إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


 


خطاب الدكتور محمد مرسي يوم 24/6/2012

كلمة الرئيس محمد مرسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة 67[1]

نيويورك، في 26 سبتمبر2012

 “بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي نحبه ونتبعه ونحب من يحترمه ونعادي من يمسه بسوء من قول أو عمل, صلوات ربي وتسليماته عليه, الذي وصفه ربه في قرآنه العظيم فقال (وإنك لعلى خلق عظيم) وقال الله تعالى أيضا عن الرسول (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين), صدق الله العظيم”.

السيد فوج جيريمك رئيس الجمعية العامة،

السيد بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة،

السادة رؤساء الدول والحكومات،

السيدات والسادة،

 يسعدني أن أهنئكم، وبلدكم الصديق، على توليكم رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية. وأود أن أعبر عن خالص التقدير لسلفكم ناصر النصر، ولدولة قطر الشقيقة للإدارة المتميزة للدورة السابقة. كما أوجه التحية لأمين العام الأمم المتحدة لسعيه للحفاظ على دور المنظمة وتعزيز فعاليتها. وأؤكد دعم مصر لكل جهد يبذله في هذا السبيل.

السيد الرئيس،

إن حضوري اليوم يحمل معاني عديدة تتجلى في أنني أول رئيس مصري مدني منتخب بإرادة شعبية حرة في أعقاب ثورة سلمية عظيمة شهد لها العالم كله هذه الثورة التي أسست شرعية حقيقية بإرادة الشعب المصري بكل أبنائه وفئاته داخل وخارج مصر وكان لهذا الشعب بفضل الله ما أراد. إن كل مصري اليوم يشعر بثقة في النفس تضعه على أرضية حضارية وأخلاقية في أعلى مستوياتها, فقد حققنا خطوات متلاحقة وفعالة في مسيرة البناء والنهضة سعيا إلى ما يتطلع اليه شعب مصر لإقامة دولة حديثة، الدولة الوطنية، الديمقراطية، الدستورية، القانونية، الحديثة، التي تستوعب العصر وتقوم على سيادة القانون والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان دون تفريط في القيم الراسخة في وجدان أبناء مصر جميعهم، ودولة تنشد العدل والحق والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

إن الثورة المصرية التي أسست الشرعية التي أمثلها أمامكم اليوم، لم تكن نتاج لحظة أو انتفاضة. كما أنها لم تكن أبدا رياحا هبت في ربيع أو خريف. أن هذه الثورة وما سبقها ولحقها من ثورات في المنطقة جاءت نتيجة لكفاح طويل لحركات وطنية حقيقية.. ولإرادة الحياة مع أبناء الوطن جميعا بعزة وكرامة. وهي تعبر عن حكمة التاريخ،  وتدق ناقوس انذار لكل من يحاول أن يقدم مصالحه على مصالح الشعوب.

السيد الرئيس،

إن رؤية مصر الجديدة التي نسعى إلى تحقيقها بإذن الله لوطننا مصر هي في ذات الوقت إطار العمل الذي نقدمه للعالم ونسعى للتعاون من خلاله مع المجتمع الدولي في سياق من الندية والاحترام المتبادل والذي يشمل عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى وتطبيق المبادئ والمواثيق والمعاهدات الدولية التي نؤكد التزامنا بها وفي مقدمتها ميثاق الأمم المتحدة الذي شاركت مصر في صياغته من خلال العمل المستمر والجهد المخلص سعيا لتسوية المشكلات ومعالجة جذورها دون الإخلال بمبادئ القانون ولا بالقيم الثابتة التي ينذر التفريط فيها بعواقب وخيمة للمجتمع الدولي إن لم ينتبه لذلك العقلاء والمخلصون في هذا العالم.

السيد الرئيس،

 إن أولى القضايا التي ينبغي أن يشترك العالم في بذل كل جهد ممكن لتسويتها على أسس العدالة والكرامة هي القضية الفلسطينية. إن عقودا طويلة مضت منذ أن عبر الشعب الفلسطيني عن عزمه استعادة كل حقوقه وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وبرغم جهاد هذا الشعب المتواصل وتبنيه لجميع الأساليب المشروعة للحصول على حقوقه وقبول ممثليه بقرارات الشرعية الدولية كأساس لحل كل مشاكله.. رغم كل ذلك تظل هذه الشرعية الدولية والقرارات الأممية مع كل أسف عاجزة حتى اليوم عن تحقيق أمال وتطلعات شعب فلسطين وتظل كل هذه القرارات بعيدة عن التنفيذ.

