إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / السِّير الذاتية للشخصيات الواردة في كتاب "مقاتل من الصحراء" / السِّير الذاتية للشخصيات، في الولايات المتحدة الأمريكية









ماو تسي تونج Mao Tse-tung

سيرة ذاتية

جورج بوش (George Bush)

الرئيس الأمريكي الحادي والأربعون

(1924ـ       )

 

 

هو الرئيس الحادي والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية (1989-1992) وعلى مدى تاريخه السياسي، الحافل في خدمة بلاده، تقلد جورج بوش عدداً من المناصب الحساسة. كما كلفه عدد من الرؤساء الأمريكيين بمهام صعبة، فأداها بنجاح ودبلوماسية منقطعي النظير.

وخلال رئاسته، وقعت أحداث عالمية كبري. فقد انهار المعسكر الشرقي وتمزقت أوصاله، إلى الحد الذي تفكك معه الاتحاد السوفيتي إلى دول أصغر. ولم يضع بوش هذه الفرصة، فساعد دول المعسكر الشرقي المتمردة، في الحصول على الاعتراف الدولي، وناصر الحركات الانفصالية داخل الاتحاد السوفيتي. ومن أكثر إنجازات بوش، التي سيذكرها التاريخ، أنه استطاع بمهارة، من بعد شاسع، الحفاظ على الترسانة النووية السوفيتية، من الوصول إلى أيدٍ عابثة. كما يذكر له التاريخ، أنه غزا بنما، وخلع رئيسها السابق، مانويل نوريجا. كما أنه كان القائد السياسي المحنك، الذي جمع دول التحالف تحت قيادته، لتحرير دولة الكويت، من الغزو العراقي عام 1991.

نشأته وتعليمه

ينحدر جورج بوش في أصل إنجليزي، فأجداده المهاجرون استقروا في ولاية ماساشوستس (Massachusetts) في منتصف القرن السابع عشر.

ولد بوش، واسمه جورج هربرت واكر بوش (George Herbert Walker Bush) في الثاني عشر من يونيه عام 1924، في حجرة مخصصة للولادة، في منزل العائلة الفيكتوري، في مدينة ميلتون (Milton)، بولاية ماساشوستس (Masachusetts).

أما والده، بريسكوت بوش (Prescott S. Bush) (1895-1972)، فكان ذا باع طويل في الحياة الاقتصادية والعسكرية والسياسية، للولايات المتحدة الأمريكية. التحق بريسكوت بوش بجامعة ييل (Yale) عام 1913، ولكنه قطع الدراسة، بعد ثلاث سنوات، لينضم للحرس الوطني، على الحدود المكسيكية، تحت قيادة الجنرال جون برشينج (John J. Pershing). وبعد تخرجه في الجامعة عام 1917، عمل كنقيب، في سلاح المدفعية أثناء الحرب العالمية الأولى، كما خدم في الجيش، الذي احتل ألمانيا. وبعد الحرب العالمية الثانية، انضم لحزب كونيكيتكت الجمهوري. وفي عام 1952، هزم بريسكوت بوش، أبراهام ريبيكوف في الانتخابات، للفوز بكرسي مجلس الشيوخ، الذي شغر بوفاة براين ماكماهون. وبعد أربع سنوات أُعيد انتخابه للمنصب نفسه. وكعضو في جناح أيزنهاور المعتدل التابع للحزب، كان سيناتور بوش متحفظاً مادياً، إلاّ أنه كان منفتحاً في السياسات الأجنبية. وقد شارك في وضع قانون المساعدات الفيدرالية للطرق السريعة (Federal Aid Highway Act)، عام 1956، وقد كتبه، الرئيس أيزنهاور، بيده، في قائمة، ضمت أفضل عشرة مرشحين، لرئاسة الحزب الجمهوري، عام 1960. وفي مجال الرياضة، أصبح بريسكوت رئيساً لاتحاد الجولف عام 1930، كما فاز ببطولة الجولف عام 1951. وقد زرع بوش في أولاده تقليداً بأن الناس، الذين يتمتعون بالثروة، ومميزات أخرى، يجب أن يعطوا شيئاً، في المقابل، لمجتمعهم. وقد مات بريسكوت، نتيجة إصابته بسرطان الرئة، في الوقت الذي كان فيه أشهر أولاده، جورج، سفيراً لبلاده في الأمم المتحدة.

أما والدة جورج بوش، وتدعى دوروثي ووكر بوش (Dorothy Walker Bush) (من 1901- إلى 1992)، فقد نشأت في سانت لويس، وأصبحت رياضية متميزة، إذ تفوقت في لعبة كرة السلة والبيسبول والتنس. وقد تأهلت، ذات مرة، إلى نهائيات بطولة التنس للسيدات، في ميريون بولاية بنسيلفانيا. وتزوجت بريسكوت بوش عام 1920. وكانت مربية حازمة، إذ وضعت تعليمات صارمة في بيتها، لحماية أبنائها من الفساد، الذي قد يصيبهم، نتيجة ثراء عائلتهم. وقد غرست فيهم، بغضاً شديداً للتباهي والتفاخر بأنفسهم. وأثناء عمل زوجها في مجلس الشيوخ، كتبت مقالاً بعنوان "حياة زوجة سيناتور في واشنطن" نُشر في عشرين جريدة.

كان ترتيب جورج بوش، الثاني من بين خمس أخوة، فله ثلاثة إخوة ذكور، وأخت واحدة، وهم: بريسكوت بوش وهو رجل أعمال. نانسي أليس وهي أخته الوحيدة. وجوناثان بوش رئيس شركة ج. بوش وشركاه. ووليام "باك" بوش، شريك رئيسي في شركة استشارية، تعمل في مجال الإدارة والاستثمارات.

نال جورج بوش تعليمه الأولي في مدرسة جرينويتش (Greenwich Country Day School)؛ حيث شارك هناك في فريق البيسبول وكرة القدم، ولعب التنس. وعندما أكمل عامه الثالث عشر، انضم إلى أكاديمية فيليبس (Phillips Academy)، وهي مدرسة إعدادية للبنين في أندوفر (Andover) بولاية ماساشوستس (Massachusetts)، لا تقبل أن يلتحق بها، إلا المتفوقين من أبناء الطبقة الأرستقراطية، وكان رئيساً لفصله، وقائداً لفريق البيسبول وكرة القدم، ومديراً لفريق كرة السلة، ومحرراً لمجلة المدرسة، "الفيليبيان" (The Phillipian). كما انتخب ثاني شخصية، لها تأثير في المدرسة، وثالث أحسن رياضي، وثالث شخص له شعبية، وثالث طالب أكثر وسامة. ومثل نصف طلبة مدرسته، التحق بوش بجامعة ييل (Yale) المرموقة، لكن الحرب العالمية الثانية قطعت دراسته؛ إذ قرر الانضمام للقوات المسلحة الأمريكية. وبعد الحرب عاد ثانية إلى الجامعة، وكان في ذلك الوقت متزوجاً، فحضر برنامجاً مكثفاً لمدة عامين ونصف، وتخصص في علمي الاقتصاد والاجتماع.

وخلال دراسته الجامعية، شارك بوش في فريق البيسبول، حيث لعب إحدى وخمسين مباراة خلال موسمين، فاز فيها فريقه بالبطولة الإقليمية الشرقية. ويحرص جورج بوش، حتى الآن، على الاحتفاظ بأول قفاز لعب به البيسبول في الجامعة، في درج مكتبه. وقد تقدم بوش تقدماً ملحوظاً في دراسته بالجامعة، وفاز بجائزة فرانسيس جوردن براون (Francis Gordon Brown)، نظراً لتفوقه. وحصل على مرتبة الشرف عند تخرجه في عام 1948.

تزوج جورج بوش عام 1945، وهو في سن العشرين، وكان يعمل ضابطاً، برتبة ملازم أول في البحرية الأمريكية، من باربرا بيرس (Barbara Pierce)، وهي في التاسعة عشر من عمرها. وخلال رحلة زواجهما لم يستقرا في مكان واحد لفترة طويلة، إذ تنقلا بين 29 منزلاً في سبع عشرة مدينة.

ورزق جورج بوش بأربعة أبناء وبنتان، توفيت إحداهما في سن الرابعة، نتيجة لإصابتها بسرطان الدم (Leukemia).

أبناؤه ترتيباً هم:

جورج بوش (الابن)، وُلد عام 1946، وعمل طياراً، في حرس تكساس الوطني، خلال حرب فيتنام. وبعد تخرجه في جامعة ييل (Yale)، حصل على درجة الماجستير في الإدارة عام 1975، وقد ساهم في تكوين شركة، للتنقيب عن الغاز والزيوت، في ميدلاند بولاية تكساس. وفي عام 1987، باع نصيبه، لشركة هاركن للبترول والغاز، وتفرغ لحملة الدعاية لانتخابات والده. وفي عام 1989، أصبح شريكاً رئيسياً في إدارة فريق للبيسبول. وبصفته مستشاراً للرئيس بوش في الأمور التنظيمية، كان له تأثير كبير في عزل جون سونونو (John Sununu) رئيس الموظفين في البيت الأبيض.

وقد انتخب محافظاً لولاية تكساس، فأحدث تغييرات كبيرة في طريقة إدارتها، الأمر الذي زاد من شعبيته في الحياة السياسية الأمريكية. والذي سعى للفوز بترشيح الحزب الجمهوري له لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية لفترتين متتاليتين من الرئاسة، ابتداء من عام 2000م.

جون بوش الشهير بجيب ، ولد عام 1953، وعمل في سوق العقارات فترة طويلة، عقب تخرجه في جامعة تكساس، وحقق من هذا العمل ثروة كبيرة. ثم انتقل إلى ولاية فلوريدا، وعمل في المجال السياسي، فصار أميناً للحزب الجمهوري في مقاطعة داد (Dade County). كما شغل منصب السكرتير التجاري لمحافظ فلوريدا، خلال عامي 1987، 1988. ويتمتع، هو الآخر، بشعبية جارفة.

نيل بوش، ولد عام 1955، ويعمل في مجال النفط. وهو خريج جامعة تيولان (Tulane). استقر في دينفر (Denver)، وأصبح رئيساً لشركة ج. إن. بي (JNB).

إلا أنه لم يلاق نجاحاً كافياً. وفي عام 1980، عمل في الحملة الدعائية لوالده، في الانتخابات الرئاسية في نيوهامبشاير (New Hampshire).

مارفن بوش، ولد في عام 1956، ويعمل استشاري في مجال الاستثمارات البنكية. تخرج في جامعة فيرجينيا (Virginia) عام 1981، وعمل لبعض الوقت مع شركة شيرسون وإخوان ليمن (Shearson, Lehman Brothers)، قبل أن يصبح مديراً لتجارة جديدة في شركة جون ستيوارت داريل وشركاه (John Stewart Darrell & Company) في يونيه عام 1988.

دوروثي بوش، ولدت في عام 1959، وهـي سيدة أعمـال. عملـت وكيلـةً للسفريات، ومتعهدة حفلات، وكاتبة حسابات في شركة إيلدر للاستثمارات (Eilder Investments)، وهي شركة إنشاءات كان يمتلكها زوجها، في ذلك الوقت، في واشنطن عام 1991. وفي عام 1992 تزوجت من روبرت كوخ(Robert Koch) ، الذي استقال، قبل زفافه، من وظيفته، كمعاون لريتشارد جيبهاردت (Richard Gephardt) زعيم الحزب الديمقراطي، وهو الحزب المنافس للحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه جميع أفراد العائلة.

