إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) كلمة الرئيس جمال عبدالناصر، في مأدبة أقامها له الزعماء السوفيت بمناسبة زيارته للاتحاد السوفيتي

          وحركة التحرير الوطنية تعرضت بصفة عامة لغارات الاستعمار الضارية ولحروبه الشرسة، تعرضت لهذه الغارات شعوب القارة الأفريقية، وشعوب أمريكا اللاتينية، وشعوب آسيا التي أعطت نموذجاً عظيماً للبطولة في الهند الصينية وفي فيتنام بالذات. وأكثر الغارات الاستعمارية ضراوة أيها الأصدقاء كانت هي الغارة الموجهة إلى الأمة العربية التي تمتلك بتراثها أسباباً لليقظة، كما تملك بموقعها وسط العالم مركزاً حاكماً، والتي تملك بثرواتها ما يطمع الاستعمار إلى نهبه.

          إن هذه الغارة ضد شعوب أمتنا العربية كانت شديدة الضراوة متنوعة الأساليب، تختار لكل جبهة من الجبهات ما يلائمها، ولكل ظروف ما يحقق أغراضها. كانت الحرب النفسية يوماً، والحصار الاقتصادي يوماً آخر. وكانت محاولات الانقلاب من الداخل في يوم ثالث.

          ووصل الأمر إلى حد العدوان المسلح أكثر من مرة، كما رأينا سنة 1956 و1967، وأكثر محاولات العدوان خبثاً في محاولة 1967.

          إن الاستعمار لم يجئ بقواه الظاهرة كما حدث سنة 1956 وإنما استعمل أداة صنعها في منطقتنا من العالم لتكون أداته للإرهاب والتمزيق وامتصاص الطاقات، وزود هذه الأداة بكل ما وصلت إليه ثورة العلوم والتكنولوجيا، وأبرزه وسائل الحرب الإلكترونية، فضلاً عن آخر ما وصل إليه التطور في أسلحة الدمار التقليدي التي تمتلئ بها ترسانة التسليح الأمريكية.

          إن إسرائيل وهي تؤدي هذا الدور في خدمة الاستعمار وضد أمن وأماني شعوبنا لم تكن ترمز فقط إلى مخاطر المرحلة الراهنة من التطور العالمي. ولكنها في نفس الوقت كانت ترمز إلى مخاطر مرحلة كنا نظن أنها انتهت.

          إن العالم أيها الأخوة كان يحتفل في الأسبوع الماضي بمرور 25 سنة على قيام الأمم المتحدة، وعلى إعلان ميثاقها. وفيما يطالعنا الآن في الشرق الأوسط أننا نستطيع القول بأنه ما أشبه الليلة بالبارحة. إن النازية التي قام ميثاق الأمم المتحدة على أنقاض هزيمتها لم تكن غير الاستعمار والعنصرية مدججين بالسلاح. وفي منطقتنا من العالم فإننا نشهد نموذجاً حياً لبعث النازية الجديدة مرة أخرى، نجد أمامنا الاستعمار والعنصرية مدججين بالسلاح.

أيها الأخوة

          إن شعوبنا لم تخضع للإرهاب ولم تستسلم، إنما وقفت صامدة. بل إن الأزمة التي تعرضت لها أبرزت أكثر الخصائص الإيجابية في تكوينها.

<2>