إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

 



خطاب الرئيس نيلسون مانديلا، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا
في الدورة التاسعة والأربعين للجمعية العامة

A/49/PV.14، 3 تشرين الأول/ أكتوبر 1994

         لابد أن يكون حتما من المفارقات الكبرى في عصرنا مخاطبة هذه الجمعية العامة، للمرة الأولى في تاريخها الذي امتد تسعة وأربعين عاما، بواسطة رئيس دولة ينتمي لجنوب أفريقيا ويُختار من الغالبية الأفريقية في بلد أفريقي بطبيعته.

         وسترى الأجيال المقبلة أن من الغريب جدا ألا يتمكن وفدنا، إلا في وقت متأخر جدا من القرن العشرين، من شغل مقعده في الجمعية العامة، معترفا به على السواء من شعبنا ودول العالم بوصفه ممثلا شرعيا لشعب بلدنا.

         إن مما يبعث على السرور البالغ أن المنظمة ستحتفل في العام المقبل بالذكرى السنوية والخمسين لإنشائها وقد اختفى نظام الفصل العنصري وأصبح من مخلفات الماضي. لقد تحقق هذا التغير التاريخي، على الأقل، بفضل الجهود الكبيرة التي قامت بها الأمم المتحدة لكفالة قمع جريمة الفصل العنصري بحق البشرية. لقد ووجهت الأمم المتحدة، رغم أنها كانت لا تزال بصدد إنشاء مؤسساتها، بالتحدي عندما تولى السلطة الحزب الذي يدعو إلى هيمنة الفصل العنصري في بلادنا. لقد كان كل ما يناصره ذلك النظام يمثل العكس تماما من كل الأغراض النبيلة التي أنشئت من أجلها المنظمة. وحيث إن الفصل العنصري قلل وقوض من مصداقية الأمم المتحدة كأداة دولية فعالة لإنهاء العنصرية وضمان حقوق الإنسان الأساسية لجميع الشعوب، فإن إنشاء الفصل العنصري وتوطيده مثلا تحديا صفيقا لوجود المنظمة في حد ذاته.

         لقد خرجت الأمم المتحدة إلى الوجود نتيجة للكفاح الجبار ضد النازية والفاشية بما لهما من مذاهب وممارسات خبيثة تتعلق بالتفوق العرقي والإبادة الجماعية للبشر. ولذلك لم يكن بوسعها أن تقف موقف المتفرج في الوقت الذي كانت فيه حكومة تنشئ نظاما مماثلا في جنوب أفريقيا، حكومة كان لديها أيضا من التهور ما يجعلها تدعي بالحق في التمثيل في الأمم المتحدة

         ونعتقد أنه كان من المهم للغاية حقا، بالنسبة للفاعلية العالمية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة واحترامهما، أن ترفض الأمم المتحدة بازدراء ذرائع نظام الفصل العنصري بأن الانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان في جنوب أفريقيا أمر داخلي ليس له أهمية قانونية أو شرعية بالنسبة للهيئة العالمية.

         إننا نقف هنا اليوم لنحيي الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها، بصفة فردية وجماعية على حد سواء، على انضمامها إلى صفوف جماهير شعبنا في كفاح مشترك أفضى إلى انعتاقنا ودفع بحدود العنصرية إلى الوراء.

         إن الملايين من شعبنا تقول لكم "نشكركم" و"نشكركم مرة ثانية لأن احترامكم لكرامتكم بوصفكم بشرا قد ألهمكم العمل على كفالة استعادتنا لكرامتنا أيضا".

         لقد قطعنا معا مسارا نحن مقتنعون بأنه دعم التضامن الإنساني بصفة عامة وعزز روابط الصداقة بين شعوب العالم وأممه. ويرجع تاريخ ذلك إلى الأيام الباكرة عندما وضعت الهند مسألة العنصرية في جنوب أفريقيا على جدول أعمال الجمعية العامة، حتى اللحظة التي استطاع فيها المجتمع العالمي، على نحو ما هو ممثل هنا، أن يتخذ قرارات بتوافق الآراء ضد الفصل العنصري دون أن يعارض أحد ذلك.

         لذلك كان من دواعي ابتهاجنا الكبير أن نستقبل عند تنصيبنا رئيسا لجمهوريتنا، من بين آخرين، مسؤولين كبارا وموقرين من المنظمة مثل الأمين العام ورئيس الجمعية العامة ورئيس اللجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري. لقد أكد وجودهم من جديد الحقيقة التي لا مراء فيها بأن النصر على الفصل العنصري ونجاح قضية الديمقراطية وعدم العنصرية وعدم التحيز على أساس الجنس في بلادنا تخص كلها شعبنا بقدر ما تخص الأمم المتحدة.

         وهكذا انطلقنا على طريق إعادة صنع بلادنا مستندين في ذلك إلى الدستور الديمقراطي الذي دخل حيز النفاذ في 27 نيسان/ أبريل من هذا العام وإلى برنامج التعمير والتنمية الذي أصبح ملكا لشعبنا بأجمعه.

         ومن الواضح أن هاتين الوثيقتين ما كانتا تتمتعان بالحياة لولا الحياة التي أعطاها الشعب لهما. إن الكلمات المطبوعة فيهما يجب أن توحي باشتراك شعبنا بأجمعه في ملكية ما تستهدفه هاتان الوثيقتان من مسيرة ونتائج، وبولائه المشترك لها. وكيما يحدث ذلك، يجب علينا، ونحن ننشر الرؤية التي تحتويها الوثيقتان، أن ننخرط في نفس الوقت في جهد تاريخي لإعادة تحديد أنفسنا بوصفنا أمة.

         يجب أن يكون شعارنا هو العدل والسلم والتصالح وبناء الأمة سعيا وراء إقامة بلد ديمقراطي وغير عنصري وغير متحيز للجنس. ويتعين علينا أن نكفل في كل ما نفعله شفاء الجروح التي ابتلى بها شعبنا كله عبر الخط الفاصل الكبير الذي فرضته على مجتمعنا قرون من الاستعمار والفصل العنصري.

         يجب علينا أن نكفل أن يصبح اللون والعرق والجنس مجرد هبة منحها الله لكل فرد منا وليس علامة لا تمحى أو خاصية تمنح مركزا خاصا لأي منا.

         ويجب علينا أن نعمل من أجل ذلك اليوم الذي نرى فيه نحن أبناء جنوب أفريقيا بعضنا بعضا،  ونتفاعل بعضنا مع بعض، بوصفنا بشرا متساوين وجزءا من أمة واحدة موحدة، وليس كإرب ممزقة بفعل اختلافها.

         إن الطريق الذي يتعين علينا أن نقطعه للوصول إلى هذا المصير لن يكون هينا بأي حال من الأحوال. وكلنا يعلم كيف تستطيع العنصرية أن تعلق بالأذهان بعناد وبأي قدر من العمق يمكن لها أن تصيب الروح البشرية. ويمكن لهذا العناد، حينما يؤازره الترتيب العنصري للعالم المادي، كما هو الحال في بلادنا، أن يتضاعف مئات المرات.

         بيد أنه مهما تكن مشقة هذه المعركة، فإننا لن نستسلم. ومهما استغرقت من وقت، فإننا لن نكل. إن مجرد كون العنصرية تزري بكل من المذنب والضحية يقتضي منا، إذا ما كنا صادقين في التزامنا بحماية الكرامة البشرية، أن نقاتل حتى يتحقق النصر.

         إننا نؤمن إيمانا راسخا بأننا، نحن الذين نملك خبرة خاصة بما للعنصرية من قوة تدميرية ومعادية للبشرية، ندين لأنفسنا بأن نركز تحولنا على خلق مجتمع غير عنصري حقا. ولأننا نعرف العنصرية بشكل وثيق جدا، فلابد من أن نأمل في النجاح في استحداث عكسها وتعهده بالرعاية.

         وربما نقوم نحن الذين آوينا في بلدنا أسوأ مثل على العنصرية منذ هزيمة النازية بالإسهام في الحضارة الإنسانية وذلك بتنظيم أمورنا على نحو يوجه ضربة فعالة ودائمة ضد العنصرية في كل مكان.

         إن بعض الخطوات التي اتخذناها بالفعل - بما فيها إقامة حكومة وحدة وطنية والتحول المنتظم لمؤسسات الدولة وتحقيق توافق آراء وطني حول قضايا العصر الرئيسية - هي التي وضعتنا على الطريق الصحيح بالنسبة لمواصلة العمليات التي تؤدي إلى إقامة المجتمع العادل الذي نتكلم عنه.

         إن تحررنا السياسي قد جعلنا أيضا نركز على نحو كبير على الحاجة الملحة إلى الدخول في نضال لضمان تحرير شعبنا من العوز ومن الجوع ومن الجهل. وقد كتبنا على راياتنا: إن المجتمع الذي نسعى إلى إنشائه يجب أن يكون مجتمعا يدور حول الشعب؛ ويجب أن تكرس كل مؤسساته وموارده لتحقيق حياة أفضل لجميع مواطنينا. وهذه الحياة الأفضل يجب أن تعني نهاية الفقر والبطالة والتشرد واليأس الذي يتأتى من الحرمان. وهذه غاية في حد ذاتها لأن سعادة الإنسان، في أي مجتمع، يجب أن تكون غاية في حد ذاتها.

         وفي نفس الوقت نعي وعيا قويا أن استقرار التسوية الديمقراطية ذاتها وإمكانية الإقامة الفعلية لمجتمع غير عرقي وغير متحيز للجنس يتوقفان على قدرتنا على تغيير الظروف المادية لحياة شعبنا حتى يتوافر لديه ليس حق التصويت فقط لكن الخبز والعمل أيضا.

         لذا، نتجه إلى الأمم المتحدة لإعلان التزامنا بأننا، كما تعهدنا بألا نرتاح حتى يدحر الفصل العنصري، نتعهد الآن أيضا بأننا لا يمكن أن نرتاح بينما يعاني الملايين من شعبنا ألم الفقر وهوانه في كل أشكاله.

         وفي الوقت نفسه نلجأ مرة أخرى إلى هذه الهيئة العالمية لنقول: إننا سنحتاج إلى دعمكم المستمر لتحقيق هدف تحسين ظروف معيشة شعبنا. ومما يسرنا ويلهمنا تصدي كل من الأمين العام والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة لتحدي التنمية في جنوب أفريقيا بالحماس الذي أظهراه.

         ونحن نعتقد أن من المصلحة العامة تعزيز النصر المشترك الذي حققناه في جنوب أفريقيا، والمضي به قدما، بتحقيق النجاح لا في المجال السياسي وحده لكن أيضا في المجال الاقتصادي والاجتماعي.

         ومما قد تكون من القضايا المشتركة بيننا جميعا أنه توجد في كل مكان من عالمنا عملية واضحة تفضي إلى تعزيز نظم الحكم الديمقراطية. إن تقوية الفرد العادي في عالمنا على أن يقرر مصيره بحرية دون عائق طغاة أو دكتاتوريين هو السبب الأساسي لوجود هذه المنظمة.

         لكن من الصحيح بالمثل أيضا أن مئات الملايين من هذه الجماهير التي لديها القوة السياسية تقع في براثن الفقر المهلكة ولا يمكنها أن تستمتع بالحياة على أكمل وجه.

         من هذا كله تتولد الصراعات الاجتماعية التي تؤدي إلى الخوف والزعزعة والحروب الأهلية وغيرها من الحروب التي تروح ضحيتها أرواح كثيرة، وتسفر عن ملايين اللاجئين اليائسين وتدمير الثروات القليلة التي تستطيع البلدان الفقيرة أن تجمعها. ومن هذا المرجل يولد أيضا الطغاة والديكتاتورين والديماغوغيون الذين لا يحرمون الشعوب من حقوقها أو يقيدون تلك الحقوق فحسب ولكن يجعلون من المستحيل أيضا اتخاذ ما يلزم من تدابير لتحقيق رفاهية دائمة للشعوب.

         وفي الوقت ذاته لم يعد من الممكن تجاهل حقيقة إننا نعيش في عالم متكافل يرتبط معا بمصير مشترك. إن استجابة المجتمع الدولي لتحدي الفصل العنصري أكدت نفس النقطة التي نفهمها جميعا،  وهي أنه ما دام الفصل العنصري موجودا في جنوب أفريقيا فستظل الإنسانية جمعاء تشعر بالذل والهوان.

         لقد فهمت الأمم المتحدة جيدا أن العنصرية في بلدنا لا يمكن إلا أن تغذي العنصرية في أجزاء أخرى من العالم أيضا. ومن ثم، لم يكن النضال العالمي ضد الفصل العنصري مجرد عمل خيري نتيجة الشفقة على شعبنا، وإنما كان تأكيدا لإنسانيتنا المشتركة. وإننا نعتقد أن هذا التأكيد يتطلب من هذه المنظمة أن تحول مرة أخرى تركيزها واهتمامها الدائم صوب الأمور الأساسية التي تؤدي إلى خلق عالم أفضل بالنسبة للإنسانية جمعاء.

         إن إقامة نظام عالمي جديد يجب بالضرورة أن يتركز على هذه المنظمة العالمية. وفيها ينبغي أن نجد المحفل الصحيح الذي نستطيع أن نشارك فيه جميعا للمساعدة في تحديد شكل العالم.

         إن العناصر الأربعة التي يجب أن تمزج معا في صوغ ذلك الواقع العالمي الجديد هي قضايا الديمقراطية والسلم والازدهار والتكافل.

         ويتمثل تحدي عصرنا الكبير الذي تواجهه الأمم المتحدة في الإجابة على السؤال: "نظرا لتكافل أمم العالم، ما الذي يمكن ويجب أن نفعله حتى نضمن أن تسود الديمقراطية والسلم والازدهار في كل مكان؟".

         إننا ندرك أن الأمم المتحدة تتصدى لهذه المسائل بطرق عديدة؛ ومع ذلك لا يمكن لأحد أن ينكر هذا التقدم الذي حققناه قد تم خلسة أكثر من تحقيقه بالطريقة الجريئة والمصرة التي تتطلبها الأزمة العالمية اليوم.

         قد يكون المطلوب هو مبادرة قوية جديدة. ومثل هذه المبادرة ينبغي أن تلهم الإنسانية كلها بسبب جدية مقصدها. كما ستتاح لها فرصة النجاح لأنها ستكون قد دعمت بالتزام جماهير الشعب في كل بلد عضو بالتضافر مع الأمم الأخرى للتصدي معا للقضايا المتصلة بالديمقراطية والسلم والازدهار في عالم متكافل.

         إننا ندرك أن ما تمليه السياسة الواقعية يعمل ضد التحقيق السريع لمبادرة كهذه. ولكننا نعتقد أن واقع الحياة وواقعية الإرادة السياسية سيضعان، في مرحلة ما، في المقدمة حقيقة أن أي تأخير نفرضه على أنفسنا اليوم لن يؤدي إلا إلى زيادة الضغط علينا جميعا لندخل، في إطار ما نعتبره ممكنا، رؤية مستدامة لعالم مشترك سينهض بأكمله أو يسقط بأكمله.

         وليس هناك شك في أنه من أجل تحقيق مزيد من الثقة بالنفس لدى جميع الأمم الأعضاء ولنجسد على نحو أفضل الاتجاه نحو ترسيخ الديمقراطية في العلاقات الدولية، يتعين على الأمم المتحدة أن تواصل النظر إلى نفسها لكي تحدد ما الذي ينبغي أن تقوم به من إعادة الهيكلة.

         هذه العملية يجب بطبيعة الحال أن تؤثر، في جملة أمور أخرى، على هيكل وعمل مجلس الأمن وعلى قضايا صنع السلام وحفظ السلام التي أثارها الأمين العام في تقريره "خطة للسلام".

         وتنضم جنوب أفريقيا الديمقراطية من جديد إلى مجتمع الأمم وهي مصممة على القيام بدورها في المساعدة على تعزيز الأمم المتحدة والإسهام بما تستطيع تعزيزا لمقاصدها. ومن بين جملة أمور، انضممنا صباح اليوم إلى العهود والاتفاقيات التي اعتمدتها هذه المنظمة والتي تتصدى لمسائل مختلفة، مثل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق المدنية والسياسية، والقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، ناهيك عن التزامنا الأكيد بتحقيق الأهداف الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

         إننا عازمون على الاضطلاع بدورنا الكامل في جميع العمليات التي تتصدى للمسألة الهامة، مسألة عدم الانتشار وإزالة أسلحة الدمار الشامل. وقد قررت حكومتنا أيضا التوقيع على اتفاقية حظر وتقييد استخدام أنواع معينة من الأسلحة التقليدية.

         وعلى نحو مماثل، لن نفتقر إلى السعي من أجل التنمية المستدامة تمشيا مع إعلان ريو دي جانيرو الخاص بالبيئة والتنمية ومع جدول أعمال القرن 21.

         وبالمثل، تملي مصالحنا الوطنية علينا أن نوحد قوانا مع الأمم المتحدة وجميع دولها الأعضاء في الكفاح المشترك من أجل احتواء الاتجار بالمخدرات ووضع حد نهائي له.

         نحن ملتزمون، حتى من الناحية الدستورية، بتعزيز هدف تحرير المرأة عن طريق خلق مجتمع لا يميز بين الجنسين. وبصرف النظر عن أي شيء آخر، نشارك بنشاط في التحضير لمؤتمر بيجين الذي نثق بأنه سيكون ناجحا.

         إننا جزء من منطقة الجنوب الأفريقي والقارة الأفريقية، وبوصفنا أعضاء في المجموعة الإنمائية للجنوب الأفريقي ومنظمة الوحدة الأفريقية وشريكا على قدم المساواة مع الدول الأعضاء الأخرى، سنقوم بدورنا في كفاحات هذه المنظمة من أجل بناء قارة ومنطقة ستساعدان في أن تخلقا لنفسيهما وللإنسانية جمعاء عالما مشتركا يسوده السلام والرخاء.

         يجب أن تتحرر قارتنا من المآسي المماثلة لتلك التي حاقت ببلدنا وبرواندا والصومال وأنغولا وموزامبيق والسودان وليبريا. ومن حسن الحظ أن منظمة الوحدة الأفريقية تتصدى بنشاط لمسألتي السلام والاستقرار في قارتنا.

         ومما يشجعنا كثيرا أن بلدان منطقتنا، التي تواجه الأزمة في ليسوتو، تصرفت معا وعلى نحو سريع، وبتعاون ذلك البلد حكومة وشعبا، ونجحت في أن تدلل على أننا معا نمتلك الإرادة اللازمة للدفاع عن الديمقراطية والسلم والمصالحة الوطنية.

         وفضلا عن ذلك، بوصفنا أعضاء في حركة عدم الانحياز ومجموعة الـ77، نلتزم بصفة خاصة بتشجيع التعاون بين الجنوب والجنوب ودعم صوت الفقراء والمحرومين في ترتيب شؤون العالم.

         ونود أن نغتنم هذه الفرصة لنعبر عن تقديرنا لأعضاء الجمعية العامة للسرعة التي قبلوا بها وثائق تفويض جمهورية جنوب أفريقيا الديمقراطية، مما مكننا من المشاركة في أعمال الجمعية العامة الماضية. ويسرنا أن نلحظ أن نفس هذه الروح قد طبعت نهج المنظمة الدولية الأخرى نحو ديمقراطيتنا الجديدة، بما في ذلك الكمنولث والجماعة الأوروبية.

         ونود أن نختم بياننا بتهنئتكم، سيدي الرئيس، على انتخابكم لمنصبكم الرفيع، وأن نعبر عن ثقتنا بأنكم ستقودون عمل الجمعية العامة بالحكمة والجدية اللتين من أجلهما نعجب بكم.

         إن الملايين في عالمنا الذين يقفون متوقعين على أبواب الأمل يتطلعون إلى هذه المنظمة لتحقيق السلام لهم، ولتحقيق الحياة لهم، حياة تستحق أن يحيوها.

         ونبتهل أن تكون جنوب أفريقيا الجديدة، التي ساعدت الأمم المتحدة في مولدها والتي رحبت بها وسط مجتمع الأمم، لمصلحتها وللصالح العام، قادرة على أن تسهم، مهما كان الإسهام صغيرا، في تحقيق هذه الآمال.

         إن إنسانيتنا المشتركة وإلحاح الساعين إلى أبواب هذا الصرح العظيم يتطلبان منا أن نحاول حتى المستحيل.