إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


 


خطاب الدكتور محمد مرسي يوم 24/6/2012

كلمة الرئيس محمد مرسي بمناسبة عيد الفطر المبارك[1]

القاهرة، في 18 أغسطس 2012 

أيها الأخوة الأحباب الكرام والأخوات الفضليات

السيدات والسادة الحضور

في بيت من بيوت الله عز وجل، في هذه الليلة المباركة الطيبة في ليلة التاسع والعشرين من شهر رمضان المعظم وهى أيضا ليلة الجمعة وفي هذا التوقيت وبعد صلاة التراويح وبعد ختام القرآن وبعد دعاء ختم القرآن ونحن ضيوف على الرحمن في هذه الأجواء الطيبة وفي هذا المقام أحييكم جميعاً بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بخير

هذا هو شهر الخير يمضي وبقيت ساعات قليلة وهذا هو عيد الفطر يظلنا والمناسبة مناسبة عيد وفرح وسرور فرحا بالصوم وبتوفيق الله إن شاء الله للجميع في ختم القرآن وفي القيام والصيام وبلوغ الجميع رمضان هذه مناسبة تفرحنا جميعا ثم يختتم هذا الشهر الكريم بعيد الفطر ولا تنسوا أيها الأحباب الفقراء في هذه الأيام وزكاة الفطر كما هو مقرر وأن نغني الفقراء عن السؤال في هذا اليوم

إن "رمضان كان والآن يمضي إلى نهايته سريعاً ضيفاً حل بنا ومضي، كرم الله عز وجل العام بشهر رمضان، وكرم شهر رمضان بليلة القدر، وكرم ليلة القدر بنزول القرآن الكريم".

إن "كلام الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ليلة التاسع والعشرين ليلة من ليالي الوتر في العشر الأواخر ويمكن أن تكون ليلة القدر فلحوا على الله بالدعاء أن يحفظ بلادنا وأن يحفظ أمتنا وأن يوفقنا جميعا لما فيه خير هذه الأمة وهذا الوطن وأن يجعل هذه الأيام أيام أعياد وأفراح وخير لهذا الشعب وهذه الأمة وعلى المسلمين جميعا وعلى الناس كافة".

أيها الأحباب الكرام "فاز من فاز ومن كان غير ذلك نرجو الله سبحانه وتعالى له الفيئة وله العود الكريم إلى ما يحبه ربنا ويرضي

أيها الأحباب "ما نزل القرآن الكريم ليقرأ فقط أو ليستمع إليه فقط أو لنستمتع بالتلاوة وبتكرار ختمه، وإنما أنزل بأحكام وتفاصيل وتوجيهات بمنهج متكامل يصلح به حال الناس وعموم الناس وليس المسلمين فقط ، وإنما يفوز المسلمون المؤمنون المطبقون له برضا ربهم ويفوزون بالجنة التي إليها نسعي

بسم الله الرحمن الرحيم { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } سورة الحجر .. الذكر كلام الله عز وجل القرآن الكريم ، ومن تمام المنهج حفظ السنة النبوية المصدران الصحيحان الصافيان لهذا الإسلام، " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " وتكرار الدين في أول الآيـة وأخرها للدلالة على الاعتقاد والدلالة على المنهـج وعلى المحتـوي الواجب التطبيق".

إن "آيات القرآن الكريم لا تترك شيئاً لا من أمور الأخلاق ولا من أمور السلوك ولا من أمور الحكم ولا التطبيق ولا الحساب ولا العقاب وإلا دلتنا عليه وأوضحته وبينته لنا".

"ما فرضنا في الكتاب من شىء فهذه أحكام العقائد وهذه هى أحكام المعاملات وهذه مبادىء الحكـم"، وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك".

إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم.. أن الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدي بعد الصفا والمروة.. الشعيرة والعبادة يأتى الحديث والآيات عن مسئولية العلماء مباشرة.. " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد من بيناه للناس في الكتاب أولئك يعلنهم الله ويلعنهم اللاعنون " ورحمة الله الواسعة دائما تفتح أبواب الجنة والعود الكريم إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا .. إن الآيات تنطق بحالنا وبحال أمتنا وبحال أشخاصنا ومن حولنا توصف لنا الواقع وتدلنا على الطريق المعني الصحيح ما فرضنا في الكتاب من شىء من مبادىء عامة وتفاصيل أحياناً وتركا للتفاصيل أحياناً أخري ضمن هذه المبادىء العامة".

إن القرأن لم يتنزل كما قلت في البداية ليقرأ فقط أو يستمع فقط أو للتلاوة فقط، وإنما لكي يتم تلاوته وقراءته ويستمع إليه ويختم ويطبق ويتابع ويراجع.. وتكرار الختم لمعرفة ما في هذا الكتاب العظيم من تفاصيل ومن حكمة ومن منهاج ومن دلائل خير هذا المنهج المتكامل في شئون الدنيا والأخرة في الاقتصاد والسياسة والزراعة والصناعة وفي كل شيء.

أما إجمالا في كلام الله عزوجل .. إن القرآن الكريم جاء أيضاً إجمالاً وتفصيلاً وتطبيقاً للنبي صلي الله عليه وسلم التى قال فيها وفعل فيها وأقر وقرر فيها.. فما صدر عنه صلى الله عليه وسلم هو المنهج التطبيقي العملي لهذا القرآن الكريم ثم أصحابه صلى الله عليه وسلم معه وبعده قراءة وتلاوة وعقيدة ومعرفة ودراية وتطبيقاً وانتشاراً، ونصراً لهذا الإسلام من غير إكراه ولا جبرٍ لأحد وإنما بفقه ومعرفة ودراية وعمل متواصل وجهادٍ ومستقبلٍ .

انظروا إلى التاريخ وكيف كان صلي الله عليه وسلم ظل يدافع ويتحمل ويؤدى ويبلغ عن ربه ويوضح ويبين حتى اكتمل هذا الدين، "إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً".

أن الرسول "صلي الله عليه وسلم"، ظل قائما على أمر الدعوى حتى أتاه اليقين وسأل وهو في سكرات الموت سؤالاً ذا دلالة هل صلي المسلمون صلاة العصر، ثم أمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه فصلي بالناس.. دلالة الهم والاهتمام بالصلاة بالأركان وأيضا بالاستخلاف وبالحكم.. فالمسألة ليست هكذا على هواهنها ، وإنما ضوابط العمل وأصول الانطلاق وحتمية الأخذ به وتفاصيل حياة الناس فالعلاقة بين الفرد المسلم ونفسه وبينه وبين ربه وبينه وبين أهله وذويه ومجتمعه ودولته وحاكمه ومحكومه إن كان، ثم علاقاته مع الجيران مع الناس الذين ليسوا من وطنه وغير المسلمين مع الآخرين هذه كلها بأصول ومبادئ وقبلها في الفكر والاعتقاد، ولكنها حرية بناءة وتمضي في كل اتجاه لتوجد المسلم القوي الذى هو خير وأحب إلى الله من المسلم الضعيف، توجد المسلم المنتج الذى يبيت كالاً من عمل يده فيمسي مغفورا له، تنتج المسلم الفقيه والمسلم الصانع وتنتج المسلم المعلم أو المتعلم تنتج المجتمع المتماسك المترابط الذى يحرص فيه الجار على جاره" "مازال جبريل يوصيه بالجار حتى ظننت أنه سيورثه هذا الإسلام في العلم والتعلم في المعرفة والدارية.. استمعنا إلى أقرأ باسم ربك الذى خلق.. الدعوة إلى العلم بالقراءة والتطبيق وليس بالقول فقط ومن الآثار التى جاءت، نقلاً عن على بن أبى طالب رضي الله عنه وأرضاه مما نسب إليه من حكمه أنه قال أمير المؤمنين الخليفة الرابع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب العلم والدراية والمعرفة مدرسة أهل السنة والجماعة :"الناس في العلم أربعة رجلُ يعلم أنه يعلم فهذا إمام فاتبعوه ، ورجلُ ُيعلم ولا يعلم أنه يعلم وهذا نائم فأيقظوه، والنوع الثالث هو رجل لا يعلم ويعلم أنه لا يعلم وهذا طالب للعلم فعلموه، والنوع الرابع هو رجل لا يعلم ولا يعلم أنه لا يعلم وهذه مشكلة كبيرة وعايزة صبر وانتشار وتعليم وتثقيف وجهد، وهذا مخبول فاجتنبوه".

