إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


 


خطاب الدكتور محمد مرسي يوم 24/6/2012

كلمة الرئيس محمد مرسي بمناسبة الإعلان عن الموافقة على الدستور الجديد[1]

في 26 ديسمبر2012

بسم الله الرحمن الرحيم

(واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا)

الحمد لله على نعمه الكثيرة علينا, على مصر وأهلها

 (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)

أيها المصريون جميعا

 السيدات والسادة

نقف اليوم لنحتفي ونحتفل بدستورنا الجديد, إنه يوم تاريخي مشهود , لقد اصبح لمصر وللمصريين دستور حر ليس منحة من ملك ولا فرضا من رئيس ولا املاء من مستعمر, أنه دستور اختاره شعب مصر بإرادته الحرة الواعية ومنحه لنفسه.

أن شعب مصر استطاع أن يثبت للعالم اجمع أن حضارته الضاربة في اعماق التاريخ مازالت حيه في واقعه, ان الاستفتاء تم بشفافية كاملة وبإشراف قضائي كامل ومراقبة من الاعلام ومنظمات المجتمع المدني وفي ظل اقبال المواطنين وتعاونهم وحماية من جيش الشعب وشرطته.

التحية للشعب المصري الذي خرج ليقول كلمته, والتحية ايضا للجنة العليا للانتخابات التي قامت بدورها على أكمل وجه بإرادة واعية معبرة عن ضمير الشعب المصري.

وأشكر رجال القضاء الذين كانوا حريصين أن يعبر الشعب عن ارادته بحرية كاملة , وأشكر أيضا القوات المسلحة الباسلة قيادة وجندا التي تحمي الحدود وأمن مصر الخارجي ولكنها لا تتخلف ابدا عن داعي الوطن والشعب اذا دعاها.

والتحية لقوات الشرطة المصرية التي ستظل امينة على واجبها تحمي الامن وتصون الحقوق وتلتزم بالقانون.

وأتوجه بالشكر والتقدير إلى كل من شارك في ادارة هذا العمل الوطني الكبير من الرجال والنساء العاملين المدنيين امناء اللجان ومعاونيهم الذين شاركوا من اجل انهاء هذه المرحلة وننطلق إلى مرحلة جديدة من عمر الوطن اكثر امنا واستقرارا لأبنائه جميعا لرجاله ونسائه وكل الشعب المصري.

لقد عشنا جميعا اياما واسابيع من الترقب والقلق حرصت فيها بحكم مسؤوليتي امامكم وأمام التاريخ وأمام الله أن ينتقل الوطن إلى بر الامان وأن ننهي فترة انتقالية طالت لمدة ما يقرب من عامين تكلف فيه اقتصاد الوطن وأمنه الكثير.

لقد شهدت تلك المرحلة جدلا سياسيا كبيرا حول عملية صياغة الدستور في مراحلها المختلفة واتخذت القوى السياسية مواقف مختلفة وهو أمر طبيعي في ظل مجتمع كبير وهو يتحرك باقتدار نحو الديمقراطية والتنوع في الرأي, هذه ظاهرة صحية الاختلاف في الرأي والفكر تستفيد منها المجتمعات الحرة حيث تتعدد الافكار والآراء ويختار الشعب منها ما يعبر عن طموحاته ومصالحه , ولكن للأسف ان البعض لم يدرك الفارق بين حق التعبير السلمي وهو حق اصيل اكدته ثورة 25 يناير المجيدة وبين اللجوء للعنف ومحاولة فرض الرأي عن طريق تعطيل المؤسسات العامة أو ترويع المواطنين .

واذا كنا جميعا نرحب بالاختلاف في الرأي فإننا جميعا نرفض العنف والخروج عن القانون ونؤكد أن ثورة 25 يناير ضربت مثلا رائعا للعالم كله على سلمية العمل الثوري والسياسي والتزامه بمستوى رفيع من الخلق والتحضر .

ومهما كانت مصاعب المرحلة السابقة فإنني اراها بمثابة آلام ولادة فجر جديد, ولقد أثبت الشعب المصري مرة اخرى بعد مرات سابقة في استفتاء 19 مارس عام 2011, وانتخابات مجلس الشعب بنهاية عام 2011, وانتخابات مجلس الشوري أوائل عام 2012, وانتخابات الرئاسة بنهاية النصف الثاني من عامل 2012 , وهذا هو العمل الخامس الرائع الاستفتاء على دستور مصر الجديدة.

ولقد صممت على إنفاذ إرادة الشعب فى أن يكون لمصر دستور تستقر به الأوضاع وتقوم عليه المؤسسات ويفتح الباب أمام التنمية والتقدم والعدالة الاجتماعية وفى سبيل ذلك تحملت مسئولية اتخاذ الكثير من القرارات الصعبة , إيمانا منى بضرورة ان يكون هذا الدستور ميثاقا ثابتا نرجع إليه جميعا ونحتكم إليه , وهو دستور يجعل رئيس الجمهورية خادما للشعب محدد الصلاحيات وليس سيدا مطلقا , ولا حاكما مستبدا .

والحمد لله .. بإقرار هذا الدستور انتقل التشريع الى ممثلي الشعب في مجلس الشورى حتى إتمام بناء السلطة التشريعية بانتخاب مجلس للنواب , وبذا يكتمل نظامنا الديمقراطي رئيس منتخب وبرلمان قوى يشرع ويراقب وسلطة قضائية مستقلة, وحكومة لا تعين إلا برضا ممثلي الشعب في البرلمان.

