الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
الشكل الرقم (1)الفكرة العامة لعملية الغزو الأرجنتيني 1 أبريل 1982
الشكل الرقم (2)أعمال القتال للاستيلاء على ستانلي 1-2 أبريل 1982
الشكل الرقم (3)استرجاع جزيرة جورجيا الجنوبية عملية ثلاجة فورتونا
الشكل الرقم (4)استرجاع جزيرة جورجيا الجنوبية عملية خليج كمبرلاند
الشكل الرقم (5)استرجاع جزيرة جورجيا الجنوبية عملية خليج ستورمنس
الشكل الرقم (6)استرجاع جزيرة جورجيا الجنوبية الهجوم على الغواصة سانتافي
الشكل الرقم (7)أعمال القتال الافتتاحية للجانبين 1 مايو 1982
الشكل الرقم (8)إغراق الطراد جنرال بلجرانو والمدمرة شيفلد 2، 4 مايو 1982
الشكل الرقم (9)الإبرار البريطاني في منطقة سان كارلوس 21 مايو 1982
الشكل الرقم (10)احتلال رأس الشاطئ والتقدم نحو الأهداف المرحلية الأولى 21 مايو - 1 يونيو
الشكل الرقم (11)معركة جوس جرين 27-29 مايو 1982
الشكل الرقم (12)استيلاء اللواء الثالث على خط المرتفعات الثاني 11-12 يونيو 1982
الشكل الرقم (13)الهجوم البريطاني الأخير وسقوط ستانلي 13-14 يونيو 1982
الشكل الرقم (14)معركة ويرلس ريدج 13-14 يونيو 1982
 
الخريطة الرقم (1)مسرح حرب فوكلاند
الخريطة الرقم (2)مسرح عمليات فوكلاند 2 أبريل - 14 يونيه 1982
الخريطة الرقم (3)جزر فوكلاند
الخريطة الرقم (4)جزيرة جورجيا الجنوبية (سوث جورجيا)
الخريطة الرقم (5)جزيرة جورجيا الجنوبية (منطقة العمليات)
الخريطة الرقم (6)حدود مناطق الحظر البريطانية والأرجنتينية

ثانياً: معركة "جوس جرين"، 27-29 مايو (الشكل الرقم 10، والشكل الرقم 11)

1. تعليمات الجنرال "مور"

          عَشيَّة الإبرار في "سان كارلوس" تلقى البريجادير "طومسون" قائد اللواء الثالث تعليمات الجنرال "مور"، الذي عُيِّن لقيادة كل القوات البريَّة للحملة، بخصوص الخطوة التالية بعد الإبرار، وطبقاً لهذه التعليمات كان على قوات اللواء الثالث وعناصر دعمه احتلالُ وتأمينُ رأس شاطئ ـ يسمح بإنزال الإمدادات وقوات الدعم وإنشاء مَمَرٍ لهبوط الطائرات ـ ليكون قَاعدةً لعمليات استعادة "فوكلاند"، ثُمَّ التقدم من رأس الشاطئ للحصول على المعلومات والمعاونة في تحقيق الأهداف النهائية للحملة، وقد خوَّلت هذه التعليمات البريجادير "طومسون" السيطرة على كافة القوات التي يتمُّ إبرارُها حتى وصول الجنرال "مور" وإقامة مركز قيادة له على مَتْن السفينة "فيرلس" وأوضح الأخيرُ في تعليماته أنه فَوْر إقامة مركز القيادة المشار إليه في اليوم السابع للإبرار تقريباً، فإن اللواء الخامس سيُبَر في رأس الشاطئ لتطوير العمليات من أجل الاستعادة الكاملة لجُزر "فوكلاند".

          وعلى ضوء خطة العملية "سَتُون" فهم البريجادير "طومسون" من التعليمات السابقة أنَّ عليه احتلال رأس الشاطئ وتأمينه مع دفع جماعات الاستطلاع إلى الأمام لجمع المعلومات والبحث عن منطقة هبوط مناسبة للطائرات العمودية قرب جبل "كنت"، وإنشاء نقاط ملاحظة على المرتفعات التي تطل على الطريق بين "سان كارلوس" وذلك الجبل، بالإضافة إلى دفع جماعات استقبال في "تيل انلت" (شرم تيل)، وهو ما بدأ ينفذه فعلاً منذ مساء اليوم الأول للإبرار، كما فهم البريجادير "طومسون" من التعليمات المُشار إليها أن عليه أنْ يَدْفَع بعض وحداته إلى الأمام لتنفيذ المهام المطلوبة، إلا أنه لم يفهم أن ذلك يعني دفع معظم قواته خارج رأس الشاطئ قبل وصول اللواء الخامس والجنرال "مور" وهيئة قيادته.

