إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات جغرافية وظواهر طبيعية / أقاليم وظواهر جغرافية / شبه جزيرة سيناء




أثر النبي صالح
محمية سانت كاترين
نخيل شاطئ العريش
مسجد وكنيسة داخل الدير
نقوش معبد سرابيط الخادم
الشعب المرجانية
دير سانت كاترين
فندق طابا
قلعة صلاح الدين
قاع البحر


المدن في سيناء
التقسيم الإداري لسيناء
استراتيجية سيناء العسكرية
توزيع القوات المصرية
تضاريس سيناء



الملحق الرقم (أ)

القضاء العرفي في سيناء

          لا يزال القضاء العرفي هو السائد بين أبناء سيناء من البدو والحضر. فبرغم تطور الحياة والحضارة في سيناء. ورغم وجود المحاكم التابعة للسلطة القضائية الحكومية. إلا أن أبناء سيناء لا يلجأون إليها إلا نادراً وفي حالات الضرورة القصوى، أو إذا كان  أحد أطراف الخصومة من غير قبائل البدو.

          ومجلس القضاء في البادية له مهابة واحترام شديدان، وأحكامه نافذة وملزمة للطرفين، وإجراءاته سريعة وحاسمة.

          ولم يحدث حتى الآن أن صدر حكم عرفي على أي شخص أو قبيلة ولم يجد طريقة إلى التنفيذ. فهناك التزام من جميع الأطراف بتنفيذ حكم القضاء العرفي، وهذا الالتزام نابع من الصفات التي يتصف بها أهل البادية من رجولة وشهامة ووفاء بالعهود والمواثيق والذود عن الشرف بلا حدود واعتزازهم بكبريائهم وشرفهم. على أنه في الحالات النادرة التي قد يرفض فيها البدوي تنفيذ حكم القاضي العرفي، يقوم كفيله برفع "الرايات السوداء" في مجالس العرب، وهو أمر لا يتحمله أقل الناس رجولة وشهامة في البادية.

          وإذا ما نظرنا إلى نظام وقوانين وأسلوب التقاضي العرفي لوجدناها شديدة الشبه بالقضاء العادي المقنن. سواء من حيث درجات التقاضي الثلاث (ابتدائي، استئناف، نقض) أو مواضيع النزاع وأنواع المحاكم (قضايا النفس، والعرض، والمال، والأحوال الشخصية، والجنايات.. الخ). أو في حق الدفاع، والأدلة، والشهود، والطعن في الأحكام، ومصاريف، وأتعاب القضايا، ونوع الأحكام الصادرة حسب الجريمة، وكذا ضمان تنفيذ الأحكام.. الخ.

أنواع القضاة العرفيين في البادية "حسب الاختصاصات"

          يختلف نوع واسم القاضي في القضاء العرفي حسب نوع القضية والجرم الذي ارتكب. ولكن في  جميع الحالات يكون القاضي من بين البارزين من أبناء قومه والمشهود لهم بالكفاءة والخبرة ورجاحة العقل والنزاهة والحيدة. وقد اشتهرت أسماء معينة من القضاة بين عرب سيناء لأنواع معينة من الجرائم والنزاعات، كما اشتهرت بينهم قبائل بعينها يكون منها القاضي المختص "كالمنشد" مثلاً، الذي ينظر قضايا العرض والشرف، ويطلقون علية "المسعودي" نظراً لأن معظم قضاة هذا النوع من النزاعات ينتمون إلى قبيلة "المساعيد" في شمال سيناء.وهناك عدة أنواع من القضاة العرفيين كل حسب اختصاصه، وهم:

1. رجال الصلح

في حالة حدوث أي نزاع أو خلاف بين شخصين أو عائلتين أو قبيلتين، يتدخل كبار العرب أو "رجال الصلح" كما يسمونهم الذين ترفع إليهم المظالم المهمة التي لا يمكن إنهاؤها إلا بالصلح لعدم توافر الشهود أو لجسامة ما ينجم عنها من أخطار كقضايا القتل والسلب والتعدي على العرض والمال. وهؤلاء يتم انتخابهم عادة من بين المشايخ أو كبار القوم ممن بيدهم مقاليد الأمور.

