إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) رد الرئيس جمال عبدالناصر، إلى الرئيس أحمد حسن البكر

  1. أن التحرك الذي تمثله هذه المبادرة جاء، بسبب ما أشرت إليه سابقا، من عوامل سياسية وعسكرية ودولية، خلقت أوضاعاً جديدة في الأزمة، وكان رأينا أنه من المناسب استغلالها لتوجيه أكبر قدر ممكن من الضغط المركز على العدو.
    وإذا كنا في طرابلس لم نتشاور مع سيادتكم في هذا الأمر، فأن هدفنا كان إبقاء تحركنا إلى أخر لحظة لكي يستطيع أن يحدث ما توقعنا له أن يحدثه من خلل في توازن موقف العدو، وذلك حدث بالفعل، وتستطيعون الحكم عليه بنظرة نحو ما يجري الآن في إسرائيل.
  1. إن ما تحدثنا فيه خلال اجتماعنا في طرابلس كان بالغ الأهمية، ولكن التجارب علمتنا أن العبرة ليست بما يقال في المحافل، ولكن العبرة بما يجري تنفيذه على الواقع، وحين تلوح أمامنا فرصة للتحرك، فأننا لا نملك حق التغافل عنها، خصوصاً وإن هناك أجزاء كبيرة من الأرض العربية تتعرض لمهانة الاحتلال، كما إن مئات الألوف من أبناء أمتنا العربية يرغمون على العيش تحت وطأته، كذلك فإن هناك عشرات الشهداء الأبطال يسقطون في صفوفنا كل يوم.
    وإذا كان في إمكاننا تخليص القدس العربية وغزة والضفة الغربية والمرتفعات السورية وسيناء من المحنة الرهيبة التي نعيش فيها الآن، فلست أدرى لماذا لا نتحرك؟
              أضيف إلى ذلك، وأضغط على ما أقوله، لألفت نظر سيادتكم إليه، أن أي تحرك قمنا به لا يتعارض إطلاقاً مع أهداف وضعناها للبحث في طرابلس أو في غير طرابلس، إذا ما توفرت لذلك القوة المناسبة، والإخلاص الضروري، وحجم التضحيات المطلوبة.

              إن الشعب المصري لم يمارس ترف النضال من فوق منابر الخطابة، أو من دهاليز المناورات السياسية، وإنما مارس دوره في وضح النهار، وتحت النور، وفي ميادين الخطر، بكل أعبائه ومشاقه المادية والمعنوية، وكان الشعب المصري - وسوف يكون- طليعة قوى التحرير.
  2. لقد أوضحت دائماً، وبما فيه الكفاية، موقفنا القومي، والتزامنا المبدئي، ولست أري أننا نستطيع أن نبني مستقبل أمة، وأن نصون حرية هذه الأمة بالكلمات، ولم يكن في استطاعتي أن أترك فرصة للتحرك تلوح أمامنا، انتظاراً لأفكار لم تتبلور بعد، ولم تتحدد وسائل تنفيذها، ولم يقم دليل على أن القائلين بها على استعداد لتدعيم ما يقلونه بالتنفيذ العملي لالتزاماتهم.
  3. إن الشعب المصري قد يكون أكثر شعوب الأمة العربية خبرة بأساليب الاستعمار الأمريكي، ولقد تصدينا لهذا الاستعمار منذ أول يوم ، وكانت علينا مسئولية مواجهة مخططاته وأكسب ذلك شعبنا ذخيرة من الخبرة لا تعوض، وقد كنا ندرك أن الاستعمار الأمريكي يسعي إلى أحداث انقسام في الأمة العربية، وكان تصورنا، وربما طموحنا، أن كل الأطراف العربية سوف تتسلح بقدر كاف من الوعي، يحقق لها إحباط مسعى الاستعمار الأمريكي.

<2>