2. الضغط على قائد اللواء الثالث

          فَوْر نجاح الإبرار في "سان كارلوس" دون مقاومة بريَّة تُذكرُ من جانب القوات الأرجنتينية، بدأ الأدميرال "فيلد هاوس" يضغط على قائد اللواء الثالث لسرعة التحرك من رأس الشاطئ، على عكس خطة العملية "سَتُون".

          ولم يكن قائد اللواء الثالث قادراً على مناقشة هذا الموضوع مع الجنرال "مور" الذي غادر "أسنشن" على مَتْن سفينة الركَّاب "كوين اليزابيث الثانية". وفي الخامس والعشرين من مايو تلقى البريجادير "طومسون" أوامر قيادة الحملة في "نورث وود" التي تقضي ببدء التحرك من رأس الشاطئ للاستيلاء على القاعدة الأرجنتينية في "جوس جرين" الواقعة على مسافة 13 ميلاً (21 كم) جنوب رأس الشاطئ، بدلاً من الإغارة عليها فقط طبقاً للخطة، وبرَّرت قيادُة الحملة هذا الأمرَ بأن القيادةَ السياسيةَ في حاجة إلى نصرٍ ملموسٍ على القوات الأرجنتينية يتمثلُ في الاستيلاء على هذه القاعدة لاستخدام هذا النصر كأداة للضغط السياسيّ على حكومة الأرجنتين فيما لو استُئنفت المفاوضات.

          وبدأ قائد اللواء الثالث وهيئة قيادته يضعون اللَّمسات الأخيرة في خطة التحرك التي تعتمد على وصول الطائرات العمودية المنقولة على مَتْن سفينة الحاويات "أتلانتك كونفيور" والتي كان يُنتظر وصُولها خلال تلك الليلة، غَيْر أنه سرعان ما علم بخبر غرق سفينة الحاويات وما عليها من طائرات عمودية، فقرَّر الانتظار حتى يصل الجنرال "مور"، غير أنه تلقى أوامر قيادة الحملة في "نورث وود" بسرعة تحرك اللواء الثالث من رأس الشاطئ والاستيلاء على "جوس جرين" وأرض الهبوط المجاورة لها.

          وعلى الرغم من المتغيرات التي طرأت على الموقف في المنطقة، فقد قضت أوامر قيادة الحملة بما يلي:

أ.

دفع كتيبة المظليين الثانية للاستيلاء على "جوس جرين" وأرض الهبوط المجاورة لها.

ب.

تقدم كتيبة المظليين الثالثة والكتيبة 45 كوماندوز لمسافة تقرب من 50 ميلاً (80,8 كم) سيراً على الأقدام عَبْر الأراضي للبدء في تطويق وحصار "بورت ستانلي".

ج.

إبقاء الكتيبتين 40 و42 كوماندز كاحتياطي داخل رأس الشاطئ.
وفي السابع والعشرين من مايو بدأ التحرك فعلاً لتنفيذ المهام السابقة

3. أوضاع القوات الأرجنتينية

          قَدَّرت تقارير المخابرات البريطانية عَشِيَّةَ الإبرار في "سان كارلوس" أنَّ عدَد القوات الأرجنتينية في "فوكلاند" قد أصبح يقرب من 13 ألف فرد يُشكَلون في لواء مشاة مُدعَّم قَوامُه ستة أفواج (منها وحدة بحرية)، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من المدفعية والصواريخ المضادة للطائرات والأسلحة المعاونة والوحدات الإدارية الأخرى. وقَدَّرت التقارير السابقة أن المدفعية المعاونة لذلك اللواء تتكون من 38 مدفع هاوتزر عيار 105 مليمترات (يصل مداها إلى عشرة كيلومترات)، وثلاث مدافع مجرورة عيار 155 مليمتراً (يصل مداها إلى 24 كم)، فضلاً عن أعداد كبيرة من المدفعية المضادة للطائرات تتراوح أعيرتها بين 3,5 بوصة وثلاثين مليمتراً يستخدمها الأرجنتينيون في أغراض الدفاع البريَّ أيضاً.

