الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
الموقع الجغرافي للسودان
تضاريس السودان
التقسيم الإداري للسودان
التوزيع القبلي للسودان
قناة جونجلي
أماكن معسكرات الفصائل

التمهيد
التعريف بجنوب السودان

الموقع الجغرافي
         بدأت حدود السودان الجنوبية تأخذ شكلها الحالي، في أواخر عام 1913 وأوائل عام 1914، بعد أن ضُمّ الجزء الجنوبي من اللادو، حيث أوطان المادي واللوجباري، إلى أوغندا، بينما ضُمّت أراضي البارى واللاتوكا إلى السودان، لأن الضفة اليمنى لنهر النيل، حتى خط العرض خمسة، كانت تدار من أوغندا بمراكزها في "غندكرو، نيمولي".

         أمّا في شرق النهر فهو يتبع التضاريس الطبيعية في المنطقة ليشمل السودان كل جبال "الإيماتونج، والدونجوتانا، والديدنجا"، ولكنه في أقصى الشرق يتحول إلى خط فلكي بحت . ويترك الخط هنا جزءاً من القبائل التي تعيش في المنطقة داخل السودان والباقي خارجه، مثل قبيلة الاتشولي الذين يسكن معظمهم أوغندا. كما تتحرك قبيلة التركانا في كينيا نحو الجزء الجنوبي الشرقي للمنطقة، ووافقت حكومة السودان عام 1931، (بريطانيا في ذلك الوقت)، على ذلك، وتعرف هذه المنطقة باسم مثلث الليمي "Illemi Triangle" .

         أمّا الحدود الغربية للسودان، مع تشاد وأفريقيا الوسطى، فقد جرى ترسيمها بالاتفاق بين بريطانيا وفرنسا، في اتفاقية مارس 1899، التي جعلت مقسم  المياه بين النيل والكونغو حدوداً بين مناطق النفوذ الفرنسية والإنجليزية. والحد الشمالي الغربي للسودان حد فلكي، لا يرتبط بأي ظاهرة بشرية أو طبيعية ولا تُلقي إليه القبائل اهتماماً، شأنه في ذلك شأن الحدود الجنوبية والشرقية. وقد تم الاتفاق على تعيين الحدود الجنوبية الغربية للسودان في أكثر من مرحلة، بين بريطانيا وبلجيكا.

         المرحلة الأولى: تمت باتفاق مايو 1894، وفيه اتفق الطرفان على أن تؤجر بريطانيا لملك بلجيكا، "ليوبولد الثاني"، مديرية بحر الغزال بأكملها تقريباً، والجزء الشمالي من هذه المديرية. وكانت فترة هذا التأجير موقوتة بمدة حكم ليبولد، وذلك مقابل أن تؤجّر بلجيكا لإنجلترا شريطاً من الأرض، يمتد ما بين بحيرتي تنجانيقا ونياسا.

         المرحلة الثانية: تمت بعد مفاوضات عديدة انتهت بتوقيع اتفاقية مايو 1906، وبمقتضاها أعطى الملك "ليوبولد الثاني" المنطقة، التي يطلق عليها "Lado Enclave"، وهي المنطقة الممتدة غرب النيل من جنوب بلدة مهاجى، على بحيرة البرت إلى الخط 30َ و5ْ شمالاً، وإلى خط 30ْ شرقاً وخط تقسيم المياه بين النيل والكنغو غرباً. وعقب وفاة الملك ليوبولد أعيدت المنطقة إلى السودان عام 1910، غير أنها لم تعد بأكملها، فقد اقتطعت بريطانيا الجزء الجنوبي من اللادو عام 1914، وضُم إلى أملاك بريطانيا في أوغندا، مقابل ضم مركزي "غندكرو، ومنيوت" إلى السودان.

         ولا تُعَدّ الحدود الجنوبية للسودان حدوداً إثنولوجية Ethnology (أي عرقية) ، فهي، وإن تكن تتبع خط تقسيم المياه بين النيل والكنغو في غرب النيل، إلاّ أنها تقسم القبائل بين السودان وجيرانه. وسبب ذلك أنّ تضاريس المنطقة الهضبية تشجع على الاستقرار، أكثر من السهول التي تفيض عليها المياه، وتغرقها جزءاً من العام. ولذا، فإن الخط يقسم بالتساوي، تقريباً، قبائل: الباكا، والكاكو، والافوكايا، والمندو، بين السودان والكنغو .

         عَدّت بريطانيا خط عرض 10ْ شمالاً، هو الخط الفاصل بين السودان الشمالي والسودان الجنوبي، وهو لا يُعَدّ خطاً فاصلاً بالمعنى الصحيح، لأنه لا يصلح أن يكون فاصلاً طبيعياً أو بشرياً. فالقبائل العربية تعيش إلى الجنوب من هذا الخط، ويمكن القول إنّ العناصر القوقازية تغلب في شمال هذا الخط، والزنجية تقع إلى الجنوب منه. ويحدث أيضاً هذا التمازج والاختلاط بين الثقافات المختلفة. وأصبح لهذا الخط صفة حكومية رسمية في فترة الاحتلال، وصارت له اعتبارات تتصل بالسياسة، التي تتبعها الحكومة نحو الجنوب والشمال. ومن أهم عناصر تلك السياسة الحرص على عدم تسرب الثقافة العربية والإسلامية نحو الجنوب، وإحلال المسيحية واللغة الإنجليزية محلها. ويتضح اتجاه هذه السياسة من تصريح "مستر روبرتسون"، السكرتير الإداري لحكومة السودان، إذ قال: "إن سياستنا ترمى إلى إقامة حكم ذاتي محلى في الجنوب، منفصل ومستقل عن الشمال" .

         وبذا نجد أن إقليم جنوب السودان يقع جغرافيا بين خطي عرض 30َ 3ْ، 10ْ شمالاً، وهو موقع حبيس مغلق، أي ليس له إطلالة بحرية. وهو يتوسط القارة الأفريقية، وتبلغ مساحته 250 ألف كم2 مربعاً، أي حوالي ربع المساحة الكلية للسودان.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة