إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



تقرير فريق الخبراء المنشأ عملا بقرار مجلس الأمن 182 (1963)

S/5658،20 نيسان/ أبريل 1964

  1. نرى أن خطورة الحالة المتعاظمة تزيد من الحاجة إلى التوجيه إلى طريق يُفضي إلى مسار بديل يمكن أن يكون مهربا من العواقب الشديدة الضرر، ومن ثم نقدم توصياتنا الآن وقد ملأنا شعور بالإلحاح الشديد.

ونود أن نعلن، على الفور، مبدأ أساسيا فائق الأهمية.

          إن مستقبل جنوب أفريقيا ينبغي أن يحدده شعب جنوب أفريقيا -شعب جنوب أفريقيا كله- عن طريق النقاش الحر. ولا يمكن أن تحدث تسوية أو يتحقق السلم بينما غالبية الشعب العظمى تحرم من حريتها الأساسية المتمثلة في الاشتراك في اتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبل بلدها. ونحن مقتنعون بأن استمرار الوضع الراهن، بما فيه إنكار التمثيل العادل، لابد وأن يؤدى إلى صراع عنيف ومأساة لشعب جنوب أفريقيا كله. ولذلك، نود أن نؤكد المبدأ الأساسى الأول، القائل بضرورة إشراك شعب جنوب أفريقيا كله في التشاور وتمكينه بالتالي من تقرير مصير بلده على الصعيد الوطني.

          ولكي يتحقق هذه المبدأ الأساسي، نرى ضرورة توجيه الجهود جميعها نحو إنشاء مؤتمر وطني يحقق التمثيل النيابي الكامل للسكان بأسرهم. وينبغي لمثل هذا المؤتمر الوطني النيابي أن يدرس آراء جميع المشتركين فيه ومقترحاتهم وأن يرسم مسارا جديدا للمستقبل.

          ونعتقد أنه ينبغي لاستنكار الرأي العام العالمي المتعاظم والإصرار المتنامي على اتخاذ اجراءات إيجابية أن يوجها الآن إلى تحقيق هذا الغرض. إن درب التشاور الديمقراطى الحر والتعاون والتصالح هو وحده الذي يمكن أن يوصلنا إلى طريق التسوية السلمية البناءة. وبذلك وحده، يمكن إنقاذ شعب جنوب أفريقيا كله من الكارثة وإنقاذ العالم من صراع تترتب عليه عواقب غير محسوبة.

…  

ثانيا ـ العوامل الرئيسية في الحالة الراهنة

  1. نود أن نسترعي الاهتمام بوجه خاص إلى عاملين رئيسيين تنطوي عليهما الحالة الراهنة. أحدهما هو الاستنكار الدولي المتعاظم للسياسية العنصرية التي تتبعها حكومة جنوب أفريقيا وتزايد تصميم الدول الأفريقية، بوجه خاص، على اتخاذ إجراءات إيجابية ضد التمييز العنصري والسيطرة اللذين تمارسهما جنوب أفريقيا. وثانيهما، هو إصرار حكومة جنوب أفريقيا واستعدادها العسكرى المتزايدين، المقترنين بالإجراءات والتشريعات القمعية التي لا تدع أمام الكثير من أبناء جنوب أفريقيا سوى الاعتقاد بأنه لم يعد لديهم إلا العنف سبيلا للمقاومة. وهاتان القوتان تسيران على طريق التصادم. وهما تقتربان بسرعة متزايدة من التصادم. ومع اقتراب الانفجار بدرجة أكبر، يزداد إلحاح الحاجة إلى بذل المساعى لمنع حدوثه.

دال - الأخطار الدولية

  1. إن قوى الصراع هذه لا يمكن إغفالها أو التهوين من شأنها. وما لم ندرك تماما مدى الخطر لن يكون هناك أى أمل في اتخاذ إجراء جذري بما فيه الكفاية للحيلولة دونه. إن العنف والعنف المضاد في جنوب أفريقيا ليسا إلا المظهرين المحليين لخطر أعم بكثير. ويتوقع للصدام المقبل أن يشمل أفريقيا بأسرها، بل وسائر العالم. ولا يمكن لأية أمة أفريقية أن تظل بمعزل عن ذلك. وعلاوة على ذلك، لا بد لأي صراع عنصري يبدأ في جنوب أفريقيا أن يؤثر على العلاقات العنصرية في أماكن أخرى من العالم، وأن يخلق أيضا، بعواقبه الدولية، خطرا عالميا من الدرجة الأولى.
  2. وقد حذر الأمين العام، وهو يخاطب الجمعية الوطنية الجزائرية في 3 شباط/فبراير 1964، قائلا:

"إن هناك احتمالا واضحا، هو أن يتطور أى صراع عنصري، مالم نتمكن من كبحه ثم القضاء عليه في نهاية الأمر، ليصبح وحشا كاسرا تبدو إلى جواره صراعات الماضي والحاضر الدينية أو العقائدية مجرد مشاجرات عائلية صغيرة. ومثل هذا الصراع سيلتهم إمكانيات تحقيق الخير للجميع التي أوجدتها البشرية حتى الآن وسينحط بالبشر إلى أدنى مستويات التعصب والبغضاء وأشدها توحشا. ولأجل أطفالنا جميعا، مهما كان عرقهم أو لونهم، لا ينبغي السماح بحدوث ذلك".

