إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / السِّير الذاتية للشخصيات الواردة في كتاب "مقاتل من الصحراء" / السِّير الذاتية للشخصيات، في المملكة المتحدة









سيرة ذاتية

سيرة ذاتية

الجنرال السير بيتر دي لابليير

General Sir Peter de la Billiere

 

 

يُعدّ الجنرال السير بيتر دي لابليير، من أكثر القادة العسكريين البريطانيين أوسمة.فقد نال شهرته عن أعماله البطولية وخدمته المتميزة في القوات الخاصة (SAS)، التي تُعدّ نخبة القوات الخاصة البريطانية، وكذلك إثر قيادته للقوات البريطانية في حرب الخليج لتحرير الكويت، عام 1991.

وبلا ادعاءٍ أو تكلّفٍ، يُعطي الجنرال دي لابليير انطباعاً بالصرامة، التي يحفها التواضعُ والبساطة. وقد نال الإعجاب جندياً "يؤدي مهامه، ويشق طريقه الخاص في هدوء وثبات". قال عنه المؤرخ العسكري، الستير هورن Alsitair Horne، إنه يجسد السلوكيات المثالية للقائد الحقيقي، كما عرفها فريدريك العظيم Fredrick the Great: "كن أفضل مما تبدو".

ولد بيتر دي لابليير في 29 أبريل 1934.والده الضابط الجراح، كلود دي لابليير Claude de la Billiere، الذي قُتل في أحداث جزر فيجي عام 1941، وأمه فرانسيس كريستين لوْلي Frances Christine Wright Lawely . تلقى بيتر تعليمه بمدرسة هاروHarrow، من المدارس العامة للنخبة في بريطانيا، وهي المدرسة التي تعلم بها ونستون تشرشلWinston Churchill، إلاّ أنه اعترف في أحد المرات أنه كان مراهقاً جانحاً، يميل إلى السرقة، وتجربة صناعة القنابل، والسكر المحظور.

ترك دي لابليير المدرسة في السادسة عشرة، معلناً عن عزمه التجول في العالم، "باحثاً عن المغامرات أينما وجدت".إلاّ أنّه التحق بالجيش، جندياً، وانضم لفرقة المشاة الخفيفة التابعة للملك، في شروبشاير King's Shropshire Light Infantry، عام 1952.بعد التحاقه بفرقة مشاة دورام الخفيفة Durham Light، خدم في اليابان، حيث جرح، وفي السويس والأردن، لمدة عامين.

في عام 1956، التحق بالقوات الخاصة (SAS)، وشارك في قتال المتمردين الشيوعيين في الملايو Malaya.وفي عام 1958، قاد قوة خاصة، أثناء الهجوم على المتمردين العُمانيين، في الجبل الأخضر، ونال على إثرها وسامه العسكري الأول "الصليب العسكري" (Military Cross).

خلال الفترة من 1964 إلى 1966، قاد السرب 22، التابع للقوات الجوية الخاصة (SAS)، في عمليات ردفان Radfan، جنوب الجزيرة العربية، وجزيرة بورنيو Borneo، في شرق آسيا، مضيفاً شريطا لوسامه العسكري.وعاد بعد ذلك، قائداً ثانياً (نائب القائد)، للسرب 22، ثم قائداً.وخلال الفترة ما بين 1969 إلى 1974، قاد العمليات بمنطقتي مُسندم وظُفار، بسلطنة عمان.عُين عضواً في "جماعة الخدمة الحسنة" (Distinguished Service Order).

بين الأعوام 1979 و1983، رُقي، لابليير ليتولى قيادة مجموعة الخدمة الجوية الخاصة، وكان القائد العسكري العام للعملية الناجحة، لإنقاذ الرهائن، المحتجزين في السفارة الإيرانية، بلندن.وقد أدّت قواته الخاصة دوراً مهماً في حرب جزر فوكلاند Falklands، ضد الأرجنتين، عام 1982. ونال وسام قائد الإمبراطورية البريطانية Commander of the British Empire CBE، عام 1983، ووسام القائد الفارس الشرفي Knight Commander of the Bath KCB، عام 1988.

