الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
الموقع الجغرافي للسودان
تضاريس السودان
التقسيم الإداري للسودان
التوزيع القبلي للسودان
قناة جونجلي
أماكن معسكرات الفصائل

المبحث الحادي عشر: العمليات العسكرية(*)

أولاً: خلال فترة الرئيس جعفر محمد نميري

         أنهى توقيع اتفاقية أديس أبابا في عام 1972، الحرب الأهلية التي استمرت 27 عاماً في السودان. ونجحت القيادة السودانية في احتواء المشاكل الرئيسية بين الجنوب والشمال، بمنح الإقليم الحكم الذاتي. وعلى الرغم من ذلك ظلت العلاقات بين الجنوب والشمال تشوبها حالات من التوتر.

         عندما طرحت فكرة تقسيم جنوب السودان عام 1981 إلى ثلاثة أقاليم، تصاعدت حدة التوتر نظراً إلى رفض بعض الجنوبيين تلك الفكرة لأنها ستؤدي إلى تفتيت القوة القبلية وضعفها. وأدى ذلك إلى تصاعد نشاط جيش التحرير الشعبي السوداني " أنيانيا2". وفي مايو 1983، عندما أصدرت القيادة العسكرية السودانية تعليماتها لإجراء عملية الغيار الدورية، التي تنفذها القوات المسلحة السودانية في الجنوب، أدى ذلك إلى تمرد بعض الوحدات القائمة بالغيار.

         وفي منتصف عام 1983، بدأ الموقف العسكري يتدهور في الجنوب، نتيجة لدعم إثيوبيا وليبيا والاتحاد السوفييتي للتمرد. فقد حصلت فصائله على أسلحة حديثة من: سام ـ 7، وعربات مدرعة، آر. بي. جي، المدفع المضاد للدبابات 106مم. واتبعت الفصائل أسلوب حرب العصابات ضد القوات المسلحة السودانية. مما أدى إلى توقف مشروعات التنمية في قناة جونقلي والتنقيب عن النفط.

ثانياً: تطور الصراع العسكري في الفترة الانتقالية

         شهدت الفترة الانتقالية من أبريل 1985، تصعيد العمليات العسكرية من قبل المتمردين بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ مشكلة الجنوب من قبل. وبلغ الصراع مدى ومناطق لم يصلها من قبل. فشمل كل جنوب السودان وجنوب إقليم كردفان، والكرمك وجبال الأنقسنا. ولم تسلم العاصمة من المحاولة الانقلابية، وشهد السودان عمليات يومية كان حصادها قرب نهاية الفترة الانتقالية كبيراً للغاية، وملخصه سلسلة معارك رومبيك في مارس 1986 وما بعدها.

         حاصر المتمردون مدينتي "بور وجميزة"، فتقدمت القوات السودانية في جوبا لاستردادهما. كما حاصروا "يرول"، فتقدمت أيضاً القوات من واو ورمبيك وفكت حصارها جزئياً. وأثناء تسليم فصائل التمرد رداً مكتوب على مقترحات رئيس الوزراء، استغلوا الظروف وحاصروا مطار ومدينة الناصر، التي كان مقرراً تسليم الرسالة فيها. وامتد نشاطهم من الناصر إلى ملكال، ومنها إلى ملوط بضرب البواخر والسفن النهرية لمنع إمداد مدينة الناصر وتعزيزها، فتقدمت القوات السودانية ومعها قوات أنيانيا 2، في عملية مشتركة ضد فصائل التمرد لفك حصار الناصر. كما هاجم المتمردون مدينة الكرمك ومنطقة الدمازين وجبال الأنقسنا، في منطقة جنوب النيل الأزرق واستدرجوا القوات السودانية وأحدثوا فيها خسائر.

         سعى المتمردون إلى تعطيل إجراء الانتخابات، فركزوا عملياتهم في إقليم بحر الغزال، ذات الكثافة السكانية العالية، وغالبيتها من الدينكا. وبدأوا باحتلال يرول في ديسمبر 1985، ثم قصف أويل ورمبيك خلال شهر فبراير 1986، وحاصروا رومبيك بحوالي أربعة آلاف مقاتل في خمس كتائب حتى شارفت ذخيرة وتعيينات حامية المدينة والسكان على النفاد، فقرر قائد الحامية وضابط أمن المنطقة الانسحاب، ومعهم أهالي مدينة رومبيك، إلى مريدي في إقليم الاستوائية. فأعلن المتمردون دخولهم رومبيك في 7 مارس 1986، ثم أسقطت ثلاث طائرات انتينوف إثيوبية إمدادات لهم، فتقدموا إلى التونج وواو وجبال الجور وأويل لحصارهم، وانتشروا في كل إقليم بحر الغزال بقوة حوالي 40 ألف مقاتل وإداري. فاستغاثت حكومة السودان بالطيران الليبي، والدعم العسكري الليبي، لإنقاذ الموقف المنهار.

