إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) البرنامج العام للدولة الذي قدمه الرئيس أنور السادات، إلى الاجتماع المشترك للجنة المركزية ومجلس الشعب، "ورقة أكتوبر" 18 أبريل 1974
المصدر: "خطب وأحاديث وبيانات، الرئيس محمد أنور السادات، والاتحاد االاشتراكي العربي، اللجنة المركزية، يوليه 1973 - يوليه 1974، ص 227 -253"

          ويهمنى في هذا الصدد أن أخص بالحديث أولا، المال العربى.

          أن الدول العربية المصدرة للبترول لديها فوائض ضخمة من الأموال ستتضاعف عدة مرات نتيجة لرفع الأسعار أثر حرب أكتوبر. ويريد أصحاب هذه الفوائض استثمار بعضها فى مصر، أو في مشروعات مشتركة في مصر، وفي بلاد عربية اخرى، تحركهم فى ذلك دوافع قومية كريمة، وحكمة اقتصادية سديدة، ازاء عدم استقرار النقد ومجالات الاستثمار فى أماكن كثيرة من العالم. ونحن نرحب بهذا الاتجاه ونشجعه. لأننا فى حاجة الى هذه الاستثمارات، ولأننا نعتقد ان هذه الاستثمارات سوف تجد لدينا بيئة مستقرة آمنة، ولأننا نعتقد أن تشابك المصالح الاقتصادية هو الذى يعزز الروابط العضوية بين الأقطار العربية، بما يعزز هويتها القومية، ووزنها السياسي والاقتصادى فى العالم. ومن هذه الأرضية الموضوعية نفتح الأبواب أمام الاستثمار العربي والمشروعات العربية المشتركة.

          اننا نريد للتعاون الاقتصادى العربى ان يدخل مرحلة نشيطة وقوية، تحقق معدلات تنمية عالية فى كل الأقطار العربية، وتجعل من العرب قوة متعاظمة الشأن فى الاقتصاد العالمى، تكون الأساس المادى لقوتهم السياسية. ولذلك فاننا نوفر للمستثمر العربى كل الضمانات التشريعية، ونوفر له ما هو أهم من ذلك وهو القدرة الاستيعابية للاقتصاد المصرى فى ظل استقرار سياسى واجتماعى وتنمية اقتصادية مطردة.

          أما عن رأس المال الأجنبى، فليس عندى من رد على المتشككين خير مما جاء فى الميثاق من أن:

          ((سيادة الشعب على ارضه، واستعادته لمقدرات أموره، يمكنه من أن يضع الحدود التى يستطيع من خلالها أن يسمح لرأس المال الأجنبى بالعمل فى بلاده)).

وكذلك:

          ((ان شعبنا فى نظرته الواعية يعتبر أن المساعدات الأجنبية واجب على الدول السابقة في التقدم نحو تلك التى ما زالت تناضل للوصول)).

          وقد اوضح الميثاق اننا نقبل المساعدات غير المشروطة والقروض، كما نقبل الاستثمار المباشر فى النواحى التى تتطلب خبرات عالمية فى مجالات التطوير الحديثة. وهذا بالدقة هو خطنا. فنحن نصدر فى تعاملنا مع رأس المال الأجنبى عن واقع استقلال بلادنا السياسى والاقتصادى، وقدرة الارادة الوطنية الحرة على صياغة مستقبل البلاد. ونرحب بالاستثمار الأجنبى لما يحمله معه من معرفة تكنولوجية متقدمة نحتاج اليها. وظروف عالم اليوم بعد اعادة تشكيل العلاقات الدولية وظهور أقطاب دولية متعددة، والمكانة التي اصبحت لمصر والعرب بعد حرب أكتوبر.. كلها أمور تتيح لنا فرصا للاستفادة من الاستثمار الأجنبى، لايمكن بامانة الوطنية أن نضيعها.

          اننا قادرون على معرفة ما هو فى مصلحتنا. ولا ينبغى أن تركبنا عقدة الخوف على انفسنا.

          كذلك فان الانفتاح الذى اعلناه هو انفتاح على العالم كله شرقه وغربه، لأننا ندرك تماما أن تنوع علاقاتنا الاقتصادية الدولية هو الأساس المادى لحرية حركتنا السياسية.

          ولست فى حاجة الى القول بأن مستقبل مصر مرتبط بالتصنيع. فامكانيات التوسع الأفقى في الزراعة تحدها الموارد المائية، وتكاليف الاستصلاح الباهظة فى بعض المناطق. وأملنا الأساسى في توفير الغذاء للملايين المتزايدة هو أن تصدر مصر من انتاجها الصناعى ما يمكنها من استيراد ما تحتاج اليه من مواد غذائية.

          ان القاعدة الصناعية العريضة التى بذلنا كل ما بذلنا في سبيل اقامتها، واكتسبنا خبراتها، خلال تجربتنا الوطنية فى السنوات الماضية، تعطينا الأمل فى انطلاق جديد نحو التصنيع السريع المكثف. وسياسة الانفتاح الاقتصادى سوف تزودنا بأحدث وسائل التكنولوجيا الحديثة التى تسارع بهذا الانطلاق وتمكننا من زيادة الصادرات عن طريق رفع مستواها، وسياسة اقامة المناطق الحرة فضلا عن انها ستجلب لنا صناعة حديثة، وتساهم فى تشغيل الأيدى العاملة، وتجعل لدينا مراكز تخزين وتوزيع عالمية بحكم موقعنا الجغرافي الفذ، فهى أيضا سوف تساهم بهذا كله فى الاسراع بسياسة التصنيع وتطوير صناعاتنا المحلية وتحديثها.

<17>