الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
الشكل الرقم (1)الفكرة العامة لعملية الغزو الأرجنتيني 1 أبريل 1982
الشكل الرقم (2)أعمال القتال للاستيلاء على ستانلي 1-2 أبريل 1982
الشكل الرقم (3)استرجاع جزيرة جورجيا الجنوبية عملية ثلاجة فورتونا
الشكل الرقم (4)استرجاع جزيرة جورجيا الجنوبية عملية خليج كمبرلاند
الشكل الرقم (5)استرجاع جزيرة جورجيا الجنوبية عملية خليج ستورمنس
الشكل الرقم (6)استرجاع جزيرة جورجيا الجنوبية الهجوم على الغواصة سانتافي
الشكل الرقم (7)أعمال القتال الافتتاحية للجانبين 1 مايو 1982
الشكل الرقم (8)إغراق الطراد جنرال بلجرانو والمدمرة شيفلد 2، 4 مايو 1982
الشكل الرقم (9)الإبرار البريطاني في منطقة سان كارلوس 21 مايو 1982
الشكل الرقم (10)احتلال رأس الشاطئ والتقدم نحو الأهداف المرحلية الأولى 21 مايو - 1 يونيو
الشكل الرقم (11)معركة جوس جرين 27-29 مايو 1982
الشكل الرقم (12)استيلاء اللواء الثالث على خط المرتفعات الثاني 11-12 يونيو 1982
الشكل الرقم (13)الهجوم البريطاني الأخير وسقوط ستانلي 13-14 يونيو 1982
الشكل الرقم (14)معركة ويرلس ريدج 13-14 يونيو 1982
 
الخريطة الرقم (1)مسرح حرب فوكلاند
الخريطة الرقم (2)مسرح عمليات فوكلاند 2 أبريل - 14 يونيه 1982
الخريطة الرقم (3)جزر فوكلاند
الخريطة الرقم (4)جزيرة جورجيا الجنوبية (سوث جورجيا)
الخريطة الرقم (5)جزيرة جورجيا الجنوبية (منطقة العمليات)
الخريطة الرقم (6)حدود مناطق الحظر البريطانية والأرجنتينية

حرب فوكلاند

تمهيد
مســـرح حرب "فوكلانـد"

أولاً: عام (الخريطة الرقم 1، الخريطة الرقم 2، الخريطة الرقم 3، الخريطة الرقم 4)

          غطى مسرح حرب "فوكلاند" معظم المحيط الأطلنطي، حيث تقع الجزر البريطانية في شمال شرق هذا المحيط، بينما تقع كل من الأرجنتين وجزر "فوكلاند" و"جورجيا الجنوبية" في جنوبه الغربي، وتبعد جزر "فوكلاند" عن بريطانيا بنحو ثمانية آلاف ميل (12865 كم) في الوقت الذي لا تبعد فيه عن الأرجنتين أكثر من أربعمائة ميل (643 كم).

          ويقع بين الجزر البريطانية وأرخبيل "فوكلاند" عدد من الجزر التي كانت في الماضي ضمن المستعمرات البريطانية أبرزها جزيرة "أسنشن" عند خط عرض 8 ْ جنوباً وخط طول 14 ْ غرباً، على مسافة نحو 4000 ميل (6432 كم) من جزر "فوكلاند".

          كما توجد بعض الجزر التابعة لبريطانيا جنوب شرق أرخبيل "فوكلاند"، أبرزها جزيرة "جورجيا الجنوبية South Gorgia" الواقعة بين خطي عرض 54 ْ و55 ْ جنوباً وبين خطي طول 54- 35 ْ و15-  38 ْ غرباً، على مسافة نحو 800 ميل (1286 كم) من "بورت ستانلي" عاصمة جزر "فوكلاند".

          وقد غطَّتَ أعمال التحضير والحشد والإبحار معظم المحيط الأطلنطي بين الجزر البريطانية وجزيرة "جورجيا الجنوبية"، إلاّ أن العمليات وأعمال القتال الرئيسية تركزت أساساً في جزر "فوكلاند" وطرق الاقتراب إليها ومنها إلى الجزر المجاورة وساحل الأرجنتين.