إن ثمار الحرية والكرامة لا ينبغي أن تكون بعيدة عن شعب فلسطين الشقيق وإنه لمن المشين أن يقبل العالم الحر استمرار طرف في المجتمع الدولي في إنكار حقوق أمة تتوق إلى الاستقلال على مدي عقود مهما كانت المبررات..ومن المشين أيضا أن يستمر الاستيطان في أراضي هذا الشعب الفلسطيني.. وتستمر المماطلة في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.

إنني ومن منطلق الدفاع عن الحق والحرية والكرامة.. والكرامة الإنسانية ومن منطلق واجبي نحو الأشقاء في فلسطين أضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته التي تحتم تحقيق السلام العادل والشامل وإنهاء جميع مظاهر احتلال الأراضي العربية وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة.” وأدعو إلى ضرورة التحرك بشكل جاد، من الآن، لوضع حد للاحتلال، وللاستيطان، ولتغيير معالم القدس المحتلة.

لقد اختارت القيادة الفلسطينية مجتمعة طريقاً واضحاً للحصول على حقوق الشعب الفلسطيني داخل وخارج أرض فلسطين. وساندها العالم العربي في هذا الخيار. بل وقدم مبادرات شاملة للسلام، سلام عادل، سلام يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه؛ سلام بمني على الشرعية الدولية؛ سلام يؤسس دولة فلسطينية، مستقلة، ذات سيادة؛ ويحقق أمناً، واستقراراً طال انتظاره لجميع شعوب المنطقة.

ومن ذات المنطلق، أؤكد دعم مصر لأي تحرك فلسطيني في الامم المتحدة. وأدعوكم جميعاً، كما أيدتم ثورات  الشعوب العربية، إلى دعم أبناء فلسطين للحصول على الحقوق الكاملة المشروعة لشعب يناضل لنيل حريته، وبناء دولته المستقلة.

وأقول بوضوح، لمن يتساءلون عن مواقفنا مما أبرمناه من معاهدات، واتفاقيات دولية، أننا ملتزمون بما وقعنا عليه، كما أننا في نفس الوقت، داعمون للحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، عازمون على مواصلة العمل إلى جانب الفلسطيني لينال كل حقوقه بإرادته الحرة لكل أبنائه وفصائله.

السيد الرئيس

لابد ونحن نتكلم في هذا المحفل الدولي أن نتناول القضية التي باتت تؤرق العالم كله ألا وهى نزيف الدم والمأساة الانسانية في سورية. إن نزيف الدم الذي ينبغي أن يتوقف فورا هو شاغلنا الأول..إن الدماء التي تسيل على أرض سورية الحبيبة أثمن من أن تهدر هكذا ليل نهار. إن الشعب السوري..الشقيق..العزيز على قلب كل مصري ومصرية يستحق أن يتطلع لمستقبل تتحقق له فيه الحرية والكرامة وقد كان هذا جوهر التحرك الذي بادرت باقتراحه في مكة المكرمة خلال شهر رمضان الماضي..وأكدت عليه في مناسبات لاحقة درءا للأسوأ درءا لمعاناة شعب سورية وتحول الصراع إلى حرب أهلية شاملة لاقدر الله..يتطاير شررها إلى ما يتعدى سورية ودول الجوار المباشر.

لقد شرعت مصر بالفعل مع الدول الثلاث الأخرى المعنية بمبادرتي في عقد لقاءات أظهرت وجود العديد من القواسم المشتركة..وسوف نستمر في العمل لوضع حد لمعاناة شعب سوريا, وإتاحة الفرصة لكي يختار بإرادته الحرة بعد أن ينتهي هذا النظام الذي يقتل شعبه ليل نهار..سيختار الشعب السوري بإرادته الحرة نظاما للحكم يعبر عنه ويضع بلاده في مكانها بمصاف الدول الديمقراطية لتستأنف إسهامها في مسيرة العمل العربي المشترك ودورها الإقليمي والدولي على أسس شرعية قوية. هذه المبادرة ليست مغلقة على أطرافها بل هي مفتوحة أمام كل من يريد أن يساهم إيجابيا في حل الأزمة في سورية..هذه الأزمة كلنا مسؤولون عنها..وهذه المعاناة لابد وأن نتحرك جميعا في كل العالم لوقفها وإنها مأساة هذاالعصر وواجبنا أن نوقف المأساة. إن مصر ملتزمة بمواصلة ما بدأته من جهد صادق لإنهاء هذه المأساة الدائرة على أرض سورية في إطار عربي واقليمي ودولي..إطاريحافظ على وحدة تراب هذا البلد الشقيق ويضم جميع أطياف الشعب السوري دون تفرقة على أساس عرقي أو ديني أو طائفي..ويجنب سورية خطر التدخل العسكري الأجنبي..والذي نعارضه. ملتزمون بدعم مهمة السيد الأخضر الابراهيمي المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.. وباستكمال الجهد الجاري لتوحيد صفوف المعارضة السورية وتشجيعها على طرح رؤية موحدة وشاملة لعملية الانتقال الديمقراطي المنظم للسلطة بشكل يضمن حقوق مكونات الشعب السوري.. ويحفظ لكل مكون مكانا أساسيا في سورية الجديدة بعد مصر الجديدة إن شاء الله.

