بالبلاد العالمية الأخرى لسد هذا النقص، ونأمل في وقت قريب أن نتمكن من بلوغ غاية الاكتفاء الذاتي بما وضع من ترتيبات لدراسات مهنية، ومراكز صناعية؛ لتهيئة أبناء الوطن لسد هذا الفراغ.

          سمو الأمير: خطت معظم الدول الأمريكية والأوروبية في السنوات الخمس عشرة الأخيرة خطوات عظيمة لتحقيق الرخاء الاقتصادي لمواطنيها، ولكن هذا الكسب المادي تسبب في خسارة روحية، وانحرافات خلقية جندت لمعالجتها جميع الهيئات الدينية والاجتماعية، فهل تعتقد يا صاحب السمو أن هناك ما يضمن عدم تكرار هذا الشيء في المملكة بعد أن تبلغ درجة تطورها الاقتصادي ورخائها؟

          من سوء الحظ أنه يجتاح العالم الآن تيار من ضعف الإيمان الروحي، وهذا يجعل البشر ضعيفاً في مقاومة اتجاه الانحرافات، أو الأشياء التي تضر بكيانه كإنسان وكبشر، ولكن أملنا بالله أن البلاد العربية السعودية لتمسكها بمبادئ دينها الحنيف والدين الإسلامي أن تتجنب أو تتفادى هذه الأخطار التي تهدد العالم الآن، ونحن ساعون بجد لكي نقوي هذه الناحية في نفوس أبناء الشعب حتى تكون لهم كالدرع الواقي مما يتهدد أبناء البشرية من انحرافات وانزلاقات هي ليست في صالح البشرية أجمع، لأن أي بشر أو أي إنسان يتحلل من عقيدته الدينية، ومن إيمانه بالله فهو كالحيوان، بل هو أضل فأملنا بالله أن نوفق في ذلك، وأن يوفق أبناء وطننا للتمسك بأسس دينهم الحنيف، وإيمانهم الروحي القوي بربهم، ويتفادوا أمور الانزلاقات أو الانحرافات الأخرى إن شاء الله.

          سمو الأمير، لكل بلد دستور مكتوب يبين واجبات وحقوق الغير والدولة، فهل تعتقدون أن الوقت قد حان لوضع دستور المملكة؟ أم أنكم في تقديم الأهم على المهم ترون أن الوقت لم يحن بعد؟

          أظن أن دستور المملكة أقدم دستور في العالم وقد مضى على كتابته أكثر من 1300 سنة وهو القرآن الكريم. فمن يساعده الحظ أن يكون القرآن دستوره فهل يتطلع إلى أي دستور وضعي آخر؟!!

          أظن هذا شيء مفروغ منه .

          صاحب السمو هنالك شيء يتفرع في الواقع من هذا السؤال، وهو نظام المقاطعات أو التنظيمات الإدارية، التي سمعنا عنه، هل لسموكم أن تحدثونا عن الغرض من هذه التنظيمات الجديدة؟

          هو دائماً هدفنا في كل التنظيمات التي نضعها أو نحاول وضعها هو أولاً: تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين، وثانياً: إيجاد أضمن وأيسر السبل لحفظ مصالح المواطنين، وتسهيل مهمة الدولة للقيام بالتزاماتها تجاه مواطنيها وبلادها، فنظام المقاطعات طبعاً لا ندعي أنه أحسن الأنظمة أو أكملها، ولكن في اعتقادنا أنه روعي فيه ما يضمن بلوغ الغاية التي نحن نريدها، والهدف من وضعه هو التخفيف على الحكومة المركزية أو الجهاز المركزي بعض الأعباء التي هي دائماً تشكو منها، والتي يشكو منها الجمهور في إنجاز الأعمال، وإدارة الأعمال وفي مراقبة الشؤون التي تهم كل جزء من أجزاء المملكة ولذلك حاولنا أن نقسم المملكة إلى مقاطعات، وكل مقاطعة يكون لها بعض الترتيبات الخاصة عن تشكيلاتها من مجالسها المحلية ومن


1. أم القرى العدد 2016 في 28 ذي القعدة 1383 الموافق 10 أبريل 1964

<1>