إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / السِّير الذاتية للشخصيات الواردة في كتاب "مقاتل من الصحراء" / السِّير الذاتية للشخصيات، في الولايات المتحدة الأمريكية









ماو تسي تونج Mao Tse-tung

سيرة ذاتية

جون كوينسي آدامز

(John Quincy Adams)

(1767 ـ 1848)

 

 

هو الرئيس السادس للولايات المتحدة الأمريكية، وأول رئيس أمريكي، كان أبوه، كذلك، رئيساً أمريكياً. ولد جون كوينسي وسط أتون الثورة الأمريكية، وبداية تكوين الولايات المتحدة الأمريكية. وارتبطت حياته بالدولة الوليدة، فنميا معاً، واختلطت قصة كل منهما بالآخر.

يذكر لجون كوينسي أنه برع في مجالين مختلفين، بينهما فاصل استمر أربع سنوات. أما المجال الأول، فكان عمله في السلك الدبلوماسي، فقد مثَّل الولايات المتحدة، لدى دول صديقة، وأخرى معادية. وظل يتدرج، في مناصب السلك الدبلوماسي، حتى صار، وزيراً لخارجية الولايات المتحدة. وخلال عمله الدبلوماسي، استطاع أن يعقد صفقات، ويقيم صداقات، مع قادة الدول، الأمر الذي كان له فضل كبير، على الاعتراف بالدولة الجديدة، والسعي إلى إقامة علاقات وثيقة معها. أما المجال الآخر، فهو المجال التشريعي. فقد عمل بوصفه عضواً في مجلس النواب، بالكونجرس الأمريكي، حيث وضع كل خبرته، في صياغة مشروعات القوانين، وفي إنشاء الهيكل التشريعي، للولايات المتحدة. فما من قانون صدر في هذه الفترة، إلا وكان جون كوينسي وراءه، وما جرؤ أحد، على اقتراح تعديل للدستور، إلا بعد أخذ الموافقة المبدئية عليه، من جون كوينسي. أما السنوات الأربع التي فصلت بين المجالين، فكانت هي السنوات، التي تولى فيها رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. فالتاريخ، لم يذكر له أي إنجازات، خلال فترة رئاسته، كما خلد إنجازاته خلال عمله كدبلوماسي، وكمشرع في مجلس النواب الأمريكي.

نشأته وتعليمه

ولد جون كوينسي، في الحادي عشر من يوليه عام 1767، وواكب مولده بداية الثورة الأمريكية. وكان هو الابن الوحيد لجون آدامز، الرئيس الثاني للولايات المتحدة الأمريكية، وأحد مؤسسيها البارزين. أما والدته، فكانت تعده، لأن يصبح رئيساً بعد أبيه، وكانت تحمسه قائلة "غدا سوف تلقى مسؤولية هذه الدولة على كاهلك".

لم يذهب جون كوينسي إلى المدارس الابتدائية، ولكنه تعلم على يد أبيه و أمه، وصفوة من المدرسين الخصوصيين، من ذوي الجنسيات المختلفة، الذين أحضرهم أبوه، لإعداد جون كوينسي، للمهام الجسيمة التي تنتظره. وقد اصطحبه والده، ولم يكن عمره قد تعدى عشر سنوات، في مهمات دبلوماسية إلى أوروبا. ثم التحق بمدرسة خاصة، داخلية، في باريس، لتعلم اللغة الفرنسية. وبعد أن اشتد عوده، التحق جون كوينسي، بجامعة هاج Hague في مدينة Leiden بجنوب هولندا.

وأظهر جون كوينسي، شغفاً غير طبيعي، لتعلم اللغات، والتاريخ، ونبغ فيهما. فكان يحفظ التاريخ الأوروبي، والعالمي عن ظهر قلب. وفي عام 1785 عاد جون كوينسي إلى الولايات المتحدة، حيث التحق بجامعة هارفارد (Harvard University). وبعد تخرجه، قرر دراسة القانون، فالتحق بكلية الحقوق في نيوبريبورت (New Buryport)، بولاية ماساشوسيتس.

