إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



( تابع ) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في افتتاح الدورة الثانية لمجلس الأمة

          ولم نقبل بقرار مجلس الأمن ساكنين، وإنما تحركنا في محاولات تنفيذه، سواء بالاتصالات مع مبعوث السكرتير العام للأمم المتحدة، أو بتشجيع اهتمام الدول الكبرى على المستوى الرباعي، وعلى المستوى الثنائي بحكم مسئوليتها العالمية وبحكم دورها في مجلس الأمن، الذي صدر عنه قرار 22 نوفمبر 1967.

          لكن ذلك كله، وحتى هذه اللحظة، كان جهداً ضائعاً.

          والنتيجة المحققة، التي يجب أن نستخلصها بأنفسنا ولأنفسنا من ذلك أنه لم يعد هناك طريق للخروج مما نحن فيه إلا أن نشق طريقنا نحو ما نريده عنوة وبالقوة فوق بحر من الدم وتحت أفق مشتعل بالنار.

          ومهما بدت هذه النتيجة قاسية بما تحمله معها من تكاليف وتضحيات، فإننا لا نجد أمامنا غير ذلك بديلاً نصون به الشرف والحرية والحياة والمستقبل جميعاً.

أيها الأخوة المواطنون أعضاء مجلس الأمة

          إن استيعابنا الكامل والعميق لهذه النتيجة، مع كل ما يضعه علينا من أثقال المسئوليات، يعطينا في نفس الوقت منطلقات جديدة لنضالنا. ذلك إذا أحسنا التقدير والفهم.

أولاً: إن التحديات التي تقتضيها المعركة وضروراتها، سوف تفرض علينا- ولابد أن تفرض علينا- الحاجة إلى تجديد أنفسنا، لكي نصل إلى مستوى القدرة المطلوب لهذه التحديات وضروراتها.

          إن أوقات الخطر هي دائماً فرصة الأمم الحية، تبرز فيها كل ما لديها من الملكات الإنسانية والذخائر المادية والحضارية، لكي تستطيع أن تهزم الخطر، ونحن الآن في وقت خطر عصيب، وعلينا أن نرتفع عليه، ولا يتحقق ارتفاعنا إلا بمقدار ما نحن مستعدون لتجديد أنفسنا من الداخل بالفهم وبالعلم.

ثانياً: إن حتمية المعركة يجب أن تعطينا، ولابد لها أن تعطينا عزماً وصلابة نستمدها من الخيار المطروح أمامنا. وقد وصل ببساطة إلى السؤال الأول الذي يواجه أي نضال، وهو نكون أو لا نكون؟.

          إن أمتنا العربية، وشعبنا بينها، خاضت من قبل معارك كثيرة، ولكن المعركة القادمة سوف تكون ضمن قلة من هذه المعارك، تخوضها أمتنا وظهرها إلى الحائط، وليس هناك منفذ أمامها غير القتال.

          ولقد كان بين الميزات الظاهرة في موقف عدونا إحساسه المبكر أنه إذا خسر مرة واحدة، فقد خسر كل شئ في مرة واحدة. وفي مقابل ذلك كان بين ظواهر ضعفنا التواكل على امتداد وجودنا واتصاله، وأن أي ضربة مهما كان من عنفها لن تستطيع اقتلاع جذورنا من الأرض.

          إن مواقف العدو ونواياه وسياساته تجئ إلى صفوفنا الآن بإحساس لابد له أن يستقر في أعماقنا.

<2>