إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



          ما دام الحديث انصب جله على القضية الفلسطينية وبين تلاطم أمواج الطروحات، لاشك أن الجزائر تجد نفسها أقرب إلى ما جاد به أخونا العزيز سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وصديقنا رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد محمد خاتمي، وأخي وابن أخي الرئيس بشار الأسد إلى غيرهم ممن عبروا عن مثل أفكارهم بطرق أخرى، طرق كلها لا تتناقض إطلاقاً، والجهود الجبارة، التي يبذلها أخونا المناضل المجاهد الكبير الرئيس ياسر عرفات، هذا القائد الذي نميل في بعض الأحيان إلى مطالبته بما يستحيل نيله في الظروف الدولية الراهنة، فله جبهة داخلية لابد من الحفاظ على وحدتها، وله شعب ثائر سخي بدمائه الزكية، يصنع الانتفاضات الواحدة تلو الأخرى بأمواج متلاحقة مترادفة من الشباب والأطفال، وله عدو شبيه إلى حد بعيد بالنظام العنصري البائد، الذي كان يعيث في جنوب القارة السمراء، ولكنه أكثر تعقيداً في المعالجة، لما له من أياد تبدو خفية، وهى غير خفية، تسنده هنا وهناك في جميع أنحاء العالم. وقد يكون الإعلام ونفوذه بيده، ويكون المال وسلطانه في متناوله، والقوى العظمى في تجاوب، بل في تحالف معه، إننا في ساحة كلما أخرج فيها من الباب إلا رجع من الشباك، متقمصاً أشكالاً متعددة من خلال دول عظمى أو جمعيات خيرية تستعمل المستضعفين، أو في هجمات تفاجئ الناس من حيث لا يحتسبون، ساحة غوغاء وأدغال يسودها قانون الغاب والكيل بمكيالين.

          إنك، أيها الأخ الرئيس، قائد الشعب الفلسطيني، الذي يبقى في ضمائرنا إلى أن ينال شعبك حقوقه كاملة غير منقوصة. إنك لست وحدك، والأيام دول. ولقد توالت في حياتك الغالية تغييرات في الساحة الدولية والعربية ما كان يتوقعها أحد، ولا يحسب لها حساب. بالأمس القريب جمعتنا القضية الفلسطينية في القاهرة بعد عشر سنوات عجاف من التشرذم والفرقة، واليوم تجمعنا نفس القضية كأمة إسلامية تمتد من أدنى المعمورة إلى أقصاها.

          لقد بلغ السيل الزبى، وما سمعناه من نبرات حول المساس بالمشاعر الإسلامية والمسيحية يزيدنا ثقة في أن حق الشعب الفلسطيني المشروع آت لا ريب فيه، وأن الأراضي العربية المحتلة ستسترجع بإذن الله إلى آخر شبر منها. ولكن نحذر من تلاعب الأوساط المغامرة بالمشاعر الدينية للشعوب وبما سكن منها في الضمائر.

          هذه صرخة أولى تعالت من الدوحة، وستليها صرخات أخرى كل واحدة أكثر غضباً من السابقة. قد يقول قائل.. لقد اجتمعتم منذ ثلاثين سنة في رباط الفتح على قضية المسجد الأقصى، وها أنتم تجتمعون اليوم من أجل القضية نفسها، وكأن العالم بقي ساكناً جامداً يراوح مكانه منذ 1969، ولكن أولم نسترجع سيناء؟ أو لم تسترجع المملكة الهاشمية الأردنية ترابها؟ أو لم يغادر الإسرائيليون جنوب لبنان هاربين؟ أو لم يصبح الفلسطينيون يطلبون الشهادة من فوق أرضهم الطاهرة وهم يستشهدون كل يوم على أديم أرضهم الغالية؟

<5>