إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / السِّير الذاتية للشخصيات الواردة في كتاب "مقاتل من الصحراء" / السِّير الذاتية للشخصيات، في ألمانيا









ماو تسي تونج Mao Tse-tung

سيرة ذاتية

إيرفن رومل Erwin Rommel

(1891 ـ 1944)[1]

من مشاهير القادة العسكريين الألمان

 

 

ولد رومل في 15 نوفمبر 1891، في مدينة هايدنهايم Heidenheim الألمانية. التحق رومل في عام 1910، بالفوج 23 مشاة في فوتمبرج Wuttemberg ، طالباً ضابطاً. اشترك في الحرب ضد فرنسا، ورومانيا وإيطاليا، أثناء الحرب العالمية الأولى، برتبة ملازم.

ظهرت بوادر عبقريته العسكرية، من خلال فهمه العميق لرجاله، وشجاعته غير العادية، وموهبته الفطرية في القيادة. فشغل عديداً من الوظائف في أكاديميات عسكرية مختلفة. وقد عمل معلماً بأكاديمية دريسدن العسكرية Dresden Military Academy ، أثناء الحرب العالمية الأولى.

في عام 1938، عُين رومل قائداً لمدرسة الضباط في مدينة فينر نويشتات Wiener Neustdt ، بالقرب من فيينا. وفي بداية الحرب العالمية الثانية، في 1939، عُين قائداً لحرس مقر الفوهرر، ولكن لم تكن هذه الوظيفة هي التي ترضي طموح وحماس جندي من جنود الخطوط الأمامية. وجاءته الفرصة لإثبات ذاته، في فبراير 1940، عندما تولى قيادة الفرقة السابعة مدرعات (البانزر)، ولم يكن لديه أي خبرة بالدبابات، ولم يتوفر له سوى ثلاثة أشهر لدراسة المدرعات والإلمام بأساليب قيادة هذه القوات، قبل أن يدخل بهذه الفرقة القتال. وقد نجحت مدرعات رومل نجاحاً باهراً، أدى إلى انهيار فرنسا، فنتج عن ذلك أن أُعطيت له فرصة أخرى لتطبيق العقيدة الجديدة في أفريقيا، وقد استفاد رومل من ذلك، لأنها كانت قيادة مستقلة.

ولم يمض أكثر من عامٍ على توليه قيادة الفرقة السابعة مدرعات، حتى أصبح رومل أحد ألمع قادة الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، فدرّب فيلق الصحراء الألماني، الذي تسلم قيادته في فبراير 1941، تمهيداً للعمليات الحربية في صحراء شمال أفريقيا، لنجدة الجيش الإيطالي المهزوم، فطرد الجنرال ويفل من بنغازي. وفي صيف 1942، دحر البريطانيين، وأرغمهم علي التضحية بطبرق، والأراضي الحدودية المحيطة بها، وجعل خسائرهم تصل إلي خمسين ألف رجل، قبل أن يتوقفوا في العلمين. وبدا في تلك الأيام، أن البريطانيين على وشك الخروج من مصر.

غير أن مونتجمري، القائد البريطاني، اغتنم فرصة وجود رومل في ألمانيا للعلاج، وشن هجوماً علي الخطوط الألمانية، وعاد رومل إلي ميدان المعركة، وأظهر براعة فائقة في حرب الصحراء، كما أظهر حنكة، حتى أثناء تراجعه أمام مونتجمري. ولكن استطاع الجيش الثامن البريطاني "فئران الصحراء" بقيادة مونتجمري هزيمة رومل في معركة العلمين، في مصر، في أكتوبر 1942.

وفي عام 1943، انسحب من أفريقيا ـ مريضاً ـ بعد إصرار من موسوليني Mussolini ، وأُرسل إلى اليونان. وكانت هذه خدعة لسحب القوات من فرنسا إلى اليونان. وقد نجح في ذلك، ونُقلت الفرقة الأولى مدرعات من فرنسا إلى اليونان.

لقد أظهر رومل دهاءً أعظم في تطبيق نظرية " Blitzkrieg " (الحرب الخاطفة)، (وهي أسلوب الحرب المتطرف في خفة حركته، مستخدماً المدرعات والقوات المحملة)، في أفريقيا، لأنه مزج الدفاع بالهجوم، مع جذب المدرعات المعادية إلى فخاخٍ منصوبة، تمهيداً لقيام مدرعاته بضربات خاطفة للقضاء عليها. ويعلق ليدل هارت، المفكر العسكري والإستراتيجي الإنجليزي، على هذا قائلا: "إن القدرة على القيام بتحركات غير متوقعة، والإحساس الجاد بعامل الوقت والقدرة على إيجاد درجة من خفة الحركة تؤدي كلها إلى شل حركة المقاومة، ولذلك فمن الصعب إيجاد شبيهاً حديثاً لرومل، فيما عدا جوديريان، أستاذ الحرب الخاطفة". لُقّب رومل بثعلب الصحراء لبراعته في التكتيك الحربي. وقامت شهرته على قيادته للجيش الألماني في الصحراء الغربية، وقد لعب دوراً مهماً في بروز هتلر.

ويقول ليدل هارت،: "كنت أنظر إلى رومل على أنه رجل تكتيكي عظيم، وقائد مقاتل بارع، لكنني لم أدرك درجة تعمقه في الإستراتيجية، (أو بالأحرى درجة تمكنه منها من خلال تأملاته)، إلا بعد اطلاعي على أوراقه الشخصية. وفوجئت عندما وجدت هذا القائد (المندفع) يفكر بهذه الدرجة من العمق، وأن جرأته كانت ترجع أصلاً إلى دهائه. وفي حالات معينة يمكن انتقاد بعض حركاته على أنها اندفاع وتهور، ولكن لا يمكن اعتبارها ضربات مقامر أعمى، عنيف الطباع. وإذا حللنا عملياته، لوجدنا أن بعض ضربات رومل، التي فشلت ونتج عنها عواقب وخيمة بالنسبة له، كانت تؤدي إلى عواقب أكثر قسوة لخصومه، علاوة على أنها أثرت تأثيراً كبيراً فيهم، فمكنته من الإفلات بجيشه من هذا المأزق بسهولة تامة. ويمكن قياس القادة بالطريقة التي يؤثرون فيها في خصومهم، وبهذا القياس يكون مكان رومل مرتفعا للغاية".

لقد أحدث رومل تأثيراً كبيراً في العالم بسيفه، وزاد من عمق هذا التأثير ببلاغة قلمه، لأن أي قائد آخر في التاريخ لم يستطع كتابة قصة حملاته بطريقة تضاهي في حيويتها وقيمتها كتابات رومل. لقد ولد رومل ليكون كاتباً، بالإضافة إلى أنه مقاتل بطبيعته، فكان يحب التعبير عما يجيش في نفسه على الورق، بالإضافة إلى عمله. وقام بذلك قبل أن يشتهر كقائد ناجح، فقدم بحثاً في تكتيكات المشاة، واستمد هذا البحث من تجاربه الشخصية، كضابطٍ صغيرٍ، في الحرب العالمية الأولى، ومن تأملاته عنها. وقد تميز بحثه بالحيوية والتشويق، في وقت كانت أغلب الكتب الرسمية عن التكتيك شديدة الملل. وقد نُشر هذه البحث عام 1937، ولاقى قبولاً كبيراً. وجاءت فرصته لإبراز مواهبه كقائد من طريق كتاباته، لأن كتابه عن تكتيكات المشاة، كان أول ما لفت نظر هتلر نحوه، ونتج عن ذلك تمهيد الطريق له إلى المناصب الكبرى. وقد استغل رومل الفرصة لأقصى حد، لأنه كان يتمتع أيضا بالعبقرية التنفيذية.

أما ما كتبه رومل عن "قواعد حرب الصحراء" فيعتبر مساهمة عظيمة في ميدان الفكر العسكري علاوة على التعليقات الحكيمة، وكلها عن مجالات جديدة: عن الحشد زمنا وليس مكانا، وعن أثر السرعة في مواجهة تفوق العدو، وعن المرونة كوسيلة للمفاجأة؛ وعن الأمن الذي توفره الجرأة، وعن القيود السخيفة التي تفرضها عقلية الإمدادات والتموين، وعن خلق مستوياتٍ جديدة، وعدم الرضوخ للأمر الجاري، وعن قيمة الرد غير المباشر (وليس المباشر) على تحركات العدو، وعن الطريقة التي يمكن بها تعويض النقص في استخدام القوة الجوية (وهذه مراجعة جذرية لقواعد الحرب البرية) بدون تمييز، وعن عدم فاعلية انعدام الضمير.

ومن الناحية الإنسانية، كان رومل رجلاً إنساناً بجانب طاقته العظيمة وعبقريته العسكرية. لقد كان رومل أكثر من أسطورة بالنسبة للبريطانيين، فأدى إعجابهم الشديد بقيادته البارعة، أن تحول هذا الإعجاب إلى شبه محبة لشخصه، وذلك يرجع إلى استخدامه السرعة والمفاجأة في عملياته الحربية في أفريقيا، ومحافظته على تقاليد الحرب العسكرية الشريفة المهذبة، وبسلوكه مسلك الفارس، نحو الكثيرين من أسرى الحرب، الذي قابلهم شخصياً. ولذلك، أصبح بطلاً في نظر جنود الجيش الثامن البريطاني (الذين كانوا يقاتلون ضده)، لدرجة أنهم إذا أرادوا أن يصفوا عملاً مجيداً قام به أحدهم قالوا أنه: "مثل رومل". ومثل هذا الإعجاب الشديد بقائد الأعداء، حمل في طياته بذوراً خطيرة، بالنسبة للروح المعنوية للجنود، مما أضطر القادة البريطانيين وأركان حربهم، أن يقوموا بمجهودات شاقة للقضاء على "أسطورة رومل". وقاموا بدعاية مضادة ولكنها لم تكن قائمة على تلويث سمعة رومل الشخصية، وإنما كانت قائمة على الإقلال من شأنه من الناحية العسكرية.

وبالطبع لم تكن انتصارات رومل بدون أخطاء، بل تكبد خسائر كبيرة، ونزلت به هزائم، كان يمكنه تفاديها، ولكننا إذا علمنا أن القائد الذي يقاتل ضد قوات متفوقة ربما أدى خطأ يرتكبه إلى هزيمته، بينما نجد أن القائد المتفوق في عدته وعتاده، يمكن أن يرتكب سلسلة من الأخطاء من دون أن يؤثر هذا في النتيجة. ولذلك ينطبق عليه القول المأثور لنابليون: "إن أعظم القادة أقلهم أخطاءً."

وفي عام 1944، قاد القوات الألمانية، التي وقفت أمام غزو الحلفاء، لمقاطعة نورماندي Normandy الفرنسية. وقد أُصيب بجروح خطيرة في إحدى الغارات الجوية. وفقد منصبه، لأنه أبلغ هتلر بأنه لا جدوى لألمانيا من استمرار الحرب. قيل إنه تورط في مؤامرة قتل هتلر في يوليه 1944، وخيّر بين المحاكمة في محكمة الشعب بتهمة الخيانة العظمى أو الانتحار بالسم. وكان اختيار الثانية يضمن عدم إلحاق الضرر بعائلته، وعمل جنازة رسمية له. فاختار السم.

نشرت زوجته مذكراته بعد وفاته في عام 1944.

 



[1] موسوعة السياسة، ج2، ص 863. الموسوعة العربية العالمية، ط2، 1999، ج11، ص424. صناع الحضارة أعلام القرن العشرين، ص377 . مذكرات رومل، جمعها وأعدها ب. هـ. ليدل هارت، تعريب وتعليق فتحي عبدالله النمر.