2. المنشد (المناشد)

وهم المختصون بالنظر في قضايا العرض والشرف. كالزنا وهروب الفتيات مع الشبان من قبائل أخرى، أو أي خلاف من شأنه خدش العرض أو الشرف، كالاعتداء على المنازل، وقطع الوجه والإهانة الشخصية. ويعرف هذا النوع من القضاة أيضاً باسم "المسعودي" نسبة إلى قبيلة المساعيد بشمال سيناء.

3. القصاص

وهو قاضي العقوبات، أو قاضي الجروح (والجروح قصاص). ويختص بالنظرفي قضايا "الدم" عموماً، كالقتل، والجروح.

ولهذا النوع من القضايا المهمة قضاة متخصصون ومعرفون بالاسم، وأشهرهم من قبيلة "بلي" في الشمال، "والحويطات" في الوسط، وقبيلة "القرارشة" في المزينة في الجنوب.

وقد سمى هذا القاضي "بالقصّاص" لأنه يقص الجروح. أي يقيسها، وهو غير "قصاص الأثر" المشهور بخبرته في معرفة وتتبع آثار الأقدام للإنسان والحيوان.

ويقضي القاضي عادة لأهل القتيل "بالدية" (دية مٌسلّمة إلى أهله). ويصدر الحكم بالدية منطوقاً بعدد من الجمال يترجم فيما بعد إلى مبالغ نقدية. ودية الرجل أقل من دية المرأة حيث إن دية المرأة ضعف دية الرجل.

أما في حالات الجروح، فهي حسب الشريعة الإسلامية أيضاً (الجروح قصاص) أي أن قاضي الدم يقص الجروح. أي "يقيسها"، ثم يحكم بالغرامة على الجاني حسب طول الجرح وعرضه ومكانه.

4. العقبي

وقد سمي بالعقبي لأن أكثر قضاة هذا النوع من بني عقبة. وهو قاضي الأحوال الشخصية. ويسمى في البادية (قاضي النساء)، وهو يختص بنظر الخلافات بين الزوجين ويحكم في مشاكل الطلاق والمهر، أو هروب زوجة مع رجل آخر من قبيلتها أو من قبيلة أخرى وتسمى "شرود". كذلك حالات هجر الزوج لزوجته في الفراش إذا تزوج بأخرى.. الخ.

5. الزيادي

وهو المختص بقضايا المال والسرقات، وكل المشاكل المتعلقة بالإبل.

وقد اشتهرت قبيلة "الترابين" بهذا النوع من القضاة من أهل البادية، وإذا كان لشخص ما حقوق مالية قبل شخص آخر، ولم يرض المدين بالوفاء بما عليه من دين جاز للدائن في هذه الحالة أن  يحضر معه خمسة رجال ويتوجه برفقتهم إلى المدين، ويطلق على هذا الوفد اسم "البدوة" ويطلب الدائن حقه من المدين في حضورهم.

فإذا امتنع عن الدفع، أشهدهم على ذلك، كما يشهدهم على رفضه الذهاب إلى القاضي، وعندئذ يعين شاهد من الوفد. وحينئذ يكون للدائن الحق في مصادرة مال المدين بالطريقة التي تحلو له. وهذا يسمى "بالوثاقة"، أو الرهن السابق الإشارة إلية في العادات والتقاليد.

6. الضريبي

وهو قاضي الإحالة، أو قاضي الدرجة الثانية الذي يٌلجأ إليه من سلب ماله، إذا لم ينصفه الزيادي. أو إذا اختلف الخصمان في شأن القاضي الذي يحكم بينهما، فعندئذ يرفعان أمرهما إلى الضريبي الذي يفصل في الدعوى. ويختار الضريبي عادة من قبيلة "الحويطات".