ثالثا ـ الحاجة إلى مؤتمر وطني

  1. على ضوء الأزمة المتصاعدة والصراع الذي يتهددنا بالخطر، نود أن ندعو إلى التصالح والتشاور، وأن نحث على عقد مؤتمر وطني في وقت مبكر بوصفه ضرورة لازمة.
  1. ومفهوم المؤتمر الوطني ليس بدعة في جنوب أفريقيا. إذ إن "الاتحاد" نفسه قد نشأ في مؤتمري عام 1908 وعام 1909 الوطنيين (اللذين لم يحضرهما سوى بيض جنوب أفريقيا، بينما استبعد منه كل من عداهم). ولكن الدستور الذي نشأ عن هذين المؤتمرين لم يحظ بأى قبول من غالبية السكان العظمى، ولفترة طويلة في الماضي تمثل أحد الأهداف الرئيسية للحركة الوطنية في صفوف غالبية أبناء جنوب أفريقيا في عقد مؤتمر وطني ذي صفه نيابية كاملة ليكون مدخلا إلى الديمقراطية. وطالب أبناء جنوب أفريقيا المحرومين من حق الاقتراع، طوال سنوات الإخضاع الطويلة، بحقهم في أن يستشاروا. ولقد شنوا الحملات، لا من أجل الثورة بل من أجل التمثيل. وهكذا كان اعتدال الحركة.
  2. وحتى في كانون الأول/ ديسمبر 1960، بعد أن أدت مذبحتا شاربفيل ولانغا وسجن آلاف الأشخاص إلى ازدياد التوتر والمرارة ازديادا شديدا، دعا ستة وثلاثون زعيما أفريقيا بارزا اجتمعوا في جوهانسبرغ إلى إقامة ديمقراطية غير عنصرية من خلال مؤتمر وطني يمثل شعب جنوب أفريقيا كله.  
  3. وأعقب هذا الاجتماع مؤتمر أفريقى عمومى عقد في بيترماريتسبرغ يومي 25، 26 آذار/ مارس 1961 وحضره 1400 مندوب، من بينهم كثيرون من المناطق الريفية. وبينما استنكر هذا المؤتمر إنشاء جمهورية بقرار من الناخبين البيض وحدهم، طالب، بالإجماع، "بالدعوة، في موعد لا يتجاوز31 أيار/ مايو1961، إلى عقد مؤتمر وطني مؤلف من نواب منتخبين يمثلون جميع البالغين، رجالا ونساء، على قدم المساواة - بصرف النظر عن العرق أو اللون أو العقيدة أو أي قيود أخرى".
  4. وهذه الدعوى إلى عقد مؤتمر وطني لم يؤيدها مؤتمر الهنود ومؤتمر الملونين وحدهما، بل أيدها أيضا قادة الحزب التقدمى وحزب الأحرار، ومنظمات أخرى وعدد من الأشخاص البارزين في الأوساط الأكاديمية والدينية وأوساط الحياة العامة
  5. وقوبلت هذه الالتماسات كلها بالرفض. إذ أمعنت الحكومة، وقد تجاهلت جميع محاولات تحقيق التشاور، في سياساتها، وبذلك تُركت الأغلبية غير البيضاء دون وسيلة دستورية تستعين بها على التماس الحرية والعدالة.
  6. ولعل الدرس المستخلص هو أنه برفض التشاور والتمثيل رفضا باتا لم يعد هناك أمل في المستقبل. ولكننا نعتقد أن الأخطار من الجسامة بحيث يمكن أن تكون هناك رغم ذلك رغبة، وبالتالي قد لا يزال هناك وقت، لتفادى صدام دموى هائل. ونحن مقتنعون بأن الطريق لتحقيق ذلك، بل ونؤمن أن الطريق الوحيد لتحقيق ذلك، هو التحول إلى وسائل التشاور التي ناضلت من أجلها حركة التحرير نضالا صبورا مثابرا كل هذا الوقت.
