إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



( تابع ) خطاب الرئيس عبدالناصر في افتتاح المؤتمر القومي العام للاتحاد الاشتراكي العربي

أصبح تحدياً سافراً وكاملاً للإحتلال الإسرائيلي، وفي نفس الوقت تصاعد العدو بحماقة القوة مما نرى آثاره في الغارات المتكررة التي يقوم بها ضد المدن والقرى في الأردن تحت دعوى ردع المقاومة الفلسطينية. ومعنى ذلك أيها الأخوة أننا بهذا التصاعد ندخل مرحلة كان الدخول إليها محتماً مع استمرار العدوان الإسرائيلي من ناحية، ومع استمرار زيادة قدرتنا على الصمود والتعزيز اليومي لقوتنا الشاملة في دعمه وتطويره دفاعاً عن حقوقنا المقدسة. أي أننا ندخل الآن مرحلة لابد أن نتوقع فيها ضربات من العدو، ولابد لنا فيها أن نرد ضربات العدو بأشد منها. وذلك سوف نتكلم فيه تفصيلاً فيما بعد.

          وأما في الجانب السياسي فإن هذه المرحلة تظهر في تكاثف النشاط السياسي الدولي المحيط بأزمة الشرق الأوسط، والذي يتبلور في الاجتماع الرباعي الذي توشك الدول الكبرى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن- الذي أصدر قرار 22 نوفمبر 1967 بشأن أزمة الشرق الأوسط- أن تجتمع بعد قرابة سنة ونصف السنة من صدور هذا القرار لكي تبحث أمره وما جرى في تنفيذه وسط ضغوط تؤكد لكل مراقب منصف ولكل مهتم بالسلام مخلص في اهتمامه أن أزمة الشرق الأوسط لم يعد ممكناً أن تنتظر أكثر مما انتظرت، بل أنه لمن قبيل المعجزات أن انتظرت الأزمة كل هذا الوقت بدون أن تنفجر وأن يكون لانفجارها أصداء واسعة المدى وغير محدودة في آثارها. ومعنى ذلك أننا من الناحية السياسية أيضاً إلى جانب الناحية العسكرية سوف ندخل في مرحلة شديدة الدقة والحساسية.

          إن الدول الكبرى الأربع سوف يجتمع ممثلوها في نيويورك وسوف تدرس هذه الدول وتناقش مختلف الاحتمالات وأهمية هذا الموضوع أن مواقف هذه الدول الأربع سوف تكون معياراً جديداً يساعدنا نحن على تحديد موقف العدو وموقف الصديق تحديداً لا شبهة بعده ولا ظل. ولعلي أقول بمنتهى الأمانة أن مواقف الدول المختلفة في هذا الأمر سوف تحدد لكل منها مدى علاقاتها بأمتنا العربية لسنوات طويلة، بكل ما يترتب على ذلك من نتائج. وفي هذا الصدد ودون ما انتظار لتفصيلات أخرى في الجانب السياسي، سوف أعرض لها فيما بعد، فإنني أود أن أحدد أمامكم أن مصير الشرق الأوسط سوف يتحدد في الشرق الأوسط نفسه، وأن أحداً لا يستطيع أن يفرض على الأمة العربية ما يمكن أن تعتبره هذه الأمة مجافياً للحق أو متجنياً على حقوقها الشرعية والتاريخية، وأن السلام لا يمكن فرضه، وإنما السلام يحقق نفسه بنفسه إذا ما كان العدل أساسه، ولنذكر دائماً أن موازين القوى تتغير، ولكن أسس العدل ثابتة دائمة أبدية وأزلية.

أيها الأخوة المواطنون أعضاء المؤتمر

          وإذن فإن هذه الدورة من أعمال مؤتمركم تبدأ مع مرحلة جديدة في الناحية العسكرية وفي الناحية السياسية. مرحلة تتحرك فيها الحوادث أسرع. وتتحرك فيها الحوادث أخطر، وعلينا أن نكون على أقصى درجات التنبه واليقظة وأقصى درجات التأهب والاستعداد.

<2>