إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



تابع الملحق الرقم (5)

ي . رسالة من الإمام سعود بن عبدالعزيز إلى أهل الدرعية(*)  

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعود بن عبد العزيز إلى الأخوان من أهل الدرعية، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد خصنا الله وإياكم بدين الإسلام، فصار غيركم تبعاً لكم، ويقتدي بكم في أصول الدين وفروعه والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من فرائض الدين، ولا يستقيم دين ويعبد الله على مراده إلا بالجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وبلادكم صارت مجمعاً للناس وامتلأت من سائر البلدان، وحدث فيها أمور يكرهها الله ورسوله ويغضب منها الذي فيه رائحة للدين ويخاف من اليوم الآخر.

وأنتم  اليوم أسقطتم عن أنفسكم هذه الفريضة، بسبب المداهنة، وطلب رضا وجوه الخلق، وعدم الإيمان بالجزاء، والذي له دين ويؤمن بالله واليوم الآخر، ولو هو تحت يدي حاكم ظالم، يمنعه عن القول بالحق، وجب عليه الانتقال من بلاده إلى بلد يقول فيها الحق، ويأمر به، وينكر فيها المنكر، وينهى فاعله، والعاصي إذا بان لنا أمره، أقمنا عليه الحق، بحول الله وقوته،ولا نناظر وجه شريف ولا وضيع، ما دام الله مبقينا إن شاء الله تعالى.

والذي أحاذر عليكم اليوم، معصيتكم الله في عدم إنكار المنكر، وعدم الغضب لله، وعلى طول هذه المدة ما بلغني من خاص أو عام، قام لله أو أنكر منكراً، أو رفع لي خبر بخلاف أحد، ولا دريتم أنكم خنتم العهد الذي أخذ منكم، وعصيتم ربكم في عدم إنكاركم المنكر،والعاصي عصى الله بارتكاب المعصية، والساكت عصى الله في عدم الإنكار عليه، ويخطر أن العاصي يعترف بالذنب ويتوب منه، والساكت ما يلب له(*) إنّ هذا ذنب، وتتراكم عليه الذنوب من حيث لا يشعر، (وعلقتونا هالفريضة وأسقطتوها عن أنفسكم ) ... ونحن نسأل الله أن يعيننا ويتحمل عنا.. فيكون عندكم معلوماً أن الله موجب على كل مؤمن بالله واليوم الآخر: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يناظر وجه خاص ولا عام، والأمر الذي تحبون رفعه إلي، وأدبه يصدر مني، ارفعوه إليً، وقوموا بهذه الفريضة، وأدوها على الوجه المرضي، وأنا أبغى أتتبع كل من يتهم بالدين والذين ما يتبين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في دقائق الأمور وجلائلها، أنا أؤدبه على الخيانة بالعهد، وإسقاط هذه الفريضة.

وأنتم تعوّذوا بالله من الشيطان الرجيم، وتسببوا بالأسباب التي ترضي الله عنكم، وتصير سبباً لدفع العقوبات عنكم في الدنيا والآخرة، وأنا خاص على الناس ومُعيّن عليهم، وأنا ملزم على كل من له دين العمل بما ذكرت، والذي يقول ما هو من حسبة أهل الدين، ولا له نصيب من الخير، نعرف ممشاه(*) بسكوته، وعدم الإنكار، ولنا فيه رأي، يدبرنا الله عليه إن شاء الله تعالى.

وأيضاً بلادكم يأتيها أفقية(*) من كل مكان وجهة، ويروح أكثرهم ما نعرف أن أحداً واجههم، يدعوهم للإسلام ويبين لهم التوحيد من الشرك، ويبين لهم الكفر من الإسلام، هذا والعياذ بالله من الحرمان، وعدم الإيمان بقوله : لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم .

والدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم، قال تعالى:سورة يوسف، الآية: 108 قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . وكل من ادعى اتباع الرسول وجب عليه أن يدعو إلى ما دعا إليه ، والخلل في هذه المسألة خلل واضح ولا عليه صبر، وأنا ملزم عليكم، تبدلون الممشى، والكل منكم يتوب إلى الله فيما بينكم وبينه ... والسلام.  


(*) د. منير العجلاني، تاريخ البلاد العربية السعودية، الجزء الثالث، عهد سعود الكبير، ص259-261.

(*) أي: ما يخطر بباله

(*) الممشى، هنا معناها "السيرة والسلوك".

(*) أفقية، أي "أناس يضربون في الآفاق".