وبدأ كوينسي ممارسة مهنة المحاماة، في مدينة بوسطن، في الوقت الذي كان يكتب مقالات سياسية، للصحف اليومية، يتعرض فيها، للأحداث السياسية الجارية، في الدولة الوليدة بالنقد والتحليل. وقد أعجب الرئيس جورج واشنطن، بآراء جون كوينسي السياسية، وتحليلاته للأحداث، وبُعد نظره، في العلاقات بين الدول، فقرر تعيينه في السلك الدبلوماسي.

آدامز والسلك الدبلوماسي

كانت أولى مهام جون كوينسي، هي تمثيل الولايات المتحدة في هولندا، إذ كان يجيد اللغة الهولندية. وفي الفترة التي قضاها في هولندا (1794-1797)، كانت الدول الأوروبية، تمر بأحداث عاصفة، انقلابات وثورات وحروب. فعكف جون كوينسي، على دراساتها، وتحليلها، واستنتاج دروس منها. ثم وضع كل هذه الدراسات، في تقرير مفصل، أرسل به إلى الحكومة الأمريكية.

وبعد هولندا، مثَّل جون كوينسي، بلاده، في ألمانيا (1797-1801). وفي إحدى زياراته إلى العاصمة الإنجليزية، لندن، التقى جون كوينسي، بالقنصل العام للولايات المتحدة، في إنجلترا، جاشوا جونسون Johnson، ونشأت بين الرجلين صداقة، توجت بزواج جون كوينسي من لويزا (Louisa)، ابنة جونسون عام 1797. ورزق الزوجين بثلاثة أبناء، عاش واحدٌ منهم فقط، إلى ما بعد وفاة أبيه، وعينه الرئيس أبراهام لنكولن، سفيراً للولايات المتحدة في بريطانيا.

وفي عام 1801، أصدر الرئيس جون آدامز قراراً بعودة ابنه من مهمته الدبلوماسية. فاستقر جون كوينسي في بوسطن، وعاد لممارسة المحاماة مرة أخرى.

سيناتور في مجلس الشيوخ الأمريكي (1803-1809)

اُنتخب جون كوينسي، الذي كان ينتمي إلى الحزب الفيدرالي المعارض، عضواً في مجلس الشيوخ عام 1803، إلا أن آراءه لم تكن لتتفق مع آراء قادة الحزب. فقد كان دائم التصويت لصالح الرئيس توماس جيفرسون، ولهذا السبب قرر الحزب الفيدرالي استبداله بآخر.

استدعاء آدامز ليمثل الولايات المتحدة في روسيا (1809-1814)

عند تولي، الرئيس جيمس ماديسون، الحكم، أرسل جون كوينسي، في مهمة دبلوماسية صعبة، وهي تمثيل الولايات المتحدة في روسيا، بدرجة وزير. وخلال عمله، نشأت علاقات صداقة قوية، بينه وبين اسكندر الأول، قيصر روسيا، الذي انبرى للدفاع عن الولايات المتحدة، في حربها، مع بريطانيا، عام 1812.

آدامز رئيساً للمفاوضين الأمريكان في بريطانيا، لوقف الأعمال العدوانية

فور اندلاع الحرب، ومهاجمة الأسطول البريطاني، للولايات المتحدة، استدعي آدامز، لتمثيل بلاده في المفاوضات. وقد ساعد ببراعته، في التوصل إلى اتفاقيات مرضية ومشرفة لجميع الأطراف، بما أدى إلى وقف الحروب بين الدولتين نهائياً.

