إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



كلمة الملك خالد
في افتتاح مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية
(أم القرى العدد 2585 في 9 رجب 1395 الموافق 18 يوليه 1975)

          بسم الله الذي جمع كلمتنا على دين الحق، والصلاة والسلام على من سن لنا طريق العزة والاتحاد.

أيها الاخوة الكرام:
          
يسرني أن أرحب بكم باسم المملكة العربية السعودية شعباً وحكومة، في وطنكم ووطن كل مسلم، حيث تحلون بين أهليكم وذويكم، في جوار أول بيت وضع للناس، ومهبط الوحي، ومنبع الرسالة الخالدة.

          أيها الاخوة الكرام: قد أراد الله، ولا راد لمشيئته، أن ينعقد مؤتمركم هذا في سبيل المزيد من التضامن الإسلامي وقد غاب عنّا رائد التضامن الإسلامي، والداعية الأول إلى اتحاد المسلمين، المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز حيث اختاره الله إلى جواره ورجعت نفسه المطمئنة إلى ربها راضية مرضية، وإن خير تكريم لذكراه أن نعقد النية، ونوطد العزم على المضي قدماً في إنجاح ما دعا إليه، طيب الله ثراه، من تضامن واتحاد المسلمين، وتحقيق أمنيته الكبرى في أن يصلي في المسجد الأقصى، أولى القبلتين، وثالث الحرمين الشريفين، وقد عادت القدس عربية حرة خالصة لوجه الله والدين، بإذن الله.

          أيها الاخوة الأعزاء، إن مؤتمركم الكريم هذا ينعقد في ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة، فعالمنا اليوم قد اضطربت فيه القيم الروحية والأخلاقية، واختلت فيه الموازين الاقتصادية، وسادت فيه التفرقة العنصرية، وانتشر فيه الفقر والجهل والمرض، الذي خلفه الاستعمار في كل مكان وجد فيه، وكثرت فيه المبادئ السياسية حيث نرى كثيراً من إخواننا المسلمين يجاهدون في سبيل دينهم، وأرضهم وحريتهم، وحيث نرى الصهيونية، وهي أبشع صورة للعنصرية والاستعمار، ممثلة في كيانها الجاثم على أرض فلسطين، لا تزال سادرة في غيها، وتعنتها، وإنكارها لكل مبادئ الحق والعدل والسلام. الأراضي العربية، بما فيها قدسنا الحبيبة، لا تزال تحت الاحتلال الصهيوني الغاشم، والشعب الفلسطيني المسلم لا يزال محروماً من حقوقه المشروعة في استعادة أراضيه، وتقرير مصيره، ولكل هذا فنحن، كمسلمين، مدعوون للرجوع إلى عقيدتنا السمحة؛ لاستلهام مبادئها التي تأبى التفرقة العنصرية، ولا ترضى بالتعصب الديني، وتمد البشرية بالقيم الروحية والأخلاقية، التي تحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى. فنحن مدعوون إلى الاهتمام بمشاكل العالم الروحية، وقيمه الإنسانية، بنفس القدر الذي نهتم به بمشاكله المادية، فالإنسان روح ومادة، والإسلام دين ودولة، وهو يعني بمطالب الإنسان الروحية والمادية وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا فعقيدتنا السمحة، وشريعتنا الغراء غنية بالروافد الخيرة المعطاءة التي توفر لنا مصدراً قويماً لشريعتنا، وتنظيم علاقاتنا وسلوكنا، والتي تهيئ لنا الحلول الناجحة لمشاكلنا، ومشاكل البشرية جمعاء، سواء كانت معنوية أو مادية ونحن، كمسلمين، مدعوون لتوطيد جهودنا، ووحدة كلمتنا، ودعم تضامننا، وبذل المزيد من الجهود والعمل من أجل الدفاع عن مقدساتنا، وأراضينا، وحقوقنا، ومبادئنا، ومن أجل العمل لما فيه خير أمتنا الإسلامية، ورفعة شأنها.

          أيها الاخوة الأعزاء: إنني أعرف ضخامة المسؤولية الملقاة على عواتقكم، ولكني أعرف أيضاً أن أكثر من ستمائة مليون مسلم يتطلعون إليكم، وإلى مؤتمركم هذا بنفوس فياضة بالآمال، التي يعلقونها على أعمالكم، وإنكم بإذن الله، وقد جمع الله فيكم صفوة من رجال العالم الإسلامي، خير من يقدر هذه الآمال حق قدرها، وخير من يعمل على تحقيقها. وإنَّ لكم من روح الإسلام ومبادئه خير عون لأعمالكم، حتى تحتل أمتنا الإسلامية المكانة الرفيعة اللائقة بها بين شعوب العالم.

          أيها الاخوة الكرام إنني لست في حاجة إلى أن أؤكد لكم أن المملكة العربية السعودية سوف لا تألو جهداً، بإذن الله، في سبيل العمل على خدمة المسلمين، وتوحيد كلمتهم، وإعزاز شأنهم، وسوف نبذل كل نفيس وغال في سبيل ذلك.

          وفقكم الله، وسدد خطاكم، وأيدكم بنصر من عنده إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ صدق الله العظيم.

          والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.