إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خطاب الرئيس أنور السادات في ذكرى وفاة الرئيس جمال عبد الناصر

خطاب الرئيس أنور السادات، رئيس جمهورية مصر العربية
في ذكرى وفاة الرئيس جمال عبد الناصر
القاهرة: 28 سبتمبر 1973
الأهرام، القاهرة: 29 سبتمبر 1973

أيها الأخوة أعضاء اللجنة المركزية وأعضاء مجلس الشعب
يا جماهير أمتنا العربية على أرضنا المجيدة المناضلة
          في مثل هذا اليوم، منذ ثلاث سنوات، ذهب عنا إلى رحاب الله شهيد من أنبل شهداء هذه الأمة، وبطل من أعز أبطالها، ومقاتل صلب من رجالها الشجعان، رجل كان عطاؤه بالفكر وبالتجربة وبالتحقيق وبالتضحية عطاء لا يعادله عطاء في تاريخ العرب الحديث، رجل حمل قضية أمته في عصر من أخطر عصور الإنسانية، وشارك مع رفاق له من جيل العمالقة في تشكيل هذا العصر ذاته. وفي فتح الأبواب أمام أحلامه العظيمة ومخاطره العظيمة أيضاً، وليس هناك حلم عظيم بغير خطر عظيم، رجل عاش لقضية أمته وذهب إلى رحاب ربه وهو يناضل من أجل انتصارها.

          ولعل أكبر إشارة إلى دوره التاريخي أنه وهو حامل القضية في حياته، أصبح رمزاً لها بعد رحيله، وهذه دلالة قاطعة على الصدق التاريخي لحياة ودور جمال عبد الناصر.

          إن كل اسم تاريخي عاش حياته لقضية وأدى دوره في سبيل أهدافها، يتحول لفترة طويلة رمزاً للقضية ولأهدافها معاً، يصلح ذلك في مجال العقائد الاجتماعية وفي مجال العمل السياسي، وفي مجال الفلسفة والعلوم والفنون، وفي كل مجال يعيش فيه الإنسان، ويعيش من أجله الإنسان.

          وحينما نسمع وصف الناصرية، فإننا ندرك على الفور ما يرمز إليه هذا الوصف، نعرف إنه رمز إلى ثورة التحرير الوطني، نعرف إنه رمز إلى حركة التحول الاجتماعي، نعرف إنه رمز لأمل وتصميم هذه الأمة على تحقيق وحدتها.

          ثم إننا نعرف أكثر من ذلك، نعرف أن هذه الرموز جميعاً ليست إشارات عامة إلى أهداف عامة، بل إننا نعرف أن هذه الرموز وراءها اجتهادات أصيلة وعميقة، حاولت على أساس منهجي واضح وبالتجربة وبالخطأ معاً، أن تحقق وأن تنجز، حتى نكاد أن نقول وبلا تزييف أنه أصبح لنا منها نظرية في التطور لها سماتها ولها خصائصها، وهي لا تمارس دورها، في عزلة عن غيرها من الأفكار ولا في عداء مع غيرها من الأفكار، وإنما كل ما تدعيه لنفسها أن لها، كما قلت، سماتها، ولها خصائصها،

<1>