إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



كلمة الملك حسين إلى الشعب الأردني على اثر العدوان الإسرائيلي
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3، ص 344 - 345"

كلمة الملك حسين إلى الشعب الأردني على
أثر العدوان الإسرائيلي.

عمان، 8/6/1967
(الدستور، عمان، 9/6/1967)

         أيها الأخوة المواطنون،

         أيها الأخوة الضباط والجنود،

         أيها الأخوة العرب في كل مكان: حدثتكم صباح أمس حديثا يقطر بالمرارة والأسى ويصدر عن ثقة وإيمان، ويعبر عن أسمى ما يخالج الإنسان من مشاعر اعتزاز وفخار بموقف قواتنا المسلحة التي خاضت غمار أشرف معركة وأكرم ملحمة وخرجت منها متوجة بأكاليل الغار. دافعت عن كل شبر من أرضنا بأرواح مئة شهيد وغسلت وهاد ارضنا المقدسة بدماء غزيرة حارة لم تجف بعد، وقدمت نفسها راضية مرضية ضحايا عزة وكرامة وقرابين شرف وإباء. لم تخف تكاثر العدو وتفوقه خاصة في سلاح الجو بعد أن فل على حين غرة وبمكيدة مدبرة سلاح إخواننا الجوي الذي كان معتمدنا ونصيرنا. ولم ترهب قواتنا المنايا تتزاحم من حولها حين واجهت العدو دون غطاء فما كان لها خيار، فإما المنية وإما الدنية، وحاشاها أن تختار إلا جانب الشرف والكرامة والفداء. فكان قدر الله الذي لا راد له فسقط من سقط من ابطالنا تشرق على وجوههم بسمة الشهادة وتفوح من أبدانهم ريح الجنة ولسان حالهم يقول:

وإذا لم يكن من الموت بد

 

فمن العار أن تموت جبانا

         حينما صدر بالأمس قرار مجلس الأمن بوقف اطلاق النار، كان ما تبقى من رجالنا الأبرار يخوضون الهول، لم يول واحد منهم ادباره للعدو وبقي ثابتا كالطود لا يبرح مكانه ولا يخلي ميدانه، حينما صدر ذلك القرار حسبنا أن الشرف والخلق سيتغلب عند الأعداء على الخسة والمكر والدناءة، ورغبنا منذ تلك اللحظة في الانصياع لصوت الضمير العالمي على أمل ان تهب جميع الدول المحبة للسلام إلى معالجة الموقف بروح العدالة والإنصاف وقطع دابر التحدي والعدوان وأعلنا على التو إننا لا نمانع في وقف إطلاق النار ونقلنا هذا الاتجاه فورا الى سكرتير المنظمة الدولية والدول الكبرى الأربع. لكن المؤامرة فيما بدا بعد كانت أرحب ابعادا من كل سلوك اخلاقي فإذا بالعدو يقذف بكل ما لديه من قوى أمام بقايا سيوفنا يريد أن يفلها إلى الثمالة، وكان الغطاء الجوي هو سبب تفوق العدو ولو كان الأمر أمر لقاء ومواجهة وجرأة وبسالة لعرفت الدنيا كلها ان جند الثورة العربية الكبرى جند الأردن المرابط وإلى جواره جند الفرات الشقيق قد ولدوا وعاشوا وتمرسوا وقاتلوا ليضربوا للدنيا كلها أروع الأمثال في الاستئساد والاستبسال ومقارعة الحتوف.

         غير أن ما بقي من اسادنا قد اضطرت تحت الحاح النداءات والابتهالات أن تعود مهيضة الجناح لكنها كاخوة لها سقطوا في ميدان الشرف لم تنسحب ولم تتراجع ولم تندحر أمام الأعداء ولم تتخل لحظة واحدة عن المروءات الكبيرة التي تجعل الرجال رجالا، وتسطر لهم أروع أمثلة التضحية بالنفس جهادا في سبيل الله.

         أيها الأخوة،

         لقد عشت خمس عشرة سنة كاملة من عمري الفتي أصنع هذا الجيش الباسل بدمي وعزمي وشبابي وأرافق نموه كأعز شيء علي واحبه عندي حتى وصلت به ومعه الى القمة السامقة عدة وعتادا وتنظيما وشجاعة وإقداما. وكنت، علم الله، اضن به وأوقره وأخبئه لمعركة الشرف والفداء ليوم الثأر وكنت طيلة هذه المدة أناشد قومي أن يمدوني بالدعم

<1>