إن الذين يتعرضون للعمل العام والذين يرفعون راية الدعوة والذين ينتشرون وسط الناس ليقول لهم حسناً وخيراً هؤلاء الحاملون لهذه الرسالة رسالة الخير الدالين عليها والدال على الخير كفاعله.. فهؤلاء عليهم بالصبر حتى يتمكنوا مما يقولون ويدركوا ويفهموا مدلول الآيات والأحاديث والمواقف والمواقع والحال والمخاطب والظرف والمناخ حتى لا يخرج من الألسنة ما يضر والقصد هو النفع.. لا يؤخذ الناس فقط بنيتهم الحسنة بل بعد النية الفعل والعمل الذى يطابق هذه النية لكى يحقق الهدف".

إن "الذين يتعرضون لهذه الدعوة للعمل العام وشرح الإسلام لنقله في رمضان وفي غير شهر رمضان إلى المسلمين وغير المسلمين هؤلاء عليهم مسئولية.. وأنا أريد لنفسي ولكم جميعا أن نكون من هؤلاء لا يستثني أحد".

نعم الفتوى للمتخصصين وجهة الاختصاص.. ولكن الدعوة لعمومها ونقل الخير للناس واجب على الجميع.. ولتكن منكم أمة وليس فرد أو مجموعة أو حزب صغير أو كبير وإنما الجميع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الجميع ولكن بضوابط الإحسان والصبر الجميل والاستمرارية وتحقيق الأهداف وربما تأجيل بعض المواقف لأنه أحيانا يكون ترك السنة من السنة، وليس معناه أن نترك السنة، ولكن يكون أحيانا في مواقف الرجل المسلم يختار الموقف الأنسب ليبلغ الدعوة وليتثقف بالعلم والمعرفة من أمامه ومن يتعرض للعمل العام يعاني كثيرا وطويلا وإذا أراد أن يحقق الهدف ليرضي ربه فعليه بالصبر الجميل".

أنه "لا يمكن أبدا لحامل الخير الذى يحرص على المصلحة والهداية والتعليم لمن ينقل إليه أن يقطع الصلة بالناس أو ينسف الجسور بينه وبين الناس الذين يدعوهم فلابد من إيجاد الصلة ومد الجسور والتواصل مع الجميع لتنقل إليهم المفاهيم الصحيحة المستقرة".

أن "الذين يتسرعون في قول الحق بطريقتهم عليهم أن يتريثوا وألا يتعرضوا لقول ما لا يعلمون أو على الأقل قبل أن يتأكدوا أن هذا صحيح أو يضر أو ينفع لأن القرآن الكريم كما تعلمون كتاب الله عزوجل.. كلام الله عزوجل الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. كان موجوداً في اللوح المحفوظ من القدم ومنذ الأزل ولكنه تنزل على المواقف.. تنزل ليعالج أمورا جادة على مدار السنين حتى تم الانتهاء منه وتسكين الآيات في مكانها في صورها طبقا لمواقفها كما قررها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى لا ينطق عن الهوى".

إن "هذا القرآن نزل هكذا يعالج المواقف، وكثيراً إن من سمات هذا الدين أنه دين واقعي يتحرك مع الأحداث ويعالجها بواقعية.. وأحياناً ينبغى أن نراعي المخاطب والظرف والمناخ وليس معنى ذلك أن نصمت على الحق أو نتردد في قوله، وإنما لابد للمسلم من خطة ولابد له من عقل بجوار القلب والبدن.. لابد له أيضاً أن يعرف ماذا يقول ولمن ومتى وكيف، هذا هو المسلم.