إن مصر ستعمل مع أشقائها العرب كي تحتل هذه الأمة مكانتها اللائقة في العالم..فهذه الأمة تمثل مكونا لا ينفصم عن رؤيتها لأمنها القومي للوطن الكبير الذي يمتد من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي..وتمثل مجالا رحب اللتعاون والتفاعل البناء مع كل دول العالم. إن مصر تنظر إلى الإسهام البالغ الأهمية الذي تمثله الأمة العربية ضمن المحيط الإسلامي كضرورة للانتقال بالعمل المشترك ضمن منظمة التعاون الإسلامي وسوف تعمل مصر على أن تكون القمة الاسلامية التي ستعقد على أرضها في مطلع العام القادم منطلقا لتعزيز التفاهم بين الدول الإسلامية وباقي دول العالم ولتطوير وتفعيل دور مبادئ الحوار بين الحضارات ولإزالة مباعث سوء الفهم التي يجد منها دعاة التطرف على الجانبين منفذا الإيحاء بهوة خلاف واسعة غير موجودة أصلا لتحقيق مآرب سياسية لا تمت بصلة للمقاصد السامية للأديان أو القيم أو الأخلاق الانسانية.

السيد الرئيس،

يحتاج أشقاؤنا في السودان إلى الدعم اليوم أكثر من أي وقت مضى..هذا البلد الذى يسعى لتحقيق الاستقرار والتنمية ويعمل على بناء علاقات صحية نموذجية مع جنوب السودان..هذه الدولة الوليدة التي أقدر أنها مؤهلة إلى جانب السودان الشقيق لأن تكون مركزا للتعاون بين العالم العربي وامتداده الافريقي. لقد قدم السودان تضحيات كبيرة بحثا عن السلام والاستقرار.. والتزم بتنفيذ اتفاق السلام الشامل.. وكان أول من اعترف بدولة جنوب السودان. إلا أنني أقول صراحة أن هذا البلد لم يتلق الدعم الذى يستحق.. وأن الوقت قد حان لكي تتضافر الجهود الدولية لمؤازرته والعمل على تقريب وجهات النظر بينه وبين دولة جنوب السودان لحل القضايا العالقة بينهما.

السيد الرئيس

إن عبور شعب الصومال الشقيق المرحلة الانتقالية الصعبة بانتخاب السيد حسن شيخ محمود رئيسا للجمهورية علامة إيجابية نحو التوحد والاستقرار. أدعو الأمم المتحدة إلى مواصلة دعم جهود الحكومة الصومالية في مواجهة من يعمل لإفشال الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار وإعادة بناء مؤسسات الدولة وتحقيق تطلعات الشعب الصومالي لغد أفضل.

السيد الرئيس

تتصل مبادئ العدل والحق أيضا بتحقيق الأمن والاستقرار فى العالم وفى قلبه منطقة الشرق الأوسط فعلى مدى سنوات طوال سعى البعض إلى إقامة الاستقرار على أسس واهية من القمع والطغيان ..  وزين البعض للأسف لهؤلاء سوء أعمالهم أما وقد استردَّ شعوب المنطقة حريتها فإنها لن تسمح ولم تتسامح مع غبن حقوقها سواء من قادتها أو من الخارج.