آدامز سفيراً للولايات المتحدة في بريطانيا (1815-1817)

لم تجد الولايات المتحدة من يمثلها، عند عدوها اللدود، خيراً من آدامز، فكان وجهاً مشرفاً للولايات المتحدة، لدى التاج البريطاني. وقد استطاع آدامز، ببراعته الدبلوماسية، تحويل بريطانيا من عدو إلى صديق، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، فقد استطاع أن ينتزع اعترافاً بريطانياً، بالاستقلال الكامل للولايات المتحدة، عن سلطة التاج البريطاني. كذلك، بدأ في إقامة علاقات تجارية، ذات مصلحة اقتصادية، للطرفين.

آدامز وزيراً للخارجية (1817-1825)

عند تولي جيمس مونرو (James Monroe)، رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، استدعى آدامز من بريطانيا، ليعينه وزيراً للخارجية. وكان اختياراً صائباً من مونرو. إذ استطاع آدامز، أن يوظف جميع خبراته، التي اكتسبها خلال عمله الدبلوماسي، لخدمة هذا المنصب الرفيع.

وتعد أهم إنجازاته في هذا المضمار، تفاوضه مع الحكومة الأسبانية، لإقناعها أنّ فلوريدا جزء من الولايات المتحدة الأمريكية.

ولم يكن هناك اتفاق، بين آدامز والرئيس مونرو، على ما سيتم التفاوض عليه مع الأسبان، إلا أن آدامز تفاوض على هذا الأمر، بدافع ذاتي. وعلى الرغم من ذلك، استطاع آدامز الحصول على اعتراف أسبانيا، بشرعية ضم فلوريدا إلى الولايات المتحدة. ويعد هذا، أكبر مكسب في تاريخ الولايات المتحدة، يأتي إليها نتيجة جهود شخص واحد.

ولم يقف طموح آدامز عند هذا الحد، وإنما بدأ التفاوض، على الحدود الشمالية للبلاد، مع أسبانيا تارة، وروسيا تارة أخرى، حتى تحقق له ما أراد، وضمن استقرار حدود بلاده.

ولعل المفاوضات، بين الولايات المتحدة، وحكومة روسيا القيصرية، في ذلك الوقت، هي أكبر دليل، على دهاء جون كوينسي آدامز، السياسي. فقد استطاع، من خلالها، دفع روسيا إلى ضمان عدم أحقية أي من الدول الأوروبية، في أراضي القارتين الأمريكتين. وقد ضمن، بذلك، عدم وجود أي قوى عسكرية في الأمريكتين، خلاف قوة الولايات المتحدة الأمريكية. وقد لُخصت هذه الاتفاقية، فيما يعرف "بمبدأ مونرو" (Monroe Doctrine)، والذي حدد فيه آدامز، حدود الولايات المتحدة الأمريكية، الشمالية والغربية. ولم يكن آدامز لينجح في هذا العمل، لولا معرفته بقادة وساسة الدول الأوروبية، التي اكتسب معرفته بها، خلال نشأته وعمله في القارة الأوروبية.

آدامز الرئيس السادس الولايات المتحدة الأمريكية (1825-1828)

أصبح جون كوينسي رئيساً، في ظروف غريبة على الجو السائد في الانتخابات الأمريكية، إلاّ أن انتخابه، كان صحيحاً ودستورياً. ففي ذلك الوقت، لم يكن هناك سوى مرشح واحد، يمثل حزباً سياسياً، حيث عزفت الأحزاب الأخرى عن ترشيح أحد. وحصل أندرو جونسون (Andrew Johnson)، المرشح الحزبي الوحيد، على أصوات أكثر من جميع المرشحين الآخرين، بما فيهم جون آدامز، إلا أن جونسون لم يحصل على الأغلبية المطلقة. وطبقاً للدستور، فإنه ينبغي أن ينتخب أعضاء الكونجرس أحد المرشحين ليصبح رئيساً، دون التقيد بعدد الأصوات، التي حصل عليها. وقد انتخب الأعضاء جون كوينسي آدامز، ليصبح بذلك الرئيس السادس، للولايات المتحدة الأمريكية.

