خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، بمناسبة الذكرى التاسعة لقيام الوحدة بين مصر وسوريا

خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة
بمناسبة الذكرى التاسعة لقيام الوحدة بين مصر وسوريا
القاهرة: 22 فبراير 1967
الأهرام، القاهرة: 23 فبراير 1967

أيها الأخوة المواطنون

          نلتقي اليوم مرة أخرى في عيد يرمز إلى أمل عزيز من أغلى آمال النضال العربي، إن لم يكن أعزها وأغلاها إطلاقاً، وهو الأمل المتوج لنا جميعاً، ذلك أن أمل الوحدة بين شعوب الأمة العربية لا يمكن أن يتحقق إلا إذا سبقه وتأكدت قبله آمال أخرى تفتح له الطريق وتمكن له وتخلق أنسب الظروف ملاءمة له.

          إن مطلب الحرية السياسية لابد له أن يسبق ويتأكد في كل وطن عربي قبل أن يصبح أمل الوحدة العربية أمراً مطروحاً.

          إن مطلب الحرية السياسية معناه لأي شعب أنه يستطيع أن يعلن رأيه ويبدي مشيئته، وكذلك فإن مطلب الحرية الاجتماعية لابد له أن يسبق ويتأكد في كل وطن عربي قبل أن يصبح أمل الوحدة العربية أمراً قابلاً للتحقيق.

          إن مطلب الحرية الاجتماعية معناه لأي شعب أن يستطيع أن يقرر لنفسه وأن يسود على مصيره.

          بالحرية السياسية يستطيع أي شعب عربي أن يعلن رأيه ومشيئته، وبالحرية الاجتماعية يصبح للرأي والمشيئة إرادة قادرة على التحسين فضلاً عن أن انتصار الحرية السياسية والحرية الاجتماعية في أوطان الشعوب العربية معناه هزيمة الرجعية المتحالفة مع الاستعمار، وهما معاً أكبر العوائق أمام أمل الوحدة... الاستعمار يريد دائماً أمة عربية ممزقة يسهل مواجهة شعوبها، كما أن الرجعية وراء الحدود المصنوعة قد استطاعت أن تبني لنفسها امتيازات طبقية شرهة.

          من هنا نقول أن أمل الوحدة حين يتحقق يصبح تتويجاً لكل الآمال العربية الأخرى. وهو في نفس الوقت ضمان لها، وهو الإطار المسلم لتطور الأمة العربية ونموها المتكامل وفرصتها الحقيقية لبلوغ مستوى التقدم المنشود في عصر تتسابق الأمم فيه إلى التقدم بسرعة مدهشة بعد أن استطاعت ثورة العلوم أن تطوع لخدمة التقدم الإنساني أدوات ووسائل لم تكن تخطر من قبل على البال.

          وقيمة اليوم الذي فرضته تطورات النضال العربي الشامل ليكون عيداً للوحدة، وهو العيد الذي نحتفل به اليوم، هو أنه يلقي أضواء باهرة على هذه المعاني كلها.

<1>