بسم الله الرحمن الرحيم

الصراع في جنوب السودان

تقديم

         يتميز السودان بموقع إستراتيجي مهم، نتيجة لإطلالته على البحر الأحمر، ذلك الممر المائي الحيوي ذو الأهمية الإستراتيجية، عالمياً وإقليمياً. فضلاً عن أن السودان يقع في منطقة القرن الأفريقى، تلك المنطقة ذات الأهمية الجيوبولوتيكة، وهي في الوقت نفسه إحدى مناطق الغليان في العالم، إذ تشمل مناطق البحيرات العظمى في وسط أفريقيا، التي تعجّ بالاضطرابات والحروب الأهلية.

         كما يُشكل السودان أهمية إستراتيجية بالنسبة إلى مصر، لأن نهر النيل يمر عَبَرَ أراضيه، والمشروعات الإستراتيجية للتغلب على المتسرب من مياه النيل، المطلوب إقامتها لزيادة حصة مصر من المياه، تقع على الأراضي السودانية، خاصة في جنوب السودان.

         عانى السودان منذ استقلاله اضطرابات ومشاكل في جزئه الجنوبي. ومرجع ذلك إلى عوامل خلّفها الاستعمار، إضافة إلى أن جنوب السودان لم ينل دائماً الرعاية الكافية من الحكومة المركزية في الشمال. ومرّت مشكلة الجنوب بمراحل عديدة، منها فترات توتر واشتباكات مسلحة، وفترات محاولات للحل السلمي، ولكنها لم تتوصل إلى حل ناجح حتى اليوم.

         كذلك ارتبطت المشكلة بتوجهات الحكومات المتعاقبة على السودان، الذي عانى من كثرة الانقلابات، واستيلاء العسكريين على السلطة، واختلاف وجهات نظر كل حكومة تجاه مشكلة الجنوب، طبقاً لتوجهها السياسي.

         ولم يقتصر التدخل في المشكلة على دول الجوار الجغرافي للسودان، بل تعداه إلى دول أخرى، مثل إيران، وإسرائيل، والقوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تسعى لإسقاط نظام الحكم في السودان. وجميع هذه الأطراف تعمل على إثارة الاضطرابات لنظام الحكم القائم، من خلال التدخل في مشكلة الجنوب.

         ولاشك أن استمرار الاضطرابات والحرب في جنوب السودان، وبقاء المشكلة من دون حل، سوف يؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي، واستنزاف الموارد الاقتصادية للدولة، وتمزق عرى الوحدة الوطنية.

         ومع تفاقم المشكلة، فإن منطقة القرن الأفريقي، بما حوته من مشاكل مختلفة، ستعاني من زيادة المشاكل والاضطرابات، بما يهدد أمن المنطقة كلها.

وسيتناول البحث مشكلة جنوب السودان، في مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول، كالآتي:

------------------------