وخلال رئاسته، ركز آدامز في إتمام البنية الأساسية للدولة الناشئة. فأنشأ بنك الولايات المتحدة، لتنظيم المعاملات المالية، كما أقر تحصيل جمارك، على البضائع المستوردة، حماية للصناعة الوطنية، كذلك، أنشأ هيئة حكومية، للإسكان، وتمليك الأراضي، كما أصدر قراراً، يُحَرّم فيه، على الولايات المتحدة، التعدي على أراضي الهنود الحمر، أو ممتلكاتهم. وفي عهده شقت الطرق، وامتدت خطوط السكك الحديدية، وافتتحت المدارس والجامعات؛ إذ كان يشجع العلم والبحث العلمي.

على الرغم من آرائه المتحررة في شأن العبيد، التي كان يري فيها أنه لا ينبغي أن يكون عبداً من يولد على أرض الولايات المتحدة، جعلته هدفاً لانتقاد المتشددين، خصوصاً من أهل الولايات الجنوبية. لذلك، لم يفز في الانتخابات الرئاسية، بعد انتهاء مدته.

آدامز عضو في مجلس النواب الأمريكي (1830-1848)

وفي عام 1830، وخلال مظاهرة شعبية كبيرة، ألح أهالي الدائرة الرقم 12 الانتخابية، بولاية ماساشوسيتس، على أن يمثلهم جون آدامز، في مجلس النواب، بالكونجرس الأمريكي. وإزاء هذا الإلحاح الجماهيري، قبل آدامز، استمرار حياته السياسية. ودخل قاعة مجلس النواب، ليس بوصفه ممثلاً عن دائرته، ولكن بوصفه رئيساً سابقاً لكل الأمريكيين، يمثلهم جميعاً، ولا يمثل حزباً سياسياً معنياً، أو سكانَ ولاية واحدة، دون باقي الولايات. وتعد هذه الفترة، أروع الفترات في حياة آدامز، وأكثرهن إنجازاً.

فقد صال جون كوينسي وجال، في المجلس التشريعي على مدى 18 عاماً، إذ وضع المسودات لمئات القوانين، ووقف وراء جميع تعديلات الدستور، التي صدرت خلال تلك الفترة.

كما كانت خبرته السياسية، مرجعاً لكل عضو في الكونجرس، وكان هو المرجع الوحيد، لكل ظرف جديد، يستجد في حياة تلك الأمة النامية. وكانت كلمته، دائماً، الكلمة الأخيرة، ورأيه، دائماً، هو الصائب.

وفي 23 فبراير عام 1848، شعر جون كوينسي آدمز، بضيق في التنفس، وأن الموت يقترب منه، فما كان منه إلا أن نظر إلى قاعة مجلس النواب، قائلاً: "هذه هي نهايتي في أحب مكان إلى نفسي، إني راضٍ ومقتنع"، وكانت تلك هي آخر كلماته، فقد فارق بعدها الحياة.

 

المصادر والمراجع

1- Samuel Flagg Bemis, John Quincy Adams and the Foundations of American Foreign Ploicy, Knopf, New York, 1949.

2- Adriene Koch and William Peden, eds., Selected Writings of Jon and John Quincy Adams, Knopf, New York, 1946.

3- Samuel Flagg Bemis, John Quincy Adams and the Union, Knopf, New York, 1956.

4- Marie B. Hecht, John Quincy Adams: A Personal History of An Independent Man, Macmillan, New York, 1972.

5- Graham Stuart, The Department of State, Macmillan, New York, 1949.

6- Henry Steele Commager, ed., Documents of American History, Doc. No. 130, Crofts, New York, 1945.

7- Freeman Cleaves, Old Tippecanoe, William Henry Harrison and His Time, Port Washington, Kennikat Press, New York, 1969.

 

 

ملحق

مبدأ مونرو

رسالة إلى الكونجرس قدمها الرئيس جيمس مونرو (2 ديسمبر 1833)

… بناءً على العرض المقدم من حكومة روسيا الإمبراطورية، عن طريق وزير الإمبراطور (قيصر روسيا) المقيم هنا، فقد تم إرسال التعليمات وتفويض السلطة الكاملة إلى وزير الولايات المتحدة المفوض في سان بطرسبرج، كي يتولى عن طريق المفاوضات الودية، بحث وتنظيم الحقوق والمصالح المعنية للدولتين، في الساحل الشمالي الغربي من هذه القارة. وهناك أيضاً عرض مماثل قدمه جلالة الإمبراطور، إلى حكومة بريطانيا العظمى، التي وافقت عليه بدورها. إن حكومة الولايات المتحدة رغبت، عن طريق هذه المفاوضات الودية، في أن تعبّر عن الأهمية الكبرى، التي كانت دائماً تعطيها لصداقة الإمبراطور، وكذلك عن اهتمامها بتنمية أفضل سبل التفاهم مع حكومة جلالته. وفي أثناء المناقشات، التي أدت إلى ظهور هذه الاهتمامات، وما يمكن أن تنتهي إليه الترتيبات، أصبح الوقت ملائماً لكي نؤكد - باعتباره مبدأ يشمل حقوق ومصالح الولايات المتحدة - على أن القارتين الأمريكيتين، وفق الوضع الحر والمستقل الذي أصبحتا فيه، لا يمكن أن تخضعا، من الآن فصاعداً، لأية عمليات استعمارية في المستقبل، من قبل أية قوة أوروبية …

لقد صرحنا في بداية الجلسة السابقة، بأن هناك جهوداً مضنية يجري بذلها، في كل من أسبانيا والبرتغال لتحسين الأحوال المعيشية للشعب، في هاتين الدولتين. إلاّ أن الأمور يبدو أنها تسير ببطء شديد. ولا حاجة لنا إلى القول بأن النتائج المتحققة، حتى الآن، دون التوقعات المرجوة. فالأحداث في ذلك الجزء من العالم، الذي نتفاعل معه بصورة مكثفة، والذي منه تنبع أصولنا، تجعلنا دائماً مراقبين قلقين ومهتمين. إن شعب الولايات المتحدة، إذ يعبر عن أصدق تمنياته، بأن تكلل مساعي أشقائه، في تحقيق الحرية والسعادة، بالنجاح والتوفيق، في ذلك الطرف من المحيط الأطلنطي، يذكرهم، في الوقت نفسه، بأنه لم يكن لنا ثمة دور في الحروب، التي اندلعت بين القوى الأوروبية من قبل، بصدد أمور تعنيهم وحدهم. فهذه هي دائماً سياستنا. إننا لا نتحرك إلاّ عندما تنتهك حقوقنا، أو تتعرض للتهديد على نحو خطير. هنا فقط نهب لرد العدوان، أو وضع الترتيبات اللازمة، للدفاع عن أنفسنا. إذ إنه فيما يتعلق بما يحدث في هذا الشطر من الكرة الأرضية فإنه تربطنا به وبقضاياه بحكم الضرورة روابط مباشرة وأسباب لا تخفى على المراقبين المستنيرين وغير المتحيزين. إن النظم السياسية للقوى المتحالفة، تختلف في هذه المضمار، اختلافاً جوهرياً، عن النظام السياسي الأمريكي.

وترجع هذه الاختلافات، إلى طبيعة الحكومات القائمة في هذه النظم. وانطلاقاً من حقنا في الدفاع عن نظامنا، الذي لم نتوصل إليه إلا ببذل الكثير من الأرواح والأموال، والذي نضج بحكمة مواطنينا المستنيرين، والذي نتمتع في ظله بسعادة غامرة.