7. المُبَشّع

وهو قاضي الجرائم المنكورة التي لا شهود لها وذلك بأختبار المتهم بالبشعة أوالماء أو بالرؤيا. أما أختباره بالبشعة فذلك أن المُبَشّع يحمي إناء نحاس كالطاسة (البشعة[7]) على النار ويمسحها بكفه ثلاث مرات ثم يأمر المتهم فيغسل لسانه بالماء ويريه لشاهدين. ثم يتناول الطاسة المحماة من المبشع فيلحسها ثلاث مرات بلسانه ثم يغسله بالماء ويريه للمبشع والشاهدين. فإذا رأوا آثر النار على لسانه حكم المبشع بالدعوى لخصمه. وقالوا في تعليل ذلك إن المتهم إن كان مذنباً جفَّ ريقه وأثَّرت النار في لسانه.

وأما أختبار الماء فإن المبشع يأخذ إبريقأ من نحاس ويجعل الحضور ومعهم المتهم في حَلَقة. ثم يَشّرُع في التعزيم على الإناء. قالوا فيتحرك الإناء من نفسه! فإن كان المتهم مذنباً وقف الإناء عنده وإن كان بريئاً وقف عند المبشع!.

وأما أختباره بالرؤيا فهو إن المبشع يفكر في المتهم ثم ينام فيظهر له الجاني في الحلم وعندما يصحو يحكم عليه.

وليس في الجزيرة كلها إلا مبشع واحد من قبيلة العيايدة.

8. أهل الخبرة (الخبراء)

وهؤلاء يعتبرهم العرب في حكم القضاة. حيث اكتسبوا خبرات في مسائل معينة، وتكون أحكامهم نافذة ويستند إليها القضاة الآخرون، وهم:

أ. أهل القطاعات

وهم خبراء في الزراعة والأراضي الزراعية، ويحكمون في القضايا المتعلقة بهذه المسائل.

ب. المسوق

وهو خبير الأبل. وتسلم على يديه غرامات الإبل.

ج. قصاص الأثر:

وهو خبير الأثر أو (الخبرة) كما يطلقون عليها في البادية. ويكون من قبيلة المزينة أو القرارشة في الجنوب والحويطات في الوسط، و"بلى" في الشمال.

د. المشايخ

ويطلقون عليهم "لحاسة الأختام" وهم المشايخ المعينون من قبل الحكومة، ويباشرون القضايا التي تتعلق بأجور الجمال وحقوق القبائل فيها.

هـ. الحسباء (نقالة العلوم)

وهم أهل الخبرة في المسائل التي تتعلق بتقاليد العرب والعهود والمواثيق.

و. أهل العرائش

وهم خبراء وقضاة النخيل، وكل ما يدور حولها من خلافات. ويكون للمعتدي عليه الحق في اللجوء إلى ثلاثة قضاة يسمونهم "أهل العرائش" وغالباً ما يكونون من قبيلة "المساعيد" بشمال سيناء.

درجات التقاضي

          هناك ثلاث درجات للتقاضي في كل نوع من أنواع القضايا، وبالتالي فهناك ثلاثة قضاة، عدا "المبشع"، فهو قاض واحد ودرجة واحدة.

          فإذا بدأت خصومة أو نزاع بين طرفين، اتفقا على تسمية ثلاثة قضاة، ثم يحذف كل طرف من طرفي الخصومة قاضياً ويبقى الثالث، الذي يصبح هو قاضي النزاع، فإذا رضى الطرفان بحكمه أصبح الحكم نهائياً وملزماً للطرفين وينتهي الموضوع عند هذا الحد.

          أما إذا لم  يرض الطرفان بالحكم أو لم يقبل به أحدهما، ذهبا إلى أحد القاضيين المحذوفين ليحكم بينهما. فإذا جاء حكمه مطابقاً لحكم القاضي الأول، ورفضه الطرفان أو أحدهما، لجأ إلى القاضي الثالث والأخير الذي سبق تسميته، ويكون حكمه نهائياً وملزماً للطرفين إذ لابد أن يكون حكمه مؤيداً لحكم أحد القاضيين السابقين. وهذا التدرج في القضاء العرفي يشبه التدرج في القضاء المعمول به في المحاكم (ابتدائي، واستئناف، ونقض).

