( تابع ) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في افتتاح الدورة الأولى لمجلس الأمة الجديد

          ولقد كان من أثر هذا الموقف أن حدثت تحولات واسعة المدى دعمت موقف القوى المعادية للاستعمار والساعية للسلام.. والحريصة على الاستقلال الوطني لكل الشعوب.. والراغبة عن صدق في نظام جديد للعلاقات الدولية لا يقوم على دعاوى السيطرة وعمليات الإرهاب والتشهير..

          إن موقف الاتحاد السوفيتي معنا لا يحتاج مني إلى ثناء جديد عليه.. ذلك أن هذا البلد العظيم قدم في مجال التعاون معنا ما لا يمكن تقديره..

          ولقد قمت في شهر يوليه الماضي بزيارة لموسكو اجتمعت خلالها مراراً مع الأصدقاء الأعزاء ليونيد بريجنيف.. واليكسي كوسيجين.. ونيكولاي بودجورني.. وكانت هذه الزيارة اختباراً جديداً وناجحاً لمتانة العلاقات العربية السوفييتية..

          كذلك فإن موقف فرنسا تحت قيادة ذلك الوطني الفرنسي العظيم شارل ديجول الذي يعتبر من أبرز شخصيات العصر- قد شهد تحولاً ضخماً لصالح العدل والسلام عبر عن نفسه عملياً بقرار الحظر الشامل على تصدير السلاح لإسرائيل..

          ولقد سجلت تطورات الحوادث مواقف مشرفة لعديد من الدول في كل القارات..

          إن دول المجموعة الاشتراكية.. وأذكر منها بالتحديد ألمانيا الديمقراطية.. وبولندا.. وبلغاريا.. والمجر.. وتشيكوسلوفاكيا.. مازالت ترفض إعادة العلاقات بينها وبين إسرائيل.. وتقدم في سبيل التعاون معنا قصارى جهودها.

          ودول عدم الانحياز.. وفي المقدمة منها يوغوسلافيا تحت قيادة المناضل العظيم تيتو.. والهند تحت قيادة رئيسة وزرائها المقتدرة أنديرا غاندي- تقوم بأوسع الجهود لدعم احتمالات السلام القائم على العدل..

          ولقد أتيح للدول الأفريقية في مؤتمر الجزائر أن تطَّلع على حقيقة الموقف.. وكان قرارها الواضح بشجب العدوان الإسرائيلي الاستعماري..

          كما أن الدول الإسلامية- ومن نماذجها المشرفة باكستان وموريتانيا- كانت لها مواقفها الواضحة الطيبة..

          وذلك كله دعم عالمي لا يستهان بقوته المادية والمعنوية.. وهو رصيد طائل يضاف إلى إمكانيات نضالنا القومي.. وهو نضال تقع علينا نحن بالدرجة الأولى كل تبعاته وتضحياته..

          ذلك أن الأرض في النهاية أرضنا.. والمصير قبل أي شئ مصيرنا، وليس هناك بديل عن تحرير الأرض وعن حماية المصير، مهما كانت المخاطر ومهما ارتفعت تكاليفها.

<9>