  7. ومسألة شكل المؤتمر الوطني وتكوينه متروكة للنقاش: فهي مسألة ينبغي أن يبت فيها أبناء جنوب أفريقيا. وهناك عمليات وأنماط مختلفة عديدة يمكن تبنيها. ومتى حدد المؤتمر المسار العام الواجب اتباعه وبدأ بداية جديدة على طريق التعاون البناء، أمكن له أن يقرر إنشاء جمعية تأسيسية تكلف بمهمة وضع دستور تفصيلي، مما يُمهد الطريق أمام انتخاب برلمان نيابي. ولأن انتخابات مثل هذه الجمعية التأسيسية قد تكون لازمة، فربما جرت بمساعدة من الأمم المتحدة وتحت إشرافها.
  8. ولكن هذه مسائل ينبغي أن ينظر فيها المؤتمر الوطني ويسويها. أما الخطوة الحيوية الأولى فهى بدء مناقشات بشأن تكوين جدول أعمال للمؤتمر.
  9. وبناء على ذلك، نوصي، توصية محددة، بدعوة حكومة جنوب أفريقيا فورا إلى إرسال ممثليها إلى الأمم المتحدة لإجراء مناقشات لتحقيق هذه الغاية. ونقترح أن تعين الأمم المتحدة، من جانبها، هيئة خاصة لتولي أمر هذه المناقشات، وأن تشرك هذه الهيئة الخاصة في المشاورات ممثلي المعارضة وزعماء الأغلبية المحرومة من حق الاقتراع لضمان رضى جميع الأطراف المعنية عن تشكيل المؤتمر وجدول أعماله.
  10. ونحن لا نود أن نقترح أحكاما وشروطا مسبقة. إذ ينبغي عدم الإقدام على شئ يخل بالمناقشات، التي نقترحها، أو يؤخرها.
  11. إلا أن هناك شرطا مسبقا سيكون ضروريا إذا ما أريد للمناقشات أن تبدأ وللمؤتمر أن  ينجح. إذ ينبغي للمؤتمر أن يكون ذا صفة نيابية تامة؛ ولا يمكنه أن يكون كذلك ما لم يشترك جميع الزعماء الممثلين للسكان اشتراكا حرا. ولهذا الغرض، يلزم العفو عن جميع خصوم الفصل العنصري، سواء كانوا قيد المحاكمة أو في السجن أو رهن الإجراءات التقييدية أو في المنفي؛ ونحن نضيف نداءنا العاجل هذا إلى النداءين اللذين وجهتهما الجمعية العامة ومجلس الأمن فعلا من أجل إعلان العفو فورا.
  12. ومن المفروض أن يمكن العفو عن السجناء السياسيين المؤتمر الوطني من تحقيق صفته النيابية الكاملة. وهذا أمر عظيم الأهمية. ولكن الأهم من ذلك للمستقبل هو الروح الجديدة التي يمكن أن يهيؤها العفو. إذ يمكن طرح الخوف والمرارة جانبا. كما يمكن أن يمثل العفو بداية جديدة. وسوف يُنبذ العنف كما ستنبذ عقوبة الإعدام نبذا فعليا، وستتولد ثقة جديدة، بحيث سيكون ممكنا في الواقع بلوغ أهداف "حقوق الإنسان والحريات الأساسية". وهكذا، ستتحول الحالة وسيدخل الجميع المؤتمر بروح التصالح والتعاون الحق.

خامسا ـ دور الأمم المتحدة

  1. وفقا لقرار مجلس الأمن المؤرخ 4 كانون الأول/ ديسمبر1963، الذي يحدد مرجعيتنا، يلزمنا أن نبحث ماهية الدور الذي يمكن أن تؤديه الأمم المتحدة "في تسوية الحالة الراهنة في جنوب أفريقيا بإعمال حقوق الإنسان والحريات الأساسية إعمالا كاملا سلميا منظما".
  2. إننا نقصر تعليقاتنا على المراحل المبكرة من التحول "السلمي المنظم"؛ ونحن على ثقة من أنه متى بدأ التحول وأخذ بنظام حكم ذي صفة نيابية كاملة أمكن بسهولة إتاحة طائفة كبيرة من المساعدات الدولية بناء على طلب حكومة جنوب أفريقيا.
  3. وفي المهمة الفورية المتعلقة ببدء التحول، كيف يتسنى للأمم المتحدة أن تمد يد المساعدة لبذل جهد جديد قائم على التعاون البناء؟ وكيف يتسنى لإجراءات الأمم المتحدة، بصورة أكثر تحديدا، أن تيسر تحقيق البداية الجديدة عن طريق مؤتمر وطني؟
  4. لقد اقترحنا فعلا أن تستهل الأمم المتحدة العمل بدعوة حكومة جنوب أفريقيا إلى إيفاد ممثلين إلى الأمم المتحدة لإجراء مناقشات بشأن تشكيل مؤتمر وطني ووضع جدول أعمال مثل هذا المؤتمر، وأن تعين هيئة خاصة تتولى أمر هذه المناقشات. وخلال هذه المناقشات، يمكن للمساعي الحميدة التي تبذلها الأمم المتحدة أن تعاون بطرق شتى؛ وفي المؤتمر نفسه، يمكن للأمم المتحدة، إذا ما طلب منها، أن تقدم مشورة الخبراء بشأن المشاكل الدستورية والاقتصادية والاجتماعية.
  5. وفي مرحلة لاحقة، يمكن أن تساعد الأمم المتحدة على إعادة تنظيم الجهاز الإداري، ويمكنها على وجه التحديد أن تساعد على تلبية أى طلب بشأن تنظيم الانتخابات والإشراف عليها. وإذا دعت الضرورة، يمكن أن تسهم الأمم المتحدة، حسبما اقترح وزير خارجية الدانمرك في خطابه أمام الجمعية العامة في 25 أيلول/ سبتمبر 1963، "في صون القانون والنظام وحماية الأرواح والحقوق المدنية" وبذلك تهدئ من حدة المخاوف وتضمن الثقة.
  6. وثمة مهمة هامة يمكن أن تتولى الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة أمرها على الفور. وهى مهمة تدخل في نطاق التعليم والتدريب، الذي هو نطاق حيوي. فهناك حاجة ملحة إلى تأهيل أعداد كبيرة جدا من غير البيض لشغل المهن ووظائف الخدمة المدنية والقيام بالتدريس. وستزداد هذه الحاجة ازديادا شديدا على وجه السرعة. ولذلك، نوصى بإعداد برنامج تعليمي وتدريبي تابع للأمم المتحدة معني بالجنوب الأفريقي، وذلك بالتشاور مع وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، ويكون الغرض الأول منه التخطيط لبرامج المنح التعليمية والتدريبية ثم الإشراف على هذه البرامج وإدارتها. ويمكن أن تقبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) مسؤولية المشروع بالتعاون مع وكالات متخصصة أخرى (لا سيما منظمة العمل الدولية)، أو قد يفضل إنشاء جهاز جديد مستقل لإدارة البرنامج، بما في ذلك الرقابة على الأموال المقدمة من الدول المساهمة وعلى المعاملات التي تجري مع الطلاب والكليات ومراكز التدريب المشتركة في البرنامج. ويمكن أن تستمد الخبرات المفيدة في مجال تخطيط مثل هذه المساعدة لطلاب جنوب أفريقيا من البرامج التدريبية التي استهلتها الحكومات الاسكندنافية.
  7. ومتى وضعت الخطط الأولية، نقترح أن تدعو الأمم المتحدة جميع الدول الأعضاء إلى تقديم مساهمات مالية إلى هذا البرنامج لأجل توفير التدريب في الخارج لعدد ضخم من أبناء جنوب أفريقيا ليكونوا محامين، ومهندسين، ومهندسين زراعيين، واختصاصيين في مجال الإدارة العامة، ومعلمين في جميع المراحل، وعمالا مهرة، فضلا عن توفير التدريب في ميادين من قبيل التثقيف العمالي وإدارة الأعمال والإدارة الصناعية. ويمكن تنفيذ قدر كبير من البرنامج التعليمي والتدريبي في الدول الأفريقية الأخرى. وسيكون الغرض تمكين أكبر عدد ممكن من أبناء جنوب أفريقيا من القيام بدور تام، وبأسرع ما يمكن، في النهوض ببلدهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