إن إرادة الشعوب في منطقتنا لم تعد تتقبل استمرار أى دولة بعينها خارج معاهدة منع الانتشار النووي ..  ولا عدم تطبيق نظام الضمانات على منشآتها النووية خصوصا لو اقترن هذا بسياسات غير مسؤولة وتهديدات تلقى جزافا. إن قبول المجتمع الدولي بمبدأ الاستباق أو محاولة إضفاء الشرعية عليه أمر خطير في حد ذاته ولابد من مواجهته بحسم حتى لا يسود قانون الغاب.

وعيا من مصر بالتهديد الذى يمثله الوضع القائم لاستقرار هذه المنطقة الهامة بما تحويه من مصادر طبيعية وممرات تجارية فإننا نؤكد ضرورة تعبئة الجهود الدولية لعقد المؤتمر الخاص بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل في موعده قبل نهاية العام الجارى 2012 وبمشاركة كل الأطراف المعنية دون استثناء. أقولها بوضوح، لا بديل عن التخلص الكامل من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل. لكننا نؤكد في نفس الوقت حق جميع دول المنطقة في الاستخدام السلمى للطاقة النووية ضمن إطار معاهدة منع الانتشار النووي وضرورة التزامها بتعهداتها وتوفير الضمانات اللازمة لدول الإقليم لإزالة أية شكوك حول برامجها السلمية.

السيد الرئيس

تمتد مفاهيم العدالة والحق والكرامة من منظورنا لتشمل الأطر التي تحكم العلاقات الدولية.. ومما لاشك فيه أن أبسط مراجعة لمسيرة هذه العلاقات ستظهر مقدار الظلم الواقع على قارة أفريقيا. أعتقد أننى لست بحاجة إلى تعداد التعهدات السابقة التي شهدتها نفس هذه القاعة للارتقاء بمعدلات التنمية والنمو في أفريقيا من خلال المساعدات والاستثمار. إن على العالم مسؤولية دعم جهود أفريقيا بما يتعدى الوعود والأمنيات وأن يقدم العون اللازم لها لاسترداد ثرواتها المنهوبة خلال حقب متعاقبة آخرها عندما تصور البعض أن دعم أنظمة جائرة سيساعد في تحقيق استقرار زائف يضمن مصالحه فيما كانت هذه الأنظمة تبذر الفساد وتهرب الثروات إلى الخارج.

إنني أدرك أن تحقيق الأهداف المبتغاة لا يتم إلا من خلال مشاركة أبناء القارة أنفسهم  وتحملهم لمسؤولياتهم.. وهو أمر لا شك أننا جميعا كأفارقه مستعدون له سعيا إلى مستقبل أفضل.. إن علينا اليوم كأفارقه أن نحقق لقارتنا مجموعة من الأهداف الطموحة التي تثبت أقدام أبناء القارة على طريق التنمية المستدامة وتحققت طلعاتهم نحو مستقبل أفضل ومشاركة حقيقية للقارة في النظام الدولي. إن مصر مستمرة في العمل مع أشقائها في أفريقيا وهى على استعداد للتعاون مع أي طرف داخل القارة أو خارجها لرفع مستوى المعيشة في أفريقيا من خلال تبادل الخبرات والتجارب الناجحة.

السيد الرئيس

يقودني هذا الحديث إلى العدل والحرية والكرامة في النظام الدولي المعاصر.. إن شباب مصر لم يثر لموقف داخلي فحسب لكنه عبر  كذلك عن تطلعات يطمح إلى تحقيقها في محيطه الإقليمي وعلى المستوى الدولي إن الشباب الذى يمثل غالبية شعب مصر بات مؤمنا بأن الشرعية الحقيقية تستمد من الإرادة الشعبية وليس من سلطة مهيمنة دون سند قانوني أو أخلاقي.. وبذات القياس فإننا ننظر إلى الوضع الحالي للنظام الدولي ونؤكد ضرورة العمل بشكل جاد لإصلاحه تأسيسا على نفس المبادئ لتجديد شرعيته والمحافظة على مصداقيته .. هذا مطلب مشروع لشعوب وأمم تعبر عن نفسها وتسعي للمشاركة في صياغة عالم جديد وغد أفضل لأبنائها.

إن تفعيل دور الجمعية العامة باعتبارها المحفل الديمقراطي الذى يعبر عن جميع الدول الأعضاء وإصلاح مجلس الأمن الذى مازال يمثل صيغة تم التوصل إليها في حقبة مغايرة لواقع عالمنا المعاصر يجب أن يكونا على قمة الأولويات التي ينبغى أن نعالجها بالجدية اللازمة. لايفوتني في هذا المقام تأكيد ضرورة إيلاء الأمم المتحدة اهتماما خاصا لدعم قضايا المرأة والشباب.. وقد اقترحت  خلال قمة حركة عدم الانحياز في طهران دراسة مبادرة جديدة لإنشاء جهاز تابع للأمم المتحدة يخصص لموضوعات الشباب ويهتم بقضايا التعليم والتدريب والتشغيل وتعزيز مشاركتهم في الحياة السياسية لتعزيز قدرة الأجيال القادمة على تحقيق طموحاتها.

