إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



تابع الملحق الرقم (5)

ط . من الإمام سعود بن عبد العزيز إلى عامة المسلمين(*)  

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعود بن عبد العزيز إلى من يراه من المسلمين، سلّمهم الله من الآفات، وجنّبهم فعل المحظورات، ورزقنا وإياهم فعل الطاعات، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد، موجب الخط المشحة(*) بكم والشفقة عليكم، والله تعالى أنعم علينا وعليكم بدين الإسلام، وكل نعمة تقصر دونه، وأعطاكم في ضمنه ما لا يعدّ ولا يثمن، وغمركم بالنعم الجسيمة كما قال تعالى:سورة لقمان، الآية: 20 وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ، وصرف عنكم من المحن ما تعلمون وما لا تعلمون، فكونوا ممن يحدث عند النعمة شكراً، وعند المصيبة صبراً، وينفق مما آتاه الله في السّراء والضّراء، وقيد النعم الشكر، كما قال تعالى:سورة إبراهيم، الآية: 7 وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ، وقال تعالى:سورة سبأ، الآية: 13 اعْمَلُوا ءَالَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ . والشكر سبب لثبات الموجود، وجلب للمفقود، قال تعالى:سورة النساء، الآيات: 66 ـ 68 وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا . وفي الحديث: إذا رأيت الله يتابع نعمه على عبد وهو مقيم على المعاصي فإن ذلك استدراج، ونعوذ بالله من مكر الله، فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، وقال:سورة الرعد، الآية: 11 إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ، وفي الحديث: ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة ، والله تبارك وتعالى يُري عبيده قدرته عليهم وعفوه عنهم لعلهم يرجعون.

والموجب لهذا: هذه الفتنة التي عمّت الناس، ليريكم الله قدرته على الناس ودفعه، كما قال تعالى:سورة التوبة، الآية: 126 أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ . والتوبة إلى الله والاستغفار شعار الصالحين، كما قال عن نوح عليه السلام:سورة نوح، الآيات: 10 ـ 12 فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا . وقسوة القلب سبب العطب والهلاك في الدنيا والآخرة. قال تعالى:سورة الأنعام، الآيات: 43 ـ 47 فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ . فلا جعلنا الله وإياكم منهم ولا أمثالهم .  

والذي أوصيكم به تقوى الله في السر والعلانية، واستحضروا فناء الدنيا، وبقاء الآخرة، واللجوء إلى الله والفرار إليه، والاستغفار والتوبة، والإقلاع عن الذنوب التي تغضب الله باطناً وظاهراً، كما قال تعالى:سورة الذاريات، الآية: 50 فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ، وقدموا بين يدي توبتكم، والاستغفار صدقة لفقرائكم، يخص بها أهل المسكنة، واعلموا  أن الله الغني وأنتم الفقراء:سورة البقرة، الآية: 110 وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ  وافطنوا لقوله تعالى:سورة البقرة، الآية: 268 الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ، وقال تعالى:سورة سبأ، الآية: 39 وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ  وفي الحديث عن النبي أنه قال: انفق بلالاً ولا تخشَ من ذي العرش إقلالاً، وفي الحديث الثاني أنه يطلع مع الشمس كل يوم ملكان، أحدهما يقول: اللهم أعطِ كل منفقاً خلفاً، والآخر يقول: اللهم أعط ممسكاً تلفاً، وتجزّلوا فإن الله أكرم من خلقه،سورة الزلزلة، الآيتان: 7 ـ 8 فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ، وقولوا:سورة الأعراف، الآية: 23 رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ  وقولوا كما قال ذو النون عليه السلام:سورة الأنبياء، الآية: 87 لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ .

اللهم إننا نستغفرك ونتوب إليك. اللهم إنك عفوّ تحب العفو فاعف عنا. اللهم يا سميع الدعاء، ويا ذا الأيادي العلا، عالم السر والنجوى، إنا نلتجئ إليك، ونستغفرك، ونتوب إليك، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد. وكل إمام مسجد يقرأ الكتاب على جماعته ويكتب صدقتهم وورقة المسجد يعطاها إمام المسجد ... والسلام.


(*) د. منير العجلاني، تاريخ البلاد العربية السعودية، الجزء الثالث - عهد سعود الكبير - ص262 - 264.

(*) المشحة، الحرص والشفقة.