ثانياً: منطقة العمليات الرئيسية

1. الوصف الجغرافي لمنطقة "فوكلاند" (الخريطة الرقم 3، الخريطة الرقم 4، الخريطة الرقم 5)

أ. عام

يتكون أرخبيل "فوكلاند" من أكثر من مائتي جزيرة تغطي مساحة قدرها 4618 ميلاً مربعاً (11690 كم2). وتكثر بهذه الجزر المضايق والخلجان التي تصلح كموانئ جيدة لإيواء السفن، كما تكثر بها المرتفعات والسهول الساحلية الصخرية الخالية من الأشجار. وتُعَّد جزيرتي "فوكلاند الشرقية" و"فوكلاند الغربية" الجزيرتين الرئيسيتين في هذا الأرخبيل، ويفصل بينهما مضيق "فوكلاند"، وتنتشر حولهما مجموعات من الجزر الصغيرة معظمها مهجور عدا اثنتي عشرة جزيرة يوجد بها بعض السكان.

وتتصل جزر "فوكلاند" بقارة أمريكا الجنوبية بواسطة سلسلة من الجبال الغارقة تحت مياه المحيط. والحياة النباتية على الجزر تشبه إلى حد كبير الحياة النباتية على القارة، إلاّ أن الجُزر تخلو تماماً من الأشجار التي بُذلت عدة محاولات لغرسها غير أنها فشلت جميعها بسبب الرياح الشديدة المستمرة التي تهب على تلك الجزر.
ولا توجد أي شواهد تنبئ بأن الإنسان قد سبق له الإقامة على تلك الجزر قبل إنشاء أول مستعمرة بها في منطقة "بورت لويس" عام 1764م بواسطة الرحالة الفرنسي "لويس أنطوان دي بوجانفيل".
ومنذ ذلك التاريخ تزايد عدد سكان الجزر حتى بلغ 2392 نسمة عام 1931، إلاّ أن هذه الأعداد أخذت في التراجع بعد هذا التاريخ حتى وصلت إلى نحو 1800 نسمة فقط عام 1981، وهو ما يرجع بالدرجة الأولى إلى صعوبة الحياة على الجزر بسبب قسوة الطقس وقلة الخدمات العامة، فضلاً عن وجود الجزر في مكان ناء وموحش.

وينحدر غالبية السكان من أصل اسكوتلاندي وايرلندي مع وجود أقلية من أصل اسكندنافي، ولكن الجميع يَدِينون بالولاء لبريطانيا وطنهم الأم، ويسكن ما يقرب من نصف السكان بالعاصمة "ستانلي"، أما باقي السكان فإنهم يقيمون بالمزارع.
وباستثناء قطعان عجول وأفيال البحر ومستعمرات طيور البطريق، فإن الحيوانات التي استوطنت الجزيرة قليلة للغاية، وحتى قطعان الماشية التي أحضرها المستوطنون الأوائل وأطلقوها في الجزركي تتوالد نفق معظمها ولم يتبق منها سوى قطعان الخراف التي أصبحت تربيتها وتصدير صوفها مصدر الدخل الرئيسي لسكان الجزر.
وتنحصر وسائل الاتصال التي تربط الجزر بالعالم الخارجي في محطة رئيسية للاتصال اللاسلكي بالعاصمة وأخرى فرعية في خليج "فوكس"، كما توجد خطوط ربط لاسلكية بين جميع المزارع ومختلف أنحاء الجزر، مما يجعلها على اتصال دائم بالعاصمة، كما تقوم الحكومة بتسيير عدد من السفن الصغيرة لأغراض التنقل بين الجزر، بالإضافة إلى بعض الزوارق الخاصة وخط الطيران الداخلي الذي يستخدم طائرات برمائية.