إجراءات التقاضي (سير القضية)

1. الكفيل

بعد اختيار قاضي الدرجة الأولى بالأسلوب السابق الإشارة إليه يقوم المدعي عليه بتعيين "كفيل وفاء"، أي كفيل عنه يكون مسئولاً عن الوفاء بالحق الذي يحكم به القاضي. كما يعين المدعي "كفيل وفاء" يضمن الدفاع عنه أمام المدعي عليه أثناء نظر القضية.

ويشترط بطبيعة الحال في "كفيل الوفاء" أو "الضامن" أن يكون مشهوداً له بين العرب بالصدق والوفاء والأمانة.  

2. رسوم الدعوى (الرزقة)

جرت العادة أن يقوم طرفا النزاع بدفع مبلغ متساوي إلى القاضي المختار كرسم للدعوى، وتعرف عند البدو "بالرزفة" وتخصص للأنفاق منها على الطعام والمشروبات أثناء نظر الدعوى. إلا أن بعض القضاة من الأعيان يقومون بإعداد الطعام على نفقتهم دون أخذ الرزفة. ويسترد المحكوم لصالحه "الرزقة" التي دفعها بعد انتهاء نظر القضية.

3. الشهود

يكفي شاهد واحد في القضاء العرفي لإثبات الدعوى، ويكون الشاهد رجلاً أو امرأة أو شاباً في سن الرشد، بشرط أن يكون الشاهد متمتعاً بسمعة طيبة ولم يأت منكراً من قبل كالزنا أو الفرار من القتال.. الخ. وتقبل شهادة اللص مع اللص في بعض الحالات..!. وهناك أجرة "ثمن" للشهادة يقوم بدفعها طالب الشهادة ويستلمها الشاهد قبل تأدية الشهادة، وتعرف لدى البدو "بالأكال".

4. جلسة الحكم

يحضر طرفا الخصومة وأقاربهما إلى ديوان القاضي المتفق عليه (المجلس) في الزمان والمكان المحددين، حيث يجلسون على شكل دائرة كبيرة يتوسطها موقد النار الذي تعد عليه القهوة العربية والشاي. ويستقبل القاضي الرجال مرحباً بهم ويقوم بإعداد طعامهم سواء للغداء أو العشاء حسب الوقت المحدد.

وعلى الرغم من أن جلسة المحكمة العرفية تتم في العراء وبدون حراسة أو جنود أو حاجب للمحكمة أو "قفص اتهام". إلا أن هيبتها ربما فاقت هيبة جلسات المحكمة العادية. وسر هذه الهيبة يرجع إلى  الالتزام القبلي لأحكام هذه المحاكم.

  • يطلب القاضي إلى كل طرف سرد ادعائه ضد الطرف الآخر وان يؤيد ادعاءه بالأدلة والبراهين. ويسمى هذا السرد "الحجة" وبعد أن ينتهي كل طرف من سرد ادعائه في مواجهة الطرف الآخر، يقوم القاضي بنفسه بإعادة ما سمعه من حجة كل طرف، تماماً كما سمعها من كل منهما، وكأنه جهاز تسجيل، لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ذكرها.
  • بعد ذلك يستمع القاضي إلى شهادة الشهود ثم على ضوء الحجج التي سمعها من كل من الطرفين. وعلى ضوء ما تأكد أو انتفى من هذه الحجج عن طريق شهود الإثبات أو شهود النفي ينطق القاضي بالحكم.
  • فإذا أقر الطرفان الحكم حسم النزاع. وإذا لم يرض طرفا الخصومة أو أحدهما بالحكم، لجأوا إلى القاضي الثاني. فإذا جاء حكمه مؤيداً لحكم القاضي الأول فلا ترفع الدعوى إلى القاضي الثالث وينفذ الحكم الصادر. أما إذا جاء حكم القاضي الثاني مخالف لحكم القاضي الأول، يتم اللجوء إلى القاضي الثالث الذي يصبح حكمه نهائياً وملزماً بالتنفيذ.

5. حلف اليمين عند الشهادة:

لابد للشاهد أن يحلف اليمين قبل تأدية الشهادة. حيث يقف الشاهد في وسط دائرة مرسومة على الأرض ووجهه في اتجاه الكعبة ويحلف بست كلمات أولها الله وآخرها الله، ثم ينطق بالشهادة.

