إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خطاب الرئيس أنور السادات، أمام أمناء الاتحاد الاشتراكي العربي، بمناسبة اجتماعهم الأول بعد الانتخابات، 15/9/1975
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص 276 - 286"

بسم الله ..

        أيها الأخوة والأخوات: لقائى بكم الليلة يصادف ذكرى يوم عظيم مجيد، يوم العاشر من رمضان.. وفى هذا اليوم حق علينا ان نحيى بالفخر أبطالنا فى القوات المسلحة الذين ما زالت أصابعهم على الزناد ونذكر شهداءنا الأبرار الذى هم أحياء عند ربهم يرزقون.. تحية الى جنودنا وضباطنا ملؤها الثقة والعرفان.

        اولئك الذين صنعوا لنا ولأمتهم الحياة وصنعوا لها الأمل بعد ان حطموا الخرافة وزرعوا النصر.

        أيها الأخوة والأخوات ..

        فى هذا اليوم ايضا يتم اللقاء الأول للأمناء بعد الانتخابات ولأول مرة للنقابات المهنية والعمالية والفلاحين. معنى هذا أننا خرجنا من دائرة التنظيم السياسى المغلق الى التنظيم السياسى المفتوح وبعد قليل سيتم تشكيل المجالس الشعبية على شتى مستويات القطر لأول مرة بالانتخابات وهى صورة اخرى للديمقراطية المباشرة، وقفزة تجعل الحكم المحلى بواسطة الشعب حقيقة واقعة ننتظر منها خيرا كثيرا إن شاء الله.

        تحالف قوى الشعب العاملة كلها اذن ممثل الآن على أوسع نطاق وبأكثر الأشكال ديمقراطية.

        أعود إلى العاشر من رمضان فأقول انه اليوم وبعد عامين تلك اللحظات التاريخية تبدو وآثار القرار الذى اتخذناه أكثر وضوحا واشراقا وتتأكد انعكاساته البعيدة على حياتنا وعلى حياة الأمة العربية وحياة العالم كله خصوصا واننا فى هذه الأيام بالذات نجنى ثمرة اخرى من ثمار عشرة رمضان بالبدء فى تنفيذ الانسحاب الاسرائيلى الثانى فى سيناء وبعد اسابيع قليلة ان شاء الله سينحسر الاحتلال عن الممرات الاستراتيجية وعن جزء هام من ثروتنا البترولية وعن معظم الساحل الشرقى لخليج السويس وتعود اعلامنا الظافرة لترفرف هناك.

        ولا شك أنكم تعرفون عن الزوابع التى حاول البعض ان يثيروها فى انحاء مختلفة من العالم العربى.. بيانات تصدر.. مظاهرات مرتبة تسير.. اتهامات تلقى جزافا.. وهى وان اختلفت مصادرها وبواعثها الا انها اتفقت كلها فى انها تجاوزت كل حدود الحوار المقبول والجدل الجائز، وإنها ايضا تسابقت فى الهبوط والاسفاف والانعدام التام للمسئولية ازاء اخطر لحظة فى حياة امتنا العربية وازاء قضية هى قضيتها المصيرية ولعل الذين يثيرون هذه الزوابع ظنوا انهم سوف يرهبوننا او سوف يرغموننا على سلوك طريق غير طريقنا أو فى القليل سوف يشوشون علينا ولكن لا.. ولم ولن يحدث شىء من هذا ابدا وأقولها وأكررها مرة أخرى.. لم ولن يحدث شىء من هذا بل ولن نقول هذا عن غرور او ادعاء ولكن نحن نقول هذا لأننا مطمئنون الى اننا ننطلق من منطلق احترام مسئوليتنا ازاء المصلحة القومية العليـا.. واننا نقرن الفعل بالعمل واننا لا نخادع ولا نضلل ولا ندعى ما لا قبل لنا به، فما تصدينا له وحققناه هو جزء مما التزمنا به واعلناه ونحن كما قلت مرارا لا نتكلم لغتين، لغة فى القاعات المقفلة، ولغة امام الميكروفونات ولا نستخدم وجهين، وجه للرأى العالم المحلى، ووجه للرأى العالم الدولى..

زوابع مفتعلة

        هذه الزوابع المفتعلة تذهب رياحها بسرعة لأنها تصدر عن أسباب ثانوية وصارعات ضيقة ومحاولات كسب صغيرة وفهم متخلف للعالم بل ولأمتنا العربية ايضا، فالأمة العربية سارت عبر التجارب الصعبة امة ناضجة لا تخدعها المزايدات، ولا تغريها الشعارات البراقة وأصحاب هذه الزوابع المفتعلة لا يعرفون انهم صاروا متخلفين عن وعى الأمة العربية الفاهمة لدوافع هذا الطرف أو ذاك..

        ولذلك يهمنى ان اؤكد لكم وان يثق معنا الشعب المصرى العربى ان الأغلبية الساحقة للرأى العام العربى معنا، وان الضمير العربى يقدر جهودنا وتضحياتنا، وان ما يحاول مثيرو الزوابع تصويره من ان مصر معزولة فهو امر يدعو الى السخرية والاشفاق..

        نحن نسير فى طريقنا، ونحن نرى ذخيرتهم الفاسدة  تنفذ بسرعة لأن ذخيرتهم هى الكلام وذخيرتنا التى لا تنفذ هى العمل المتواصل الحلقات.

        وسوف نحاول مرة اخرى ان نتحمل لممثلى الشعب الفلسطينى بالذات تسرعهم وانخداعهم، وأقول مرة أخرى لأننى سأروى.... كانت هناك مرة اولى وسأروى قصتها بالكامل امام امتنا العربية كلها.

لن يتغير موقفنا بسبب اى استفزاز

        فقد ان الأوان لكى توضع الحقائق واضحة، ليس امام شعبنا فقط الصابر المؤمن وإنما أمام امتنا كلها فى مواجهة هذا التضليل وهذا الخداع، أقول سوف نحاول ان نتحمس مرة اخرى لممثلى الشعب الفلسطينى بالذات رغم تسرعهم وانخداعهم مع أننا كنا معهم دائما صادقين وموقفنا من قضية فلسطين التى هى قلب الصراع العربى الاسرائيلى لن يتغير بسبب اى استفزاز ذلك أننا لا نفكر فى حزب أو بطريقة حزبية او فى منظمة بل نفكر فى المصلحة العليا للملايين الثلاثة الذين هم الشعب الفلسطينى الذى يستمع الآن وأريده ان يعرف قبل الشعوب العربية الأخرى حقيقة الموقف.

        لقد كافحنا فى الرباط لنسلم الزمام لمنظمة التحرير كممثلة لهذا الشعب وقلنا صراحة ان الصراع لاسترداد حقوق الشعب الفلسطينى هو صراع أجيال.. الأمر الذى ينير امامنا سبيل رسم الاستراتيجيات الناجحة ،وقلنا وأكدنا ان الفلسطينيين هم الذين يعبرون عن أنفسهم بملء ارادتهم، واننا لسنا أوصياء عليهم ولا ننوب عنهم فى اى شىء أما اذا سئلنا عن رأينا واجتهادنا

<1>