          وعلى الرغم من أن تقارير المخابرات المشار إليها وتقارير استطلاع جماعات القوات الخاصة أعطت تصوراً كاملاً عن حجم وأوضاع القوات الأرجنتينية حول "ستانلي"، فإن معلوماتها عن القوات المنتظر مواجهتها في منطقة "جوس جرين" و"دارون" كانت أقل تحديداً، فَقَدْ قدَّرتها تلك التقارير ما بين سرية مدَّعمة ـ وهي قوة الحامية الأصلية في المنطقة ـ وكتيبة مشاة ناقصة، بالإضافة إلى أفراد القوات الجوية وبعض عناصر المدفعية والدفاع الجوي. وكان التقرير الثاني هو الأقرب إلى حقيقة تلك القوات عندما بدأ الهجوم عليها يوم 27 مايو، فمن إجمالي أعداد القوات الأرجنتينية في تلك المنطقة البالغ عددها ألفاً وخمسمائة فرد، كان هناك 554 فرداً من جنود المشاة (خليط من ثلاثة أفواج مختلفة)، والباقي من القوات الجوية والأسلحة المعاونة والوحدات الإدارية الأخرى.

4. احتلال "جوس جرين"

          شُكلت كتيبة المظليين الثانية من أربع سرايا مشاة قوام كل منها تسعون فرداً مسلَّحون بالبنادق، بالإضافة إلى سرية معاونة، وكُلفت الكتيبة بالهجوم بكامل قوتها لاحتلال "جوس جرين". وقد أدَّى عدم وجود وسيلة لنقل السرايا إلى المنطقة الابتدائية للهجوم إلى ترك الكتيبة لأسلحتها الثقيلة في رأس الشاطئ عدا مدفعي مورتار عيار 81 مليمتراً، وعُوِّضت عن القصور في قوة نيرانها العضوية بنيران مساندة مباشرة من ثلاثة مدافع عيار 105 مليمترات من البطارية الثامنة/ الكتيبة 29 مدفعية، بالإضافة إلى نيران المعاونة الجوية والنيران المساندة من مدفعية الفرقاطة "أرو".

          ووضع قائد الكتيبة ليوتننت كولونيل (مقدم) "هيربرت جونز" خطة الهجوم على أساس الخروج من رأس الشاطئ ليلة 27 مايو، ثُمَّ التقدُم سيراً على الأقدام مع الاستتار بالظلام والاستيلاء أولاً على منطقة "كاميلا كريك هاوس" التي تبعد حوالي 11 ميلاً (17,8 كم) جنوب رأس الشاطئ، وبعد تطهير تلك المنطقة يتم نقل المدافع الثلاثة التي خُصصت لمعاونة الكتيبة بالطائرات الثلاث المتبقية لتأخذ مرابضها شرق "كاميلا كريك هاوس"، بينما تأخذ الكتيبة قِسطاً من الراحة خلال النهار قبل أن تستأنف تحركها ليلة 28 مايو للهجوم على المواقع الأرجنتينية الرئيسية الممتدة حتى خط "بوكا هاوس/ دارون".

          وكانت خطة الهجوم تقضي بدفع إحدى سرايا الكتيبة للاستطلاع مسافة أربعة أميال حتى الخط الابتدائي للهجوم عند رأس البرزخ الذي يربط الجزأين الرئيسيين لجزيرة "فوكلاند الشرقية"، ثُمَّ تقوم الكتيبة بالهجوم بقوة سريتين في نَسَقٍ واحد للاستيلاء على مدينة "دارون" التي تبعُد نحوَ ثلاثة أميال ونصف الميل جنوب الخط الابتدائي للهجوم، ثُمَّ تقوم الكتيبة بتطوير الهجوم بباقي قواتها للاستيلاء على أرض الهبوط ومنطقة "جوس جرين".

          وبينما كانت كتيبة المظليين الثانية تستعد للهجوم على المواقع الدفاعية الأرجنتينية جنوبَ الخط الابتدائي أعلنت هيئةُ الإذاعة البريطانية أن تلك الكتيبة قد نجحت في الوصول إلى مسافة خمسة أميال من تلك المدينة، وكان هذا الإعلان ـ الذي قُصد منه إذاعةُ خبرٍ سار للشعب البريطاني ـ بمثابة إنذارٍ للقوات الأرجنتينية بتوقع هجوم وشيك، ممَّا أفقد كتيبة المظليين الثانية عنصر المفاجأة التكتيكية، وسمح للقوات المدافعة الاستعداد لصد الهجوم.

          وفي الساعة 0235 يوم 28 عَبَرت سرية الجانب الأيسر للكتيبة البريطانية الخط الابتدائي للهجوم عند رأس البرزخ، وتقدَّمت دون مقاومة تُذكر حتى هدفها المتوسط شمال "دارون"، أمَّا سرية الجانب الأيمن فعَبَرت الخطَّ الابتدائي للهجوم في الساعة 0320 صباح اليوم نفسه، متأخرةً عن السرية الأولى خمساً وأربعين دقيقة، كانت كافية لمزيد من الاستعدادات الدفاعية للقوات الأرجنتينية، ومن ثمَّ واجهت تلك السرية مقاومة عنيفة على عكس السرية الأولى، ممَّا قلَّل قوة دفع الهجوم حتى توقف تماماً.

