إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / السِّير الذاتية للشخصيات الواردة في كتاب "مقاتل من الصحراء" / السِّير الذاتية للشخصيات، في مصر









الفصل الثالث

الفصل الثالث

الزواج والصحافة

1.      زواجه الأول

تزوج السادات ابنة عمدة ميت أبو الكوم، السيدة إقبال ماضي، وأنجب منها ثلاث بنات هُن: "رُقية" و"راوية" و"كاميليا"[1]. ثم طلقها السادات رسمياً في مارس 1949.

2.      زواجه الثاني

بعد خروج السادات من السجن، عمل مع حسن عزت في شركة مقاولات صغيرة، يمتد عملها إلى السويس. وهناك في السويس، وفي بيت حسن عزت التقى السادات لأول مرة جيهان صفوت رؤوف، التي كانت في زيارة لابنة عمتها، زوجة حسن عزت. كانت جيهان صبية، في السادسة عشرة من عمرها، جميلة، ممتلئة حيوية وشباباً، وكانت قد رأت صورة أنور السادات في الصحف، أثناء المحاكمة في قضية "أمين عثمان". فكان ذلك مبعث إعجابها به. أما هو فقد وقع في غرامها على الفور.

كان والدها "صفوت رؤوف" موظفاً في وزارة الصحة، وأمها "جلاديس" من أصل مالطي. (وإن كانت جيهان تؤكد أن والدتها بريطانية الأصل من شفيلد)، وهناك معلومات تقول إنها من عائلة يهودية، غير أن السادات عرَّب نسبها عندما أصدر جمال عبدالناصر قراراً يمنع رجال الثورة من التزوج بالأجنبيات؛ ويقال إنها لم تكن مسلمة، وأنها أسلمت من أجل السادات.

تقدم السادات لخطبتها في 29 سبتمبر 1948، وتم الزفاف في 29 مايو 1949، حيث قضيا شهر العسل في "لوكاندة" متوسطة الحال في الزقازيق، عاصمة الشرقية، ثم انتقلا للعيش في المنيا، ثم عادا إلى القاهرة، حيث سكنا في شقة في الروضة، إلى ما بعد الثورة، حيث انتقلا، للإقامة في منزل، كان يسكنه مخرج سينمائي يهودي في شارع الهرم. وقد أقامت "جلاديس"، والدة جيهان، معهما في القاهرة إلى أن توفيت عام 1979.

أنجب السادات من جيهان ثلاث بنات هُنَّ: لبنى، ونهى، وجيهان، وابناً واحداً هو جمال السادات. وليلة ميلاد لبنى كان السادات مجتمعاً في مجلس الثورة، وذهب إلى زوجته في المستشفى بعد الولادة. وليلة ميلاد ابنه جمال كان السادات منشغلاً في عدوان 1956، وكان عديله، محمود أبو وافية، هو الذي أوصل جيهان إلى المستشفى، عندما حان موعد الوضع.

وقد أنجب جمال السادات "ياسمين". وهي طفلة بالغة الجمال، وكان السادات يسميها "الحلوة المستوردة". وكان حفيده من ابنته نهى، زوجة المهندس حسن سيد مرعي، هو تسلية السادات. وكان يلاعبه ويذهب به إلى الحمام لقضاء حاجته، وكان محمود أبو وافية يداعب السادات قائلا عن حفيده: "هذا هو حاكم مصر الحقيقي، فأنت لا تستطيع أن تقول له لا".

تميزت جيهان السادات بشخصيتها الجذابة وحيويتها. على الرغم من حبها للطعام الشهي، إلاّ أنها تقاومه في أحيان كثيرة حتى تحافظ على وزنها. وكان لها تأثيرها الطاغي، ودورها البارز، في محاولة تأليف القلوب حول زوجها، وفي تهدئة خصوماته وغضبه. وقد تميزت بالطموح، الذي لا يعرف الحدود، وكان لها أحيانا قرارات جريئة لم تكن ترضي السادات. ويُقال أن نفوذها على زوجها كان طاغياً، ويقال إنها هي التي شجعت السادات على زيارة القدس، وأنها كانت وراء إصدار قانون يفرض على الزوج، الذي يطلق زوجته الأولى، أن يترك لها بيت الزوجية، كما يفرض عليه الحصول على موافقتها إن رغب في الزواج بثانية، وهو القانون الذي اشتهر على ألسنة الناس بأنه "قانون جيهان". كما كانت وراء تعيين السادات لـ 24 نائبة في مجلس الشعب المصري. وقد أنشأت عدداً من المشاريع الخيرية بمصر، ولقبها السادات بـ"سيدة مصر الأولى"، وكانت تتدخل في عمل الوزارات المختلفة، مما جعل أحد الصحفيين الغربيين يقول عنها إنها "سوبر" وزير التربية والصحة والشئون الاجتماعية[2].

كان السادات يكره أكوام الأوراق والتقارير، ويرفض أن يقرأها. وقد حاولت جيهان أن تُعوِّض ذلك، فأصبحت قارئة نهمة، وكانت تهتم كثيراً بتقارير مراقبة التليفونات، وتقارير المخابرات، وتقارير اتجاهات الرأي العام. وبذلك أصبحت، وكأنها عيون السادات وآذانه. وقد جمعت من حولها بلاطاً خاصاً بها يتكون من زوجات بعض رجال الأعمال، والسياسيين والضباط، وعدد من سيدات الطبقة الأرستقراطية التقليدية، التي كانت بارزة قبل الثورة.

وقد شعرت جيهان، بعد تولى السادات لمنصب الرئيس، أنها بحاجة إلى إعداد نفسها وتثقيفها، فاُختير أحد كبار أساتذة التاريخ ليعطيها بعض المحاضرات عن تاريخ مصر القديم وفنونها، ـ وهو الدكتور عبدالمنعم أبوبكر ـ وأن يصحبها في زيارات ميدانية إلى بعض المتاحف ومواقع الآثار. كما أنها انتسبت للجامعة وأعدت رسالة للماجستير، وحصلت على الدرجة. وفي الوقت الحالي تسافر جيهان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ثلاثة أشهر من كل عام، اعتباراً من آخر ديسمبر إلى أواخر مارس، حيث تقوم هناك بتدريس مادة عنوانها "وضع المرأة في المجتمع المصري". وتقضي الشهور التسعة الباقية بين أبنائها وأحفادها في مصر. وهي تستعد حالياً لنشر كتاب عن حياتها بعد السادات. كما أنها ستقيم معرضاً للوحات رسمتها بيدها في نهاية العام "الحالي" 1998.

السادات صحفياً

كان السادات صحفياً ماهراً بالفطرة، وقد بلغ عدد الأعمال التي كتبها نحواً من 650 عملاً صحفياً متنوعاً، بين مقالات وقصص ومذكرات، إلى جانب عرض لبعض الكتب؛ فضلاً عن سلسلة مقالات ظل يكتبها في جريدة مايو، بعد صدورها في عام 1978، إلى اغتياله في أكتوبر 1981. كانت البداية في سجن "قرة ميدان" حين نجح السادات في إقناع زملائه في السجن بإصدار مجلة أسبوعية، تتضمن الحوادث العامة والتعليق عليها، ونقد المتهمين. وتحولت الفكرة إلى واقع ملموس؛ فصدر العدد الأول يوم 22 أكتوبر عام 1946 باسم (الهنكرة والمنكرة). ثم نجح في إصدار المجلة الثانية يوم 26 أكتوبر من العام نفسه باسم "ذات التاج الأحمر"، وعلى الرغم من أن هذه التجربة تعد عملاً محدوداً بالمقاييس المتعارف عليها في العمل الصحفي، إلا أن أهميتها تتجسد في كونها تجربة، تعكس بوضوح الاهتمامات الأولى لأنور السادات بالعمل الصحفي، واستعداده له.

بعد الحكم ببراءته، ذهب السادات إلى صديقه إحسان عبدالقدوس، الكاتب الصحفي المعروف. وكان إحسان يعمل بروز اليوسف، ودار الهلال وفي جريدة الزمان في وقت واحد ـ فاصطحب إحسان السادات إلى دار الهلال وقدمه إلي المسؤولين فيها، فاشتروا مذكراته التي كان قد كتبها في السجن، وبدءوا في نشرها. ثم عُين السادات في وظيفة معيد للصياغة ـ في مكان إحسان عبدالقدوس إلى نهاية ديسمبر 1948.

