إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



كلمة الملك سعود
إلى حجاج بيت الله الحرام في عرفات
(أم القرى العدد 1822 في 16 ذو الحجة 1379 الموافق 10 يونيه 1960)

بسم الله الرحمن الرحيم
          لبيك اللهم لبيك، نحمدك اللهم على نعمة الإسلام، ونشكرك على ما وفقتنا إلى الهداية للاجتماع في هذا المكان العظيم، فتعرف بعضنا على بعض وعرف كل منا حقيقة نفسه فجاء إليك حاسراً، والتجأ إلى ساحتك تائباً معتذراً، فاللهم جئناك خاشعين، تائبين متذللين، ونحن عبيدك الذين هديتهم إلى كتابك العزيز، واصطفيتهم برسالة عبدك ورسولك، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

          لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عظمنا شعائرك فأعطيتنا تقوى القلوب، وقصدنا بيتك المحرم، فوهبتنا الفضل والرضوان العظيم،

إخواني المسلمين
          
لقد فضلنا الله بالإسلام فجعلنا أمة واحدة تشعر بشعور واحد، وتهدف إلى هدف واحد، فوحد بين أعمالنا وحياتنا، ووفق قلوبنا إلى الإيمان والتصديق، وهدانا بالعمل إلى صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين، فالحمد له على كل حال.

شعبي العزيز
          لقد وفقنا الله تعالى إلى العمل على راحة هذه الأمة، والعمل على إسعادها، فقمنا ولا نزال نقوم بالواجب علينا، نرعاكم ونحمي جانبكم، ونسعى لصالحكم، ما استطعنا سبيلاً إلى ذلك، ونبذل كل رخيص وغال في سبيل الذود عن حياضكم، وفي طريق العناية بشؤونكم وأحوالكم، نسهر الليالي مفكرين في أموركم، ونقضي الوقت متدبرين في أحوالكم، ونبذل المال رخيصاً في سبيل إسعادكم، فضل الله حبانا به، وهدانا إلى نفعكم به، وذلك من فضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل تمسكنا بشريعة الإسلام الغراء.

شعبي العزيز
          نحن في وقت توترت فيه الأعصاب، وتحفز الشر إلى الوثوب، ووجفت القلوب من قوارع صنع الإنسان، فنسأل الله أن يهدي البشر جميعاً إلى ما فيه صالحهم، وأن يجنبهم الزلل في أعمالهم، والحمق فيما قد يقدمون عليه فتكون الصاخة. ولقد رأوا قبل ذلك تجربة بسيطة، وما عندهم يبلغ عشرات الأضعاف مما كان، فمن جنى فإنما يجني على نفسه، وما كان الله ليظلمهم ولكن الناس أنفسهم يظلمون.

أيها المسلمون
          تجدون بحمد الله كل سنة خطي فسيحة نحو تقدم هذه البلاد وازدهارها، وذلك لأننا نبذل كل مجهود لتكون هذه البلاد التي هي قبلة المسلمين آية في الروعة والجمال، فقد وفقنا الله لتحسين وتوسيع الحرمين الشريفين، وصارت الطرق ذات المسافات الشاسعة، ووسعنا الموانئ ونظمناها، واستمر التقدم العمراني والمدني، وانتشر هذا العمران في المدن والبادية، ثم من الله علينا بهذا الأمن الشامل، والاستقرار الكامل، فلنضرع إلى الله سبحانه أن يديم علينا هذه النعمة، ولنبتهل إليه أن يوحد بين المسلمين، وأن يجعل إصلاح حالهم هو الهدف الأسمى للجميع، وأن يتبعوا خطوات الإصلاح التي خطاها الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فيبلغوا مثل ما بلغ أصحابه الأول من العز والسؤدد والكمال، والله ولي التوفيق. وجعلنا لكتابه ولرسوله من المقتدين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.