إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع)خطاب الرئيس جمال عبدالناصر،في الجلسة الأولي للجنة العامة للمواطنين من أجل المعركة

         لم أكن أريد أن يكون هناك تحديد مسبق لما يجب أن تقوموا به.. ولا كنت أريد أن يوضع بقصد أو بغير قصد إطار على عملكم.. يكون من شأنه أن يعوق أو يصد عن حركة يخطر لكم القيام بها وتتصورون وجود محظور عليها..

         وعلى أي حال.. فإن هذه النقطة بالذات كانت بين دوافعي في النهاية حين غابت قبول دعوتكم إلى هنا على كل تردد قد أكون أحسست به وسوف أشرح ذلك حينما ننتقل إلى صميم الموضوع..

أيها الأخوة

         إن صميم الموضوع لا يحتاج منا إلى بحث كبير.. لان حقائقه العظمي واضحة أمامنا مرئية كضوء الشمس .

         صميم الموضوع إن شعبنا المصري .. وأمتنا العربية.. كلاهما يخوض الآن معركة حياته ومستقبلة.. معركة استقلاله وحريته.. معركة حقه في التطور السياسي والاجتماعي.. وهو يخوض هذه المعركة في مواجه قوى شرسة وضاربة.. تكره الحياة والمستقبل والاستقلال والحرية وآمال التطور السياسي والاجتماعي..

         وشعبنا المصري.. وأمتنا العربية .. كلاهما.. ليس لديه بديل عن قبول المعركة.. فهذه المعركة فرضت عليهما فرضاً.. ولم يكن غريباً أن جاءت هذه المعركة سنة 1967.. وإنما الغريب إن هذه المعركة لم تفرض قبل ذلك عليهما..

         وشعبنا المصري.. وأمتنا العربية كلاهما.. مطالب بالنصر في هذه المعركة.. ليس لأن النصر هو ثأرنا لما حدث في سنة 1967.. ولكن لآن النصر هو بابنا الوحيد إلى كل ما أسلفت من القيم الغالية، قيم الحياة والمستقبل والاستقلال والحرية والتطور السياسي والاجتماعي..

         هذه هي صورة المعركة التي نخوضها الآن بكل بساطة وبكل أمانة في نفس الوقت.. نحن لا نقاتل لنغزو.. ولكن نقاتل لنحرر.. ونحن لا نقاتل لنتوسع.. ولكن نقاتل لنحمي.. ونحن لا نقاتل من أجل صنع حدود جديدة لأوطاننا.. ولكن نقاتل لان حدود أوطاننا- وهي أقدم حدود عرفتها الإنسانية وعرفها التاريخ- تتعرض الآن لمن يريد أن يستبيحها.. وأن يجتاح كل تراثنا عليها وكل آمالنا.. ونحن لا نقاتل للإبادة ولكن نقاتل حتى لا نتعرض للإبادة..

         ليس هناك على امتداد الكرة الأرضية.. ولا على طول حياة الجنس البشري فيها.. قتال أكثر عدالة وأكثر مشروعية من هذا القتال.. وفوق ذلك فهو قتال لم نبدأه.. وإنما فرض علينا.. وليس علينا- كما أنه ليس أمامنا- إلا أن نقف كما نقف- وكما وقفت كل الشعوب الحرة- قتالاً واستبسلاً حتى النصر..

<2>