وخلال خدمته العسكرية، نفذ بيتر دي لابليير أعمالاً عسكرية يكتنفها الغموض، إذ نفذ أشدّ عمليات الجيش سرية.وأظهر، على مدار ما يزيد على أربعين عاماً، شجاعة زائدة، أثناء القتال في صفوف القوات الخاصة.

قضى ما يقارب من عشرين عاماً في الشرق الأوسط؛ في الأردن، ومصر، والسودان، وعدن. وقد أكسبته معرفته باللغة العربية، وبمنطقة الشرق الأوسط، تقديراً خاصاً من السياسيين والعسكريين، الذين تعاملوا معه.

بعد غزو صدام حسين واحتلال الكويت، في أغسطس 1990، قررت بريطانيا الانضمام لقوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، لإخراج القوات العراقية من الكويت.حينذاك، كان الجنرال دي لابليير يخطط للتقاعد، ليبدأ حياة مدنية، يعمل خلالها في مشروعات تربية المواشي.وقد التحق، في فترة ما قبل التقاعد، بدورة في فن الجزارة.إلا أنه، ما أن نشبت أزمة الخليج، تخلى عن فكرة التقاعد، وحرر مذكرة من عشر نقاط، يثبت فيها أنه مازال الرجل المناسب، لقيادة الجيش البريطاني.وصرح، فيما بعد، قائلا: "لم يدر بخلدي عمل أي شيء، غير هذا".

وفي السادس من أكتوبر 1990، اختارت السيدة مارجريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا آنذاك، الجنرال دي لابليير لقيادة القوات البريطانية في الشرق الأوسط. وفي ظل قيادته، ارتفع عدد القوات البريطانية من 14 ألف، في بداية نوفمبر 1990، إلى أكثر من 45 ألف، في نهاية الحرب ضد العراق، في فبراير 1991.

كان مسؤولاً عن القوات الجوية الملكية البريطانية Royal Air Force- RAF، وعن طلعاتها المتلاحقة، وعن عمليات البحرية الملكية، في الخليج العربي نفسه، بل وعن القوات البريطانية، بأكملها، التي كانت تقاتل في عدة جبهات، على مسرح، تبلغ مساحته مليون ميل مربع، في منطقة الشرق الأوسط.

أدرك الجنرال دي لابليير، منذ البداية، أن الهجوم البري ضروري، لتحرير الكويت.وقال آنذاك:  "من النادر جداً أن تهزم القوات الجوية، وحدها، عدواً بقوة وصلابة صدام حسين".وكان من أنصار شن هجوم شامل، تشارك فيه القوات البرية، خشية أن يؤدي ما هو أقل من ذلك إلى تعزيز وضع صدام بين جيرانه العرب، على حساب الأمم المتحدة، والقوات المتحالفة.

خرج الجنرال دي لابليير من حرب الخليج عام 1991، بطلاً دولياً، كما أثبت أنه قائد إستراتيجي محنّك، نال إعجاب رجاله، واحترام زملائه، من القادة العسكريين.أقام لابليير علاقة عمل وثيقة مع الجنرال نورمان شوارتزكوف Norman Schwarzkopf، قائد القوات المركزية الأمريكية، ومع صاحب السمو الملكي الفريق الركن خالد بن سلطان بن عبد العزيز، القائد السعودي للقوات المشتركة ومسرح العمليات، وكذلك، مع الجنرال تشارلز "تشاك" هورنر Charles 'Chuck' Horner، قائد القوات الجوية في القيادة المركزية الأمريكية، ومهندس الحرب الجوية الحاسمة ضد العراق، التي مهدت الطريق لنجاح الحملة البرية.