وهناك أسلوب آخر لتأدية الشهادة ويسمى "اليمين بالرأس"عندما يطلب المدعي من المدعي عليه أن يقول الحق، حيث يضع يده فوق رأسه ويحلف بثلاث كلمات أولها الله وآخرها الله، ثم يسأله أن يقول الحق.

أو أن يضع المدعي يده في حزام المدعي عليه ويحلف بثلاث كلمات أولها الله وآخرها الله، ثم يسأله أن يقول الحق. ويسمى هذا الحلف "الحلف بالحزام".

6. التفويل (رد دعوى القاضي)

إذا كان أحد الخصوم قاصراً، فلوليهِ الحق في رفض الحكم وطلب إعادة نظرالدعوى، ويعرف ذلك عند أهل البادية "بالتفويل".

7. الفلَج (نقض الحكم)

إذا اتفق خصمان على موعد للذهاب إلى القاضي، وغاب أحدهما يحق عندئذ نقض الحكم. ويجوز للقاضي في هذه الحالة الحكم غيابياً. ما لم يتبين بعد ذلك أنه غاب لعذر شرعي.

8. المبدأ العام لإثبات التهمة وإصدار الحكم

المبدأ العام المعروف في الشريعة الإسلامية: "أن البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر" ونفس هذا المبدأ يطبقه قضاة البادية العرفيون للوصول إلى الحكم. ويقولون بلغتهم البدوية أن "البينة لها البيان، والخفية لها الأديان" أي أن من يدعي بشيء ظاهر فعليه يقع عبء الإثبات بالأدلة والبراهين ومنها شهادة الشهود، والعكس إذا ادعى أحد بشيء خفي فعليه يقع عبء حلف اليمين للوصول إلى الحقيقة.

9. الأحكام في القضاء العرفي

جميع الأحكام في القضايا العرفية تكون بالغرامة المالية. فليس عند البدو حكم بالقتل أو الضرب أو الحبس، سواء في القضايا الجنائية أو المالية أو أي نوع آخر، ويعتبر هذا هو الخلل الوحيد والكبير في شريعتهم.

10. تأثير "القلد" في القضايا العرفية

القبائل التي يربطها "القلد" لا ترفع خصومتها إلى الزيادي مباشرة. بل ترفعها إلى "الحسيب". فإذا اعتدت قبيلة على جمال قبيلة أخرى ذهب صاحب الإبل إلى "الحسيب" الذي يرد له الأبل مضافاً إليها غرامة على كل جمل.

11. تأثير "الحلف" في القضايا العرفية

أما القبائل التي يربطها "حلف" فترفع خصومتها إلى "الزيادي" بعد رفعها إلى "الحسيب" أولاً.

12. أمثلة لبعض الجرائم وعقوباتها في القانون العرفي

أ. جرائم القتل

إذا ارتكب حادث قتل في البادية، سعى أهل القتيل الأقربون. والده أو جده أو شقيقه وأقربه حتى الدرجة الخامسة، في طلب الثأر. فإذا فازوا بثأرهم وقتلوا القاتل، أو أحد أهله المقربين. انتهى الأمر.

أما إذا لجأ القاتل وأهله إلى قبيلة أخرى قبل تنفيذ الثأر. عقدت جلسة للصلح والتراضي وتسمى "الجيرة". ويمتنع أهل القتيل ابتداء من ذلك الوقت عن المطالبة بالثأر. وعندئذ تدفع "الدية".

مقدار "الدية" في القتل

إذا وقعت حادثة قتل في البادية فأهل القتيل الأقربون من الأب والجد فصاعداً إلى الدرجة الخامسة. ومن الابن وابن الابن والأخ وابن الأخ  والعم وابن العم فنازلاً إلى الدرجة الخامسة يطاردون القاتل وأهلةُ الأقربين الدرجة الخامسة صاعداً أو نازلاً طلباً للثأر. فإذا فازوا بثأرهم وقتلوا القاتل أو أحداً من أهلهِ الأقربين انتهى الأمر. وإلاّ فاز القاتل وأهلهُ بالانجلاء عن بلادهم واحتموا بقبيلة أخرى قبل أن يلحقهم أهل الثأر توسط  لهم عقلاء القبيلة التي احتموا بها عند أهل الثأر.

الَمدَّة

فإذا رضوا بالصلح نقلوا لهم "الجيرة" وهي جمل رباع. وقدموا "كفيل وفا" وأخذوا منهم "كفيل دفا". وامتنع أهل القتيل من ذلك الوقت عن مطالبة أهل القاتل. وجعلوا الميعاد بينهم بيت  رجل  مشهور مذكور يأتون إليهِ بالدية وتعرف عندهم "بالَمدَّة" وهي أربعون جملاً وناقة هجين تعرف بالطلبة. والأربعون جملاً أولها ذلول أي (هجين صافٍ) وآخرها دحور (أي فيها لبن) والثمانية والثلاثون الباقون منها 14 رباع بما فيها (الجيرة) الموضوعة  قبلاً  و12 جذعة و12 حق.

الغرة (البنت البكر)

إذا كان القاتل والقتيل من قبيلة واحدة وجب على أهل القاتل أن يقدموا علاوة على الدية "غرة" أي بنت بكر يتزوجها أحد أقارب القتيل بدون مهر، وتبقى طرفه حتى تضع مولوداً ذكراً، ثم تخير بين أن تعود إلى أهلها حرة أو تبقى مع زوجها بعد أن يدفع إليها مهرها، والهدف من هذا الإجراء هو إعادة الروابط العائلية إلى ما كانت عليه قبل القتل.

ولكن الفتيات في البادية يأنفن من هذه العادة. ولذلك فقد أجازوا فداء البنت.

ب. جرائم الاغتصاب

·    إذا اغتصب رجل فتاة بكر من غير قبيلته واشتكت إلى "المنشد" حكم على الرجل بثمانية جمال.

·    إذا اغتصب رجل فتاة بكر من قبيلته حكم عليه بستة جمال.

·    إذا اغتصب رجل امرأة ثيباً من غير قبيلته حكم عليه بأربعة جمال.

·    إذا اغتصب رجل امرأة ثيباً من قبيلته حكم عليه بجملين وذلك إذا اشتكت المرأة في الحال، أما إذا تأخرت شكواها حكم عليه بجمل واحد صغير.

مما سبق يتضح لنا صورة مبسطة للقضاء العرفي في البادية، وإن كانت له قوانينه التفصيلية وقضاته المتخصصون. ونجد أن القضاء العرفي لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وتطرق إليها. وظاهرة التشابه بينه وبين القضاء العادي المقنن توضح لنا دوره المهم في إنهاء الخلافات والمشاكل التي تنشأ في البادية والبت فيها في سرعة متناهية. وانه يخفف العبء عن كاهل القضاء الحكومي المقنن. ويجب علينا أن نوفيه حقه من التقدير والإعجاب لمقدرته على تأدية نفس الدور الذي يؤديه القضاء المقنن في مجتمع البادية وفي الحضر.


 



[1] من بني أسد عدة رجال من الصحابة وكان منهم رهط أم المؤمنين زينب بنت جحش وهي من زوجات النبي صلى الله علية وسلم

[2] الياضيية : نزلوا من الجزيرة العربية وسكنوا الشام ثم انتقلوا إلى سيناء من عدة قرون والمرجح أنهم سكنوا قطيّة في القرن السابع الهجري قبل القلقشندي بنحو قرن، والذي توفي عام 821 هـ.

[3] الأصل العقليين وصارت تنطق العقايلة من البدو مع مرور الزمن.

[4] 'قالوا لقب بالقناص لشهرته بالصيد وأضافوا أنه سمي بالرياشي لأنه كان يضع الريش في مؤخرة سهامه التي يصطاد بها فرائسه.

[5] وَسْم : علامة لكل قبيلة عربية توضع بكي النار على الإبل والغنم، وكذلك الحجارة لتحديد الأماكن وديار كل قبيلة، ومعنى المسومة، أي المعلمة.

[6] حلاله : المقصود بها أغنامه وإبله.

[7] البشعة : هي طاسة من النحاس توضع على النار حتى يحمر لونها.