         استهلت فصائل التمرد فصل الأمطار، بفتح جبهة جديدة في منطقة جنوب النيل الأزرق. واستمرت المعارك في منطقة الكرمك، إلى أن هزمتهم القوات السودانية.

         وتعدّ منطقة أعالي النيل، أكثر مناطق العمليات كثافة بسبب طول حدودها مع إثيوبيا، وتسلل الثوار عبرها إلى السودان، والاشتباك في معارك كثيرة مع القوات المسلحة في فشلا، والجكو، واكوبو، والبيبور، والناصر، وملكال وبور. وبعد سيطرة القوات المسلحة نسبياً، تحولت فصائل المتمردين إلى مجموعات صغيرة تعمل بين ملكال والرنك.

         كانت المنطقة الاستوائية هادئة عموماً، إلاّ في الجزء الشرقي منها حيث العمليات حول كبويتا. واعتمد الخوارج في إمدادهم على طريق كينيا ـ الاستوائية، ثم على طريق كينيا ـ أوغندا ـ الاستوائية، خاصة بعد لجوء كثير من الأوغنديين إلى السودان، عقب استيلاء يورى موسيفين على الحكم في أوغندا.

ثالثاً: الفترة من 1986 ـ 1989

         لم تتمكن القوات السودانية من إحراز نجاح يذكر، ضد قوات المتمردين في جنوب السودان، نظراً إلى تلقي المتمردين دعماً عسكرياً خارجياً. واستمرت قوات جون قرنق في محاولات السيطرة على الأقاليم الجنوبية الثلاثة، بهدف إحراز أداة للضغط على الحكومة السودانية، وفرض شروطه لحل المشكلة.

         وقد نجح المتمردون في حصار مدينة "بور"، وحاولوا حصار مدينة "جوبا"، ولكنهم لم يتمكنوا من حسم الصراع حول جوبا لصالحهم.

         نشرت فصائل التمرد قواتها في الأقاليم الثلاثة على شكل حاميات، ونجحت في قطع طرق المواصلات البرية والنهرية والجوية، بين الشمال والجنوب. بينما كانت الحكومة تحاول التنسيق مع حركة "أنيانيا 2"، لتعمل معها في الجنوب ضد المتمردين.

رابعاً: الفترة من 30 يونيه 1989 (ثورة الإنقاذ الوطني) حتى 31 ديسمبر 1998

الصراع المسلح من 15 يناير 1992 ـ 31 ديسمبر 1993

         بدأت القوات المسلحة السودانية في تنفيذ أكبر حملة عسكرية في الجنوب، في الفترة من 15 إلى 21 يناير 1992. فهاجمت قوات المتمردين في المنطقة شرق جوبا بمسافة 15 كم، بهدف استعادة مدينة "توريت"، وهي مدينة ذات أهمية إستراتيجية لسيطرتها على محاور الإمداد القادمة من كينيا. ولكن الهجوم فشل نتيجة لشدة مقاومة المتمردين، وكثافة حقول الألغام المنشأة حول المدينة.

         وبسبب فشل الهجوم، أعادت الحكومة السودانية تعديل أوضاع بعض وحداتها. فأُعيد تمركز لواء مشاة من المنطقة الوسطى إلى منطقة الأبيض، في الأسبوع الثالث من شهر فبراير؛ ولواء مشاة من المنطقة الشرقية إلى منطقة كوستي، في الأسبوع الثاني من شهر فبراير.

         ثمّ شنّت القوات الحكومية الهجوم الثاني في منتصف فبراير، في إقليمي أعالي النيل وبحر الغزال، على المحاور التالية:

  1. في أعالي النيل: محور ملكال ـ أكوبو، ومحور ملكال ـ بور.
  2. في بحر الغزال: محور واو ـ رومبيك، ومحور واو ـ طمبرة؛ ولم تحقق هذه القوات مهامها كاملة طبقاً للمخطط لها.

         نسقت الحكومة السودانية مع جبهة تحرير الأورومو، المتمركزة في غرب إثيوبيا. فاستولت الجبهة على منطقة شالا الحدودية الخاضعة لسيطرة متمردِ الجنوب، ونقلت قوات سودانية جواً وسيطرت على المنطقة.

         بدأ هجوم ثالث للقوات السودانية، في 24 فبراير 1992، في إقليم أعالي النيل، حجمه لوائي مشاة مدعم من ملكال، على محورين:

1. المحور الأول: ملكال ـ بور.

2. المحور الثاني: ملكال ـ الناصر.

         وتم الاستيلاء على مدينة بور، في 4 أبريل، والسيطرة على منطقة الناصر، في 6 أبريل، ثم الاستيلاء على منطقة جميزة ومنقلة، في 11 أبريل.

         ثم دُفع لواء مشاة في إقليم بحر الغزال في اتجاه التونج ورومبيك ويارول، ونجح في الاستيلاء على هذه  المناطق، في 11 أبريل 1992.

         وفي 15 أبريل، دُفعت كتيبة مشاة على المحور الثاني: ملكال ـ الناصر، وتمكنت من الاستيلاء على منطقة بيبور، في 23 أبريل. كما دُفع لواء مشاة على محور واو ـ مريدى، في 20 أبريل، ولكنه فشل في تنفيذ مهمته.

         وضعت خطة للهجوم في الإقليم الاستوائي، بهدف فك حصار مدينة جوبا. وكانت الخطة على أساس تخصيص فرقة مشاة للهجوم كالأتي:

  1. لواء مشاة على محور جوبا ـ توريت، بهدف الاستيلاء على كل من توريت وكابويتا، تم دعم الهجوم بتمهيد جوى ضد كابويتا، في 26 أبريل.
  2. تتحرك باقي الفرقة على محوري جوبا ـ ياى، وجوبا ـ كاجوكاجي، بهدف السيطرة على منطقة شرق الاستوائية. ولكن فشلت تلك المحاولات نتيجة لكثافة الألغام التي وضعت حول المدينة، واستخدام قوات التمرد لحشد شديد من نيران المدفعية.

موقف قوات المتمردين

ركزت قوات جون قرنق على الآتي:

  1. حصار القوات السودانية المدافعة في "جوبا"، عاصمة إقليم الاستوائية، ومنعها من الخروج خارج المدينة.
  2. التمسك بمناطق كبويتا وتوريت، نظراً إلى سيطرتهما على طرق الإمداد من كينيا.
  3. سحب بعض قوات التمرد المتمركزة في أعالي النيل وبحر الغزال، لتقليل نسبة الخسائر فيها.

الصراع المسلح من عام 1994 حتى نهاية عام 1998

         شهد أواخر شهر فبراير 1994 نشاطاً مكثفاً من القوات المسلحة السودانية، لقمع حركة التمرد. فانتهزت حركة الانشقاق داخل الجيش الشعبي لتحرير السودان، بين "جون قرنق" وعددٌ من المنشقين عليه. وقد تجددت مع بداية شهر مارس الاشتباكات بين الفئتين المتصارعين في قوات الجيش الشعبي، ودارت عدة اشتباكات في مدينتي الناصر وتوريت.

         حشدت القوات المسلحة السودانية قواتها في أقاليم الجنوب الثلاثة: بحر الغزال، والإقليم الاستوائي، ومنطقة أعالي النيل، استعداداً لشن هجوم بطرد قوات جون قرنق من جنوب إقليم كردفان إلى منطقة الغابات في بحر الغزال، وكذلك طردها من المدن المهمة والإستراتيجية في الإقليم الاستوائي، مثل توريت وكابوتيا.

         تمكنت القوات السودانية في أواخر شهر مارس، من تدمير عدة معسكرات للمتمردين  في منطقة كاتشا جنوب ولاية كردفان، مما يُعد بداية للقضاء على باقي الحركة في الجنوب. وبعد عدة اشتباكات تمكنت القوات السودانية، في 5 مايو 1994، من استرداد مدينة بور (وهي تبعد حوالي 650 كم جنوب الخرطوم)، من المتمردين. وتعدّ هذه المدينة المعقل الرئيسي للقوات المتمردة في الجنوب، وكانت قد استولت عليها عام 1988 . وفي 11 يونيه، استولت القوات السودانية على مدينة كاجوكاجي الواقعة على حدود أوغندا، والتي تضم مركز قيادة جون قرنق. وتتحكم هذه المدينة في محور الإمداد لقرنق من أوغندا. وقد اتهم جون قرنق قوات رياك مشار، بالسّماح للقوات الحكومية بعبور الأراضي المؤدية إلى هذه المدينة للقضاء عليه وأسره.

         وكانت القوات الحكومية قد تمكنت، في 7 مايو 1994، من استعادة مدينة "الجندلة"، التي تقع على مفترق طرق إستراتيجية قرب مدينة جوبا. كما استعادت، في 15 مايو، مدينة "شهيب" الإستراتيجية، الواقعة على بعد 620 كم جنوب الخرطوم. واستعادت، في 23 مايو، مدينة "بيبور"، في محافظة جونقلي بولاية أعالي النيل. كما استطاعت القوات الحكومية، في 29 مايو، استعادة مدينة منقلا، وهي المدينة الحادية عشرة التي تمكن الجيش الحكومي من استعادتها من المتمردين، منذ بداية شهر رمضان عام 1994.

         وقد أعلن اللواء الركن جعفر شريف محجوب، قائد المنطقة العسكرية الاستوائية، أن عدد المتمردين الذي سلّموا أنفسهم، بلغ خمسة آلاف فرد. وأشار إلى أن قواته تتحرك الآن غرب المنطقة الاستوائية لتمشيطها، وقد تمكنت من تدمير معسكر كبير للمتمردين بين ولايتي بحر الغزال والاستوائية.

         قررت كل من إيران والسودان، في يونيه 1994، تعميق العلاقات الأمنية بينهما، من خلال اتفاق شمل نشر أسلحة إيرانية في السودان، من أجل تدعيم نظام الحكم في السودان. وأفادت التقارير أن شحنات الأسلحة الأولى، ترافقها وحدات الحرس الثوري الإيراني، قد وصلت فعلاً إلى السودان.

         بلغ حجم المساعدات الإيرانية للسودان ما قيمته 20 مليون دولار. ويوجد حوالي 169 خبيراً إيرانياً في سلاح الطيران والدفاع الجوي والصواريخ، يعملون في إدارة قاعدة الخرطوم العسكرية الجوية لتجهيز الطائرات وتقديم الخدمات الفنية.

         صرح وزير الدفاع السوداني، في شهر يوليه، أن قواته حققت انتصارات على المتمردين، وسيتم الإعلان قريباً عن تحرير مدينة توريت مقر قيادة جون قرنق. وأكد الفريق الطاهر عبدالرحمن الشيخ، نائب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة السودانية، أن القوات المسلحة سيطرت على الوضع في مدينة جوبا، بعد محاولة الاختراق التي قام بها المتمردون للمدينة خلال شهر يوليه وتكبيدهم خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.

         ووصل إلى القاهرة في بداية شهر أغسطس أحد كبار المسؤولين في حركة التمرد، ليشرح للحكومة المصرية رأي الحركة بشأن المفاوضات، التي جرت مع الحكومة السودانية في الشهر الماضي. وأكد أن الهجمات التي يشنها الجيش الشعبي على مدينة "جوبا"، تمثل محاولات جادة للاستيلاء على المدينة، التي بسقوطها سوف تسقط مدن أخرى في الجنوب. وأوضح أن رفض حكومة الخرطوم التخفيف من شروطها، للتوصل إلى تسوية سياسية مع الجيش الشعبي، يشكل ضغطاً قد يؤدي إلى إعلان انفصال الجنوب.

         وأكدت وكالة الأنباء السودانية أن القوات المسلحة السودانية، وقوات الدفاع الشعبي قامت بعملية تمشيط في شرق الولاية الاستوائية. وقد كبّدت قوات المتمردين خسائر فادحة في الأرواح، واستولت على كميات من الأسلحة والذخائر.

         وصرح الرئيس عمر البشير، أن القوات السودانية أصبحت تسيطر الآن على معظم مناطق الجنوب. وأضاف، على الرغم من الانتصارات التي تحققت، إلاّ أنه من الضروري متابعة المفاوضات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، لأن المفاوضات هي الوسيلة الوحيدة لإيجاد حل للحرب في الجنوب.

         وذكرت مصادر جيش التحرير الشعبي، أن طاهر بيور، أحد قادة جيش التحرير، زار القاهرة، خلال شهر سبتمبر 1992، والتقى المسؤولين في وزارة الأوقاف والأزهر؛ وأنه سوف يزور بعض الدول العربية الأخرى، مثل السعودية والكويت والبحرين والإمارات، خلال جولته في المنطقة، ليؤكد لهذه الدول أن الحرب في جنوب السودان، ليس لها صلة بمناهضة الإسلام.

         وأكد اللواء محمد عبدالله عويضة، الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية، في منتصف شهر سبتمبر، أن القوات السودانية تسيطر على جنوب السودان سيطرة تامة، وحققت سلسلة من الانتصارات، واستطاعت تدمير أكبر مستودع ذخيرة لحركة التمرد جنوب مدينة (كبويتا)، وكذلك معسكراً في منطقة (كركى) غرب وجنوب مدينة جوبا. ونفى اللواء عويضة ما ادعته أجهزة الإعلام الغربية بشـأن عدم استقرار الأوضاع بالمدينة، وأكد أنها تعيش حياة هادئة.

         وأعلن الفريق البشير أن القوات السودانية، ستبدأ قريباً في تنفيذ المرحلة الثانية من عمليات "صيف العبور" في جنوب السودان، للقضاء على متمردي الجيش الشعبي لتحرير السودان. وقال إِن القوات المسلحة ستنفذ، بالاشتراك مع وحدات الدفاع الشعبي، هذه العملية، بهدف استعادة المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين. ومن ناحية أخرى هدد السودان باتخاذ تدابير انتقامية ضد أوغندا، في حالة استمرارها تقديم الدعم للمتمردين في الجنوب.

         وصف اللواء محمد عبدالله عويضة في بداية شهر نوفمبر، المحاولة اليائسة، التي قامت بها حركة التمرد للهجوم على مدينة (ملكال)، عاصمة ولاية أعالي النيل، بأنها عمل انتحاري. وقد تم تكبيد المتمردين خسائر فادحة في الأرواح والمعدات. وأكد أن الأوضاع في الجنوب مستقرة، وأن حركة الطيران في مطاري (جوبا وملكال) تسير بشكل طبيعي.

         فشلت القوات المسلحة السودانية في الفترة من 1992 إلى 1995، في تحقيق أي نجاح عسكري يُذكر. فقد فشلت على مدى ثلاث سنوات متصلة، في استرداد أو دخول مدينة "نيمولي"، على الحدود الجنوبية المشتركة مع أوغندا، وهي المعقل الرئيسي لقوات "قرنق".

         شنّت القوات السودانية هجوماً على المناطق، التي تسيطر الجبهة الشعبية عليها، في 25 أكتوبر 1995. وتمكنت قوات قرنق من إجهاض الهجوم، واستمرت في السيطرة على مناطق "أوينج، ماقوى، فارجوك".

         وتواصلت أعمال القتال جنوبي مدينتى كابويتا وتوريت، في شرق الاستوائية. وقصفت القوات التابعة لجناح "وليام نون" مدينة ملكال في أعالي النيل، حيث تتمركز بها قوات مسلحة سودانية.

         وتمكنت قوات قرنق في الأسبوع الثاني من شهر نوفمبر 1995، من حصار قوة سودانية تقدر بحوالي كتيبتي مشاة في منطقة "أسوا" على الحدود مع أوغندا، كما حاصرت، كذلك، مدينة "توريت".

         وحاولت قوات قرنق السيطرة على محاور التحرك الرئيسية في شرق الاستوائية، التي تتمثل في:

محور: جوبا ـ توريت.

محور: جوبا ـ كيت ـ أسوا ـ نيمولي.

محور: توريت ـ ماقوي.

         ونظراً إلى أهمية هذه المحاور لأعمال المناورة وعمليات الإمداد الإداري، خططت الحكومة السودانية لهجوم مضاد. فحشدت لوائي مشاة وكتيبة دبابات وقوات من الدفاع الشعبي، وست طائرات عمودية في مدينة جوبا. ولكن الهجوم لم ينجح في استرداد أي من المدن، التي احتلتها قوات التمرد.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة