إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



خطاب الملك سعود
إلى شعبه بمناسبة ذكرى الجلوس السادسة
(أم القرى عدد خاص في 12 جمادى الأولى 1379 في 13 نوفمبر 1959)

شعبي العزيز
          إن من دواعي سرورنا، وقد انسلخ العام السادس منذ تولينا مقاليد الأمور في مملكتنا العزيزة، أن نرفع كف الشكر لله تعالى على ما متعنا به جميعاً من نعم جزيلة، وما وفقنا إليه من أعمال جليلة، وما حبانا إياه من استقرار شامل، ونمو مطرد في الارتقاء في حياتنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وما هي إلاَّ نظرة عابرة؛ ليرى الإنسان الفروق الهائلة التي تقوم بين حاضرنا اليوم وبين ماضينا بالأمس، من رفاهية وأمن، ووفر في المال، وصحة في الأبدان مما لا ينكره إلاَّ ذو غرض، ولا يجهله إلاَّ ذو جهالة.

          وإن من يلقي بنظره إلى عالمنا المضطرب، وما تجري فيه كل يوم من أحداث جسام من تقويض للمبادئ السامية، وتهديم للنظم المألوفة، وتجاهل للقيم الإنسانية، فيقابل ذلك فيما نحن عليه من بحبوحة في العيش، ورضى بما يحيط بنا من رفاهية، ونمو في جميع وسائل حياتنا، وتآخ فيما بيننا وبين الناس؛ ليقدر حق التقدير ما نحن فيه من نعم جزيلة، لم تكن لتحصل لنا لولا تمسكنا بكتاب الله وسنة رسوله ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وتنفيذناً للشريعة الغراء.

          ونحن بحول الله وقوته باقون في هذا النمو والتقدم ما دام هذا دستورنا، وتلك شرعتنا، ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر التقدم الذي حصل لنا، بحول الله وقوته، في توسعة أعز مكان لدينا الذي حبانا الله نعمة التولية على شؤونه، وهو بيت الله الحرام، فقد توفقنا في بحر هذه السنة من الاستمرار في التوسعة، وفي إكمال بعض الأركان التي تمت توسعتها في السنين السابقة، بما يليق ببيت الله العظيم من جلال وجمال ومتانة، آملين أن يصبح عند انتهائه بحول الله في بنائه وهيكله، كما هو في قدسيته وعظمته ذا المقام الأول في عالمنا الإسلامي.

شعبي العزيز
          قد تم لي السرور البالغ في هذه السنة كغيرها من السنوات أن أقوم برحلات طويلة وقصيرة داخل البلاد، أتفقد فيها شؤون الرعية، وأتلمس حالاتهم العامة فأرى مصاعب الحكام ومشاكلهم، كما أستمع إلى شكاوى الرعية، على اختلاف طبقاتهم، وأتعرف على مطالبهم وحاجاتهم في حياتهم العامة.

          وقد حصل لي من ذلك القناعة بالفائدة العظمي التي أجنيها ويجنيها شعبي العزيز من هذه الرحلات؛ إذ بها تمكنت من العمل لإيجاد الكثير من المشاريع العامة التي قمنا بها في الحقول الاجتماعية والاقتصادية والزراعية والصحية، وذلك ما زاد في توفير وسائل النمو في حياتنا العامة والرفاهية لجميع طبقات الشعب.

شعبي العزيز
          لست بحاجة لأن أعلن لكم عن سياسة خارجية جديدة اتبعها، ولا لوجهة غير معروفة لديكم أتوجه فيها، فإن سياستنا الخارجية التي عرفتموها، والتي كان لها فضل كبير في تثبيت دعائم استقرارنا، وعماد أمتنا، مازالت هي السياسة القويمة القائمة على تحسين صلاتنا مع جميع الأمم مادامت مسالمة لنا، غير متجاوزة على حقوقنا، وعلى التعاون الوثيق الكامل مع جميع الدول العربية على أسس جامعتنا العربية، عاملين على تقوية دفاعنا المشترك، وتكاتفنا الشامل لرد العوادي عن عالمنا العربي، مغذين لكسب حرية واستقلال جميع البلاد العربية التي لم تستكمل بعد استقلالها، أو لم تنل حريتها، كالجزائر وعمان ولاسترداد الجزء السليب من وطننا العربي فلسطين، ورد ما انتقص من حدودنا السعودية في منطقة البريمي وما حولها، عاملين في هذا الحقل السياسي العام على الأسس التي وضعها مؤتمر باندونج، والتي بنيت على المبادئ الإنسانية التي أقرها العالم المتحضر في ميثاق هيئة الأمم.

          هذه سياستنا الخارجية وسنستمر عليها بحول الله وقوته.

          هذا وإن ما قمنا به من أعمال في سياستنا الداخلية والخارجية ليحدونا إلى الاستمرار بالتقدم في تلك السبل؛ لنصل إلى غايتنا المنشودة، وهي الرجوع بأمتنا العربية العريقة في التمدن والرقي إلى ما كانت عليه في أعظم أيامها.

          والله والموفق وعليه الاتكال.