إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



كلمة خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز،
في افتتاح الدورة الأولى لمجلس الشورى
في 16 رجب 1414، الموافق 29 ديسمبر 1993(*)

          افتتح خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، بعد ظهر يوم الأربعاء، 16 رجب 1414هـ، الموافق 29 ديسمبر 1993، مجلس الشورى. وفور وصوله أزاح الستار عن اللوحة التذكارية لمقر المجلس قائلاً: "بسم الله الرحمن الرحيم، على بركة الله نفتتح هذه اللوحة التي تمثل افتتاح مجلس الشورى في هذا اليوم المبارك". ثم ألقى الكلمة التالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

          "الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

          إن من دواعي سرورنا واعتزازنا، ونحن نفتتح اليوم مجلس الشورى في إطاره الجديد، أن نتوجه جميعاً إلى المولى العلي القدير، بالحمد والشكر على ما تحقق في هذا البلد الكريم، منذ أن وحد أجزاءه، وجمع شمله والدنا جلالة الملك عبدالعزيز يرحمه الله، الذي أشاد البناء وأرسى القواعد، منطلقاً من الإسلام عقيدة وشريعة. فأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وأقام حدود الله، وحكم بين الناس، وعفا وأصلح، وكرّم العلم والعلماء، وطبق أحكام الشريعة، واتخذ من الشورى قاعدة في إدارة الحكم، وتدبير شؤون البلاد، امتثالاً لقوله تعالى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ،  وفي قوله جل شأنه:وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ .

          ونحن اليوم إذ نواصل هذا النهج الإسلامي إنما نرسّخ بذلك دعائم الشورى، بأسلوب يقوم على أسس واضحة، واختصاصات بينه، منطلقين من مفهومنا العميق لهذا النهج الإسلامي الثابت، الذي جاء في كتاب عزيز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

          أيها الأخوة:

          سبق أن أصدرنا في السابع والعشرين من شهر شعبان في عام 1412هـ، النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق، مستهدين بالشريعة الإسلامية، التي هي القاعدة والأساس. محافظين على تقاليدنا الأصلية، وأخلاقنا الكريمة. ونعود مجدداً، أيها الأخوة، إلى التذكير بما سبق أن أوضحناه في خطابنا، الذي وجهناه لإخواننا، وأبنائنا المواطنين، يوم إعلان الأنظمة، لنؤكد عزمنا على المضي في مناهجنا الإسلامية القويمة، مستمدين من الله العون والتوفيق، فيما نهدف إليه من خير ورخاء ونماء، لهذا الوطن وأبنائه، معتمدين على الله، جلت قدرته، ثم على سواعد أبناء الشعب الأبي الوفي، لنواصل مسيرة البناء والتعمير والتطوير، مع الحفاظ على ما حققناه للوطن والمواطنين، من المكاسب، التي تبرزها النهضة الشاملة في شتى الميادين. وترسيخاً لما سبق أن أعلناه، فإنّ النظام الأساسي للحكم مصدره الشريعة الإسلامية، وبالتالي فإن نظام مجلس الشورى ينطلق، في جميع مضامينه، من القواعد الأساسية للإسلام، وإن المملكة العربية السعودية، وكما هو معروف أيها الأخوة، قد قام فيها الحكم منذ نشأتها ـ كما قلنا مراراً ـ على أساس مبدأ الشورى، منذ أمد طويل. حيث دأب الحكام، على استشارة العلماء وأهل الرأي والمشورة.

          أيها الأخوة:

          يسعدنا اليوم أن نفتتح، باسم الله وعلى بركة الله، مجلس الشورى في إطاره الجديد. لقد وفقنا الله في إسناد هذه المهمة الجليلة، لنخبة مختارة من أبناء الوطن، الذين تتوفر فيهم الصفات والمؤهلات المطلوبة. ونحمد الله كثيراً إذ أعاننا، على تحقيق  هذه المنجزات الإصلاحية.

          أيها الأخوة:

          إن للمملكة العربية السعودية وضعها المتميز، ومكانتها الفريدة على الصعيد الإسلامي في نظامها ومؤسساتها، وإن كل أنظمتنا نابعة من عقيدتنا، ملتزمة بتعاليم ديننا الحنيف. ونحن على ثقة أن هذا المجلس، سيكون بمشيئة الله ـ كما قلنا من قبل ـ عوناً للدولة، لتحقيق ما تصبو إليه من خير ورخاء، للوطن والمواطنين.

          وتعبيراً عن شكرنا لله على ما مكننا، واعترافاً بفضله، جل وعلا، إذ خصنا بشرف خدمة الحرمين الشريفين، بذلنا كل ما نستطيعه في سبيل الخير. وانطلاقاً من إيماننا الراسخ بالمنهج القويم، الذي نسير عليه، نعمنا، ولا نزال ننعم، بالأمن والاستقرار، فأمِنا على أرواحنا وأعراضنا وأموالنا. وبالعزيمة الصادقة نهضنا إلى البناء والإصلاح والتعمير، شاكرين لله أنْعُمِه فزادنا من فضله، وفجر لنا كنوز الأرض، فسخرناها لصالح الوطن والمواطن، سعياً لراحته وتوفير خدماته في مختلف الحقول والميادين. ووجهنا اهتمامنا الدائم، لرسالتنا العظيمة في خدمة بيوت الله، فقام المشروع الكبير لتوسعة الحرمين الشريفين، على أحدث وأروع ما يكون البناء والعطاء في سبيل الله، وابتغاء مرضاته. وأولينا المشاعر عناية فائقة، لتأمين راحة الحجيج، وتيسير سبل أداء مناسكهم.

          نحن نعيش في نِعَمٍ كثيرة لا نُحصيها، ولعلي أصارحكم القول عندما أطالبكم دائماً بالحفاظ على دوام هذه النعم، بالشكر لله آناء الليل، وأطراف النهار.

          أيها الأخوة:

          أحييكم جميعاً، وأسأل الله أن يسدد خطاكم، وأتمنى لمجلس الشورى النجاح والتوفيق في المهمة، التي يحملها اليوم لخدمة الدين الحنيف والوطن العزيز. كما أتمنى لمجالس المناطق، والتي هي بمثابة مجالس فرعية للشورى، التوفيق والنجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

------------------------


(*) سجل أعمال مجلس الشورى، وإنجازاته خلال دورته الأولى، ص 17 ـ 19.