ب. جزيرة فوكلاند الشرقية

تُعدّ جزيرة فوكلاند الشرقية أكبر الجزر الواقعة في الأرخبيل، وتبلغ مساحتها 2550 ميلاً مربعاً (6604 كم 2)، وتنتشر في الجزء الشمالي منها سلسلة من المرتفعات الوعرة أبرزها مرتفعات "ويكهام" التي تمتد من الشرق إلى الغرب، ويبلغ أقصى ارتفاع لها 2245 قدماً (684 متراً) عند قمة جبل "أسبورن"، أمّا باقي سطح الجزيرة فهو سهل متعرج تنمو عليه الأعشاب، وليس بالجزيرة سوى محورين تكتيكيين لتقدم الوحدات البرية من الشرق إلى الغرب والعكس، لا تزيد سعة كل منهما عن لواء مشاة، الأول في شمال الجزيرة ويمتد من "ستانلي" إلى "سان كارلوس" ماراً "بتيل" و"دوجلاس"، والثاني شمال خليج "شواسل" ويمتد من "ستانلي" إلى "جوس جرين" ماراً بـ"بلف كوف" و"فيتزوري" و"دارون". وأبرز معالم هذه الجزيرة هي:

(1) رأس دولفين Dolphin Head

ويقع هذا الرأس في أقصى الشمال الغربي للجزيرة، وهو عبارة عن شريط رفيع من الأرض يبرز عن الخط العام للساحل في اتجاه الشمال الغربي لمسافة تسعة أميال (14 كم).

(2) صخرة "أديستون"

تقع هذه الصخرة على مسافة تقرب من أربعة أميال في اتجاه الشمال الغربي من رأس "دولفين" ويبلغ ارتفاعها 79 متراً، والبحر مضطرب بينها وبين رأس "دولفين" ويشكل خطورة بالغة على السفن الصغيرة.

(3) مضيق "بيركلي" Berkely Sound

يقع هذا المضيق في أقصى الشرق من جزيرة فوكلاند الشرقية، ويمتد في اتجاه الغرب لمسافة ستة عشر ميلاً (25.7كم) وينتهي إلى مينائي "جونسون" و"بورت لويس"، وهما مرسيان جيدان حيث تبلغ الأعماق عند مدخليهما ما بين 18.3 و 36.6 متراً، ثم تقل داخل المينائين إلى ما بين ستة أمتار و12 متراً.

(4) مضيق "ويليم"

يقع هذا المضيق جنوب مضيق بيركلي ويوجد به ميناءا "ستانلي" و"ويليم"، ويتم الدخول إليه من نقطة "منجيري" ورأس "بمبروك" على الطرف الشرقي لشبه جزيرة رملية بيضاء تشكل الجانب الشرقي للميناء وتوفر مَرْسىً جيداً يحمي من الرياح الغربية السائدة، ويقع مدخل ميناء "ستانلي" في الجزء الجنوبي من ميناء "ويليم"، ويبلغ عدد سكانه حوالي ألف نسمة.

(5) ميناء "سان كارلوس" Port San Carlos

يقع هذا الميناء على الساحل الغربي لجزيرة "فوكلاند الشرقية" شمال غرب جبل "أسبورن"، وهو ميناء آمن وفسيح وخالٍ من العوائق الملاحية تقريباً، وينقسم جزئين على مسافة ميلين ونصف من المدخل، حيث يتصل نهر "سان كارلوس" بأحد أجزاء الميناء، وهو صالح للملاحة بالنسبة إلى السفن الصغيرة لمسافة 3 ـ 4 أميال (4,8 ـ 6,4 كم) ولمسافة ستة أميال (9,6 كم) بالنسبة إلى اللنشات.

ج. جزيرة "فوكلاند الغربية"

تأتي هذه الجزيرة بعد جزيرة "فوكلاند الشرقية" من حيث المساحة والأهمية، وعلى عكس الجزيرة الأخيرة فإن مرتفعات جزيرة "فوكلاند الغربية" التي أبرزها مرتفعات "هورنباي"، تمتد بمحاذاة مضيق "فوكلاند" من اتجاه الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، وتبلغ أقصى ارتفاع لها عند قمة جبل "آدم"، حيث تبلغ تلك القمة 2290 قدماً (698 متراً). ويُعد ميناء "هوارد" من أبرز معالم جزيرة "فوكلاند الغربية"، وهو يوفر مَرْسىً جيداً للسفن الكبيرة، حيث تبلغ أعماقه 4-5 قامة (7.3-9.1 متراً).