وأود هنا أن أنوه بالموقف الوطن النبيل للمستشار محمود مكي إبن القضاء .. نائب رئيس الجمهورية الذى أدى دوره بكل قوة وإخلاص من أجل أقرار دستور مصر الثورة وهو يعلم أن هذا الدستور لا ينص على وجود نائب للرئيس .

أن الدستور الذى اقره الشعب جاء معبرا عن روح ثورة 25 يناير المجيدة , فقد قام على حق المواطنة حيث يستوي الجميع بغير تفرقة ولا تمييز , دستور يعلى كرامة الإنسان ويصون حرياته , ويؤكد أن كرامة الفرد من كرامة الوطن , وانه لا كرامة لوطن لا تكرم فيه المرأة , دستور يضمن لقمة العيش للكادحين ويجعل العمل والسكن والتعليم والصحة حقوقا تكفلها الدولة ويضمنها القانون , دستور يكفل حرية الفكر والرأي والإبداع ويرسخ لقيم الاعتدال والوسطية ويجعل من سيادة القانون أساسا لحرية الفرد ولمشروعية السلطة .

دستور يجعل من الوحدة الوطنية فريضة وركيزة لبناء الدولة , دستور يحمى حقوق العمال والفلاحين ويحافظ على الملكية فلا مصادرة لحقوق أحد , دستور يسمح بتكوين الأحزاب وإصدار الصحف بمجرد الإخطار, دستور يحافظ على هوية مصر العربية والإسلامية ويؤكد ريادتها الفكرية والثقافية ويؤسس لدورها الحضاري الإنساني في العالم كله.

لقد أقر الشعب الدستور بأغلبية قاربت الثلثين , ولكنى أقرر أن قطاعا محترما من شعبنا قد اختار أن يقول لا , وهذا حقهم لأن مصر الثورة لن تضيق أبدا بالمعارضة الوطنية الفاعلة .. فلمن قال لا ولمن قال نعم , أتوجه بالشكر, لأننا لا نريد أن نعود إلى عصر الرأي الواحد أو الأغلبيات الزائفة المصنوعة, نتيجة الاستفتاء تدل على نضج ثقافي وديمقراطي حقيقي, يبشر بأن مصر قد مضت في طريق الديمقراطية بغير عودة إلى الوراء.

من أجل بناء الوطن، لابد أن تتكاتف الجهود, ولذا أصبح الحوار ضرورة لابديل عنها , نسعى جميعا في إطاره إلى التكامل والتوافق حول قضايا المرحلة القادمة، ومن هنا فإنني أجدد الدعوة لكل الأحزاب والقوى السياسية للمشاركة في جلسات الحوار الوطني الذى أرعاه بنفسي والذى تبدأ جولته الخامسة برئاسة الجمهورية اليوم "الأربعاء" من أجل استكمال خريطة الطريق لهذه المرحلة, وسأكون دائما كما عاهدت شعب مصر العظيم خادما لهذا الشعب لا أدخر جهداً في العمل مع كل أبنائه لصالح مصر والمصريين.

السيدات والسادة

إن الأيام القادمة أيام عمل وجهد من الجميع .. وسوف أبذل كل جهدي معكم من أجل دفع الاقتصاد المصري الذى يواجه تحديات ضخمة وأيضا يمتلك فرصا كبيرة للنمو .. وسوف أقوم بكل التغييرات الضرورية التي تحتاجها هذه المهمة من أجل نجاح مصر ووضع مسار التنمية الشاملة في بؤرة اهتمام الجميع , وفى هذا الإطار أود أن أوضح أن الحكومة الحالية التى بدأت عملها منذ الثاني من أغسطس الماضي تؤدى دورها قدر المستطاع في ظروف صعبة , نعم هناك مشاكل ونحتاج إلى المزيد من الجهد والعمل .. وقد كلفت الدكتور هشام قنديل رئيس الحكومة وأتشاور معه لعمل التعديلات الوزارية اللازمة التي تناسب هذه المرحلة لمواجهة كل المشاكل الصغيرة والكبيرة والمسؤوليات وذلك حتى تكوين مجلس النواب الجديد طبقا للدستور.

إنني أشعر بالمواطنين الأقل دخلاً في المجتمع المصري وأحس بما يعانوه في هذه الأيام, ولن أسمح رغم التحديات التي نواجهها والتي ورثناها جميعا من العقود السابقة أقول لن أسمح بأن يتحملوا مزيدا من المعاناة, وسأعمل مع الحكومة وكافة مؤسسات الدولة على تقديم أفضل ما يتحمله الاقتصاد المصري من دعم لهم، وستشهد الأيام القادمة انطلاق مشاريع جديدة في مجال الخدمات والإنتاج وحزمة من التسهيلات للمستثمرين لدعم السوق المصري واقتصاده.

السيدات والسادة

ونحن نبدأ هذه المرحلة من التحول والانتقال من الجمهورية الأولى إلى الجمهورية الثانية .. الجمهورية التي نرسي أساسها القوي بهذا الدستور الذي منحتموه لأنفسكم .. أجدد العهد والقسم أمامكم بأن أحترم القانون والدستور .. وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأحافظ على الوطن وسلامة أراضيه.

حمى الله وطننا الغالي مصر، ووقى الله الشعب من كل مكروه وسوء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



[1] الهيئة العامة للاستعلامات