وكذلك، من منطلق العلاقات الصريحة والودية، القائمة حالياً بين الولايات المتحدة، وتلك القوى المتحالفة، نعلن أننا نعتبر أية محاولة من جانب هذه القوى، لبسط نفوذها على أي جزء من نصف الكرة الغربي، بمثابة عمل يعرض سلامنا وأمننا للخطر. وإذا كنا نؤكد على أننا لم نتدخل -ولن نتدخل- في شؤون المستعمرات، التابعة لأي من القوى الأوروبية، فإن الأمر يختلف بصدد حكومات بلدان أمريكا اللاتينية، التي أعلنت استقلالها وحافظت عليه. وهو الاستقلال الذي نقدره حق التقدير باعتباره قد تم على أسس ومبادئ عادلة. ومن ثم، فإننا لن نسمح بأي تدخل يرمي إلى قهر هذه الحكومات، أو التحكم في مصيرها، بأية صورة من الصور، من قبل أية قوة أوروبية. فذلك في نظرنا يعد عملاً عدائياً، تجاه الولايات المتحدة. لقد أعلنا من قبل حيادنا إزاء تلك الحروب، التي دارت بين هذه الحكومات الجديدة، وبين أسبانيا، إبان الاعتراف بها ولا نزال متمسكين بذلك. وسنظل على موقفنا، ما لم يحدث أي تغير، وفق ما تراه السلطات المختصة في حكومتنا. أما إذا لاح في الأفق ثمة تغير، يضر بهذه الحكومات، فإنه سوف يكون لزاماً على الولايات المتحدة، أن تتدخل لحماية أمنها.

إن الأحداث الأخيرة، في كل من أسبانيا والبرتغال، تؤكد لنا أن القارة لا تزال غير مستقرة. وعن هذه الحقيقة المهمة، ليس هناك دليل أقوى من أن القوى المتحالفة، قد رأت أنه من الملائم لها أن تتدخل بالقوة في الشؤون الداخلية لأسبانيا. ولكن المدى الذي يمكن أن يصل إليه مثل هذا التدخل، هو مسألة تهم القوى المستقلة كافة، التي تختلف في نظم حكمها عن القوى المتحالفة، بما في ذلك القوى البعيدة منها. ولا أعتقد أن هناك قوة مستقلة، أكثر اهتماماً بهذا الخصوص من الولايات المتحدة. إن سياستنا إزاء القارة الأوروبية، التي تبنيناها في مرحلة مبكرة تجاه الحروب، التي ما تزال تدور رحاها في ذلك الجزء من العالم، لم تتغير. إننا لا نزال متمسكين بهذه السياسة، القائمة على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية، لأي من القوى الأوروبية، واعتبار الحكومة القائمة، بالفعل، في أي منها، هي الحكومة الشرعية، التي نبذل قصارى جهدنا في تطوير العلاقات الطيبة معها، والحفاظ على هذه العلاقات بكل الحزم والصراحة والنزاهة، بما يتفق والمطالب العادلة لكل قوة. غير أنه مما لاشك فيه، أن الظروف والأوضاع هناك جد مختلفة، عن ظروفنا وأوضاعنا. إنه من المستحيل أن تبسط القوى المتحالفة نفوذها السياسي على أي بقعة، في أي من القارتين الأمريكيتين، دون أن تشكل تهديداً لسلامنا وسعادتنا. ولا يمكن لأحد أن يصدق، أن أشقاءَنا الجنوبيين سوف يقبلون ذلك عن طيب خاطر. ومن ثم، فإنه من المستحيل، أيضاً، أن نقف مكتوفي الأيدي إزاء أي شكل من أشكال التدخل. وإذا أمعنا النظر في قوة أسبانيا، وحجم مواردها، مقارنة بقوة وموارد حكومات بلدان أمريكا اللاتينية، فضلاً عن البعد الجغرافي بينهما، يتضح لنا أنه من المستحيل أن تستطيع أسبانيا إخضاع هذه الحكومات. ونحن إذ نؤكد هنا أن السياسة الحقيقية للولايات المتحدة، ما تزال تقوم على أساس ترك الأطراف وشؤونها، فإننا نأمل أن تنتهج القوى الأخرى، هذا النهج نفسه ...