الخدمة العسكرية

الحرب العالمية الثانية

في الثاني عشر من يونيه عام 1942، وفي عيد ميلاده الثامن عشر، انضم بوش للبحرية، ليعمل جندياً بحرياً من الدرجة الثانية. وظل في الخدمة حتى سبتمبر عام 1945. وخلال خدمته ترقى، ملازماً أول. نال جورج بوش تدريبه الأساسي، على قيادة الطائرات، في تشابل هيل (Chapel Hill) بولاية نورث كارولينا (North Carolina)، وعلى الطيران المبدئي، في مينابوليس بولاية مينيسوتا (Minneapolis, Minnesota)، وعلى الطيران المتقدم، في شارلستون بولاية رود آيلاند (Charleston, Rhode Island)، وعلى قيادة الطائرات قاذفات القنابل، في فورت لودردال في فلوريدا (Forte Lauderdale, Folrida)، وعلى التصوير الجوي، في تشينكوتاج بولاية فيرجينيا (Chincoteague, Virginia). وفي يونيه 1943، نال رخصته، وبذلك أصبح أصغر طيار في الجيش الأمريكي. وأثناء وجوده في معسكره في تشينكوتاج، في خريف عام 1943، عوقب، بسبب تحليقه بطائرته على مستوى منخفض في الملاعب المجاورة للمعسكر، مسبباً هياجاً لفيل في سيرك المدينة، كسر قيوده وهرب، مسبباً ذعراً كبيراً، في شوارع المدينة.

وفي نوفمبر عام 1943، وأثناء التدريبات في تشينكوتاج (Chincoteague)، تحطمت عجلات طائرته، إلا أنه لم يصب بسوء، على الرغم من تحطم طائرته، التي تقدر بستة وتسعين ألف دولار، أثناء هبوطها. وكان بوش واحداً من أربع طيارين، نجوا من الحرب، في فرقته، التي تكونت من أربعة عشر طياراً، وفي التاسع عشر من يونيه عام 1944، أُجبر على الهبوط بطائرته في البحر، وتمكن من الهرب بصعوبة من موقع الهبوط، قبل أن تنفجر طائرته.

ومن أحلك الأوقات، التي واجهها بوش أثناء الحرب، الثاني من سبتمبر عام 1944، عندما أوكل إليه مهمة قذف مركز اتصالات ياباني، وبينما كان يهبط ليقصف الهدف، أصيبت طائرته بقاذفة مضادة للطائرات، وعلى الرغم من الدخان، الذي ملأ كابينة القيادة، والنيران التي اشتعلت بالأجنحة، إلا أن بوش استمر في الطيران، حتى وصل إلى هدفه وقصفه، وأسرع نحو البحر، وأمر من معه بالقفز أولاً، وكان هو آخر من قفز، وخلال قفزه، اصطدم بذيل الطائرة، وجرح رأسه، وظل في الماء ثلاث ساعات، إلى أن أُنقذ، بواسطة الغواصة فينباك (Finback). وكان بوش، الوحيد الذي نجا من طاقم الطائرة.

أعماله قبل توليه الرئاسة

رجل أعمال في مجال البترول (1948-1966):

بعد تخرجه من جامعة ييل (Yale) عام 1948، رفض بوش أن يعمل مع والده، وفضل أن يبدأ حياته معتمداً على نفسه. وفكر في أن يتجه للعمل في مجال الزراعة، إلاّ أنه لم يتوفر له رأس المال الكافي لبدء مشروعه. كذلك، لم يرد أن يحصل على المال من عائلته. وفي النهاية وافق على عرض من صديق العائلة نيل مالون (Neil Mallon)، بأن يدخل مجال صناعة البترول، مع الشركة الدولية لأجهزة ومعدات آبار البترول (إيديكو) International Derrick & Equipment Company-IDECO، في غرب تكساس. وانتقل، بوش، مع وزوجته وابنه الرضيع، إلى تكساس.

وفي عام 1950، أسس بوش شركة، أطلق عليها "بوش ـ أوفربي لتطوير صناعة البترول" (Bush- Overbey Oil Development Company)، برأس مال ثلاثمائة وخمسين ألف دولار. وكان شريكه "جون أوفربي" (John Overbey)، مسؤولاً عن اختبار وتحليل خصائص البترول، في حين كان بوش، مسئولاً عن إتمام الاتفاقيات مع العملاء. وبعد قليل دُمجت شركته مع شركة أخرى اسمها "زاباتا" (Zapata)، وصار رئيساً لمجلس إدارة الشركة الجديدة. واستمر في هذا المنصب حتى عام 1966، حينما قرر التفرغ الكامل للعمل السياسي، فباع حصته في الشركة محققاً ربحاً كبيراً.

وحتى فبراير عام 1966، كان بوش قد أصبح عضواً فعالاً في أنشطة الحزب الجمهوري، إذ قام بحملة انتخابية في ميدلاند (Midland) لصالح دويت ايزنهاور (Dwight D. Eisenhower)، بين عامي 1952 و1956. ثم أصبح رئيساً للحزب الجمهوري، في مقاطعة هاريس (Harris County)، في الفترة من 1963 حتى 1964.

ممثل الحزب الجمهوري (1967-1971)

وفي عام 1966 رشَّح الحزب الجمهوري بوش ليمثله في مجلس النواب، عن دائرته الانتخابية بولاية تكساس. فقاد حملة انتخابية ناجحة، تتسم بالشباب والحيوية شعارها "انتخب جورج بوش وراقب ما سيفعله"، فهزم الديمقراطي فرانك بريسكو (Frank Briscoe). وخلال الموسمين، اللذين قضاهما في المجلس، ساند حرب فيتنام، وأيد تخفيض سن الإدلاء الحق في الانتخابات، إلى سن الثامنة عشرة. ورأس مجموعة من الحزب الجمهوري، تهدف إلى المحافظة على البيئة. كما حاول التأثير على الرئيس نيكسون لتخفيض الضرائب، على العاملين المستقلين في مجال البترول. وكان من أشجع ما قام به تصويت لصالح قانون الحقوق المدنية عام 1968 (Civil Rights Act). ومنع التفرقة العنصرية في بيع وتأجير المنازل، وقد استقبل المواطنون البيض هذا القرار بغضب شديد. ووجه بوش بذلك في هيوستون (Hauston)، بعد اغتيال مارتن لوثر كينج "الصغير" (Martin Luther King Jr.) مباشرة، ولكنه استطاع التأثير على الحاضرين، بإقناعهم أنّ الجنود السود، العائدين من فيتنام، من حقهم أن يجدوا مسكناً ملائماً لهم.

سفيراً لبلاده في الأمم المتحدة (1971-1973)

أراد الرئيس نيكسون تعيين جورج بوش رئيساً لوكالة الفضاء والطيران الأمريكية (NASA)، ولكن بوش، طلب أن يعيين ممثلاً للولايات المتحدة الأمريكية، لدى هيئة الأمم المتحدة، بدرجة سفير. ووافق نيكسون على هذا الطلب.

وقد أدى بوش عمله ببراعة فائقة. وبتأييد من هنري كيسنجر، داهية السياسة الخارجية للولايات المتحدة في ذلك الوقت، سمح بوش للصين، بدخول الأمم المتحدة، لأول مرة، منذ أن سيطر عليها الحزب الشيوعي عام 1949، في الوقت، الذي سمح فيه لتايوان الاحتفاظ بمقعدها. وقد ذكر بوش أن الاثنين وعشرين شهراً، التي قضاها بالأمم المتحدة، جعلته أكثر إدراكاً، للعيوب والقيود، التي تسود العالم، كما جعلته، كذلك، أكثر تقديراً، للمساعدات الإنسانية، التي من الممكن أن يقدمها العالم، للتغلب على الفروق الأيديولوجية.

رئيساً للجنة الوطنية للحزب الجمهوري: (1973-1974):

(Chairman of Republican National Committee)

مع إعادة انتخاب الرئيس نيكسون عام 1972، أراد بوش أن يزيد خبرته في السياسة الخارجية بالحصول على منصب كبير في الحكومة، وإن لم يستطع فسيأخذ في الاعتبار عرض وزير الخزانة جورج شولتز (George Shultz) ليصبح نائباً له. إلا أن الرئيس نيكسون، وفي اجتماع للحزب الجمهوري في نوفمبر من عام 1972، أقنع بوش بأن يشغل منصب رئيس الحزب، وقد كان.

عمل بوش، حثيثا، على التوفيق بين الأجنحة المعتدلة والمتشددة في الحزب، ونجح في ذلك إلى حد بعيد. وبعد فضيحة ووترجيت، قضى بوش، معظم وقته، في الدفاع عن نيكسون وأخلاقيات الحزب. وخلال العشرين شهراً، التي قضاها في منصبه، عقد أربعة وثمانين مؤتمراً صحفياً، وألقى مائة وثمانية عشر خطاباً، وقطع مائة وأربعة وعشرين ألف ميل، في الطيران. وكان بوش أحد آخر الجمهوريين، الذين تخلوا عن نيكسون، إذ أرسل له خطاباً رسمياً، في السابع من أغسطس عام 1974، يطالبه فيه بالاستقالة. وعلى الرغم من أن بوش، كان يشعر بالرضا، بسبب جهوده في تنظيم أعمال الحزب، إلاّ أنه أطلق على الفترة التي قضاها في هذا المنصب "كابوس سياسي".

رئيساً لبعثة الولايات المتحدة في الصين (Chief U.S Liaison in China)(من بين 1974-1975):

حاول بوش الفوز بمنصب نائب للرئيس جيرالد فورد (Gerald Ford)، الذي فاز بترشيح الحزب له في انتخابات الرئاسة. وفي استفتاء أجراه أعضاء الحزب الجمهوري، فُضّل بوش لتولى هذا المنصب، عن المحافظ السابق نيلسون روكفيللر (Nelson Rockefeller) بعدد 255 صوتاً مقابل 181 صوتاً، إلاّ أن فورد عين روكفيللر وعرض على بوش منصب سفير. فاختار بوش، أن يذهب إلى الصين، حيث كانت علاقاتها مع الولايات المتحدة حرجة ومتوترة. وخلال الثلاثة عشر شهراً، التي قضاها في بكين، عقد بوش عدداً من الاتفاقيات المهمة، والمفاوضات، لتقريب وجهات النظر، التي أثمرت فيما بعد عن تحسن للعلاقات الدبلوماسية مع الصين.

مديراً للمخابرات المركزية الأمريكية (1976-1977):

على الرغم من أن بوش كان سعيداً بالبقاء في الصين، إلا أن الرئيس فورد أقنعه بالعودة، ليرأس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA). وقد صرح بوش، لوزير الخارجية، في ذلك الوقت، هنري كيسنجر (Henry Kissinger) بأنه حزين للغاية من قرار الرئيس فورد، ولكنه قبله بسبب نصيحة والده، بألا يرفض طلباً مباشراً من رئيس الجمهورية. وكان بوش متردداً في قبول هذا المنصب، لأنه كان لا يزال راغباً في وظيفة نائب الرئيس، وكانت المخابرات المركزية، آنذاك، توصف بأنها، مقبرة الطموحات السياسية. وكان بوش أول سياسي يرأس وكالة المخابرات، ولذلك، حاول تجنب الظهور بمظهر الشخص المنتمي للأحزاب، وذلك خلال فترة توليه مهام منصبه، التي استغرقت واحداً وخمسين أسبوعاً، رافضاً كل الدعوات، التي تلقاها، لحضور اجتماعات حزبه. وأثناء رئاسته لوكالة المخابرات، رفع بوش، معنويات العاملين معه، الذين كانوا قد تعرضوا لهجوم عنيف، بعد التحقيقات، التي أجراها الكونجرس عن خطط أعدتها المخابرات لاغتيال قادة أجانب. وقد وافق بوش على تكوين فريق (ب) (Team B)، وهو مجموعة من الخبراء الخارجيين، الذين عينوا لتحديد مدى قدرات جهاز الاستخبار السوفيتي، مقارنة بقدرات جهاز وكالة المخابرات المركزية. وقد استطاع أن يعمل على زيادة الأموال المخصصة لتطوير الأقمار الصناعية التجسسية، والاختراعات التكنولوجية الأخرى، في مجال التجسس، وشجع تبادل معلومات وكالة المخابرات، مع حلفاء الولايات المتحدة، خاصة بريطانيا العظمى. وحذّر من زيادة نشاط الإرهابيين في لبنان، وحث على إجلاء المواطنين الأمريكيين عنها. ومدحت اللجنة الخاصة، لوكالة المخابرات، في مجلس الشيوخ، التي يسيطر عليها الديمقراطيون، بوش ووصفته بأنه واحداً من أفضل أحد عشر شخصاً، تولوا هذا المنصب.

نائباً للرئيس (1981-1989)

رشح بوش نفسه، لانتخابات الرئاسة التمهيدية أمام ريجان (Reagan)، إلاّ أنه لم يحصل على الأصوات الكافية، ليمثل الحزب في الانتخابات الرئاسية، إلا أن الحزب وافق على خوضه الانتخابات الرئاسية، كنائب للرئيس، وكان هذا الترشيح، بناء على عرض، من ريجان، لبوش أن يكون نائباً له، نظراً لما يتمتع به من خبرة واسعة، في مجال العلاقات الخارجية، وهو الجانب، الذي لم يكن لدى ريجان خبرة كافية به.

بوجه عام، كان بوش، نائباً هادئاً للرئيس، فنادراً ما كان يتكلم، أثناء اجتماعات الوزارة، أو خلال اجتماعات مجلس الأمن القومي. كما كان يتجنب اللقاءات العامة، أو محاولة تسريب المعلومات. وكان يحتفظ بأي نصيحة، أو نقد، ليصرح به للرئيس، أثناء تناولهما طعام الغداء، بمفردهما كل يوم خميس.

وبوصفه نائباً للرئيس، ترأس بوش اجتماعات مجلس الشيوخ في الكونجرس، وأثناء ذلك، استطاع أن يحشداً أصواتاً، كافية، ضد اقتراح تأجيل إنتاج صواريخ (MX)، في يونيه عام 1984. وفي سبتمبر من عام 1987، قاد المجلس، للتصويت ضد اقتراح بخفض الأموال المستخدمة، في إنشاء نظام دفاعي ضد الصواريخ في حرب الكواكب. كما نجح في حشد أصوات، لاستصدار قانون، بإعادة إنتاج أسلحة الأعصاب، في يوليه من عام 1989.

وقد استمتع بوش بالسفر للخارج، الذي يحتمه منصبه؛ فقد مثّل الولايات المتحدة في جنازات قادة الاتحاد السوفيتي ليونيد بريجنيف (Leonid Brezhnev)، ويوري أندروبوف (Yuri Andropov). وفي عام 1982، رجع بوش إلى بكين، ليطمئن الشعب الصيني، بأن حكومة ريجان، تعمل على تحسين العلاقات بين بلديهما، على الرغم من مواصلة بيع قطع غيار الجيش الأمريكي، إلى حكومة تايوان.

وعندما حدثت محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس ريجان في مارس عام 1981، رأس بوش اجتماعات الوزارة، ولكنه لم يجلس أبداً على مقعد الرئيس. كما عقد اجتماعات، مع قادة الكونجرس، والوفود الأجنبية، ولكنه لم يستخدم مكتب الرئاسة في البيت الأبيض، وأجَّل كل القرارات السياسية، حتى عودة ريجان.

وفي الثالث عشر من يوليه عام 1985، انتقلت المسؤوليات الرئاسية، إلى بوش؛ إذ عينه ريجان، قائماً بأعمال الرئيس، لمدة ثماني ساعات، كانت تجري خلالها عملية جراحية، لإزالة ورم سرطاني، في أمعاء ريجان. وقد قضى بوش معظم هذا الوقت، في لعب التنس، أو النوم، في مقر نائب الرئيس، في واشنطن.

رئاسة الجمهورية

حصل بوش على 47.946.422 صوتاً (54%) ، بينما حصل منافسة دوكاكيس، مرشح الحزب الديمقراطي، على 41.016.429 صوتاً (46%) ، وفاز بوش بأغلبية أربعين ولاية، في حين فاز دوكاكيس بأصوات عشر ولايات فقط.

وفي خطاب التنصيب، في العشرين من يناير، عام 1989، قال بوش "... يبدو أن هناك عالماً جديداً يتسم بالحرية على وشك الظهور، فيوم الديكتاتور قد انتهى والعهد الديكتاتوري قد انتهى، بأفكاره التي تطايرت كما تتطاير الأوراق من شجرة قديمة ..."

"... هذا هو الوقت الذي يبدو فيه المستقبل كباب يمكن أن نعبر منه إلى الغد، فالأمم العظيمة تعبر إلى الديمقراطية من خلال الباب الذي يقود إلى الحرية ... ".

واختار بوش السناتور دان كويل (Dan Quayle) من ولاية إنديانا ليكون نائباً له، وقد قوبل اختياره، بهجوم شديد، بسبب صغر سن كويل، وعدم خبرته السياسية.

وفي وزارة بوش، شغل جيمس بيكر (1930)، وهو من تكساس، منصب وزير الخارجية، وقد ظل في منصبه من عام 1989 حتى عام 1992. وكان جيمس، يعمل وزيراً للخزانة في حكومة ريجان، كما كان مديراً لحملة بوش الانتخابية. ومن أهم أعماله أنه قدم عدداً من الاحتمالات، والعروض، للاستقرار الشامل، في النزاع العربي - الإسرائيلي، كما استطاع أن يكسب ثقة الفلسطينيين، عن طريق تجميد قروض الإسرائيليين، الخاصة ببناء مستوطنات يهودية جديدة في الضفة الغربية، وقطاع غزة. وقد رتب بيكر، لقاءات عديدة، للقادة العرب والإسرائيليين. وفي أغسطس عام 1992، استقال بيكر من منصبه، حتى يتفرع لرئاسة حملة إعادة انتخاب بوش.

أما وزارة الدفاع، فكانت من نصيب ريتشارد تشيني (1941) (Richard Cheney)، الذي ظل في منصبه منذ عام 1989 حتى عام 1993. وقد لعب تشني دوراً مهماً في حرب الخليج.

واتبع بوش نظاماً دبلوماسياً غير رسمي مع قادة العالم، إذ أقام معهم علاقات شخصية، وداوم على الاتصال بهم تليفونياً. وكرئيس، كان بوش، مقبولاً أكثر في الصحافة، وأقل تعرضاً للنقد، عن أقرانه. وكان يحب أن يعقد مؤتمرات صحفية ارتجالية، من دون تحضير مسبق.

أهم التغيرات التي حدثت أثناء تولى بوش الرئاسة

الاقتصاد

انخفضت نسبة التضخم، بمعدل 3% سنوياً، خلال فترة ولايته، كما انخفضت معدلات الفائدة، إلى أقل معدلاتها، خلال عقدين. زاد كذلك حجم الصادرات، ليغطي العجز الموجود بالتجارة، إلا أنه، وبجميع المقاييس الأخرى، ساءت حالة الاقتصاد في البلاد، وارتفعت نسبة البطالة، وفشل عدد من المشاريع التجارية، وتضاعف عجز الميزانية السنوية، حتى وصل إلى ثلاثمائة وخمسين مليار دولار. ولتغطية عجز الميزانية، اضطر بوش لفرض سلسلة من الضرائب، منها، ما يستهدف الطبقة المتوسطة، مثل: زيادة كبيرة في الضرائب، على السجائر، والبيرة، إضافة إلى ضرائب أخرى، تستهدف الطبقة الثرية، مثل: زيادة الضرائب على الفراء، والمجوهرات، والسيارات، والطائرات الخاصة.

وقد أثارت هذه الضرائب، غضباً شديداً، ونقداً لاذعاً، لبوش، لأنه كان، منذ بداية حملته الانتخابية، يؤكد دائماً، على عدم زيادة الضرائب، تحت أي ظروف، وكانت عبارته الشهيرة "اقرؤا ما سأقوله: لن أفرض ضرائب جديدة" (Read my lips: No new Taxes). ولذلك، ففي عام 1992، اعتذر بوش، على الملأ، بسبب قراره زيادة الضرائب، واصفاً إياها بأنها كانت "غلطة".

مساعدة دول العالم الثالث على تسديد ديونها

وخلافاً لسياسة ريجان، أعلن بوش في مارس عام 1989، تأييده لخطة، تهدف إلى إقناع البنوك الدولية، التنازل عن حوالي عشرين بالمائة، أكثر من ثلاثمائة مليار دولار، يدين بها البنك تسعة وثلاثين دولة نامية. ولما كانت القروض المتزايدة، تعمل على عدم استقرار دول العالم الثالث، بما فيها المكسيك المجاورة، فقد شجع بوش تسهيل القروض الجديدة، حتى تستطيع هذه الدول أن تدفع فوائد القروض القديمة، في الوقت الذي يبدأ فيه اقتصاد هذه الدول في النمو.

نيكاراجوا وسقوط حكومة الساندينيستا

استطاع بوش وحكومته، بالدبلوماسية، تحقيق، الذي لم تستطع حكومة ريجان تحقيقه، بطلقات الرصاص. فقد رفض بوش تشجيع سياسة ريجان، بتسليح ثوار الكونترا، ضد نظام الحكم في نيكاراجوا، واقتصرت المساعدات الأمريكية، التي ترسل للثوار، على الأدوية، والمواد الغذائية. وفي المقابل وافق دانيل أورتيجا (Daniel Ortega) رئيس البلاد، ذو الميول الشيوعية، على إجراء انتخابات عامة، تحت إشراف دولي، محايد، كما سمح بعودة المنفيين السياسيين.

وساندت السيدة شامورو (Chamorro)، ثوار الكونترا، بترشيح نفسها ضد أورتيجا، ففازت بأغلبية ساحقة، وصارت رئيسةً لنيكاراجوا. عندئذ رفعت حكومة بوش، الحظر الاقتصادي عن نيكاراجوا، ووعدت بإرسال مساعدات أكثر، لمساندة الحكومة الوليدة.

غزو بنما (Panama) وأسر زعيمها نوريجا(Noriega) (ما بين 1989 - 1990)

عندما تولى بوش الرئاسة، كان هناك صدام بين الولايات المتحدة وبنما، ولكن بوش، رفض فكرة الحرب، حتى أنه لم يتدخل عندما حدث انقلاب للإطاحة بنوريجا، إلا أن، قتل القوات البنمية ضابطاً أمريكياً، وتعذيب آخر، جعله يغير رأيه.

وفي العشرين من ديسمبر عام 1989، غزت قوات الولايات المتحدة، بنما، للقبض على رئيسها، الجنرال مانويل نوريجا (Manuel Noriega)، الذي كان قد صدرت ضده أحكام بالحبس من قبل القضاء الأمريكي، نظراً لتورطه في تهريب المخدرات، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عبر ولاية فلوريدا.

واستمر القتال أربعة أيام، قُتل خلالها 23 جندياً أمريكياً، وجرح 322 آخرون. وانتهت المهمة في الثالث من يناير عام 1990، عندما سلم نوريجا، نفسه للقوات الأمريكية. وقد حوكم نوريجا في محاكم ولاية فلوريدا، وصدرت ضده أحكام بالحبس مدة أربعين عاماً، مازال يقضيها حتى الآن.

إلا أن هذا الغزو، لاقى انتقادات واسعة، في معظم عواصم العالم، فضلاً عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي وصفته، بأنه انتهاك أثيم للقانون الدولي. وقد عارضت كل من الصين، والاتحاد السوفيتي، الولايات المتحدة. بينما وقفت بجانبها، بريطانيا، وكندا، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان.

انتهاء الحرب الباردة

شهد عهد بوش، انتهاء الحرب الباردة، بفوز المعسكر الغربي، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. وفي هذا الصدد، كَللَّتَ جهود جورج بوش، جهود من سبقوه من الرؤساء الأمريكيين، الذين سعوا سعياً دؤوباً، لإنهاء هذه الحرب لصالحهم، دون الحاجة لإراقة الدماء.

وفي اجتماع قمة، عقد في واشنطن، في ربيع 1990، وافق بوش وجورباتشوف، على برنامج، يتم بمقتضاه، العمل على تخفيض الأسلحة الإستراتيجية، والتعاون في أبحاث الطاقة الذرية. وفي مؤتمر تاريخي، في باريس، في نوفمبر عام 1990، اجتمع بوش وجورباتشوف، إضافة إلى عشرين قائداً، من قادة دول حلف شمال الأطلسي، ليوقعوا على ميثاق عدم الاعتداء المتبادل. وكان ذلك إعلاناً لانتهاء الحرب الباردة. كذا وافق الاتحاد السوفيتي، على تخفيض ترسانة أسلحته، حتى لا يكون له اليد العليا في أوروبا. كما وافق الاتحاد السوفيتي، كذلك، على انسحاب القوات السوفيتية، من أراضي دول حلف وراسو. وفي مارس 1991، سحبت الولايات المتحدة، آخر الصواريخ النووية، التي أقامتها حكومة ريجان، على أرض بريطانيا. وفي 31 يوليه عام 1992، وقّع بوش وجورباتشوف، معاهدة خفض الأسلحة الإستراتيجية (Strategic Arms Reduction Treaty) (START)، باستخدام أقلام، مصنوعة من المعادن الناتجة من الصواريخ النووية، التي جرى التخلص منها، بموجب اتفاقات سابقة.

انهيار الشيوعية في المعسكر الشرقي

وفي عهد، بوش أزاحت دول كثيرة، الأنظمة الشيوعية، عن سدة الحكم:

في بولندا (Poland)، دخلت الحركة العمالية (Solidarity Labor Movement)، في انتخابات عام 1989، وفازت، لتكون أول حكومة غير شيوعية، منذ الحرب العالمية الثانية. وفي مارس عام 1991، عمل بوش، على مساعدة بولندا، في إقامة اقتصاد حر، بإسقاط معظم ديونها المستحقة للولايات المتحدة.

في رومانيا (Romania)، جاءت حكومة جديدة من الثوار، أعدمت الرئيس نيكولاي تشاوشيسكو (Nicolae Ceausescu) وزوجته، بعد اتهامهما بالقتل الجماعي، وتبديد ثروة البلاد. إلا أنه، وقبل إعدامه، اتهم تشاوشيسكو الحكومة الجديدة بالعمالة لحكومة الرئيس بوش الأمريكية.

وفي ألبانيا (Albania)، اتخذ الرئيس راميز عاليا (Rmaiz Alia)، أولى الخطوات لإسقاط الشيوعية. وأعيدت العلاقات الدبلوماسية، بين الولايات المتحدة وألبانيا، في الخامس عشر من مارس عام 1991، وكانت العلاقات قد انقطعت تماماً منذ عام 1939.

وقد ساند بوش، الجمهوريات التي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي السابق، وساعد على الاعتراف باستقلالها وحكوماتها الشرعية الجديدة، في المحافل الدولية، كما قدم إليها القروض، لمساعدتها على بدء بناء نظام اقتصادي حر.

وبعد انتهاء الاتحاد السوفيتي كدولة، أقام بوش، علاقات صداقة وطيدة، بينه وبين الرئيس الروسي الجديد بوريس يلتسن (Boris Yeltsin)، اعترف فيها، بأن دولة روسيا الاتحادية، هي خليفة الاتحاد السوفيتي المنحل، كما اعترف لها وحدها، بالهيمنة على الترسانة النووية للاتحاد السوفيتي المنحل. كما شجع بوش، رجال الأعمال، وأصحاب الشركات الأمريكية، على الاستثمار في روسيا الاتحادية.

حرب الخليج (1990 - 1991)

عقب غزو العراق الكويت، شنت حكومة بوش، حملة دبلوماسية، وحظراً اقتصادياً، على العراق، إضافة إلى عمليات عسكرية دفاعية، يقودها الجنرال الأمريكي، نورمان شوارتزكوف (Norman Schwarzkopf)، بالتنسيق مع القيادة السعودية، وذلك، بهدف منع العراق، من مهاجمة دول خليجية أخرى. وعندما فشلت العقوبات الاقتصادية، في انسحاب العراق، من الكويت نفذت قوات التحالف، عملية "عاصفة الصحراء"، لتحرير الكويت.

وقبل غزو العراق للكويت، كانت حكومة بوش، قد أقامت علاقات وطيدة مع العراق، بمساعدته في حربه مع إيران، كما سمحت ببيع أدوات ذات تكنولوجيا عالية إلى العراق.

وعند انسحاب القوات العراقية من الكويت، أمر بوش بوقف إطلاق النار، في الثالث من أبريل عام 1991، إلا أن الضربات الجوية، استؤنفت، بسبب انتهاك العراق المستمر، لنصوص وقف إطلاق النار.

وقد نتج عن هذه الحرب، وفاة مائة وثمانية وأربعين جندياً أمريكياً، وإصابة أربعمائة وسبعة وستين، من حوالي خمسمائة وواحد وأربعين ألف جندي أمريكي شاركوا في العمليات. كما تحطمت ستة وسبعين طائرة أمريكية.

وقد أدى الانتصار السريع، إلى رفع شعبية بوش، إلى 89%، وهو ما لم ينله رئيس أمريكي، من قبل. كما أنها جددت الثقة، في القوة والتكنولوجيا اللذين يتمتع بهما الجيش الأمريكي.

قانون أصحاب العاهات

يُعد هذا القانون، من أهم الإنجازات التشريعية، التي جددت، خلال فترة رئاسة بوش. ففي عام 1990، وافق بوش، على تشريع، يقضي بتوفير أماكن في العمل، ووسائل المواصلات والمرافق العامة، لتسهيل تنقلات المعاقين. وتم تطبيق هذا التشريع، على مراحل متعددة، منذ عام 1990 حتى 1996. والآن، لا يوجد مرفق عام، إلا وبه أبواباً ومراحيض خاصة لأصحاب الإعاقات. كما أن للمعوقين، أولوية في شغل الوظائف الحكومية، والخاصة.

قانون الهواء النظيف عام 1990

يُعد هذا القانون، كذلك، من إنجازات بوش، في مجال حماية البيئة من التلوث. فقد وضع القانون، مقاييس لحماية الهواء من التلوث. وقد هدف هذا القانون، إلي محاولة الحد من أسباب حدوث الأمطار الحمضية، والدخان، وانبعاث الكيماويات السامة. وقد اعترض على هذا القانون، أصحاب المصانع؛ إذ يلزمهم بتركيب مرشحات باهظة الثمن، للتخلص من الملوثات، ومخلفاتها. ومن المعروف، أن أصحاب المصانع، من أكبر حلفاء الحزب الجمهوري.

مساعدة الصومال

عندما اندلعت الحرب الأهلية الصومالية، وحاول كل فصيل، منع وصول المعونات الغذائية، إلى الفصائل الأخرى. سبب ذلك مجاعات، يعجز اللسان عن وصفها. وفي ديسمبر عام 1992، أرسل بوش، قوات أمريكية إلى الصومال، لتأمين وصول الطعام إلى المتضورين جوعاً، بسبب الحرب الأهلية.

حياته بعد الرئاسة

وفي العشرين من يناير عام 1993، مُنيَ بوش بهزيمة في الانتخابات، أمام بيل كلينتون. واستقر بوش بعد ذلك في هيوستن بولاية تكساس (Houston, Texas).

كتب بوش، عدداً من الكتب، مثل: "التطلع إلى الأمام سيرة ذاتية" (Looking Forward An Autobiography)، وكتاب "رجل الأمانة" (Man of Integrity). كما كُتْب عنه عدد من الكتب، مثل: كتاب "جورج بوش وسنوات الحرب العالمية الثانية" (George Bush: This World War II Years)، الذي كتبه روبرت ستينيت (Stinnett, Robert B).

مع أنه لم يفز بالانتخاب فقد أصبح ابنه جورج دبليو بوش الرئيس الأمريكي عام 2001م وانتخب مرة ثانية عام 2004م (الذي قاد الحرب على أفغانستان والعراق).

بعد "التسونامي" الآسيوي في اواخر ديسمبر 2004م عمل جورج بوش مع بيل كلينتون واستعملا شهرتهما لمساعدة الناس الذين يسكنون في المناطق المتضررة.

في سنة 2009 تم إطلاق اسمه على حاملة طائرات جديدة سميت حاملة الطائرات هذه يو إس إس جورج بوش (CVN-77).

تم افتتاح مكتبة ومتحف خاص بالرئيس جورج بوش الأب وسميت المكتبة باسم مكتبة جورج بوش الرئاسية.

في 15 فبراير 2011، حصل على الوسام الرئاسي للحرية وهو أعلى وسام مدني في الولايات المتحدة من قبل الرئيس أوباما.

كتاب جون ميتشام حول سيرة بوش، "القدر والسلطة: الملحمة الأمريكية لجورج هربرت ولكر بوش"، كشف انتقاد الرئيس الأمريكي الحادي والأربعين لإدارة ابنه بكلمات قاسية.

عاني بوش من الشلل الرعاش للأوعية الدموية، وهو شكل من أشكال مرض باركنسون، الذي أجبره على استخدام دراجة نارية بمحرك أو كرسي متحرك، منذ عام 2012.

في يوليه 2015، عانى بوش إصابة شديدة في العنق، جعلته يستخدم دعامة للعنق.

في يناير عام 2017، أرسل بوش رسالة إلى الرئيس المنتخب دونالد ترامب، لإبلاغه سوء حالته الصحية، وأنه لن يحضر حفل تسمله السلطة في 20 يناير.

في 18 يناير 2017، تم ادخاله الى قسم العناية المركزة في مستشفى ميثوديست في هيوستن، لإجراء معالجة لمشكلة الجهاز التنفسي الحادة، الناجمة عن الالتهاب الرئوي.

في 14 أبريل 2017، دخل بوش الى المستشفى في هيوستن مع تكرار الالتهاب الرئوي.

المصادر والمراجع

1.      Congressional Quarterly Weekly Report, January 14, 1989.

2.      Degregorio, W.A., The Complete Book of U.S. Presidents. Wings Books, New York, 1997.

3.      George Bush, with Victor Gold, Looking Forward: An Autobiography, Doubleday, New York, 1987.