  8. وهذه مهمة يمكن أن تسهم فيها الدول الأعضاء وأن تشترك فيها الوكالات المتخصصة. وهى تتيح أيضا فرصة أكبر لاضطلاع المنظمات الدولية وغيرها من المؤسسات، سواء كانت مرتبطة بالأمم المتحدة أم غير مرتبطة بها، بإجراءات متضافرة. ويمكن لكل من هذه الكيانات القيام، في مجاله، بدور في مساعدة أبناء جنوب أفريقيا الذين حرموا من حقوقهم وأنكرت عليهم فرص التعليم والتدريب الفنى والمهني والعلمي. وهكذا، يمكن للوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، وللجامعات، والكليات القائمة بالتدريب، والمنظمات العامة والخاصة في مختلف أرجاء العالم، أن توحد جهودها للمساعدة على التأثير على حكومة جنوب أفريقيا بواسطة العمل الإيجابي. إن أي جهد دولي يتسم بهذا الطابع البناء سيبين في الوقت ذاته انشغال بال المجتمع الدولي، كما سيظهر الرغبة العامة في تقديم مساعدة عملية فورية، بل ومنح أمل جديد إلى أناس يريدون أن يروا دليلا فوريا على وجود بداية جديدة.
  9. وهذا سيكون وسيلة عملية للتعبير عن الرأي العالمي، ونحن نؤكد مرة أخرى اقتناعنا بأن الضغط الدولي المنسق هو وحده الذي يمكن أن يحقق هذه البداية الجديدة. وكل من يدرك المعاناة التي تسببها الحالة الراهنة والأخطار التي تهدد بها الآن، سواء كان بلدا أو منظمة أو فردا، أمامه فرصة للاشتراك في ذلك الضغط وعليه التزام بالاشتراك فيه. ويمكن للأمم أن تزيد من الضغط الدبلوماسي بينما يمكن للكنائس أن تفعل المزيد للتعريف بآرائها وتحويلها إلى شئ مدرك. كما يمكن للمنظمات والجماعات بشتى أنواعها، الدولية منها والوطنية، أن تمارس نفوذها في حلقة الرأي العالمي التي تتكامل الآن.
  10. ونحن نشدد على الأهمية الخاصة التي يتسم بها الرأي العالمي. فالكثير من البلدان، لا سيما البلدان الأفريقية، يتعاطف مع قضية شعب جنوب أفريقيا المضطهد تعاطفا مباشرا، إلا أن هناك قلقا دوليا على نطاق أوسع. فلقد استثير ضمير العالم، وهناك اعتراف في صفوف الرأي العالمي بصفة عامة بأن مشكلة جنوب أفريقيا فريدة من نوعها وتتطلب معاملة استثنائية. وهناك أزمة ضمير دولية؛ وهي تنشأ من وجود حكومة في جنوب أفريقيا تجاهر بأنها تتحدث باسم المسيحية و"العنصر الأوروبي" وهي الحكومة الوحيدة في العالم التي اختارت ألا تكون سياستها الهادية هي السعي إلى بلوغ  العدالة والمساواة وتوفير ضمانات لحقوق الإنسان بل اختارت التصميم على الحفاظ على الامتيازات والدفاع عن التمييز وتوسيع نطاق السيطرة إلى حد تنظيم مجتمع يقوم على مبادئ العبودية. ففي جنوب أفريقيا يؤخذ صراحة بإنكار حقوق الإنسان والحريات الأساسية بوصفه سياسة غير خافية. وهناك كثيرون في الكنائس المسيحية، ومن بينهم أناس يمكنهم الإدعاء بأنهم يتكلمون باسم الحضارة الأوروبية ويمكن للمرء أن يتوقع استشعارهم لمسؤولية استثنائية بصدد التطورات الجارية في جنوب أفريقيا. وقد يكون من الممكن ممارسة نفوذهم ممارسة أفعل وبطرق عديدة وعبر قنوات عديدة.
  11. والأمر ينطوي على مصلحة دولية كبيرة أخرى. فهناك مصلحة التجارة، والصناعة، والصيرفة، التي تعمل في غالب الأحيان من خلال مشاريع اقتصادية كبرى وتنظم على أساس دولي، وتستمد أرباحا كثيرة ومنافع خاصة من الاستثمارات الموظفة في جنوب أفريقيا ومن الاتجار معها. وهى أيضا مشاريع ينبغي لها أن تشعر بمسؤولية استثنائية، لأن أرباحها تستمد إلى حد كبير من رخص الأيدى العاملة الذي تحافظ عليه سياسات الفصل العنصري. وهذه المصالح الاقتصادية والبيوتات المالية، ومعها الغرف التجارية ومشاريع ورابطات الاتجار بالمصنوعات، يمكنها أن تمارس نفوذا فعليا على حكومة جنوب أفريقيا، وأن تسهم على نحو خاص، إسهاما إيجابيا من خلال المطالبة بتطبيق "سياسة توظيف منصفة".
  12. كما يمكن التأثير على الحالة بالعمل الطوعي الذي تقوم به النقابات وغيرها من الجماعات التعاونية في بلدان عديدة. وفي بعض الأحيان، جرى الإعراب عن احتجاجات هذه الجماعات في شكل مقاطعة لسلع جنوب أفريقيا، وعلى الرغم من محدودية النتائج الاقتصادية المباشرة لمثل هذه المقاطعات، فإن لها أثرا نفسيا قيما.
  13. وبينما نشدد على الأهمية الكبرى المتزايدة التي يتسم بها الرأي الدولي، وبينما نسلم كذلك بضرورة مداومة الضغط الدبلوماسي وزيادته، نسلم أيضا بأنه في مجال الضغط لتحقيق بداية جديدة في جنوب أفريقيا بفضل التشاور والتعاون ينبغي للأمم المتحدة أن تقوم بدور حيوي مركزي يتمثل في أخذ زمام المبادرة والقيادة.
  14. ولذلك، درسنا ما قيل وكتب في محاضر مناقشات الأمم المتحدة وفي مواضع أخرى بشأن مختلف أشكال الضغط الاستراتيجى والاقتصادي.

  1. ونحن لا نقترح في هذا التقرير إجراء مناقشة بشأن الجوانب الاقتصادية والاستراتيجية التي تنطوي عليها الجزاءات، بل نود أن نسجل استنتاجات عامة معينة تولدت عن دراستنا لهذه  المشكلة.
  2. فيما يتعلق بالحجة القائلة بعدم فرض جزاءات لأنها ستؤذى سكان جنوب أفريقيا غير البيض، ينبغي ملاحظة أن الزعماء الأفارقة قد رفضوا أية فكرة من هذا القبيل رفضا شديدا، وكما قال أوليفر تامبو (من المؤتمر الوطني الأفريقي) عندما كان يلقى بيانه في الأمم المتحدة يوم 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1963: "إن هذا نوعا من الشفقة والأبوة يؤذينا، حتى أكثر مما قد تؤذينا الجزاءات".
  3. وصحيح أن الجزاءات ستسبب مشقة لجميع قطاعات السكان، لا سيما إذا أبقيت لفترة طويلة، ولكن استخدام مؤيدى الفصل العنصري لهذه الحجة على سبيل المعارضة للجزاءات سوف يعرضهم للاتهام بالنفاق.
  4. ثانيا، من الواضح أنه إذا أريد للجزاءات أن تكون فعالة وجب تطبيقها بالتعاون مع المتاجرين الرئيسيين مع جنوب أفريقيا، لا سيما المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
  5. ثالثا، نظرا لاعتماد جنوب أفريقيا اعتمادا خاصا على الواردات من النفط والمطاط فمن المناسب فرض حظر على تصدير هذين المنتجين إلى جنوب أفريقيا، على أساس أن الحظر على هذه الإمدادات يمكن تقريره وتنفيذه بشكل أسهل وأسرع من حظر عام يفرض على جميع واردات جنوب أفريقيا. فتطبيق الجزاءات الاقتصادية، حتى وإن كانت مقصورة على النفط (وربما على المطاط أيضا)، يمكن أن يكون تحذيرا كافيا ورادعا كافيا.
  6. ومن ناحية أخرى، نسلم بقوة الحجة القائلة بأن من الأفضل توجيه أية خطة منسقة بشأن الجزاءات بحيث تشمل جميع السلع الأساسية لا سلعة واحدة أو سلعتين؛ وأن التطبيق الجزئى والتدريجى للجزاءات قد يأتى بعكس المراد ويؤدى إلى اشتداد عزم جنوب أفريقيا على مقاومة الضغط الآتي من العالم الخارجي، بينما الهدف، بالطبع، هو تحقيق تغيير في سياسة جنوب أفريقيا.
  7. رابعا، إن المحكات التي ستستخدم عند البت في هذه المسائل هي محكات سرعة البت واكتمال التعاون وفعالية التنفيذ، لأن الغرض الأسمى هو تحقيق تحول سريع بأدنى قدر من المعاناة والخلخلة.
  8. أما وقد وضعنا هذه الاعتبارات في الاعتبار، فإننا نوصي باستغلال الوقت الحالي، وقبل اقتضاء رد نهائي من حكومة جنوب أفريقيا على الاقتراح الداعي إلى عقد مؤتمر وطني، لتمكين الخبراء من دراسة الجوانب الاقتصادية الاستراتيجية التي تنطوي عليها الجزاءات. ويبدو لنا أن هناك حاجة ملحة لأن يقوم الخبراء في الميدانين الاقتصادي والاستراتيجي، لا سيما في مجالي التجارة الدولية والنقل الدولي، بدراسة عملية وفينة لـ "الجوانب الإمدادية" التي تنطوي عليها الجزاءات.
  9. ومن الواضح أن من الأهمية بمكان ألا يغيب عن الأذهان أبدا الغرض من الجزاءات. فهذا الغرض لا يتمثل في شل اقتصاد جنوب أفريقيا، بل إنقاذه. فإذا كان قرار فرض الجزاءات عالميا ظل التهديد الذي تمثله الجزاءات قائما عل الدوام. وستقل فترة فرضها مما يقلل من المشقة، بل الواقع أنه لو أصبح التهديد عالميا كاملا لبات محتملا أن يصبح فرض الجزاءات الفعلى غير ضرورى في الواقع.
  10. وقد خلصنا إلى أن سلاح الجزاءات لا يمكن أن يكون سريعا فعالا إلا إذا استخدمته الأمم المتحدة، في شكل قرار إجماعي صادر عن مجلس الأمن. ولن يتسنى تحقيق الغرض من التهديد بالجزاءات إلا إذا كان الإجراء متفقا عليه ومكتملا. وبهذه الوسيلة الجذرية وحدها يمكن تفادي الضرر المادي وخلخلة التجارة وفرض المشقة على الكثير من الأبرياء في جنوب أفريقيا وفي أماكن أخرى أيضا.

سادسا ـ توصيات بشأن إجراءات يتخذها مجلس الأمن

  1. لقد خلصنا إلى ضرورة توجيه جميع الجهود على وجه السرعة إلى تشكيل مؤتمر وطني ذي صفة نيابية كاملة يمثل شعب جنوب أفريقيا كله؛ ولذلك، نحث على تأييد مجلس الأمن، كخطوة أولى، لتوصيتنا الداعية إلى عقد مثل هذا المؤتمر.
  2. ونقترح أن يقدم التأييد، في الوقت نفسه، لتوصيتنا المتعلقة بإنشاء برنامج تعليمي تدريبي تابع  للأمم المتحدة معني بالجنوب الأفريقي.
  3. كذلك، نقترح إحالة هذه القرارات إلى حكومة جنوب أفريقيا، مشفوعة بدعوى لإرسال ممثليها للاشتراك في مناقشات ترعاها الأمم المتحدة بشأن تشكيل المؤتمر الوطني.
  4. ونحن نشدد على الحاجة إلى توجيه نداء مجدد عاجل للعفو فورا عن خصوم الفصل العنصري.
  5. ونوصي بأن يحدد مجلس الأمن موعدا مبكرا ليكون نهاية لمهلة يلزم أن ترد فيها حكومة جنوب أفريقيا على تلك الدعوة.
  6. وعلاوة على ذلك، نوصى بأن يدعو مجلس الأمن جميع الأطراف المعنية إلى إرسال آرائها بشأن جدول أعمال المؤتمر قبل التاريخ المحدد لرد حكومة جنوب أفريقيا.
  7. وينبغي توجيه مثل هذه الدعوى إلى كل جماعة نيابية، بما فيها الأحزاب السياسية والمحظور حاليا من المؤتمرات بموجب قانون المنظمات غير المشروعة، ومنظمات جنوب أفريقيا الأخرى التي من قبيل الكنائس والجامعات والنقابات العمالية ورابطات أرباب العمل والغرف التجارية ورابطات المحامين ومعاهد العلاقات العنصرية والصحافة وسائر الجماعات النيابية.
  8. نوصى بأن يستغل مجلس الأمن الفترة الفاصلة المتعين قبل نهايتها إرسال رد حكومة جنوب أفريقيا في إجراء دراسة عاجلة "للجوانب الإمدادية الجزاءات"، التي أوصينا بها في الفقرة 110 أعلاه.
  9. وقد أعرب مجلس الأمن، في كانون الأول/ ديسمبر1963، عن إيمانه الشديد بأن "الحالة في جنوب أفريقيا تخل بالسلم والأمن الدوليين إخلالا شديدا". وازداد تدهور هذه الحالة بفعل الإجراءات التي اتخذتها حكومة جنوب أفريقيا. وإذا لم يأت رد مرض من حكومة جنوب أفريقيا بحلول الموعد المحدد، فإن مجلس الأمن لن تتبقى له - في رأينا - من وسائل سلمية فعالة للمساعدة على فض تلك الحالة سوى تطبيق الجزاءات الاقتصادية. وبناء عليه، نوصي بأن يقرر مجلس الأمن عندئذ تطبيق الجزاءات الاقتصادية على ضوء نتيجة البحث الموصي به في الفقرتين 110، 120 أعلاه.

سابعا ـ استنتاج

  1. قد يظن البعض أنه لم يعد هناك أي أمل في تفادى التصادم الذي يوشك الآن على الحدوث، وأن الإعلانات والإجراءات الصادرة مؤخرا عن حكومة جنوب أفريقيا تستبعد أية إمكانية للتفاوض. ومن المؤكد أن الوقت قصير وأن الأخطار تقترب وتتعاظم بسرعة.
  2. وعلى الرغم من ذلك، هناك بعض دواعي أمل في أن الأمور لم تصل بعد إلى نقطة اللاعودة وأن من الممكن على الرغم من ذلك حدوث حوار مثمر بين مختلف قطاعات السكان في جنوب أفريقيا.
  3. والعامل الرئيسي بين العوامل المشجعة هو إصرار الأحزاب والمنظمات المناهضة للفصل العنصري على التدابير والأساليب الدستورية التي دعت إليها على مدى سنين عديدة. فلقد أظهر زعماء هذه الأحزاب والمنظمات قدرا فائقا من المسؤولية السياسية وشددوا دوما على ضرورة تمتع جميع أبناء جنوب أفريقيا، مهما كان أصلهم العنصري، بحقوق متساوية.
  4. ولقد أدلى الزعيم لوتولي، في محاضرة نوبل التي ألقاها في كانون الأول/ ديسمبر 1961، بتصريحه الشهير، الذي قال فيه:

