الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
الموقع الجغرافي للسودان
تضاريس السودان
التقسيم الإداري للسودان
التوزيع القبلي للسودان
قناة جونجلي
أماكن معسكرات الفصائل

النشاط العسكري للتجمع الوطني الديموقراطي

         تبنت المعارضة الشمالية أسلوب "الكفاح المسلح" ضد نظام الحكم القائم في الخرطوم، خاصة مع تعذر إتباع الأساليب التي عرفتها البلاد من قبل مثل  الانقلابات العسكرية أو الانتفاضات الجماهيرية.

         ومع تشكيل التجمع الوطني، وضع خطته على ثلاثة محاور أساسية، هي :

  1. عدم توقف النضال المسلح في الجنوب، الذي بدأ منذ أربعة عشر عاماً.
  2. فتح جبهات عسكرية جديدة في شرق السودان، وفي شمال وجنوب النيل الأزرق، وهي تمثل مناطق حيوية ذات أهمية إستراتيجية، لأنها أقرب مناطق الحدود للعاصمة. إضافة إلى احتوائها على مناطق ومدن ذات أهمية كبيرة، مثل بورسودان، الميناء الرئيسي على البحر الأحمر، والدمازين، التي بها أكبر محطة لتوليد الكهرباء، والتي تمد الخرطوم بحوالي 85% من احتياجاتها؛ والرصيرص حيث يوجد سد الرصيرص، الذي يمد شمال السودان بالمياه، وينظم تصريف النيل الأزرق في المنطقة.
  3. دعم قيام انتفاضة في الخرطوم، تؤدي إلى إسقاط النظام الحاكم.

         وخططت قوات التجمع لعملية عسكرية متوسطة المدى في منطقة شرق السودان، بهدف إسقاط نظام الحكم في الخرطوم. وعبّر الصادق المهدي "زعيم حزب الأمة" عن ذلك حين قال: إن النجاحات العسكرية للمعارضة في المناطق الحدودية على أطراف السودان، سوف تؤدي إلى إضعاف هيبة النظام وإرباكه، وتقليص قدراته على السيطرة على السكان في أقاليم السودان الرئيسية، خاصة العاصمة، مما يؤدي إلى تشجيع الجماهير المؤيدة للمعارضة على الانتفاض ضد النظام.

         شنت قوات الجيش الشعبي هجوماً في شهر مارس، بهدف الاستيلاء على مدينة جوبا عاصمة الجنوب، بدعم أوغندي، وذلك عبر إقليم الاستوائية. حيث استولت على كايا وموروبد في 9 مارس، ثم مدينة ياي في 12 مارس، ثم مدينة كاجوكاجي في 24 مارس، تمهيداً للهجوم على جوبا.

وبدأت المعارضة الموحدة نشاطها العسكري في شرق السودان، اعتباراً من يناير 1997. من المناطق التالية:

1. منطقة الحدود الإريترية ـ السودانية

تحركت قوات المعارضة من منطقة الحدود عبر كسلا، وتوغلت داخل منطقة همشكوريب ، للوصول إلى طريق الخرطوم ـ بورسودان، وهو الطريق الرئيسي الذي يربط الخرطوم بالبحر الأحمر، بهدف عزل مدينة بورسودان (الميناء الرئيسي)، تمهيداً للاستيلاء عليها، ثم الانطلاق في اتجاه الخرطوم بعد ذلك.

وهاجمت المعارضة المسلحة، في 26 مارس، منطقة قارورة ، (تبعد 10 كم عن الحدود الإريترية) واستولت عليها. ثم طورت الهجوم واستولت على منطقة "عيتربة" (40 كم من الحدود الإريترية). وفي صباح 27 مارس هاجمت حاميتي "عقيتاي وعدارات" (7 كم شمال مدينة عيترية)، واستولت عليهما. ثم أعادت قوات المعارضة المسلحة تنظيم قواتها ودعمها في الفترة من 27 مارس إلى 6 أبريل، حين هاجمت يوم 6 أبريل حامية عقيق ، واستولت على الحامية والمرسى. وفي 18 أبريل، هاجمت "حامية ميرافيت"، واستولت على منطقة "توفان"، صباح 20 أبريل. وقد استردت قوات الحكومة "ميرافيت"، في 25 أبريل.

وعزّزت الحكومة السودانية الدفاعات على مدينتي "طوكر" و"بورسودان"، لمنع المعارضة من الاستيلاء عليهما.

2. منطقة الحدود الإثيوبية ـ السودانية

شنت قوات التجمع هجوماً عبر الحدود الإثيوبية، واستولت على مدينتي الكُرمُك وقيسان، للوصول إلى منطقة الدمازين حيث توجد أكبر محطة توليد كهرباء في السودان. كما أعدّت المعارضة المسلحة الكمائن على الطرق، وشنت الاغارات على مواقع القوات المسلحة، بهدف شل حركتها وقدراتها على تقديم الدعم للقوات على الحدود الإريترية. ولم تتمكن قوات المعارضة من الاستيلاء على خزان الروصيرص ومحطة الكهرباء.

وهاجمت قوات الحكومة، في 16 مارس، المعارضة، في منطقتي "شالا والبونج". ونجحت في الاستيلاء عليهما وطرد قوات المعارضة، التي نجحت في استرداد شالا مرة أخرى.

3. منطقة الحدود السودانية ـ الأوغندية

دفعت قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان في 9 أبريل 1997 بحوالي أربعة آلاف مقاتل، مدعمين بالدبابات والمدفعية الصاروخية، ونيران المدفعية الأوغندية، للهجوم على مواقع الجيش السوداني على الحدود. وقد توقف النشاط العسكري خلال الأشهر التالية، إلاّ من:

أ.

تعزيز المواقع المسيطر عليها كل جانب، والقيام بأعمال الاستطلاع لمعرفة نشاط كل جانب.

ب.

بث قوات الحكومة الألغام على الحدود السودانية ـ الإثيوبية.

ج.

إعادة السودان عدداً من القواد العسكريين المتقاعدين إلى الخدمة في القوات المسلحة.

         وفي شهر يوليه 1997، أعلنت قيادة التجمع أن المرحلة الأولى من خطتها العسكرية قد نجحت بنسبة 100%، وأنها ستبدأ المرحلة الثانية من الهجوم، التي تهدف إلى الاستيلاء على أهداف عسكرية ذات تأثير مباشر على النظام. وهي تتداخل مع المرحلة الثالثة، التي تحدد هدفها بضرب ميليشيات النظام وأهدافه في كل أنحاء السودان.

         وأعلن جون قرنق، قائد قوات المعارضة، أنهم اتفقوا على هيكل جديد لقواتهم يشمل جميع المجموعات العسكرية للمعارضة، ويكلّفها بمهام محددة. وأضاف، أن القيادة اتخذت قرارات مهمة وإجراءات ستعزز الجهد العسكري للتجمع، وستسرع بالإطاحة بالنظام الحاكم في الخرطوم .

المشاكل التي جابهت قوات التحالف:

أ.

إِن حجم قوات المعارضة وتسْليحها، مقارنة بقوات الحكومة، لا يمكِّنها من تطوير عملياتها العسكرية.

ب.

نقص الدعم اللوجستي وخفة الحركة أو القدرة عليها لمسافات طويلة.

ج.

الشكوك المتبادلة بين قادة الفصائل، خاصة تجاه "جون قرنق"، حيث لا ترغب المعارضة الشمالية في تكثيف النشاط العسكري لجون قرنق في شمال السودان، كما أن نجاحه في الاستيلاء على مدينة "جوبا" قد يدفعه للاستقلال بالإقليم.

العمليات العسكرية في عام 1998

         شهدت المنطقة الشرقية وجنوب السودان نشاطاً لقوات التحالف الوطني الديموقراطي، تمثل في الآتي:

  1. تصاعد أعمال الكمائن والاغارات، وهجمات محدودة في منطقة "كسلا"، كما استولت قوات التحالف على مدينة "قلابات" في منطقة الحدود السودانية ـ الإثيوبية.
  2. في 29 يناير 1998، قاد "كاربينو كوانين"، أحد زعماء الفصائل الجنوبية "حركة الجيش الشعبي ـ مجموعة بحر الغزال" والذي عاد إلى صفوف المتمردين لعدم تعيينه رئيساً للمجلس التنسيقي المعين لإدارة الجنوب، بالتعاون مع قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ هجوماً على ثلاث مدن: "واو، أويل وقوقريـال" في مديرية بحر الغزال. واستولت قواته على المدن الثلاث، ولكنها انسحبت من مدينة واو نظراً إلى قوة القوات السودانية المتمركزة في المدينة.
  3. هاجمت قوات المعارضة في الشمال مواقع عسكرية، بالقرب من مدينة "كسلا". ودعّمت الهجوم القوات الإريترية بقصف بنيران المدفعية. وردت القوات السودانية بقصف بنيران المدفعية طويلة المدى، وتمكنت من إحباط الهجوم وإنزال خسائر في القوات الإريترية وقوات المعارضة.

1. على الحدود السودانية ـ الإثيوبية

تمثل النشاط العسكري للمعارضة في اشتباكات محدودة بنيران المدفعية، وزرع حقول الألغام على طرق ومحاور تقدم القوات المسلحة السودانية. وفي 7 فبراير 1998، هاجمت قوات المعارضة ـ تحت ساتر نيران المدفعية من داخل الأراضي الإثيوبية ـ المواقع السودانية في منطقة مدينة "قلابات"، واستولت على المواقع الدفاعية حول المدينة. وتكبدت القوات السودانية خسائر جسيمة في المعدات والأرواح.

وتتابع نشاط الجبهة الشرقية والجنوبية، اعتباراً من شهر أغسطس، على النحو الآتي:

شنت قوات التحالف هجوماً عبر الحدود الإريترية ضد معسكرات للقوات المسلحة السودانية، في الفترة من 2 إلى 4 أغسطس، أسفر عن مقتل 24 جندياً. وقصفت المدفعية السودانية  قوات المتمردين بالقنابل الأنشطارية، وأسفر القصف عن مقتل أربعة من قوات الاتحاد وجرح ستة آخرين .

هاجمت قوات التحالف، في 8 أغسطس 1998، مواقع في شرق السودان، وقتلت وجرحت 34 جندياً. وقصفت المدفعية السودانية مواقع قوات التحالف في منطقة كسلا، وأسفر القصف عن قتل وإصابة أربعة من قوات التحالف.

2. على الحدود السودانية ـ الأوغندية

في الأسبوع الثاني من شهر سبتمبر، هاجمت قوات مشتركة من قوات جون قرنق وقوات أوغندية، منطقة الحدود السودانية ـ الأوغندية في مناطق "الجبلين ـ  توريت ـ ليريا". وأعلنت الحكومة السودانية عن قتل عدد من المهاجمين ، وقُتل ثلاثة من القوات الحكومية، وجرح خمسة من المتمردين. وتم الاستيلاء على دبابات وعربات مدرعة، وكمية كبيرة من المعدات العسكرية الأوغندية. وأذاع متحدث باسم الجيش الشعبي، أن قواته استولت على حامية عسكرية في منطقة الجبلين شرق مدينة جوبا، في 14 سبتمبر 1998، وأنه قد تم قتل وإصابة 40 جندياً نظامياً، وأن القوات السودانية ارتدت إلى النقطة 34 على محور جوبا ـ نيمولي، وأن قوات الجيش الشعبي تمكنت من صد هجمات مضادة من القوات المسلحة السودانية. وقد جرت المعارك على خمسة محاور من العاصمة الإقليمية جوبا، في اتجاه النقطة 38، التي تتمركز بها قوات الجيش الشعبي.

أعلنت القيادة العسكرية السودانية التعبئة العامة، والاستنفار الشامل في السودان، لمواجهة هجوم أوغندي - إريتري، وقوات التحالف على الحدود الجنوبية والشرقية للسودان. وأُغلقت الجامعات لمدة شهر حتى يتمكن الطلاب من التوجه إلى مناطق العمليات. وأُعلن عن فتح باب التطوع لمواجهة الهجوم المتوقع .

وأعلن متحدث رسمي باسم القوات المسلحة السودانية، "أن القوات المسلحة قتلت وأصابت 450 جندياً أوغندياً وإريتريا ومتمرداً جنوبياً، في معارك تدور منذ بداية سبتمبر 1998 في جنوب السودان، في ولايتي "بحر الجبل، شرق الاستوائية" الواقعتين على الحدود الأوغندية، ودمرت 15 دبابة، و3 عربات من قوات الفيلق الثالث المشاة الأوغندي، الذي قام بعملية الهجوم في منطقة شرق الاستوائية، وأن الفيلق السابع الأوغندي قد عزز الدفاع على خط الحدود السودانية ـ الأوغندية، التي تمتد لمسافة 460 كم، بهدف دعم الجيش الشعبي لتحرير السودان، وذلك بدءاً من 14 سبتمبر 1998 .

وأعلن متحدث باسم الجيش الشعبي، في 19 سبتمبر، أن قواته قتلت 131 جندياً من الجيش الحكومي، خلال هجومين على حامياته في منطقتي "الجبلين، وليريا" على مسافة 50 كم من مدينة جوبا، واستولت على الموقعين. وأن خسائر قوات الجيش الشعبي بلغت 11 قتيلاً و38 جريحاً، ونفى مشاركة القوات الأوغندية في الهجوم.

وأعلن متحدث باسم القوات المسلحة السودانية يوم 25 سبتمبر، أن القوات السودانية في جنوب السودان نجحت في الاستيلاء على منطقة "جبل المليح"، التي استخدمها المتمردون كقاعدة انطلاق لمهاجمة القوات السودانية في منطقة "توريت". وأن قوات المتمردين أُرغمت على الارتداد بعد إصابتها بخسائر بلغت 50 قتيلاً، وعدداً كبيراً من الجرحى". وقد أُسر 4 جنود من المتمردين بينهم جندي أوغندي، وخسرت القوات السودانية 16 قتيلاً، و20 جريحاً.

انحصر الصراع المُسلح، بين القوات السودانية وقوات الجيش الشعبي في جنوب السودان، حول جسر يبعد 32 كم غرب "توريت"، في محاولة الاستيلاء على توريت. فالاستيلاء عليها يُسهل للقوات الجنوبية تطويق جوبا عاصمة الإقليم. وقد تمكنت القوات المسلحة السودانية من السيطرة على الطريق الإستراتيجي، الذي يربط بين مدينة "جوبا" في جنوب السودان، و"توريت" أكبر مدن ولاية شرق الاستوائية، وذلك اعتباراً من 8 أكتوبر، وتم تطهير جيوب قوات الجيش الشعبي في مناطق "ليريا، وجبل المليح، وجبل القطن، وخور الإنجليز" واستعاد الجيش السوداني السيطرة على هذه المناطق .

ولم تتمكن المعارضة حتى نهاية عام 1998، من تحقيق أهدافها المعلنة، وهي:

ـ الاستيلاء على مدينة الدمازين، في منطقة جنوب النيل الأزرق.

ـ قطع طريق بورسودان ـ الخرطوم.

ـ الاستيلاء على جوبا.

ـ كما لم تحدث الانتفاضة المحمية بقوة السلاح، كما وعدت المعارضة.

الموقف في ظل الصراع الإثيوبي ـ الإريتري، والحرب الأهلية في الكونغو الديموقراطية

من المنتظر أن يؤدي الصراع الإثيوبي ـ الإريتري إلى الآتي:

  1. الحد من المساعدات العسكرية الإريترية لقوات التحالف، نظراً إلى الخسائر التي أصيبت بها القوات الإريترية واستمرار عملية الصراع.
  2. يمكن تحسن العلاقات الإريترية ـ السودانية، الإثيوبية ـ السودانية، نظراً إلى محاولة كل من إثيوبيا وإريتريا الحصول على دعم من السودان، وحجبه عن الطرف الأخر. وبالضرورة سوف يؤدي ذلك إلى تقلص مساعدات إريتريا وإثيوبيا، إلى كل من قوات المعارضة الشمالية السودانية، وقوات الجيش الشعبي لجنوب السودان.
  3. نتيجة لدعم أوغندا قوات المتمردين التبسي في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، واشتراك قواتها المسلحة في الصراع الدائر هناك، فإنه يتوقع أيضاً أن يتقلص حجم الدعم الأوغندي لقوات جون قرنق. وسيؤدي ذلك إلى تحسن موقف القوات الحكومية السودانية.

ـــــــــــ



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة