إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) البرنامج العام للدولة الذي قدمه الرئيس أنور السادات، إلى الاجتماع المشترك للجنة المركزية ومجلس الشعب، "ورقة أكتوبر" 18 أبريل 1974
المصدر: "خطب وأحاديث وبيانات، الرئيس محمد أنور السادات، والاتحاد االاشتراكي العربي، اللجنة المركزية، يوليه 1973 - يوليه 1974، ص 227 -253"

          وفي هذه المجالات كلها، لابد من استخدام كل وسائل العلم الحديث فى جمع المعلومات وتخزينها وتوزيعها، وفى الارتقاء بمستوى ما يقدم للطالب في المدرسة أو المعهد أو الجامعة.

          وتأتى في قمة هذا كله ضرورة الاهتمام بمراكز البحث العلمى والتكنولوجى المتقدمة.

          لقد قلنا أكثر من مرة أننا يجب ان ندخل عصر العلم والتكنولوجيا وقد أثبتت قواتنا المسلحة أنها قادرة على ذلك وعلى مستوى باهر. فليكن ما أحرزته فى هذا الشأن مثلا يحتذى فى كل المجالات. واذا كنا نعيش فى فترة تعتمد اساسا على العلم والتكنولوجيا المستوردة، فانه من الواجب ان لا نطمئن الى العيش على ما ينتجه الغير فى هذا الصدد.

          أن مصر تضم عددا لا يستهان به من الباحثين العالميين ومن مراكز البحث العلمى. ونحن فى هذا المجال نحتل مركزا ممتازا بين الشعوب النامية.

          واننى لأعتبر الانفاق على البحث العلمى والتكنولوجى بمثابة الاستثمار فى صناعة ثقيلة، لأنه استثمار لا يساعد فقط على التنمية فى المستقبل القريب، ولكنه يضمن استمرارها وتصاعد معدلاتها فى المدى الطويل. ولكنه كأى استثمار يجب ان يرشد، والترشيد يعنى أولا التنسيق بين مراكز البحث العلمى المختلفة والربط بينها فى استخدام وسائل البحث التى تتيحها امكانياتنا. وهو يعنى ثانيا ربط نشاطها باحتياجات المجتمع لتأخذ من تلك الاحتياجات مادتها وليستفيد المجتمع من عائدها.

          ومن ناحية اخرى يجب ان يستهدف البحث العلمى والتكنولوجيا تطويع التكنولوجي المستوردة للواقع المصرى، وأن يكتشف حلولا أصيلة لمشكلاتنا المحددة، تماما مثلما فعلت قواتنا المسلحة فى تطويع وتطوير السلاح، وفى ابتكار أساليب مواجهة معركتنا بسماتها الخاصة. ثم يكن طموحنا بعد ذلك أن ندخل ميدان البحث العلمى والتكنولوجي كشركاء، نأخذ ونعطى، فلا نعيش عالة على من يبتكرون، أونخضع للشروط التى يفرضون..

          واننى لأتمنى، فوق جهدنا المصرى الخاص فى هذا المجال، أن تتم جهود عربية مشتركة. يمكنها أن تعطى التقدم الذاتى فى هذا المجال دفعة قوية.

          لقد عاش العالم عدة قرون كان العرب يملكون فيها ناصية العلم، وكانت أوروبا تنقل عنهم. وقد ظلت كتب المؤلفين العرب تترجم الى اللاتينية وتدرس فى الجامعات الأوروبية حتى القرن السابع عشر، ومعنى ذلك ان الإنسان العربى قادر على الانتاج الأصيل اذا تهيأت له الظروف المواتية.

          ان هذا كله يستهدف في النهاية تنمية قدرات الانسان المصرى، تنمية اجتماعية وثقافية وعلمية ترفع من قيمته، ومن قيمة ما يمكن أن يقدمه لبلاده من عمل.

          ومن ناحية اخرى لابد ان تستهدف سياسة التنمية الاجتماعية توفير اكبر قدر ممكن من فرص العمل . فالعمل هو مصدر الرزق الشريف الذي يصون للانسان كرامته ويوفر له أسباب المعيشة اللائقة. ويجب أن يكون التدريب هو الوسيلة لرفع كفاءة العامل وتيسير انتقاله من مهنة الى العمل. فالعمل هو مصدر الرزق السريع الذى يصون للانسان كرامته ويوفر له اسباب المعيشة اخرى واكتسابه مهارات جديدة والارتفاع بدخله بالتالى.

          أما القوى العاملة التى تزيد عن فرص العمل المتاحة فى الأجل القصير. فلا بد ان تنظم الدولة ظروف عملها في الخارج على النحو الذى يحفظ كرامة المواطنين وبصون قيمة عملهم.

          أن الرعاية الصحية، وتوفير المسكن المعقول بأجر يلائم مستوى الدخل أمران من صميم مسئولية الدولة. وعلينا فى هذا الشان بعد الاهتمام الكامل بالوقاية، تنسيق وتطوير نظم العلاج لتحقيق أكبر عائد منها فى شكل خدمات فعلية تقدم للمواطنين. ويجب ونحن نشجع على الاستثمار في الأسكان بصفة عامة أن تولى الدولة عنايتها الأولى للاسكان الشعبى في الحضر والريف.

وحين أتكلم عن الانسان المصرى فى مجال التنمية الاجتماعية، فاننى اعنى المجتمع كله، أى الرجال والنساء، لان المراة نصف المجتمع، وتعطيل المراة عن المشاركة فى استراتيجيتنا الشاملة للتقدم يحرم المجتمع من قدرات نصف أفراده. أن توفير التعليم والعمل والمعاملة الانسانية العادلة لا ترفضه الشريعة السمحاء.

          وقد نص الدستور فى المادة 11 على أن:

          ((تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الاسرة وعملها في المجتمع ومساواتها بالرجل فى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون اخلال باحكام الشريعة الاسلامية)).

<20>