"إن الوطنيين الحقيقيين من أبناء جنوب أفريقيا، الذين أتكلم باسمهم لن يرضيهم شئ أقل من الحقوق الديمقراطية الكاملة. وفي الحكم، لن نرضى بأقل من الاقتراع الفردي المباشر للبالغين وحقهم في الترشيح والانتخاب لجميع أجهزة الحكم. وفي المسائل الاقتصادية، لن نرضى بأقل من تكافؤ الفرص في كل مجال، والتمتع بكل الإرث الذي يشكل موارد البلد المملوكة حتى الآن على أساس عنصري "للبيض فقط". وفي مجال الثقافة، لن نرضى بأقل من فتح جميع أبواب التعلم في مؤسسات لا فصل فيها، استنادا إلى معيار واحد، هو الكفاءة. وفي المجال الاجتماعي، لن نرضى بأقل من إلغاء جميع الحواجز العنصرية. ونحن لا نطالب بهذه الأشياء للمنحدرين من أصل أفريقي وحدهم. بل نطالب بها لجميع أبناء جنوب أفريقيا، البيض منهم والسود".

  1. وفي المؤتمر الذي أنشئ فيه "مؤتمر الوحدويين الأفريقيين" في عام 1959، قال روبرت سوبوكوي إن كل من يدين بولائه لأفريقيا وحدها ينبغي اعتباره أفريقيا وإن هناك جنسا واحدا هو الجنس البشرى.
  1. وعندما مثل نيلسون مانديلا (من المؤتمر الوطني الأفريقي) أمام المحكمة في عام 1962 قبل الحكم عليه بالسجن خمس سنوات، قال للمحكمة:

"إنني لست عنصريا، وإنني أبغض العنصرية لأنني أعتبرها شيئا همجيا، سواء صدرت عن شخص أسود أو شخص أبيض".

  1. إن النضال في جنوب أفريقيا ليس نضالا بين جنسين بهدف السيطرة ؛ بل هو نضال بين دعاة السيطرة العنصرية ودعاة المساواة العنصرية.
  2. إننا نعتقد أنه إذا رسم مسار جديد الآن فسيظل ممكنا تصور جميع أبناء جنوب أفريقيا وهم ينعمون بالعدالة السياسية والحرية في ظل دستور يضمن حقوق الإنسان ويوفر الشروط اللازمة لقيام نظام حكم ديمقراطي. وستؤدي إزالة القيود المفروضة على التوظيف والسكنى والتنقل إلى إتاحة إمكانيات توفر ازدهارا صناعيا وزراعيا أكبر بكثير. ويمكن أن يحقق اقتصاد جنوب أفريقيا قفزة إلى الأمام، إذا ما أزيلت حواجز التمييز. وسيؤدي تخفيض الإنفاق على التدابير العسكرية والقمعية إلى تحرير مبالغ ضخمة تسخر لأغراض التنمية والرفاه. وإذا أتيحت فرص تعليمية متكافئة فسيتولد مخزون جديد هائل من المقدرة والمهارة البشريتين يسهمان في التقدم السلمي المثمر. وستعم الفائدة أبناء جنوب أفريقيا جميعا عندما ترفع عن كواهلهم أعباء القمع والتمييز والعزلة.
  3. ولا يساورنا الشك في أن قضية التحرر سيكتب لها النصر في جنوب أفريقيا. إذ لا يمكن إرغام غالبية السكان العظمى على التقهقر إلى معازل مكتظة بسكانها فعلا تشكل أقل من 13 في المائة من مساحة البلد. ولا يمكن إنكار حق الإنسان، أي حق كل فرد، في العيش والعمل والتنقل بحرية في بلده. كما لا يمكن أن يكتب البقاء لنظام سياسي اقتصادي اجتماعي أقيم على سيطرة جنس واحد على جنس آخر بالقوة.
  1. والأمر المطروح للبحث الآن ليس النتيجة النهائية، بل مسألة ما إذا كان من المحتم على شعب جنوب أفريقيا أن يمر، في طريقه إلى تلك النتيجة، بمحنة طويلة قوامها الدم والبغضاء. فإذا كان الأمر كذلك، فلا بد من إشراك أفريقيا كلها والعالم بأسره.
  2. إننا نعتقد أن درب الرشد والعدل الذي نحبذه - وهو مسار يمكن أن يتقبله الجميع فورا بصورة مشرفة - يمثل الطريق الوحيد، بل الفرصة الأخيرة، لتجنب مثل هذه الفاجعة الهائلة.

 

ألفا ميردال، الرئيس
إدوارد أسافو - أدجاي
هيو فوت
داي ولد سيدي بابا