قضى لابليير حياته العسكرية على الخطوط الأمامية، ولم يكن لديه وقت للأعمال الإدارية أو المقابلات الصحفية، حتى أنه منع استخدام الآلات الكاتبة، في وقت من الأوقات، داخل قيادة الأركان، بحجة أن الكتابة باليد ستحد من الحشو في اللغة.وكان وجود 1400 صحفي في الخليج، أثناء الأزمة، يمثل عبئاً كبيراً على الدولة المضيفة.وكان عنَادهم وإصرارهم، على الحصول على المعلومات، يغضب لابليير أحياناً؛ خاصة عندما أوشك أحد صحفيي صنداي تايمز (Sunday Times) البريطانية، أن يُفسد مناورات في غاية الأهمية للفرقة البريطانية.يقول لابليير في رسالة بعث بها إلى زوجته، بريجت (Bridget): "إنها، حقاً، حرب التلفزيون، ما إن بدأت الحرب، حتى أنهكتنا البيانات الصحفية".كان شديد الاستياء من وسائل الإعلام، خاصة عندما أبدت ـ في بريطانيا والولايات المتحدة ـ نوعاً من التعاطف مع صدام حسين، بعد قصف قوات التحالف، أحد ملاجئ المدنيين في بغداد.

كانت عملية "عاصفة الصحراء"، أكبر حملة خاضها الجيش البريطاني منذ 1945، ويعزو كثيرٌ من المعلقين نجاح القوات البريطانية، إلى الجنرال دي لابليير، خاصة الدور البارز الذي أدته القوات البريطانية الخاصة (SAS)، في تدمير منصات صواريخ سكود Scud العراقية، غرب الصحراء العراقية.

تُعدّ القوة، التي قادها لابليير، أقل الحملات العسكرية خسائر في التاريخ.إذ لم يُقتل من بين 45 ألف بريطاني، شاركوا في عاصفة الصحراء، سوى خمسة جنود فقط، وذلك نتيجة أسباب شتى، منها، التفوق التقني الهائل للقوات المتحالفة، وقيادة لابليير الناجحة.كان الجنرال دي لابليير الرجل المناسب للمهمة، نظراً لمعرفته المتميزة بمنطقة الشرق الأوسط، وحبّه لها، وخبرته القيادية، التي اكتسبها أثناء خدمته في القوات الخاصة (SAS)، وخبرته في العمل مع الأمريكيين، واحترامه الشديد للدولة المضيفة وقادتها من السياسيين والعسكريين، ومراعاته للتقاليد والأعراف والقيم السائدة في المنطقة، ومكانته كمقاتل على الخطوط الأمامية.

وعلى الرغم من الأوسمة والنياشين، التي تقلَّدها، بعد حرب الخليج، لم يكن الجنرال دي لابليير على وئام مع وزارة الدفاع البريطانية، أثناء الحملة.ففي مذكراته، عن حرب الخليج "قيادة العاصفة" (Storm Command)، التي نُشرت عام 1992، ينتقد توم كينج (Tom King)، وزير الدفاع، آنذاك، لتدخله في الشؤون العملياتية، وقلقه واهتمامه، أكثر مما ينبغي، بردود فعل وسائل الإعلام، في الوقت الذي كان فيه دي لابليير يرغب في مناقشة المسائل الإستراتيجية.كما كان دي لابليير يشكو من قيود وزارة المالية البريطانية، في التعامل مع طلبات الجيش، من المعدات العسكرية والإمدادات البشرية.

