إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



الملك خالد يوجه نداءاً بالتوقف عن العمل ليوم واحد
(أم القرى العدد 2913 في 22 جمادى الثاني 1402 الموافق 16 أبريل 1982)

          أيها الإخوة المسلمون في كل مكان، يجتاز عالمنا الإسلامي منعطفاً تاريخياً هاماً وحاسماً يتعرض فيه لشتى أنواع المخاطر، ويواجه مختلف أشكال العدوان، ولعل العدوان الصهيوني الذي تعرضت له المنطقة العربية أشد تلك الأشكال خطراً، وأكثرها شراسة؛ فإن الأداة التي قامت به، وهي إسرائيل، لم تكتف بالأعداء على الشعب الفلسطيني، وما صاحب ذلك من ممارسات استعمارية واستيطانية، دأبت على ارتكابها في الأراضي التي احتلتها بالقوة، بقصد تفريغ تلك الأراضي من سكانها الشرعيين، وإنما استشرى عدوانها؛ ليضم مناطق عربية أخرى، ولينقل الخراب والدمار إلى البلدان المجاورة، وازداد عبثها بالمقدسات، التي تحترمها الأديان السماوية والمؤمنون في كل مكان.

          إن العدوان الإسرائيلي لا يقتصر على أنه اعتداء على شعب آمن، مستقر في وطنه الطبيعي، واستباحة أرضه وممتلكاته. أو على أنه استهتار بالمواثيق والأعراف الدولية، وتحد صارخ للقرارات التي تتخذها الهيئات الدولية، بل إنه يعتبر أيضاً عدوانا على الحقائق والقيم الأخلاقية، والمثل الإنسانية العليا.

أيها الإخوة المسلمون،

          إننا في حاجة ماسة إلى التضامن والتكاتف؛ لحماية مقدساتنا وحرماتنا في القدس المحتلة، والأماكن المقدسة الأخرى، التي تعمل الصهيونية من أجل تهويدها، وتغيير معالمها الإسلامية والعربية، وطابعها التاريخي العريق، لا سيما، وقد مضى العدو الصهيوني في غيه وعدوانه إلى أبعد الحدود، حينما قرر تهويد القدس بكاملها، واتخاذها عاصمة لكيانه. وحينما قرر ضم الجولان العربية، وحينما أخذ يمارس، في الآونة الأخيرة، أبشع أساليب القمع والإرهاب ضد إخوتكم الفلسطينيين، في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما يتعارض مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان، والاتفاقيات والأعراف الدولية، ويتناقض مع قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية، الأمر الذي يوضح بجلاء التعصب الصهيوني العنصري البغيض ضد الفلسطينيين، من مسلمين ومسيحيين، ويتنافى مع روح التسامح والمحبة؛ التي تدعو إليها الأديان السماوية جمعاء.

          وكلكم تدركون أن العدو الصهيوني إنما يستهدف من أعماله الإرهابية أن يفرض على إخواتنا الفلسطينيين، في الضفة الغربية وغزة، ممثلين غير شرعيين، يصل من خلالهم إلى تحقيق أهدافه ومخططاته الإجرامية، بضم الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولتوكيد وجوده غير الشرعي فيها.

          كما تعلمون، فقد وقف الشعب الفلسطيني الأبي، في الضفة الغربية وقطاع غزة، وقفة بطولية مشرفة تحت قيادة وتوجيه منظمة التحرير الفلسطينية، وأعلن انتفاضته الشجاعة، متحدياً بذلك سلطات الاحتلال، بكل ما تملكه من أدوات القتل والتدمير والإرهاب؛ مما أدى إلى سقوط أخوة لكم شهداء أبرياء في معركة الشرف والكرامة، التي خاضها، ولا يزال يخوضها، إخوانكم هناك.

أيها الإخوة المسلمون،

          وإنني باسم مؤتمر القمة الإسلامي الذي أتشرف برئاسته، وباسم حكومة وشعب المملكة العربية السعودية، أناشد المجتمع الدولي بصفة عامة اتخاذ الإجراءات الحاسمة، والكفيلة بوضع حد لهذه الممارسات الإرهابية؛ لما تنطوي عليه من مخاطر ومحاذير، ومن نقض للمبادئ الدولية القانونية والأخلاقية، وانتهاك للقيم والمثل الإنسانية العليا.

          كما إني أهيب بكم جميعاً، تضامناً مع إخوتكم في الأراضي المحتلة، أن تمكنوا العاملين في الدوائر الرسمية، والقطاعات العامة والخاصة، من التوقف عن العمل ليوم كامل، اليوم الأربعاء 20 جمادى الثاني 1402 الموافق للرابع عشر من أبريل 1982، تعبيراً عن وقوفكم جميعاً بجانبهم، ومؤازرتكم لهم، وإن تتوجهوا إلى الله جميعاً بالدعاء لهم بالنصر والتأييد، وأن يأخذ بأيديهم.

          وأسأل الله العلي القدير أن ينصرنا على أعدائنا، وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدا.

          والسلام عليكم، ورحمة الله وبركاته.

 

خالد بن عبدالعزيز آل سعود
ملك المملكة العربية السعودية
ورئيس مؤتمر القمة الإسلامي