          ومع طلوع النهار دارت دفَّة القتال لصالح القوات الأرجنتينية التي استطاعت ـ من مواقعها المجهزة ـ تثبيت القوات البريطانية وإيقاف تقدمها وتكبيدها خسائر كبيرة، وساندها في ذلك نيرانُ مدافع الماكينة، فضلاً عن نيران المدفعية المضادة للطائرات والمعاونة الجوية القريبة بطائرات "بوكارا" و"سكاي هوك"، وتزايد موقف قوات الكتيبة البريطانية تعقيداً لنفاد ذخيرة المدفعية التي تعاونها، وعدم قدرة طائرات "الهارير" على معاونتها نتيجة للطقس السيئ فوق البحر طوال ذلك اليوم، واضطرار الفرقاطة "أرو" إلى اللجوء إلى مراسي "سان كارلوس" لتأمين نفسها ضد الهجمات الجوية الأرجنتينية، بعد أن عاقت الأحوال الجوية السيئة إقلاع المقاتلات البريطانية.

          وإزاء المقاومة الأرجنتينية الضارية وتوقف الكتيبة البريطانية، دفع قائدُها السرِّية الثالثة ـ على خلاف ما كان مخططاً ـ للتغلب على المقاومة الأرجنتينية التي تعوق تقدم الكتيبة، إلا أنه مع اقتراب المساء كان مصير المعركة لازال معلقا بعد أن استمرت الكتيبة البريطانية تقاتل أربع عشرة ساعة محاولة شقَّ طريقها خلال ثلاثة أميال ونصف الميل من المواقع الدفاعية المعادية.

          وفي محاولة للقضاء على المقاومة الأرجنتينية، قاد قائد الكتيبة بنفسه هجوماً على أحد المواقع الأرجنتينية الحصينة، وهو ما أدى إلى إصابته بجُرحٍ قاتلٍ، فخلفه في قيادة الكتيبة نائبه الميجور (الرائد) "كريس كيبل" الذي دفع السرية الرابعة (الاحتياط) للتقدم بحذاء الساحل على يمين السرية الثانية والهجوم على المواقع الأرجنتينية من الجنب. وفي الوقت الذي كانت فيه السرية الرابعة تتقدم بحذاء الساحل نجحت السرية الأولى في القضاء على المقاومة الأرجنتينية التي عاقت تقدَّمها بعد وصولها إلى "تل دارون"، وقامت بتطهير ذلك التل والتقدم نحو المدينة المجاورة.

          وفي الوقت الذي كانت تجري فيه أعمال القتال السابقة، قامت القيادة الأرجنتينية في "ستانلي" بدعم قواتها في "جوس جرين" مرتين الأولى بسرية غير مكتملة، تم نقلها بالطائرات العمودية من منطقة "ستانلي" إلى جنوب "دارون" في منتصف نهار الثامن والعشرين، والثانية بنحو 140 فرداً من الاحتياطي المتمركز في الميول الشمالية لجبل "كنت"، تم نقلهم أيضاً بالطائرات العمودية إلى جنوب "جوس جرين" مساء اليوم نفسه، حيث انضموا إلى القوات المدافعة خلال الليل.

          ومع تحسُّن الطقس صباح التاسع والعشرين من أبريل بدأت طائرات "الهارير" تقدِّم المعاونة بالنيران للقوات البريطانية القائمة بالهجوم، ممَّا مًكَّن تلك القوات من استعادة المبادأة وشق طريقها وسط الدفاعات الأرجنتينية التي سرعان ما انهارت وبدأت القوات التي تحتلها في الانسحاب نحو "جوس جرين"، في الوقت الذي دعَّم فيه البريجادير "طومسون" الكتيبة المنهكة بسرية من الكتيبة الثانية والأربعين كوماندوز لسرعة حسم المعركة.

          وفي صباح ذلك اليوم، تقدمت السريةُ الأخيرةُ والسريتان الثانية والثالثة من "كتيبة المظليين" نحو "جوس جرين"، وقبل أن ينتصف نهار التاسع والعشرين من مايو استسلمت الحامية الأرجنتينية في المنطقة، والتي كانت تتعرَّض للقصف الجوي البريطاني منذ الصباح الباكر، كما احتلت القوات البريطانية أرض الهبوط العُشْبية في المنطقة، وأسفرت هذه المعركة عن مقتل وأسر 1400 فرد من القوات الأرجنتينية في مقابل 17 قتيلاً و31 جريحاً من القوات البريطانية.