وتأكيداً على أهمية دور بريطانيا في حرب الخليج، طلب دي لابليير فرقة مدرعة كاملة، بدلاً من اللواء الذي كان قد وُعد به في البداية.كذلك، نجح في إقناع الجنرال نورمان شوارتزكوف، بنقل الفرقة البريطانية الأولى مدرعات، خارج سيطرة مشاة البحرية الأمريكية "المارينز "(Marines)، إلى قطاع أكثر أهمية في ميدان القتال، لتتمكن من إظهار قدرتها على الحركة، وقوة سلاحها.استطاع لابليير أن يتبوأ مكانة بارزة في قيادة التحالف، على الرغم من صغر حجم القوة البريطانية، أمام القوة البشرية الأمريكية الهائلة، التي كانت تزيد على 500 ألف فرد.

وبعد حرب الخليج عام 1991، حصل الجنرال دي لابليير على وسام (Knight of the British Empire- KBE) ـ في الفروسية ـ مكافأةً له على الخدمة الطويلة، والممتازة، التي قدّمها لبلاده.وفي 1991 ـ 1992، رُقي إلى رتبة فريق أول (أربع نجوم)، وعُين مستشاراً لوزارة الدفاع البريطانية، عن منطقة الشرق الأوسط.

منحه الرئيس الأمريكي، جورج بوش، وسام الاستحقاق (Legion of Merit)، أفضل وسام أمريكي يُمنح لغير الأمريكيين، وذلك في مقر رئيسة الوزراء البريطانية، في 10 داوننج ستريت بلندن.وقد عبّر لابليير للصحفيين عن شعوره، قائلا: "إن هذا الوسام، ليس لي وحدي، بل لجميع المقاتلين البريطانيين، الذين شاركوا في الحرب".

ولكن بعد نشر كتابين، من أفضل الكتب توزيعاً، أحدهما عن حرب الخليج: "قيادة العاصفة" (Storm Command)، والثاني عن القوات الجوية الخاصة (SAS) : "البحث عن المتاعب" (Looking for Trouble)، أُتهم لابليير بإفشاء أسرار الدولة، ومخالفة تعهده، حسب قانون أسرار الدولة Official Secrets Act .ونتيجة لذلك، صدر قرار عام 1997، يحظر على لابليير التعامل مع جميع مؤسسات القوات الخاصة، بل لم يُسمح له بالمشاركة في استعراضات "ذكرى الهدنة" " Remembrance Day " (وهو احتفال يقام في 11 نوفمبر من كل عام إحياءً لذكرى نهاية الحربين العالميتين، الأولى والثانية، في 1918، و1945)، بمقر قيادة القوات الخاصة (SAS)، في مدينة هرفورد Hereford .ومن جانبه، احتج دي لابليير على هذه الاتهامات، مصراً على براءته، مشيراً إلى أن وزارة الدفاع، والقوات الخاصة، قد راجعتا الكتابين قبل نشرهما.

هبّ كثير من المعلقين للدفاع عن الجنرال دي لابليير، فكتب اندرو روبرتس Andrew Roberts، من صحيفة التايمز (The Times) البريطانية قائلاً: "لقد قاد دي لابليير فرقة مدرعات، وسجل بطولات نادرة، كقائد عسكري عظيم.ولكن وايتهول (Whitehall)، التي لا تبغي للقائد اللامع المعتز بنفسه والمستقل بذاته، أن يوضع في المقام الأول، قد قررت أن تضعه على قدم المساواة، مع من كانوا يخدمون تحت قيادته.وهذا أمر يأباه التاريخ".وضع روبرتس مذكرات لابليير، في مصافّ الأعمال العسكرية الخالدة، مثل مارس الماضي (March Past)، للورد لوفات Lord Lovat، ومداخل شرقية (Approaches Eastern)، للسير فيتزوري ماكلين Fitzory Maclean.

ومنذ عام 1992، يشغل السير بيتر دي لابليير منصب مدير غير تنفيذي للمجموعة المصرفية الدولية، "روبرت فلمينج هولدينجز" (Robert Fleming Holdings)، ويعيش مع زوجته، بريجت دي لابليير، يقضيان الوقت بين الرحلات على يختهما، والزراعة، ولعب الاسكواش.