كانت الفترة التي عمل فيها السادات صحفيا بدار الهلال، هي التجربة المهمة والأساسية التي استمد منها خبرة واسعة في مجال العمل الصحفي. وبحكم هذه الخبرة المبكرة في بلاط الصحافة، والتي تميز بها السادات عن باقي أعضاء مجلس قيادة الثورة، كان طبيعياً أن يُختار السادات لتحمل مسؤولية الصحافة، وشؤون الرقابة بعد ستة اشهر من قيام الثورة، ثم تولى بعد ذلك أول دار صحفية أنشأتها الثورة، وهي "دار التحرير للطبع والنشر"، التي أصدرت أول جريدة يومية للثورة، وهي جريدة "الجمهورية". وقد صدر العدد الأول منها يوم 17 ديسمبر عام 1953.كما صدر عن هذه الدار أيضاً مجلة التحرير" في أول يناير عام 1954، مجلة أسبوعية منتظمة الصدور، يتولى السادات مسؤوليتها إلى جانب جريدة الجمهورية. وبعمل أنور السادات في صحافة الثورة، تبدأ مرحلة جديدة في حياته كصحفي؛ ذلك أن مسؤوليته لم تعد تقتصر فقط على مقال يكتبه أو رأي يعبر عنه، بل أصبحت مسؤولية كاملة في إصدار جريدة يومية ومجلة أسبوعية، بكل ما يتطلبه ذلك العمل من اختيار للعاملين، وتحديد للهدف، ووضع للخطوط ومتابعة للتنفيذ. وحتى بعد اختياره رئيسا لمصر، خلفاً لعبدالناصر، لم ينقطع السادات عن العمل الصحفي. فقد فكر ـ عقب نصر أكتوبر 1973 ـ في إصدار صحف جديدة تعبر عن مرحلة ما بعد النصر؛ فكلف الكاتب الصحفي أنيس منصور بإصدار "مجلة أكتوبر"، التي ما تزال تصدر إلى يومنا هذا. ثم كلف الكاتب الصحفي إبراهيم سعدة بإصدار صحيفة أسبوعية، اختار لها السادات اسم جريدة "مايو". ولم يتوقف الأمر عند اختياره للعناوين التي تصدر المجلة أو الصحيفة الجديدة، بل كان يشارك في وضع التصور العام "للماكيت"، واختيار الأبواب الثابتة، وعناوينها، بل كان كثيراً ما يشارك في كتابة مقال الصفحة الأخيرة.

وكان السادات يشارك أيضاً في اختيار رؤساء تحرير الصحف القائمة، ورؤساء مجالس الإدارة، ويرجع إليه الفضل في تقنين العمل الصحفي، وإلحاقه بمجلس الشورى، وإنشاء المجلس الأعلى للصحافة، الذي يشرف ماليا وإدارياً على إصدار الصحف، ولا يزال هذا المجلس قائماً إلى يومنا هذا.

ولعل أبرز ظاهرة في كتابات السادات الصحفية، شمولها لأنواع وأشكال عديدة من فنون التحرير الصحفي، ومختلف أنواع المقالات.

وقد ساهم السـادات بمؤلفات كان لها دورها في تاريخ الأحداث المعاصرة في مصر. ومن أهم هذه المؤلفات:

1.      "صفحات مجهولة"

وهي مذكرات أنور السادات منذ تخرجه من الكلية الحربية عام 1938، حتى قيام الثورة. وتعد أقدم المذكرات المكتوبة عن ثورة 23 يوليه. صدرت هذه المذكرات لأول مرة في سلسلة "كتب للجميع" في نوفمبر 1954. ثم أعيد طبعها تحت عنوان: "أسرار الثورة المصرية، بواعثها الخفية وأسبابها السيكولوجية". في سلسلة "كتاب الهلال"، يوليه 1957.

2.      "قصة الثورة كاملة"

وهي مذكرات القائمقام أنور السادات، صدرت في كتاب الهلال في يوليه 1956. وهي تتحدث عن الثورة منذ بداية تشكيلات الضباط الأحرار.

3.      "يا ولدي هذا عمك جمال"

مذكرات نشرت في كتاب الهلال في يوليه 1958. وهي تتحدث عن تفاصيل الثورة، ومراحلها، وتأميم قناة السويس، وحرب 1956.

4.      البحث عن الذات"

سبق ظهور هذا الكتاب نشر أجزاء من مذكرات أنور السادات في جريدة الأهرام، ابتداء من 25 سبتمبر 1975 حتى 15 أكتوبر 1975. ثم في مجلة أكتوبر ابتداء من 31 أكتوبر 1976. ثم صدرت الطبعة الأولى من كتاب "البحث عن الذات" عن دار المكتب المصري الحديث للطباعة في إبريل 1978. وهو يتناول حياة السادات، من عشرة فصول، منذ نشأته إلى زيارته للقدس، في عام 1977، ومباحثاته مع زعماء إسرائيل.

 



[1] محمد حسنين هيكل، "خريف الغضب"، ص 45. قارن: موسى صبري، "السادات الحقيقة والأسطورة"، ص 243. حيث ذكر أن "راوية" الابنة الثانية تقيم في بوسطن في أمريكا تدرس للحصول على الماجستير في الإعلام.

[2] مجلة الرسالة، "جيهان معبودة الغرب"، عدد 1014، الأحد 21 نوفمبر 1982. قالت إحدى قارئات الكف لجيهان ـ ذات مرة وهي في كازينو على النيل تتعشى مع السادات ـ أنها ستكون ملكة مصر، وقد تركت هذه العبارة أثراً عميقاً في نفسها، وطموحاتها.