د. جزيرة "ببل Pebble"

تقع هذه الجزيرة في أقصى الشمال الشرقي لجزيرة "فوكلاند الغربية" ويفصلها عن الأخيرة مضيق "ببل". وتمثل قمم مرتفعات "ببل" علامات واضحة للتعرف على هذا الجزء من الساحل الذي يخلو من المراسي الجيدة، إلاّ أن مضيق "ببل" يمكن أن يوفر مَرسى جيداً للسفن المحلية الصغيرة فقط، نظراً إلى الجزر الصغيرة والمياه الضحلة التي تعوق الملاحة فيه.

هـ. مضيق "فوكلاند"

يمتد مضيق "فوكلاند" من جنوب مضيق شمال "فوكلاند" حتى جزيرة "سبيدول" لمسافة خمسين ميلاً (80,4 كم) فاصلاً بين جزيرتي فوكلاند الشرقية وفوكلانـد الغربية، ويبلغ عرضه عند طرفه الشمالي نحو ميلين ونصف (4 كم)، إلاّ أنه يتسع في اتجاه الجنوب الغربي ليبلغ ثمانية عشر ميلاً (29 كم) عند طرفه الجنوبي، وتنتشر في هذا المضيق العديد من الجزر التي أبرزها مجموعة جزر "سوان" في الوسط ومجموعة جزر "نيس" في الجنوب، كما تقع جزيرة "رجلز" عند الطرف الجنوبي الشرقي للمضيق تحيط بها رقعة من الصخور يبلغ ارتفاع الماء فوقها 180سم.

2. الأحوال الجومائية السائدة في منطقة "فوكلاند"

أ. الطقس

(1) عام

يتسم الطقس في منطقة "فوكلاند" بالتقلب، حيث يمكن مشاهدة كل فصول السنة في يوم واحد، وفي معظم الأيام تسود الرياح التي لا تقل سرعتها عن 15 عقدة (27 كم في الساعة). وعندما يكون البحر هادئاً يصبح منبسطاً تماماً، إلاّ أنه يمكن لهذا الهدوء أن يتغير بسرعة ليفسح المجال للأمواج العالية التي يزيد ارتفاعها في كثير من الأحيان عن عشرين قدماً (ستة أمتار) تصاحبها رياح تصل سرعتها إلى 30 عقدة (54 كم في الساعة).
ومع حلول الشتاء في جنوب الأطلنطي، فإنه يجلب معه في منطقة "فوكلاند" طقساً قارس البرودة مصحوباً بسلسلة متعاقبة من العواصف القطبية والرياح الشديدة، والضباب والثلوج والبرد والأمطار، ويصبح شائعاً ارتفاع الأمواج ما بين 30 و40 قدماً (9
,1 ـ 12,1 متراً)

(2) حرارة الجو والرطوبة

يبلغ متوسط درجة الحرارة صيفاً في ميناء "ستانلي" 50 درجة فهرنهيت، وتقل عن ذلك في مناطق الساحل الغربي، حيث تصل درجة الحرارة إلى 47 فهرنهيت، ويبلغ معدل التفاوت اليومي في درجات الحرارة حوالي 12 درجة فهرنهيت. وتزداد نسبة الرطوبة في رأس "بمبروك"، حيث يصل متوسطها 80% صيفاً و88% شتاءً، بينما يصل متوسط التباين اليومي حوالي 10% صيفاً و5% شتاءً.

