إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس جمال عبدالناصر في العيد الأول للثورة السودانية

         لقد اتفقنا اليوم على أننا في أي خطوة نتخذها نطرحها للمناقشة الجماهيرية الشعبية، فإذا وافقت الجماهير الشعبية على هذه الخطوة فإننا نضعها موضع التنفيذ.وإذا وجدت الجماهير الشعبية أنها تريد مزيداً من الإيضاح أو مزيداً من الدراسة، فليكن مزيد من الإيضاح ومزيد من الدراسة.

         منذ عام 1952 دخلنا معارك طويلة، في عام 1958 دخلنا في معركة ضد الاستعمار حينما أعلنا الدعم الكامل لثورة العراق، ثورة يوليه 58. ثم بعد ذلك أعلنا أيضاً الدعم لكل الثورات العربية، وقبل هذا أيضاً أعلنا الدعم لثورة الجزائر، حينما بدأت ثور الجزائر. وبعد هذا أعلنا الدعم لثورة اليمن حينما قامت ثورة اليمن، وسرنا في معارك قتالية طويلة. وأنا أعتقد أن كل واحد منكم يذكر هذه المعارك، كانت تمثل أهداف الأمة العربية كلها والشعب العربي كله.

         ثم سرنا بعد هذا في معارك بناء الاشتراكية ولتحقيق القيادة السياسية لقوى الشعب العاملة بما تعنيه معارك بناء الاشتراكية.

         بما تعنيه معارك بناء الاشتراكية من سيطرة قوى الشعب العاملة على وسائل الإنتاج. بما تعنيه معركة بناء الاشتراكية من ضرورات التكوين والتنمية في الزراعة والصناعة. بما تعنيه من تكافؤ الفرص. بما تعنيه من حقوق الخدمات والصحة والتعليم والعمل.

         ثم بعد هذا أيها الأخوة دخلنا معركة محاولة تجميع طاقة الأمة العربية كلها لمواجهة العدو الذي يتخذ من إسرائيل قاعدة له وأداة. لقد قادتنا هذه المحاولة إلى مؤتمرات قمة عربية في القاهرة ثم في الإسكندرية، ثم في الدار البيضاء. كل ذلك- أيها الأخوة- والاستعمار وحلفاء الاستعمار لا يرضون عن تقدم الأمة العربية وعن نضالها وعن محاولاتها. كل ذلك وهم يتربصون بنا، ويتحينون الفرصة للانقضاض علينا، قبل أن نحقق إرادتنا المطلقة، وقبل أن نبلغ مرحلة تأمين نفسنا، وبالتالي تأمين هدفنا بطريقة فعالة وكاملة. حتى جاء 5 يونيه سنة 1967 وحدث ما حدث. وقيل لأعداء الأمة العربية، قيل للاستعمار ولإسرائيل أن الفرصة واتتهم لأن ما أرادوه قد أصبح في متناول أيديهم أو حتى تحت أقدامهم.

أيها الأخوة

         إنني لا أستطيع أن أصف لكم مشاعري في تلك الأيام والظروف. بدأ كل شئ من حولنا حطاماً وركاماً. بدت أمتنا العربية وكأنها فلولاً بعد الصدمة. إن ثقتي في الأمة العربية لم تتزعزع لدقيقة واحدة، ولكنني كنت أعرف مدى الصدمة، وأرى أبعادها. وفوجئ العالم كله بعد ذلك بثقة الأمة العربية في نفسها وبثباتها الحق وبإيمانها الذي بدأ في تلك الأيام السوداء حد المعجزة. شهد العالم مذهولاً جماهير يومي 9 و10 يونيه سنة 1967 في مصر تخرج رفضاً للهزيمة وتمسكاً بمواصلة القتال والنضال، وإصراراً عليه حتى النصر.

<2>