إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



رسالة الرئيس أنور السادات ، إلى المؤتمر الفلسطيني المنعقد في القاهرة ، الدورة الثانية عشرة ، بمناسبة بدء أعمالها ،
1 يونيه 1974
المصدر :" قال الرئيس السادات، الجزء الرابع لعام1974 ، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية ،162- 163.

         أيها الأخوة ممثلو شعب فلسطين. يسعد القاهرة ان تفتح ذراعيها مرة أخرى لاستقبالكم. ويشرفها أن تكون دائما مقرا للقاءاتكم الى أن يجىء اليوم الذى تلتقون فيه في وطنكم فلسطين. وأن تكون المدينة التى يلتقى فيها المناضلون الذين حولوا بنضالهم مجرى حياة الشعب الفلسطينى فأعادوا اليه اسمه وشخصيته واعتراف العالم به.. وبات ممكنا أن يعيدوا اليه أرضه..

         ولم يكن نضالكم المجيد كاملا.. فلقد أعطيتم من الشهداء من شقوا بدمائهم طريقا أمام الشعب الفلسطينى كله. كان مغلقا، حتى لجنتكم التنفيذية العليا سقط منها شهداء تسلل اليهم العدو فى بيوتهم ومساكنهم..

         وما كان العدو يفعل هذا لولا احساسه بمدى النجاح الذى حققه نضالكم وعمق التحدى الذى فرضه عليه كفاحكم..

         ولقد كان اجتماعكم الأخير فى القاهرة فى يناير عام 1973 فى ظروف ربما بدا للبعض وقتها أن عوامل اليأس فيها أقوى من عوامل الأمل. وأن الجولة العربية- الاسرائيلية الثالثة قد انتهت الى ما انتهت اليه سابقاتها من قبول بالأمر الواقع لا ينقصه الا مرور الزمن والاعتياد عليه..

         وان كنت أشهد أنكم لم تكونوا أبدا من اليائسين، فلم ينقطع نضالكم ولم تتوقف صفوف شهدائكم..

         علما انه كان هناك عنصران مختلفان عن ظروف المواجهات السابقة مع العدو كان لهما اثرهما الكبير فى تغيير الصورة كما تخيلتها اسرائيل.

         العنصر الأول: ان هزيمة سنة 1967 بدلا من أن تخمد أنفاس الشعب الفلسطينى، أشعلت جذوته وحركت مكنونات قوته وعزيمته فاشتعلت بكم ثورته ونهضت على أكتافكم مقاومته المسلحة..

         والعنصر الثانى: هو أن الأمة العربية كانت قد استفادت من نضالها الوطنى عبر العشرين سنة الماضية. فاجتازت الكثير من عقبات تخلفها.. ونفضت عن نفسها شتى أشكال التسلط الأجنبى، وصارت لها ارادتها الحرة فى اتخاذ قراراتها واستخدام مواردها.

         وقد تواصل النضال المسلح للشعب الفلسطينى وللأمة العربية بأشكال شتى منذ عام 1967 دون انقطاع تقريبا حتى جاءت اللحظة التى كان لابد فيها من اتخاذ القرار الحاسم ونقل هذه المواجهة المسلحة الى آخر أبعادها.. فكان قرار حرب أكتوبر الذى شاركنى فى اتخاذه الرئيس المناضل حافظ الأسد.

         لقد كانت حرب اكتوبر المجيدة أبرز قمم النضال العربى بأى مقياس.. لقد تحركت جيوش مصر وسوريا لتخوض أكبر المعارك وأقساها، وهبت الأمة العربية للمساهمة فى النضال بجنودها أو بسلاحها أو بدعمها المادى كما قمتم أنتم منذ اللحظة الأولى بواجبكم ودوركم المنتظر فى المعركة وكان لأبطالكم شرف الاشتراك فيما أحرزناه من نصر.. واستخدم العرب لأول مرة سلاح البترول.. السلاح الذى ظن العالم طويلا أن العرض لن يعرفوه.

         ولن أتحدث طويلا عن حرب أكتوبر.. ولكن يكفى أن نذكر أنها أول مرة تذوق فيها اسرائيل مرارة الهزيمة منذ قامت. وانها أول مرة تتراجع فيها اسرائيل الى الوراء خطوة وبقوة السلاح وليس بمجرد ضغوط أو وساطات خارجية أو قرارات دولية..

         أيها الأخوة ممثلو شعب فلسطين.. ان أحدا لا يستطيع أن يكابر فى أن حرب أكتوبر المجيدة قد غيرت الصورة العربية والنفسية العربية وصعدت قدراتنا فى أى مواجهة سياسية أو عسكرية.. وجعلتنا قادرين على أن نتحرك خلال المراحل المقبلة لنضالنا فوق أرض جديدة تماما..

         ونحن لا نقول رغم انتصار أكتوبر المجيد أن المعركة قد انتهت ولكننا نقول أن هذا الانتصار قد جعل سلسلة الأحداث تتوالى فى اتجاه جديد يختلف تماما عن المجرى السابق للأحداث.. من تراجع عربى مستمر الى أمكانيات واسعة التقدم واكتساب مواقع جديدة يوما بعد يوم..

         ومهما تم.. فان فك الاشتباك على الجبهتين المصرية والسورية ليس نهاية ولكنه بداية.. انه اجراء عسكرى محض يجىء بعد جولة كسبناها.. ونحن ماضون فى تعزيز قدراتنا العسكرية لمواجهة شتى الاحتمالات..

         وأهم ما سوف يبرز بعد ذلك هو التصدى لأساس المشكلة الفلسطينية ذاتها بعد أن طال احتجابها وراء أحداث أخرى كثيرة..

         أن هذا الموقف الجديد يلقى عليكم فى مؤتمركم هذا مسئولية تاريخية.. أعرف جيدا انها جسيمة بل وحاسمة ولكنى واثق من أنكم سوف تواجهونها بمسئولية وبشجاعة لا تقل عن الشجاعة التى أبديتموها فى ساعات القتال والفداء.

         فانه يهمنى هنا أن أؤكد لكم بضعة أشياء هى بالنسبة لنا في مستوى المبادىء الثابتة التى لا نحيد عنها..

         أن مصر تحترم احتراما كاملا حريتكم فى اتخاذ القرارات التى ترونها وتعتبر ان القرار لابد أن يكون قرارا فلسطينيا خالصا وانه اذا كان من واجب أى طرف عربى أى يشير عليكم برأى فليس من حق أى طرف عربى أن يمأرس عليكم أى ضغط.

         لقد التزمنا مع الأخوة العرب فى مؤتمر القمة بالجزائر فى نوفمبر سنة 1973 بأن منظمة التحرير الفلسطينية هى الممثل الشرعى الوحيد لشعب فلسطين وما زلنا عند هذا الالتزام..

         وقد أعلنا مرارا أنكم أصحاب الحق الوحيد فى الحديث باسم الفلسطينيين.. وما زلنا عند هذا الالتزام.

         وقد أكدنا دائما أنه لا تفريط فى الحقوق المشروعة لشعب فلسطين كما يحددها ممثلوه ومازلنا عند هذا الالتزام.

أيها الأخوة المناضلون..

         لقد أثبتت التجربة أن التضامن العربى كان من أمضى أسلحة النصر ومن أهم عناصر القوة التى مكنتنا من مواجهة العالم كله من مركز قوة جديد.. ومن هنا عملنا الدائب من أجل الحفاظ على هذا التضامن والعمل قدر الطاقة على أن لا يتبعثر الصف مرة

<1>