إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



البيان الذي أدلى به الأمين العام بطرس بطرس غالي في اجتماع عقدته
اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري احتفالا باليوم الدولي للتضامن
مع السجناء السياسيين في جنوب أفريقيا

نشرة الأمم المتحدة الصحفية SG/SM/4832- GA/AP/2059، 12 تشرين الأول/ أكتوبر 1992

          اليوم نتذكر مواطني جنوب أفريقيا الذين عانوا، أو هم يعانون، من السجن بسبب معتقداتهم السياسية. إن كفاحهم لم يذهب سدى، فأيديولوجية الفصل العنصري قد هزمت، وتم الاعتراف بشرورها.

          إن حكومة جنوب أفريقيا اليوم تقر بأن الفصل العنصري قد باء بالخزي وأنه غير قابل للإدامة. وقد قررت سلطات جنوب أفريقيا أن تطلق سراح الذين لا يزالون في السجن لأسباب سياسية.

          إن هذا القرار محل ترحيب.

          إلا أن الكفاح لم ينته بعد. فهياكل الفصل العنصري لم تفكك بعد بأكملها.

          إن أعمال الفصل العنصري الوحشية قد خلفت تركة مرة من العنف والقمع الاقتصادي وانعدام الثقة والآلام.

          إننا نتذكر بامتنان ما لاقاه أولئك الذين ناضلوا ضد الفصل العنصري من معاناة. إنهم مصدر إلهام لنا في تصميمنا على المضي قدما للمساعدة على إقامة جنوب أفريقيا ديمقراطية وغير عنصرية وموحدة، التي تعتبر الهدف الذي يرمي إليه المجتمع الدولي وعملية مؤتمر العمل على إقامة جنوب أفريقيا ديمقراطية.

          إن وضع حد للفصل العنصري بالوسائل السلمية من خلال المفاوضات هو التزام ألقاه على عاتقنا إعلان الأمم المتحدة المتعلق بالفصل العنصري، الذي تم اعتماده بتوافق الآراء عام 1989. وإن الأمم المتحدة تعمل بجد لبلوغ هذا الهدف.

          وقد قام مبعوثي الخاص، فيريندرا دايال، بزيارة جنوب أفريقيا، في الفترة من 16 إلى 26 أيلول/ سبتمبر لإجراء مناقشات متابعة بشأن قرار مجلس الأمن 722 (1992). وقد التقى برئيس الدولة دي كليرك، وكبار مسؤولي حكومة جنوب أفريقيا، ومختلف الأحزاب السياسية، بما في ذلك المؤتمر الوطني الأفريقي لجنوب أفريقيا، وحزب الحرية إنكاثا ومؤتمر الوحدويين الأفريقيين لآزانيا.

          وقد ركزت المناقشات على آخر تقرير قدمته إلى مجلس الأمن بالإضافة إلى التطورات السياسية التي جرت مؤخرا في البلد. وبعد مناقشات ثنائية بين مسؤولي الحكومة والمؤتمر الوطني الأفريقي، اجتمع الرئيس دي كليرك مع السيد مانديلا في 26 أيلول/ سبتمبر.

          وتم الاتفاق على إطلاق سراح جميع السجناء الذين يتصل سجنهم بالمنازعات السياسية الماضية، والذين يمكن أن يساهم إطلاق سراحهم، في تحقيق الوفاق، بحلول 15 تشرين الثاني/ نوفمبر. وإني مدرك بأن إطلاق سراح السجناء السياسيين يجري وفقا لما هو مقرر. وتلك علامة تبعث على الأمل.

          إن الأمم المتحدة تفعل كل ما في وسعها لدفع عملية السلم. ففي أعقاب القرار 772، على سبيل المثال، قمت بإيفاد فريق من المراقبين إلى جنوب أفريقيا. وهناك حاليا في جنوب أفريقيا ثمانية وعشرون من مراقبي الأمم المتحدة، موزعون، بوجه خاص، في المناطق التي يعتبر العنف السياسي فيها على أشده. وسيعملون إلى جانب مراقبين من هيئات حكومية دولية أخرى.

          إني سعيد لأن الأمم المتحدة لم تكتف بإدانة الفصل العنصري، ولكنها تقوم باتخاذ خطوات ملموسة بناءة لمساعدة عملية الانتقال السلمي في جنوب أفريقيا.

          إن ما نبذله من جهود ليس بالطبع إلا تكملة للجهود التي تبذلها مختلف الفئات السياسية في جنوب أفريقيا، فاشتراكها، وحسن النية والشجاعة السياسية هي أمور أساسية للنجاح. وتقع مسؤولية تحقيق اتفاق عادل ودائم عن طريق المفاوضات على عاتق مواطني جنوب أفريقيا أنفسهم.

          ومما يؤسف له، أن اندلاع العنف يتواصل في جنوب أفريقيا. فالفصل العنصري والعنف هما إخوان شقيقان. إن القضاء على الفصل العنصري والقضاء على العنف هما جزء من العملية نفسها. فالفصل العنصري يؤدي إلى إيجاد يأس من نوع خاص. وإن استبدال تركة العنف التي خلفها بروح جديدة من الثقة والتعاون ينبغي أن يكون بمثابة التحدي الرئيسي لنا حاليا.

          إني أعلم أني أتكلم عن جميع أعضاء الأمم المتحدة: إني أحث الذين هم في مراكز القيادة في جنوب أفريقيا على أن يضاعفوا جهودهم لوضع حد للمحنة التي أنتجها الفصل العنصري، وأن يشتركوا في إيجاد مستقبل جديد لجنوب أفريقيا.