إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، رئيس جمهورية مصر العربية، فى عيد العمال

بدرجة لم يسبق لها مثيل وجاءت أمريكا إلينا تسعى بعد أن جربت محاربتنا وجهاً لوجهة عشرة أيام كاملة وجاءت أوروبا إلينا تسعي وقد رأيت هذا بنفسى في رحلتى الأوروبية الأخيرة التي ألزمت إسرائيل موقف التقهقر والدفاع فى دول كانت تظنها حصوناً لها مغلقة عليها دون غيرها.

          وأهم من ذلك كافحنا من أجل شعب فلسطين كفاحاً سياسياً حتى وصل وضع منظمة التحرير الفلسطينية إلى أعلى درجة وصلت إليها أي حركة تحرر وطنية فى وقت سريع ودخلت المحافل الدولية من أوسع الأبواب وقد كان طبيعياً أن ندرك أن أعداء الأمة العربية لن يتركوا المسيرة تمضى في سهولة وكان بديهياً أيضاً أن نعرف أنهم سيبذلون الجهد تلو الجهد ويدبرون المؤامرة تلو المؤامرة ليمزقوا الصف العربى وليسببوا انفجاراً عربياً ما في مكان عربي ما أو يحركون قوى المزايدة الرخيصة والمناقصة الخسيسة على السواء حتى لا يكون للعرب موقف قوي عقلاني واحد وقد تم لهم هذا مع الأسف فى قطر عربي شقيق وعزيز وحساس وهو لبنان ومنذ البداية وقبل أن يصل الاقتتال الأهلي إلى ما وصل إليه نبهنا إلى هذا الخطر وأشرنا مرات كثيرة إلى عمق المؤامرة وأبعادها المعقدة لقد أرادوها منذ البداية حرباً أهلية لبنانية تجر إليها أطرافاً عربية شتى حتى يقع العرب جميعاً فى هاوية الاقتتال وقلنا رأينا بصراحة قلنا من البداية أن هناك أمرين كان لا بد من التأكيد عليهما الأمر الأول هو بكل صراحة أن المسؤولية الأولى تقع على الزعماء اللبنانيين أنفسهم وأن عليهم أن يحسبوا عواقب الانغماس في مصالحهم وحزازاتهم العتيقة البالية خصوصاً وأنهم يمارسونها هذه المرة بالسلاح وأن عليهم أن يوقفوا الكارثة قبل أن يحدث ما لا بد من حدوثه وهو دخول أطراف ونزعات أخرى.

          الأمر الثاني هو أننا دعونا من البداية إلى بذل جهد عربي موحد لمواجهة المشكلة، جهد عربي موحد يعلو فوق الحساسيات ويتجاوز النظرات القطرية والحزبية الضيقة وكانت الحكمة من هذه الدعوة أمرين واضحين، الأول هو الحيلولة دون أنتقال سياسة المحاور العربية إلى أرض لبنان المخضبة بالدم والثانى هو الحيلولة دون أن يؤدى التقطير العربى إلى امتداد يد التدويل ولكن هذا الموقف المبدئى الواضح الذي لم نبتغ منه مركزاً خاصاً ولا نفوذاً على الغير لم يجد القبول اللازم من كل الأطراف مع الأسى، فقد آثر البعض المصلحة القطرية على القومية والنظرة إلى الأجل القريب على النظرة إلى الآثار البعيدة وهكذا ساهم مزيج من الأنانيات العشائرية اللبنانية والمطامع للدعاية الحزبية والقطرية كل هذا ساهم فى ترك القتال يصل إلى صورة بشعة من المجازر لم يعرف العالم العربى لها مثيلاً من قبل وهكذا رأينا أيدي الدول الأجنبية التى كانت مستترة فى قفازات عربية تنكشف وتبدو عارية وهكذا رأينا قوى عالمية تلعب أدواراً شتى وليس للكلمة العربية الموحدة دور تلعبه.

          ولكن رغم كل ذلك ورغم فداحة ما حدث ويحدث لا نريد زيادة النار اشتعالاً ولا استغلال الأمر دعائياً فدماء شعب لبنان وشعب فلسطين أعز علينا من كل هذا وأننا لنتمنى دون أي حساسية أن تنتهى المأساة

<7>