(3) الرياح

الرياح السائدة في المنطقة هي الرياح الغربية العاصفة، التي تميل لتكون جنوبية غربية في الصيف، وشمالية غربية في الشتاء، وتقل سرعة الرياح بصفة عامة في الليل عنها في النهار، وقد تهب بعض الرياح الشديدة فجأة.
وتمر معظم المنخفضات الجوية إلى الجنوب من جزر "فوكلاند"، مما يتسبب في حدوث عواصف فيما بين اتجاه الشمال والجنوب الغربي، غير أنه في بعض الأحيان يمر مركز العاصفة بجوار أو فوق الجزر متجهاً نحو الشمال الشرقي أو الشرق، وفي هذه الحالة قد تصل سرعة الرياح الشرقية في جبهة المنخفض إلى قوة العاصفة وتصحبها أمطار غزيرة، أما العواصف الجنوبية فتسبب هياجاً شديداً في البحر بعيداً عن السواحل الجنوبية، وقد يحدث ثمانية عشر منخفضاً جوياً بين شهري إبريل وأغسطس، وأثناء حدوث المنخفضات العميقة صيفاً أو شتاءً يستمر هبوب الرياح التي تبلغ قوتها 7 بمقياس "بيفورت" أو أكثر ما يقرب من يومين.

(4) السُّحُب

تتكون السُّحُب الكثيفة فوق جزر "فوكلاند"، وتظل السماء غائمة طول العام، وقد تكون السماء أكثر غياماً على السواحل الغربية المكشوفة، وتكون السماء في أصفى حالاتها قرب منتصف الليل، بينما تكون في أسوأ حالاتها عند شروق وغروب الشمس، وعادة ما يحدث هبوط في درجة كثافة السحب عند منتصف النهار.

(5) الأمطار والثلوج

يبلغ المتوسط السنوي للأمطار فوق ميناء "ستانلي" 26 بوصة (66 سم) ويزداد المتوسط عن ذلك المعدل على الساحل الغربي المكشوف وتتوزع كثافة الندى بشكل جيد على مدار العام، إلاّ أنه يبلغ أعلى درجاته صيفاً وأدناها في الربيع.
وتتساقط الأمطار فوق ميناء "ستانلي" بغزارة شديدة بمعدل مرة واحدة في الشهر، فيما بين شهري نوفمبر ومايو، وبدرجة تقل عن ذلك في باقي شهور السنة، ويزداد هذا المعدل بالنسبة إلى السواحل الغربية للجزر، كما تكون الأمطار مقترنة بحدوث المنخفضات الجوية.
وتتساقط الثلوج ما يقرب من عشرة أيام شهرياً خلال الشتاء. أما الثلوج الدائمة فإنها تقع على ارتفاع ألف متر فوق سطح البحر، كما يمكن مقابلة أعداد كبيرة من جبال الثلوج في المناطق البحرية الجنوبية والشرقية والشمالية من جزر "فوكلاند".

(6) الضباب ووضوح الرؤية

يتمُّ رصد الضباب عند رأس "بمبروك" بمعدل 3 ـ 4 أيام في الشهر طوال العام ويبلغ أقصى معدل لتكراره في الساعة الرابعة صباحاً وأدناه حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر صيفاً، أمّا شتاءً فلا تغيير في معدلاته.
ويوضح الجدول التالي عدد فترات الضباب وانخفاض مدى الرؤية صباحاً في ميناء ستانلي على أساس أن (أ) تمثل عدد فترات الصباح التي يكون مدى الرؤية فيها أقل من نصف ميل، و(ب) تمثل عدد فترات الصباح التي يكون مدى الرؤية فيها أقل من ميليَن:

ميناء
ستانلي

نوفمبر ـ مارس

مايو ـ سبتمبر

أ

ب

أ

ب

2

15

5

31

ب. التيارات المائية

(1) تيار المحيط الجنوبي

يسري هذا التيار شرقاً حول محيطات العالم، وبالنسبة إلى جنوب المحيط الأطلنطي فإنه يتسع في المنطقة القريبة من جزر فوكلاند وينتشر الجزء الشمالي منه كالمروحة في الاتجاه الشمالي إلى الشرقي أمام السواحل الجنوبية والشرقية لجزر "فوكلاند" حتى يصل إلى خط عرض 38 ه جنوباً حيث يملأ هذا التيار البارد تلك المنطقة بالكامل حتى خط عرض 60 ه جنوباً، وتبلغ سرعة هذا التيار 1 ـ 2 عقدة (1,8 ـ 3,6 كم في الساعة)، والاتجاه الرئيسي لسريانه في كل فصول السنة هو الشمال الشرقي والشرق.

