إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / نظرية الأمن الإسرائيلي





نظام القبة الفولاذية
مقطع لمدينة القدس
التهديدات الخارجية المعادية لإسرائيل

أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في الجولان
أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في سيناء
المناطق العازلة
الأوضاع النهائية في فلسطين
الهجمات الإسرائيلية على سورية
الضربة الجوية كولمب
العمليات على الجبهة الأردنية
العملية العين (حوريب)
العملية عوفداه
العملية قادش المعدلة
ضربة صهيون
عملية السلام من أجل الجليل



كلية الملك عبدالعزيز الحربية

أولاً: المرحلة الأولى (1948 ـ 1956)

على الرغم من أهمية الجولة الأولى عام 1948، في وضع أسس وجوهر نظرية الأمن، إلا أن مرحلة التنظيم العسكري، وبناء القوة، امتدت ما بين عاميّ 1949، نوفمبر 1956. بدأ بن جوريون خلال تلك المرحلة بناء نظرية الأمن الإسرائيلي، وقد أسسها على العديد من الركائز، مؤكداً على ضرورة الاعتماد على الدول الأوروبية، بصورة رئيسية في التسليح، لبناء القدرة الدفاعية الإسرائيلية.

كذلك، كان للجنرال "يجئال يادين" “Yigael Yadin” (نائب رئيس الأركان ورئيس شعبة العمليات برئاسة الأركان الإسرائيلية)، دورً بارزً خلال المراحل الأخيرة لحرب 1948، وعقب انتهائها كذلك، في بناء بعض جوانب هذه النظرية، خاصة بالنسبة لمبدأ الجيش العامل الصغير، والجيش الاحتياطي الكبير، وأسلوب الاقتراب غير المباشر، كأسلوب إستراتيجي ملائم في تنفيذ العمليات العسكرية الإسرائيلية، المستندة إلى مبدأ الحرب الخاطفة، ومراعاة مبدأ الاقتصاد في القوى إلى أقصى حد ممكن. ومن ثم، أرسى الجنرال إيجال يادين، قواعد وآليات نظرية الأمن الإسرائيلي، كما حدد أدواتها. واعتمد في ذلك على عدة مبادئ: التحول من الدفاع إلى الهجوم، وامتلاك زمام المبادرة، والقيام بالفعل دون الاقتصار على رد الفعل، والاعتماد على الطيران، ووضعه على رأس الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية.

توصل بن جوريون، على ضوء تلك المبادئ، إلى العناصر الرئيسية التالية لنظرية الأمن:

1. تشجيع الهجرة اليهودية إلى إسرائيل

تشكل القوة البشرية إحدى القدرات الرئيسية للدولة، لذلك من الضروري العمل على جذب يهود العالم إلى إسرائيل، واعتبار ذلك أحد المكونات والأهداف الرئيسية لنظرية الأمن الإسرائيلي (كان تعداد إسرائيل في 14 مايو 1948، يوم إعلان دولة إسرائيل 867 ألف إسرائيلي فقط من الرجال والنساء وسط بيئة عربية رافضة تحيط بها من كل جانب). وشكل ذلك أحد عناصر دعم وتطوير إسرائيل وتفوقها، حيث هيأت لها هذه الهجرة (الجاهزة) تفوقاً علمياً وفنياً على الدول العربية، دون أي تكاليف. وقد خططت إسرائيل لموجات متتالية من الهجرة، شكلت العنصر الرئيسي الأكثر فاعلية، للمحافظة على كيان الدولة وبقائها. وظل ذلك أحد العناصر الرئيسية لنظرية الأمن الإسرائيلي، لفترة طويلة.

2. تفتيت وحدة الصف العربي

شكلت المرحلة الأولى من حرب عام 1948، تهديداً خطيراً على قيام إسرائيل على الرغم من التنسيق المحدود للجهود العسكرية العربية ضدها[1]. وفرض ذلك على إسرائيل، منذ البداية، ضرورة العمل على تفتيت وحدة الصف العربي، بكل الطرق المشروعة، وغير المشروعة، سواء كانت منفردة، أو بالتعاون مع القوى العظمى والكبرى. فقد كانت إسرائيل، تعلم استحالة تحقيقها للتوازن الإستراتيجي مع العرب مجتمعين، لذلك وضعت نصب عينيها، العمل بصفة مستمرة على تفتيت وحدتهم، حتى يمكنها تحقيق التفوق عليهم فرادى. وقد اعتبرت إسرائيل ذلك أحد العناصر الرئيسية لنظرية أمنها، التي مازالت تعتنقها حتى اليوم.

3. الحرب القصيرة الخاطفة

أدى نقص القوى البشرية، إلى استحالة استمرار حالة التعبئة العامة في إسرائيل لفترة طويلة، إذ يؤدى ذلك إلى إحداث شلل شبه تام في الحياة الاقتصادية، لارتفاع نسبة قواتها العاملة عند التعبئة الكاملة وقت الحرب (تصل إلى 40%)، مما يستحيل معه خوضها حرباً طويلة الأمد. إضافة إلى أن مواردها الطبيعية والاقتصادية لا تسمح لها بتحمل تكلفة حرب طويلة. لذلك استندت نظرية الأمن الإسرائيلي إلى عقيدة الحرب القصيرة، بالاعتماد على جيش عامل صغير، وجيش احتياطي كبير، يمكن تعبئته في الوقت والمكان المناسبين.

4. ضمان مؤازرة حليف قوى

يرتبط ذلك بطبيعة نشأة إسرائيل وتطورها في المنطقة، إذ ظل "ديفيد بن جوريون" أسيراً لفكرة ضرورة خلق تحالف بين إسرائيل وإحدى القوى العظمى، وكان ذلك نتيجة طبيعية لكونها جسما دخيلاً، ومن هنا لم يكن أمامها إلا الارتباط العضوي كأي كائن طفيلي، بجسم آخر قوى، كي يستمد منه أسباب الأمن والحياة.

كان الاعتماد في مرحلة ما قبل الاستقلال، على نفوذ المملكة المتحدة في المنطقة، وهي التي منحت اليهود وعد بلفور Balfour, James Arther ، ورعتها إلى أن قامت الدولة عام 1948. واستمرت إسرائيل في تبني تلك العقيدة، حتى كان العدوان الثلاثي عام 1956، إذ اعتمدت على كل من فرنسا وإنجلترا، وأصبحت فرنسا بعد ذلك هي المورد الرئيسي للسلاح لإسرائيل. وأجبر الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة الأمريكية، إسرائيل على الانسحاب الكامل من سيناء، ووعت الدرس. فكان أن اتجهت إلى إعادة بناء علاقاتها ومصالحها المشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي قدمت لها كل دعم سياسي وعسكري واقتصادي. (اُنظر ملحق وعد بلفور)

ولا يتعارض ذلك مع مبدأ الاعتماد على الذات، لكنه يعد مكملاً له، أي لا يصل إلى المدى، الذي وصله عام 1956، من خلال العمل العسكري المشترك والمباشر، وإنما يعني "ضمان بقاء إسرائيل بالدرجة الأولى، ثم ضمان الدعم السياسي المستمر قبل وأثناء وبعد أي عملية عسكرية، وكذلك ضمان تلبية احتياجات إسرائيل الكمية والنوعية، من نظم التسلح المختلفة أيضاً، قبل وأثناء وبعد أي عملية عسكرية، دون التأثير على ما يمكن أن تجنيه إسرائيل من مكاسب عسكرية".

وقد ساهم "إيجال آلون" كذلك، خلال السنوات الفاصلة بين حربي 1956، 1967 مساهمة فعالة في تطوير فكرة بن جوريون، القائلة بضرورة نقل الحرب إلى أراضي العرب فور نشوب القتال، لإبعاد مخاطرها عن المناطق المأهولة بالسكان، الضئيلة العمق في إسرائيل، إلى مبدأ متكامل الأركان أطلق عليه "الهجوم المضاد المسبق"، أو "الهجوم المضاد الإجهاضي"، لهجوم عربي مزمع القيام به وفقاً لمجموعة افتراضات معينة.

كما طرح "شيمون بيريز" فكرته الداعية إلى "قوة الردع" الإسرائيلية، عقب حرب 1956، ونتائجها الفاشلة على مستوى الإستراتيجية العليا (وإن كانت قد نجحت عسكريا)، تلك القوة التي يجب أن ترتكز على قدرة "ذرية ذاتية "، تشكل ردعا من خلال الشك.

وقد أفرزت هذه التوجهات المختلفة، توليفة متكاملة أدت إلى بلورة بعض عناصر نظرية الأمن الإسرائيلية، بعد نشوب حرب 1956. ثم قامت على ضوء الخبرات والنتائج، التي انتهت إليها الجولة الثانية، بالتوصل إلى نظرية أمن شبه متكاملة للمرة الأولى، أدارت من خلالها الجولة الثالثة عام 1967، كانت أبرز عناصرها: (إضافة إلى العناصر الرئيسية، التي وضعها بن جوريون وسبق تناولها).

أ. مبدأ التفوق والردع[2]

نظرا لاختلال ميزان القوى العربي الإسرائيلي لصالح العرب، من حيث المعطيات الإستراتيجية الأساسية المتعلقة بالقوى البشرية والمساحة والموارد الاقتصادية والطبيعية، استندت نظرية الأمن الإسرائيلي إلى ضرورة تمتع جيشها بتفوق كيفي، سواء في الأسلحة والمعدات، أو التنظيم أو التدريب أو القيادة أو المعنويات، يتيح له تعويض النقص الكمي (على افتراض حشد القوات بالكامل من الجانب العربي، في المواجهة المسلحة مع إسرائيل، وهو الافتراض الذي لم يحدث عمليا حتى الآن). وبحيث تكون هذه القوة العسكرية ذات قدرة رادعة، وتمتلك إمكانات الحسم العملي في الوقت نفسه. وقد عبّر "إيجال آلون" عن ذلك فقال: "إن الجيش القادر على كسب الحرب، هو وحدة الجيش الذي يردع.. وأن الأمل في الردع لا يعتمد على القوة العسكرية وحدها، ولكن على التأكيد بأن هذه القوة ستستخدم في الوقت المناسب وبطريقة حاسمة".

ب. الهجوم المضاد المسبق: (نقل المعركة إلى أرض العدو)

تبنت نظرية الأمن الإسرائيلي، فكرة نقل الحرب إلى أراضى العدو بسرعة، فور نشوب أي حرب شاملة، حتى لا تتعرض إسرائيل لأضرار الحرب ومخاطرها، وتتوافر للقوات الإسرائيلية فرص أفضل للمناورة الهجومية، وفقاً لعقيدة الحرب الخاطفة، في ظل افتقار أراضيها للعمق الإستراتيجي (الذي حاولت إسرائيل، دون جدوى، أن تعوضه عن طريق إنشاء شبكة من المستعمرات المحصنة على الحدود، وفي الداخل، لتكون كثافتها بمثابة عمق إستراتيجي غير مباشر)[3].

وطورت الفكرة إلى مبدأ الهجوم (كأحد مبادئ الحرب)، الذي يسبق أي هجوم عربي محتمل (العمل الوقائي). وقد أشار الجنرال "طال" إلى ذلك فقال: "إن جميع العوامل التي منحت العرب التفوق، كانت قائمة بين حملة سيناء (عام 1956) وحرب الأيام الستة (عام 1967)، كذلك الحال بالنسبة لعوامل تفوقنا، مثل النوعية والخطوط الداخلية. لذا لم يطرأ تغيير على إستراتيجية نقل الحرب إلى أراضي العدو، ولم يتغير مفهومنا الهجومي، إلاّ أننا تبنينا بين حملة 1956 وحرب الأيام الستة، مبدأ أهمية توجيه الضربة الأولى كذلك، أي ليس مجرد نقل المعركة إلى أرض العدو فحسب، بل محاولة توجيه الضربة الأولى كذلك".

اعتبر آلون حرب 1956، التي بادرت إسرائيل فيهما بالهجوم، نموذجا للهجوم المضاد المسبّق (أو الهجوم المضاد الاجهاضي)، لما كانت مصر تعتزم القيام به (زعمت إسرائيل ذلك على ضوء صفقة الأسلحة التشيكية، التي اعتقدوا أن الجيش المصري سيقوم بعد استيعابها بتهديد إسرائيل)، وبرر ذلك بقوله: "إن الأخذ بإستراتيجية دفاعية خالصة تسمح للعدو بأن يختار بحرية زمان ومكان وأسلوب هجومه، معناه تعريض إسرائيل لأفدح الأخطار. إن الرد الوحيد على أي تهديد بالهجوم هو المبادرة الشاملة من جانب إسرائيل، بهجوم مضاد إجهاضي إذا استدعى الأمر بهدف تحطيم قوات العدو، ولذا فإن جيش الدفاع الإسرائيلي يجب أن يتقدم إلى الحد الضرورى لضمان هزيمة قوات العدو، وخلق وضع إستراتيجي جديد يوفر حدودا أكثر أمناً لمواجهة أي هجمات مستقبلية واحتلال أراضى العدو واستبقائها إلى أن يتم تحقيق السلام وتحديد الحدود الإستراتيجية الدائمة" ويعد الهجوم المضاد المسبق، على مستوى الإستراتيجية العليا، الأداة الهجومية العسكرية الملائمة لتنفيذ إستراتيجية "مناورة الخرشوفة"[4] التي تستخدمها إسرائيل في التوسع، والتي تعني ضم الأراضي العربية الجديدة على مراحل، كأهداف متتالية، وبضربات سريعة حاسمة، تتم بعد تأمين المناورة السياسية الخارجية اللازمة، لتغطية هذه الأعمال التوسعية، إعلامياً ودولياً، من خلال تقديم كل هدف (أو مرحلة) على أنه الهدف (أو المرحلة) الأخيرة.

في الوقت نفسه فإن هذه الإستراتيجية تُعد الأداة المناسبة، على مستوى الإستراتيجية العسكرية، لتنفيذ "الحرب القصيرة الخاطفة"، للاستفادة المثلى من مميزات الحركة على الخطوط الداخلية. إنّ الأخذ بالمبادرة الهجومية، أو توجيه الضربة الأولى، يتيح للقيادة العسكرية الإسرائيلية، فرصة حشد قواتها الرئيسية في إحدى الجبهات في التوقيت الملائم لها، وتوجيه ضربة حاسمة، بينما تثبت الجبهات الأخرى دفاعياً أو بهجمات محدودة. ويُنقل المجهود الرئيسي إلى الجبهات الأخرى على التوالي، دون أن يتاح للعرب الظروف الملائمة لحشد قواهم العسكرية، والاستفادة من مميزات العمل على الخطوط الخارجية، التي يتيحها لهم وضعهم الجغرافي المحيط بإسرائيل، (الذي يمكنهم نظريا من شن هجوم متزامن على عدة جبهات، تتلاقى اتجاهات تقدمه في قلب إسرائيل).

ج. الاعتماد على القوة الذاتية

كان لا بد لإسرائيل، كي تؤكد وجودها في المنطقة، وتحقق أهدافها في إسرائيل الكبرى، أن تحاول تنفيذ ضرباتها التوسعية الخاطفة، وتأمين هذه المكتسبات الإقليمية، بالاعتماد على الحد الأقصى لقواها العسكرية الذاتية، التي تمكنها من تنفيذ أهدافها، دون الاستعانة بقوي خارجية (كما حدث في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956). إذ يُخشى، في حالة الاستعانة بدولة كبرى، في كل حرب هجومية تخوضها إسرائيل، أن يفشل المشروع الصهيوني في تحقيق توسعاته، نظراً لما سيترتب على ذلك من احتمالات ممارسة ضغوط عليها، يمكن أن تحد من حرية حركتها (مثل ما حدث عقب حرب عام 1956، حينما مارست الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطاً على إسرائيل، أدت إلى انسحابها من كل الأراضي التي احتلتها، وحرمتها من ثمار النصر كما تدعي)[5].

لذلك، أُعد الجيش الإسرائيلي عقب حرب 1956، كجيش هجومي. وأعطيت الأولوية في تسليحه وتنظيمه وتدريبه، لأسلحة الطيران والمدرعات، والقوات المحمولة جواً. واحتلت أسلحة المشاة، والمدفعية، والدفاع الجوي والبحري، مرتبة تالية. كما تضاءل دور قوات الدفاع الإقليمي (الناحال، وما إلى ذلك من تنظيمات عسكرية)، الذي كان مهماً للغاية، خلال عام 1948 والسنوات، التي تلتها حتى حرب 1956 تقريباً، نتيجة لتطور تسليح الجيش الإسرائيلي، الذي يوفر قوة نيران أكبر، وإمكانات مناورة أفضل، ويتطلب مستوى أرقى من التدريب، والإلمام التقني بالأسلحة والمعدات. من وجهة أخرى فإن تطور تسليح الجيوش العربية، والزيادة الضخمة في حجم الدبابات والمدفعية والطائرات، التي طرأت عليها منذ حرب 1948، نتيجة للدعم العسكري السوفيتي، جعل من غير الممكن لقوات الدفاع الإقليمي والمستعمرات المحصنة، أن تنفذ المهام نفسها التي نفذتها في المراحل الأولى لحرب عام 1948. وأصبحت القوات النظامية بجزئيها، العامل والاحتياط، القوة العسكرية الأساسية التي يعتد بها، عند حساب علاقات القوى، بينها وبين الجيوش العربية.

د. اختلاق الذرائع: (المبررات)

عرّف الباحث الإسرائيلي "دان هوروفيتس" هذا المصطلح بأنه:

"المصالح الإسرائيلية الحيوية المعرضة للاستفزازات العربية التي لا ترقى إلى مرحلة الحرب، الأمر الذي ينظر إليه على أنه انتهاك لقواعد اللعبة في الصراع المستمر بينها وبين العرب". أو بمعنى آخر هو الوضع الذي يمكن التذرع به كمبرر واستغلاله لعمل واسع النطاق يمكن أن يتطور لحرب شاملة. ويعني ذلك تحديد خط أحمر جغرافي مثل: الخط الأحمر في جنوب لبنان، أو خط سلوكي على نحو ما، يفصل بين ما هو مباح وما هو محظور. ومن ثم فإن تجاوز هذه الخطوط يعتبر مؤشراً على فقد نظام الردع الإسرائيلي لفعاليته، ويتيح فرصة التبرير لإسرائيل، أمام الشرعية الدولية، لتوقيع العقاب الفوري والثقيل، لأن إهمال الرد على أي من تلك الخطوات، قد يؤدى إلى تشكيل تهديد لأحد عوامل أمن الدولة، وضياع فرصة ثمينة لتأكيد قوتها، من خلال ما يسمى الردع بالعقاب. وكذلك الضرر الذي قد يلحق بمصداقيتها، حول ردود أفعالها، وهو ما استغلته بعد ذلك في ادعاءاتها التي ساقتها عن أسباب شنها للجولة الثالثة في يونيه 1967.



[1] تم التنسيق فقط ليوم بدء الهجوم، وقطاعات عمل جيش كل دولة، ذلك رغم تعيين قائد عام للقوات العربية هو الملك عبد الله ملك الأردن.

[2] الردع والتفوق عنصرين مختلفين أساسا، فالردع يدل على امتلاك طرف نظم تسلح مؤثرة قد لا يمتلكها الطرف الآخر والتي تشكل أسلحة ردعية له، أما التفوق فهو يدل على التفوق الكلى الشامل في القدرة العسكرية والتي تشكل عامل ردع إضافي في حالة تحقيقه، ومن ثم يمكن لطرف امتلاك أسلحة ردع دون أن ينجح في تحقيق تفوق شامل، كما يمكن أن يجمع بينهما.

[3] ورد في كتاب العقيدة الإستراتيجية الإسرائيلية: "إن على إسرائيل أن تخلق عمقا إستراتيجيا صناعيا عن طريق تحصين العمق، وخاصة تحصين المستعمرات".

[4] إستراتيجية القضم المتتابع، وإستراتيجية مناورة الخرشوفة هما مسمى لشيء واحد.

[5] قالت إسرائيل عقب إجبارها على الانسحاب من سيناء، أنها حرمت من ثمار النصر في جولة يونيه 1956، والتي كانت تتمثل (كما ادعت إسرائيل) في: إعادتها لسيناء بعد أن كان الكنيست قد قام بضمها في إطار حلم إسرائيل الكبرى. ـ إعادتها لقطاع غزة التي كانت تهدف إلى الاحتفاظ به في إطار مخططها للاستيلاء على كل أرض فلسطين. ـ عدم استثمار وجودها بالقرب من قناة السويس في إجبار مصر على السماح لها بالعبور فيها. ـ غير أنها نجحت في الحصول على حق المرور البرئ في خليج العقبة في ظل وجود قوات دولية.