إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي السادس في جدة 12- 15 يوليه 1975- البيان الختامي
المصدر: "منظمة المؤتمر الإسلامي، بيانات وقرارات مؤتمرات القمة ووزراء الخارجية 1969- 1981، ص 111- 118"

تحلون بين أهلكم وذويكم في جوار أول بيت وضع للناس ومهبط الوحي ومنبع الرسالة الخالدة.

          أيها الاخوة الكرام:

          لقد أراد الله، ولا راد لمشيئته، ان ينعقد مؤتمركم هذا في سبيل المزيد من التضامن الاسلامي، وقد غاب عنا رائد التضامن الاسلامي والداعية الأول الى اتحاد المسلمين المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز حيث اختاره الله الى جواره، فرجعت نفسه المطمئنة الى ربها راضية مرضية. وان خير تكريم لذكراه ان نعقد النية ونوطد العزم على المضي قدماً في انجاز ما دعى اليه طيب الله ثراه من تضامن واتحاد المسلمين وتحقيق اسباب العزة للامة الاسلامية، وفي مقدمة ذلك تحقيق امنيته الكبرى في ان يصلي في المسجد الأقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وقد عادت القدس عربية خالصة لوجه الله والدين، بإذن الله.

          ايها الاخوة الاعزاء:

          ان مؤتمركم الكريم هذا ينعقد في ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة، فعالمنا اليوم قد اضطربت فيه القيم الروحية والاخلاقية، واختلت فيه الموازين الاقتصادية، وقويت فيه التفرقة العنصرية، وانتشر فيه الفقر والجهل والمرض الذي خلفه الاستعمار في كل مكان وجد فيه، وكثرت فيه المظالم السياسية حيث نرى كثيراً من اخواننا المسلمين يجاهدون في سبيل دينهم أو ارضهم أو حريتهم، وحيث نرى الصهيونية وهي ابشع صورة للعنصرية والاستعمار ممثلة في كيانها الجاثم على ارض فلسطين، لا تزال سائرة في غيها وتعنتها واهدارها لكل مبادئ الحق والعدل والسلام، فالأراضي العربية بما فيها قدسنا الحبيبة لا تزال تحت الاحتلال الصهيوني الغاشم، والشعب الفلسطيني المسلم لا يزال محروماً من حقوقه المشروعة في استعادة اراضيه وتقرير مصيره.

          ولكل هذا، فنحن كمسلمين مدعوون للرجوع الى عقيدتنا السمحة لاستلهام مبادئها التي تأبى التفرقة العنصرية ولا ترضى بالتعصب الديني، وتمد البشرية بالقيم الروحية والاخلاقية التي تحتاجها اليوم اكثر من أي وقت مضى، فنحن مدعوون الى الاهتمام بمشاكل العالم الروحية وقيمه الانسانية بنفس القدر الذي نهتم به بمشاكله المادية، فالانسان روح ومادة، والاسلام دين ودولة، وهو يعنى بمطالب الانسان الروحية والمادية كذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً فعقيدتنا السمحة وشريعتنا الغراء غنية بالروافد الخيرة المعطاء التي توفّر لنا مصدراً قوياً لتشريعاتنا وتنظيم علاقاتنا وسلوكنا والتي تهيئ لنا الحلول الناجعة لمشاكلنا ومشاكل البشرية جمعاء سواء أكانت معنوية ام مادية.

          ونحن كمسلمين مدعوون لتوحيد جهودنا ووحدة كلمتنا ودعم تضامننا وبذل المزيد من الجهد والعمل من اجل الدفاع عن مقدساتنا واراضينا وحقوقنا ومبادئنا، ومن اجل العمل لما فيه خير امتنا الاسلامية ورفعة شأنها.

          أيها الاخوة الأعزاء:

          انني اعرف ضخامة المسؤولية الملقاة على عواتقكم، ولكني اعرف ايضاً ان أكثر من ستمائة مليون مسلم يتطلعون اليكم وإلى مؤتمركم هذا بنفوس فياضة بالآمال التي يعلقونها على اعمالكم، وانكم بإذن الله- وقد جمع الله فيكم صفوة من رجال العالم الاسلامي- خير من يقدر هذه الآمال حق تقديرها، وخير من يعمل على تحقيقها، وان لكم من روح الاسلام ومبادئه خير عون في اعمالكم حتى تحتل امتنا الاسلامية المكانة اللائقة بها بين أمم العالم.

<2>