(2) تيار فوكلاند

هو فرع من تيار المحيط الجنوبي ويسري في اتجاه الشمال والشمال الشرقي أمام الجانب الغربي من جزر فوكلاند، ويجلب المياه الباردة إلى الشمال من تيار المحيط الجنوبي ولا تتجاوز سرعة هذا التيار عقدة واحدة (1,8 كم في الساعة)، إلاّ أنه قد تبلغ سرعته أحياناً 2,5 عقدة (4,5 كم في الساعة).

(3) تيار المد والجزر

يُعد تيار المد والجزر ضعيفاً للغاية ولا يجب وضعه في الحسبان في الجزء الجنوبي الشرقي من جزر فوكلاند، غير أنه يوجد تيار سرعته من نصف عقدة إلى عقدة واحدة يسير في اتجاه الريح عادة، إلاّ أنه بعد المرور في اتجاه الشمال الشرقي من مدخل ميناء "هاريت"، يبدأ ظهور تيار شديد للمد والجزر، وعند الاقتراب من رأس بمبروك وحولها تصبح سرعة التيار من عقدتين إلى ثلاث عقد (3,6-5,4 كم في الساعة)، تبعاً لظهور القمر، ثم تهدأ سرعته كلما اتجهنا شمالاً، حيث يوجد تيار ضعيف جداً في ميناء "ويليم" ومضيق "بيركلي"، كما أن سريان المد في اتجاه الجنوب قوي أيضاً بدرجة متساوية، ويمتد اندفاع قوي من المد إلى مسافة ميلَيْن، من رأس "بمبروك" أثناء هبوب الرياح الشديدة.
وعموماً فإن سرعة تيار المد والجزر عند مدخل ميناء "ستانلي" تبلغ عقدة ونصف العقدة
(2
,7 كم في الساعة) عند المد العالي، غير أنه قد تتزايد هذه السرعة بدرجة كبيرة في أحوال خاصة.

ج. الأعماق

يبعد خط عمق 100 قامة (180 متراً) عن جزر فوكلاند حوالي 50 ميلاً (80,4 كم) من اتجاه الشمال حتى الغرب في اتجاه عقرب الساعة حول الجزر، أمّا في الاتجاه العكسي من الشمال حتى الغرب، فإن العمق على تلك المسافة يقلّ عن 100 قامة (180 متراً)، ومن ثمّ فإنه يحد من عمل الغواصات النووية.

ثالثاً: أثر طبيعة مسرح الحرب على عمليات وأعمال قتال الجانبين

1. أثر بُعد منطقة العمليات الرئيسية

تُعد جزر فوكلاند ذات أهمية استراتيجية للمملكة المتحدة وحلف شمال الأطلنطي، بالرغم من بعدها عن الجزر البريطانية، فموقعها المتميز يسمح لأساطيل الحلف باللجوء إليها كقاعدة للامداد والتزود بالوقود والاحتياجات اللازمة لها، كما أنه يسمح للقوات البحرية والجوية الموجودة بالجزر بالتحكم في منطقة جنوب الأطلنطي، ويوفر لها القدرة على فرض الحصار البحري على دول أمريكا الجنوبية عند الضـرورة.
وقد كان لاتساع المسرح وأبعاده الكبيرة أثر بالغ على تحضيرات وعمليات وأعمال قتال الجانبين، حيث اضطر الجانب البريطاني إلى تعبئة وتأجير العديد من السفن التجارية لمواجهة مطالب عمليات النقل والإمداد الضخمة اللازمة لنقل القوات البريطانية وتأمين استمرارها في القتال على هذه المساحة البعيدة عن قواعدها في أوروبا، وهو ما دفع القيادة البريطانية- ضمن عوامل أخرى- إلى استخدام جزيرة "اسنشن" كمحطة متوسط في طريق الرحلة البحرية إلى جزر "فوكلاند" لاستكمال أعمال التحضير والحشد.