          وقد أدّى النصر في معركة "جوس جرين" إلى ارتفاع معنويات القوات والشعب البريطاني، واستمرار مساندة الرأي العام في المملكة المتحدة للوصول بالحملة إلى نهايتها على الرغم من الخسائر البحرية التي تعرَّض لها أسطول قوة الواجب، كما كان لهذه المعركة تأثيرٌ كبيرٌ على إدارة الحرب بعد ذلك، لأنها فتحت الطريق الجنوبي إلى "ستانلي" من ناحية، وساعدت على تضليل القيادة الأرجنتينية من ناحية أخرى، فقد أكدَّت لتلك القيادة قناعتها حتى نهاية الحرب بأنَّ البريطانيين ـ بعد إبرارهم في "سان كارلوس" ـ سيشنون هجومهم الرئيسي على "ستانلي" من اتجاه الجنوب الغربي على محور "فيتزوري/ ستانلي"، على خلاف ما قرره البريطانيون بتوجيه الضربة الرئيسية من اتجاهيّ الشمال والغرب.

5. أعمال القتال الجوية للجانبين خلال معركة "جوس جرين"

          في الوقت الذي كانت تجري فيه أعمال القتال السابقة، للاستيلاء على "دارون" و"جوس جرين"، نشطت أعمال القتال الجوية للجانبين لمساندة أعمال القتال البرية لكل منهما، فعلى الجانب البريطاني قامت طائرات السرب الأول بمساندة أعمال قتال الكتيبة الثانية يوم 27 مايو، وأثناء تلك المساندة فَقَدَ ذلك السربُ إحدى طائراته من طراز "هارير GR-3" قفز طيارُها بالمظلة بعد إصابتها بنيران المدفعية المضادة الأرجنتينية، وفي اليوم التالي عاقت الأحوال الجوية السيئة فوق البحر أعمال قتال الطائرات البريطانية، إلا أنه بمجرَّد تحسُن الطقس يوم 29 مايو استأنفت طائرات "الهارير" البريطانية هجماتها ضد الحامية الأرجنتينية في "جوس جرين"، كما امتدت هجماتها إلى المطارات التي تستخدمها الطائرات الأرجنتينية في "فوكلاند"، والتي كان يتمركز فيها في ذلك الوقت 23 طائرة "بوكارا" و6 طائرات " أيرماكي"، بالإضافة إلى عدد من الطائرات العمودية منها ثلاث "شينوك"، فتعرَّض مطار "ستانلي" لثلاث غارات، بينما تعرَّضت أرضُ الهبوط في جزيرة "ببل" لغارتين، وأسفرت الغارات السابقة عن تدمير معظم الطائرات والطائرات العمودية في المطارات السابقة.

          وعلى الجانب الأرجنتيني، فإنه بالإضافة إلى أعمال قتال الطائرات القادمة من مطارات الوطن الأم ضد السفن البريطانية يوم 27 مايو، والتي سبقت الإشارة إليها، فقد شاركت بعض تلك الطائرات في أعمال قتال المعاونة الجوية القريبة ضد قوات الكتيبة الثانية، إلاَّ أن العبء الأساسي لتلك المعاونة وقع على عاتق طائرات "البوكارا" و"الأيرماكي" المتمركزة في مطارات "فوكلاند". وقد أسفرت أعمال قتال المعاونة الجوية القريبة للقوات الأرجنتينية يوم 27 مايو عن إسقاط أربع طائرات أرجنتينية (طائرة "سكاي هوك"، وطائرتين "بوكارا"، وطائرة "أيرماكي") بنيران القوات البريطانية.

          وفي اليوم التالي استمرَّت أعمال قتال المعاونة الجوية القريبة بواسطة طائرات "البوكارا" التي نجحت إحداها في إسقاط طائرة عمودية بريطانية من طراز "جازيل"، وعلى أثر الهجوم الجوي البريطاني على المطارات الأرجنتينية في "فوكلاند" صباح 29 مايو توقفت أعمال قتال المعاونة الجوية لحامية "جوس جرين" التي استسلمت للقوات البريطانية في اليوم نفسه، غيرَ أن إحدى طائرات النقل الأرجنتينية من طراز "سي - 130" قامت بهجوم مباغت على ناقلة البترول "بريتش واي" التي كانت في طريقها من "أسنشن" إلى منطقة العمليات، وفي هذا الهجوم ألقت طائرة النقل ثماني قنابل أصابت الناقلةَ واحدةٌ منها، غير أنها لم تنفجر.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة