إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) كلمة الرئيس جمال عبدالناصر، في مأدبة أقامها له الزعماء السوفيت بمناسبة زيارته للاتحاد السوفيتي

          إن وقفة الشعب المصري بعدما حدث في يونيه 1967، وكذلك وقفة شعوب الأمة العربية معه ظاهرة حياة تستحق الالتفات.

          إن يقظة الشعب الفلسطيني وتحوله من شعب لاجئين في الخيام إلى شعب مقاتلين بالسلاح ظاهرة حياة تستحق الالتفات.

          إن شعوبنا لم تقف وتقاوم دفاعاً عن الحياة فقط، ولكنها واصلت عملية بناء الحياة تحت ظروف الخطر. ولعلي أشير هنا بالاعتزاز والعرفان في الوقت نفسه أنه في الشهر القادم الذي يبدأ غداً فإن السد العالي يكتمل بناؤه تماماً كشاهد حي على مقدرة الإنجاز وعلى طاقة الخلق للصداقة العربية السوفيتية.

          وقبل أن أجئ هنا أيها الأصدقاء فقد كنت في زيارة لليبيا، وكانت تلك الزيارة بمناسبة رفع العلم الليبي الوطني الحر لأول مرة على قاعدة هويلس التي جلا عنها الاستعمار الأمريكي تحت ضغط الثورة الليبية التي فجرها الشعب العربي الليبي بقيادة عناصر وطنية مخلصة من أبنائه، وتمكنت من كسر الطوق الحديدي الذي كان الاستعمار قد ضربه على هذا الشعب العربي.

          لقد شاهدت العلم العربي الليبي يرتفع مكان العلم الأمريكي على قاعدة هويلس في وقت ظن أعداء الأمة العربية أن هذه الأمة ليس لديها إلا أعلاماً منكسة. ثم أثبتت حيوية هذه الأمة مقدرتها الفائقة على قبول التحدي وتمكنت في ظروف المحنة من رفع أعلامها على أخطر القواعد التي كان الاستعمار يتحكم فيها ومنها.

          وفي طرابلس أيضاً -أيها الأخوة- فقد كان هناك لقاء عربي موسع ظهرت فيه مرة أخرى إمكانيات العمل العربي الموحد دليلاً على تمسك هذه الأمة بوحدتها ضد محاولات تمزيقها والدس بينها. إننا ندرك أن الاستعمار لن يكف عن محاولاته الظاهرة والخفية، لكننا نؤمن بأن يقظة شعوبنا قادرة باستمرار على الرد عليه وعلى مجابهته.

          ومع تمسكنا بوحدة أمتنا، فإننا نتمسك في نفس الوقت بوحدة جميع القوى المحبة للسلام التي تتطلع إلى عالم لا تقوم موازين الأمن فيه على التهديد، ولكن تقوم على العدل.

          إن شعوبنا آمنت وتؤمن دائماً بالسلام، وتؤمن في نفس الوقت، وقد أكدت تجاربها ذلك الإيمان أيضاً، بأن السلام لا يقوم إلا على العدل.

          لا يقوم السلام على احتلال الأراضي بالقوة، ولا يقوم السلام على إهدار حقوق الشعب بالغصب. ولكن السلام يقوم استناداً على العدل، ويبقى باستمرار استناده على العدل.

<3>