كما أدَّى بُعد منطقة العمليات الرئيسية ـ في ظل عدم وجود قواعد جوية بريطانية قريبة أو حاملات طائرات هجومية كبيرة ـ إلى الحدِّ من قدرة القوات الجوية البريطانية على تحقيق السيطرة الجوية العملياتية في مسرح العمليات.
أمّا على الجانب الأرجنتيني فقد سمح القرب النسبي لمنطقة العمليات من القواعد الأرجنتينية بتوجيه ضربات جوية مؤثرة إلى السفن البريطانية، إلاّ أن المسافة بين منطقة العمليات الرئيسية والقواعد الجوية بالأرجنتين فرضت علي القوات الجوية الأرجنتينية العمل على أقصى مدى لطائراتها، وهو ما حدَّ من فترة بقائها في منطقة العمليات وقدرتها على المناورة في المنطقة.

2. أثر طبيعة منطقة العمليات الرئيسية

تسمح المنطقة المحيطة بجزر "فوكلاند" باستخدام كافة الأسلحة، كما توفر كثرة الخلجان والموانئ أماكن جيدة لتوزيع وانتشار السفن وسهولة أعمال التمويه والخداع، غير أنها لا تسمح بأعمال الحشد البحري في موانئ الجزر وتحد من حرية المناورة للسفن. كما لا تسمح الأعماق حول الجزر باقتراب الغواصات إلى أقل من 10 ميل (16 كم)، غير أن ضحالة الأعماق في الممرات البحرية بين الجزر توفر ظروفاً ملائمة لاستخدام الألغام، ولكن الساحل الصخري المرتفع المحيط بالجزر والأخطار الملاحية المنتشرة على طول السواحل تجعل من الصعب اختيار الأماكن الصالحة لعمليات الإبرار وتعقد تلك العمليات.
وتؤدي الطبيعة الجبلية للجزر مع التعرج الشديد للساحل إلى التأثير السلبي على رادارات الوحدات البحرية، مما يوفر للطائرات المهاجمة الفرصة لتحقيق المفاجأة عند الاقتراب على ارتفاع منخفض. وقد حدَّت الطبيعة الجبلية للجزر من قدرة الجانبين على التحرك، وفرضت عليهما اللجوء إلى أساليب الحرب الجبلية. وقد أدت صعوبة التحرك إلى عجز القوات الأرجنتينية في جزيرة "فوكلاند الشرقية" عن صد الإبرار البحري البريطاني في منطقة رأس الشاطئ، واعتمدت على خطها الدفاعي الذي يستند على جبال "هاريت ولونجدون والأختين وتيومبل دون وتل سابر".
ولمّا كان القتال في منطقة "فوكلاند" قد دار في مستهل الشتاء (في جنوب المحيط الأطلنطي). فقد عانى كلا الجانبين من الطبيعة القاسية للطقس والأحوال الجوبرمائية غير المواتية، الأمر الذي حد من استخدام الطائرات والطائرات العمودية وعقَّد أعمال البحث والإنقاذ للوحدات البحرية والطائرات، كما أثر على أداء رادارات البحث وإدارة النيران وعقَّد استخدام أجهزة الرؤية البصرية.
وقد أدى سوء الأحوال الجوية أثناء القتال إلى فقد القوات البريطانية طائرتي "هارير" اصطدما بعضهما ببعض لسوء الرؤية، كما عاقت الأحوال الجوية السيئة شن القوات الجوية الأرجنتينية لأية هجمات جوية ضد القوات البريطانية لمدة ثلاثة عشر يوماً بسبب عجزها عن رؤية أهدافها. كما أثر سوء الأحوال الجوية سلباً على تنفيذ عمليات الإبرار طبقاً للخطة الزمنية المحددة، ومن ناحية أخرى أدَّت حالة الطقس السيئة إلى عدة مشاكل بالنسبة إلى استخدام المدفعية، فقد أثَّرت السُّحُب المنخفضة والأمطار والرياح الشديدة سلباً على دقتها، وجعلت البرودة الشديدة من الصعوبة بمكان ربط الطابات (الصمامات) على دانات (قذائف) المدفعية، كما كان البرد القارس ونسبة الرطوبة العالية بمثابة كابوس لرجال الصيانة الذين عجزوا عن الحفاظ على نسبة صلاحية عالية للأسلحة والمعدات.

ـــــــــــــــــــ



الصفحة التالية الصفحة الأخيرة