السيد الرئيس

تؤكد مصر أن النظام الدولي لن يستقيم طالما بقيت ازدواجية في المعايير. ونتوقع من الآخرين..  مثلما يتوقعون منا ..  احترام خصوصياتنا الثقافية ومرجعيتنا الدينية وعدم السعي إلى فرض مفاهيم لا نتفق معها أو تسييس قضايا بعينها وتوظيفها للتدخل في شؤون الغير.

إن ما يتعرض له المسلمون والمهاجرون في عدد من مناطق العالم من تمييز وانتهاك لحقوقهم الأساسية وحملات ضاربة للنيل من مقدساتهم أمر غير مقبول ..  إنه يتعارض مع أبسط مبادئ ميثاق المنظمة التي نجتمع في ظلها اليوم حتى أضحى الآن ظاهرة لها اسم كراهية الاسلام Islam phobia.

إن علينا جميعا أن نتكاتف في التصدي لتلك الأفكار الرجعية التي تقف حائلا أمام تشييد أواصر التعاون بيننا.. إن علينا التحرك سويا في مواجهة التطرف والتمييز.. في مواجهة الحض على كراهية الغير على أساس الدين أو العرق .. إن على الجمعية العامة وكذلك على مجلس الأمن مسئولية رئيسية في التصدي لهذه الظاهرة التي أصبحت لها تداعيات تؤثر بوضوح على السلم والأمن الدوليين.

إن الأعمال المسيئة التي نشرت مؤخرا في حملة منظمة للمساس بمقدسات المسلمين أمر مرفوض ويجب علينا ونحن مجتمعون في هذا المحفل الدولي أن نتدارس كيف نستطيع جميعا أن نحمى العالم من زعزعة أمنه واستقراره. إن مصر تحترم حرية التعبير.. التي لا تستغل في التحريض على الكراهية ضد أحد وليس حرية التعبير التي تسعى إلى استهداف دين أو ثقافة بعينه ..  حرية التعبير التي تتصدى للتطرف والعنف وليس حرية التعبير التي ترسخ الجهل والاستخفاف بالغير لكننا في نفس الوقت نقف بحزم ضد اللجوء إلى استخدام العنف في التعبير عن رفض تلك السفاهات.

السيد الرئيس

قبل أن أنهي كلمتي، أشير إلى أن تفاقم الأزمات المالية والاقتصادية مؤخرا، يجب ان يدفعنا إلى مراجعة أسلوب اتخاذ القرارات الاقتصادية الدولية التي تؤثر على مصائر شعوب لا تشترك في اعدادها  لكنها ومع كل أسف أول من يتحمل تبعتها السلبية على النمو فيها وعلى التجارة وعلى البيئة.. وعلى أوضاعها الاجتماعية نتيجة تطبيق ممارسات مجحفة في التجارة الدولية وفرض شروط باهظة لنقل التكنولوجيا، والحصول على التمويل اللازم للتنمية.

هناك حاجة ملحة لحوكمة اقتصادية دولية جديدة محورها الشعوب واساسها توثيق التعاون بين شركاء التنمية على اساس تكامل المصالح والمنفعة المتبادلة.

السيد الرئيس

طرحت عليكم رؤيتي فيما يجول في عقول أبناء مصر وسعيت لأطرح بإيجاز رؤية مصر لأهم قضايا الشرق الأوسط وأفريقيا ودول العالم. وإنني لعلى ثقة في قدرة الأمم المتحدة على القيام بدورها في التعامل الفعال مع مختلف القضايا والتحديات الاقليمية والعالمية، من خلال الحوار والتفاهم والتعاون وفق مبادئ القانون الدولي.

إن مصر الثورة لم تألو جهدا للتواصل بكل إخلاص مع جميع أعضاء المنظمة وستظل دائما في طليعة الجهود الدولية لتحقيق الحرية، والعدالة، والكرامة، لجميع الشعوب، والأمن، والاستقرار لدولنا جميعاً.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.



[1] الهيئة العامة للاستعلامات