إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


 


خطاب الدكتور محمد مرسي يوم 24/6/2012

كلمة الرئيس محمد مرسي بمناسبة الاحتفال بـ "يوم المهندس"[1]

السبت 30 مارس 2013

بسم الله الرحمن الرحيم

" وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ"

زميلاتي وزملائي الأعزاء مهندسو مصر العظيمة

السيدات والسادة

السلام عليكــم ورحمة الله وبركاته

اسمحوا لي في بداية كلمتي أن أتوجه إليكم جميعاً بتحية تقدير وعرفان لما تقومون به كمهندسي مصر من دور مُقدر ورائد لخدمة مصر الحبيبة. فباسمي وباسم مصر جميعاً أقول لكم "شكراً علي ما بذلتم وتبذلون، وتحية تهنئة علي احتفالكم بيوم المهندس.

إنني بحضوري بينكم لا أستطيع أن أفصل بين مشاعري كرئيس للجمهورية أتى يشارك في احتفال، عن مشاعري كمهندس زميل لكم، وهو شعور يختلط فيه الفخر بالانتماء لهذه المهنة العظيمة بالإحساس بالمسؤولية الوطنية المُلقاة علي عاتقنا كمهندسين، فضلاً عن جميع التخصصات والمهن الأُخرى في بناء منظومة مصر الجديدة، على أساس متين من العلم والوعي والقوة.

إن مسيرة المهندس المصري على مدار التاريخ هي مسيرة العطاء في كل أحداث الوطن، سلماً وحرباً. فقد كانت أفكار وجهود ومشروعات المهندس المصري، باباً من أبواب النصر في المعارك العسكرية المجيدة، ومعارك التنمية المستمرة، وما حدث في نصر أكتوبر المجيد 1973 خير شاهد على ما أقول.

ولقد مثلت النقابات الساحة الأولى لإفراز قيادات نقابية جاءت بانتخابات حرة تعكس إرادة أعضائها، فقدمت دفعة قوية للحريات والديمقراطية في مرحلة ما قبل الثورة، بينما أصبح العمل النقابي بعد الثورة من مرتكزات الديمقراطية، وتمكين المجتمع ومشاركته في إدارة شؤون الوطن، ومن هنا مثلت النقابات، وعلى رأسها نقابة المهندسين، أولى ساحات انتصار الثورة وبدء مسار الديمقراطية.

إن دوركم في قيادة التغيير والتعمير في مصر بعد الثورة، دور كبير ومؤثر، إذ أنه يُعد قاطرة التنمية، وبوصلة التطوير، وشعلة الأمل التي تتطلع إليها عقول وقلوب المصريين جميعاً، فلن تبني مصر إلا سواعد أبناء مصر. إن أعداد المُهندسين التي قفزت خلال سبعة عشر عاماً من مائة وثمانين ألف مهندس إلى ما يزيد على خمسمائة ألف مهندس حالياً، لتفرض علينا جميعاً ضرورة الاهتمام بهذا القطاع الحيوي، الذي يتواجد في جميع المصالح والوزارات والمشروعات والمؤسسات الأكاديمية والاقتصادية والعسكرية على ثري مصر الحبيبة.

إن ممارسة النقابة لدورها الفاعل، بعد مرور سبع عشرة سنة من فرض الحراسة، يجعلنا نتطلع اليوم إلى أن تقوم بدورها كما نص عليه قانونها، بأنها الجهة الاستشارية للدولة في تخصصها الهندسي. كما نتطلع إلى قيامها بأدوار أكبر في خدمة المهنة والارتقاء بمستوى الأعضاء وإعداد القيادات الهندسية في وقت تقتضينا المسؤولية الوطنية أن نكون طاقة بناء ونماء وإعلاء لشأن مصر وعزيمة أبنائها. وكما يقول أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدة الدستور العثماني: "إنما مصر إليكم وبكم .. وحقوق البر أولى بالقضاء".

ويطيب لي في يوم المهندس المصري أن أطرح معكم بعض القضايا التي أحب أن تدرسوها، لكي نصل إلى ما نريد من رقي للمهندس المصري، في كل المجالات وهي:ـ

أولاً: إن أكثر من (75) تخصصاً هندسيا دقيقاً تنتظمها الشعب السبعة المهنية للنقابة "المدني ـ العمارة ـ الميكانيكا ـ الكهرباء ـ الكيمياء النووية ـ التعدين والبترول والفلزات ـ الغزل والنسيج"، تفرض على النقابة المُشاركة بحجم حقيقي ودور فاعل في نهضة مصر ودفع قاطرة التنمية، والبشر والخبرة هم الكنز الحقيقي لمصر في مختلف المجالات.

ثانياً: تنتظر مصر الثورة أن تشهد مزيداً من الارتقاء بمهنة الهندسة والتدريب والتطوير المستمر للمهندسين الذين يتواجدون في القطاعات الحكومية والخاصة وقطاع الأعمال، وفى مُختلف الوزارات "الإسكان، والصناعة، والزراعة، والتربية والتعليم، والبترول، والكهرباء، والري، والتعليم العالي، والإنتاج، والاستثمار، والقوات المُسلحة، والشرطة، والاتصالات، والنقل والمواصلات".

ثالثاً: يتحتم على الدولة أن تضع مهندسي مصر فيما يستحقونه من مكانة، وأن يكون لهم التقدير الذي يليق بهم خصوصاً أولئك العاملين بالحكومة، تراعي الدولة ذلك باهتمام كما يحدث مع باقي المهن الأخرى.

رابعاً: أتطلع إلى مزيد من العناية الاجتماعية بالمهندس المصري وأفراد أسرته، وأنتظر من النقابة ـ ذات السبق دائما ـ مشروعاً متكاملاً في هذا الخصوص، وكما أولت الدولة عناية بالعمل النقابي عموماً، فإنها ستدعم كل مشروع يزيد من قدرات المهندس المصري.

خامساً: زاد عدد المعاهد الهندسية من ثلاثة معاهد إلى أربعة وأربعين معهداً خاصاً، تحتاج جميعها إلي الارتقاء وحسن التجهيز، من هيئات تدريس إلى معامل إلى مكتبات لكي يكون خريجوها على المستوى الذي يبنى مصر، ويشرفها في الداخل والخارج إن تحقيق الريادة لمصر، لا ينفصل عن الريادة التي حققها المهندس المصري في الداخل والخارج، وهذا هو الرصيد الحقيقي لمصر، وأنا حريص أشد الحرص على دعم دور ورسالة المهندس المصري، وتطويـره ليكـون لائقـاً بمهندسي مصر، وبحضارة مصر.

سادساً: إنني أدعو مهندسي مصر من خلال نقابتهم إلي التركيز في المرحلة الحالية على عدد من القضايا ذات الأهمية، وعلى رأسها "قضية الطاقة بمُختلف أنواعها، ومشروعات التنمية والعشوائيات، والنقل وخصوصاً النقل النهري، والطرق". كما أدعو النقابة إلي المُشاركة في إعادة ورسم الهيكلة الجديدة للدولة بما يتناسب مع تطور العصر.

الزميلات والزملاء

يأتي هذا الحفل ونحن لا نزال نسير على درب استكمال بناء مؤسساتنا الديمقراطية، وإنني أدعوكم إلى النظر إلى المشهد بكليته وشموله، حتى لا نحرف النظر عن مسار البناء، ولكي نتمكن من مواجهة العقبات وندير خلافنا الطبيعي في الرأي، اعتماداً على مكتسبات الثورة المصرية في الاحتكام إلى الإرادة الشعبية، واحترام سيادة القانون. وبعيداً عن أي تفصيلات دعوني أؤكد لكم أنه بمقدار تضافرنا جميعاً وإعلائنا للمصلحة العليا للوطن.

وبمقدار ترفعنا عن المكاسب الضيقة سنتجاوز حتما هذه المرحلة الانتقالية، التي مرت بها جميع الأمم العظيمة في مرحلة ما بعد الثورات وتمر بها مصر الآن.

وبمقدار تحلينا جميعاً بالحكمة والبعد عن الإثارة والتهييج، والبحث عما يجمع ولا يفــرق. وبقدر تحمل مؤسسات الدولة لمسؤولياتها وفق دستور يفصل بين السلطات، وسلطات ثلاث تمارس دورها باستقلالية ولا تتداخل لتربك المشهد، وإنما تتكامل لتكمل البناء المؤسسي الديمقراطي، سيكون نجاحنا وتقدمنا لآفاق المستقبل الذي لا أشك في أنه سيحمل لنا كل الخير، ثقة في الله سبحانه وتعالى القائل: "إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً"، ثم ثقة في هذا الشعب العظيم الذي أراد أن يتقدم و لن يوقف تقدمه إنسان بإذن الله.

مرة أخرى أهنئكم بهذا اليوم، وأهنــئ نفسي، وأهنــئ مصر التي تشارككم هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا جميعاً. وفقكم اللـه وسدد على طريق البناء خطاكم.

والسلام عليكم ورحمة اللـه وبركاته،،،



[1] الهيئة العامة للاستعلامات