لو تحدث القرآن الكريم عن الأمثال في مكة أكان الناس يستمعون بنفس القدر الذى استمعوا به في المدينة؟، لو تحدث القرآن الكريم عن الهجرة في بداية الدعوة أكان الناس يتصورن ضرورة لهذه الهجرة؟، ولكن ما وقع هو المعاناة وبذل الجهد والتقدم ثم التعذيب والمواجهة فكان لزاماً على الناس أن يروا نقلة نوعية في دعوتهم فانتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولما كان في المدينة بدأ في ترتيب أوراق الدولة فلم يكن هناك معنى أن ترتب أوراق الدولة في مكه وصارت الأمور كما تعلمون جميعا".

إنه يجب علي المسلم وضع خطة له، ولابد له من تصور واضح ولابد له من معرفة ودراية.. لقد أصبحت الأمور في دنيا الناس تسير بنظام أقره الإسلام ويعيش عليه هذا العالم.. وأصبح هناك للدولة ترتيب يصونها وشكل يقوم على أمرها وأصبح للناس أعدادا كثيرة وأصبحت أدوات العصر متعددة فلابد من أعمال المعاني في النصوص ومعرفة الأدلة وكيفية التطبيق وإلا لأصبح الحال على خير ما نريد".

هذا الاسلام الشامل الكامل المحفوظ غير المنقوص يسعى الناس لتطبيقه لأن فيه سعادتهم، بكل حيثياته وفي كل المحاور لكن كيف التطبيق؟ يحتاج التطبيق إلى إمعان نظر ويحتاج التطبيق إلى تعاون بشر ومعرفة المناخ والحركة وواقع المجتمع.. فكيف يتغير المجتمع من وإلى.. إذا كان صلى الله عليه وسلم قد أخذ 13 عاماً في مكة والوحي يتنزل ولكن هكذا سنة الله في كونه أن التغير يأخذ وقتاً وأن التحول يحتاج إلى زمن وأن الزمن جزء من العلاج.. لكن ليس الصبر بمفهوم الترك صبر التمبلة وإنما صبر الحركة والواقعية وصبر الخطة والمعرفة والدراية".

هناك كلمات أو جمل لو خرجت من أفواه أصحابها لأضرت الكثير بمسيرة طويلة لهذا المجتمع وهذا الشعب ، ولا يعنى ذلك أبداً مفهوم الخداع أو القفز على المواقع ، أبدا ما يكون المسلم خادعاً ولا خداعاً ولا أيضاً مخدوعاً ، فلابد أن ندرك ونعرف أننا أمام تحديات كبيرة.

إن "مصر اليوم تحتاج إلى كل أبنائها وعقولها وتحتاج إلى العرق والجد والاجتهاد.. وإذا كنا بحـق نريد أن نرضي الله ونؤسس دولة الإيمـان .. دولة الديمقراطيـة المدنية الوطنيـة .. دولة القانون".

إن النصر يعني النهضة والتنمية ونمو الاقتصاد والاستقرار السياسي.

نحن الآن نحتاج إلى الفهم وإلى المعرفة والدراية.. ولكننا نحتاج أيضاً إلى التطبيق والسلوك والصبر والعمل والجهد والتضحية والعطاء واليقظة".

اختتم كلمتي بالدعاء "أن يتقبل الله صيامنا وقيامنا وأن يتقبل تلاوتنا ونعاهد الله أن نستمر على ذلك.. اللهم دبر لنا فإننا لا نحسن التدبير.. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وكل عام وأنتم بخير وكل عام وأنتم جميعا عاملون لهذا الوطن وهذا الدين.. مقدماً التحية لجميع الحاضرين .



[1] الهيئة العامة للاستعلامات