إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / نظرية الأمن الإسرائيلي





نظام القبة الفولاذية
مقطع لمدينة القدس
التهديدات الخارجية المعادية لإسرائيل

أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في الجولان
أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في سيناء
المناطق العازلة
الأوضاع النهائية في فلسطين
الهجمات الإسرائيلية على سورية
الضربة الجوية كولمب
العمليات على الجبهة الأردنية
العملية العين (حوريب)
العملية عوفداه
العملية قادش المعدلة
ضربة صهيون
عملية السلام من أجل الجليل



كلية الملك عبدالعزيز الحربية

أولاً: نشأة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية

أقيمت مستعمرة داجانيا، بواسطة العمال اليهود، كأول مستعمرة جماعية "كيبوتز"[1] وأطلق عليها اسم "أم جوني". ومنذ ذلك الوقت أخذت فكرة الكيبوتزيم تنتشر بين المستعمرات بواسطة من أسموهم الرواد من المستوطنين اليهود. اعتبرت المستعمرات بمثابة معاقل للعمل الصهيوني، ورمز للعقيدة الصهيونية، التي برزت منذ البداية في شعار "المحراث والسيف"، وتطورت إلى "العمل والدفاع"، الذي كان يطلق عليه بن جوريون "البناءون، المقاتلون"، وعلى ضوء ذلك تحدد شكل المستعمرات الجماعية وأهدافها، في:

1. أن يكون سكانها من المقاتلين البناءون، الذين يعملون من أجل تحقيق أهداف الصهيونية بالاستيلاء على فلسطين، عن طريق غزو الأرض وبناء الحصون.

2. أن تكون مواقعها في الأماكن الحيوية، وفق المخططات المرسومة، وهي أشبه ما تكون بالقواعد العسكرية منها بأي شيء آخر.

3. أن تقوم على العنصرية الصهيونية.

4. تستند على نظام الجيتو، أي عزل الذات، بإبعاد غير اليهود عن هذه المستعمرات، ومقاطعة اليد العاملة العربية واضطهاد وطرد الفلاحين العرب من أراضيهم، بالقوة والإرهاب.

5. العمل على بناء "وطن قومي"، ودولة صهيونية.

وليس ثمة شك في أن هناك علاقة وثيقة بين التغلغل الاقتصادي، القائم على اغتصاب أرض، وبين القوة المسلحة، التي عملت على تثبيت اغتصاب الأرض، والتغلب على أي مقاومة يبديها أصحابها الشرعيون. وأصبح إنشاء المستعمرات الصهيونية وخلق القوة العسكرية، عملين متلازمين، يمثلان جوهر السياسة الصهيونية، لإنشاء الدولة الإسرائيلية في فلسطين، التي مبدأها الأساسي هو العمل والدفاع. كما تدل شعاراتها (المحراث والسيف، أو البناءون والمقاتلون).

تطور القوة العسكرية لإسرائيل

1. منظمة الهاشومير، والكتائب اليهودية

أول عمل منظم مارسته الصهيونية في فلسطين، خلال حقبة إنشاء الدولة (البداية)، كان تنظيم البناء العسكري الصهيوني. كانت البداية عام 1907، بإنشاء أولى المنظمات العسكرية في فلسطين، وهي منظمة الحارس "هاشومير"، تحت ستار الحراسة والدفاع، وفقاً للأساليب العسكرية البحتة. ثم كونت من منظمة "هاشومير" والكتائب اليهودية، التي شاركت القوات البريطانية في القتال، النواة العسكرية القوية لإنشاء منظمة الدفاع "هاجاناه"، بعد الحرب العالمية الأولى.

أ. منظمة الهاشومير

علّل بن جوريون، أسباب استخدام القوة العسكرية، لتنفيذ المخطط الصهيوني في فلسطين، في هذا الوقت المبكر، بحراسة المحاصيل، وحماية أرواح المهاجرين إلى فلسطين من اليهود. وحتى يشعر المهاجرون بالأمان والحرية، أنشئت منظمة "هاشومير" للحراسة، وكانت في الواقع نواة قوة الدفاع اليهودية السرية، التي شكلت بعد الحرب العالمية الأولى "الهاجاناه". وكان لها دور رئيسي في الدفاع عن اليهود منذ ذلك الوقت، حتى إعلان الاستقلال في سنة 1948.

ففي عام 1907، صدر قرار مؤتمر حزب "عمال صهيون"، أثناء انعقاده في مدينة الرمله، بفلسطين، بالسعي لتحقيق الاستقلال السياسي لليهود في فلسطين. (اُنظر ملحق عمال صهيون)

ونشط العمل الصهيوني في مستعمرة "الشجرة" بالجليل، حين انتقل إليها بن جوريون ورفاقه، حاملين دعوة الاعتماد على النفس، في العمل والدفاع، ساعين إلى التخلص من العمال العرب. وساد العمل الصهيوني في مستعمرة "الشجرة" الروح العسكرية، فكانت أول مستعمرة صهيونية تكوّن قوة مسلحة، كنواة لمنظمة "هاشومير". واستمر بن جوريون وبن تسفي[2] في سعيهما، نحو تحقيق المجتمع الصهيوني المسلح، وتعميم نظام القوة المسلحة بين المستعمرات. بذلك، تكونت منظمة "هاشومير"، على نمط جماعات الدفاع الذاتي في روسيا، ولم يكن شعارها "الحراسة والدفاع"، بل أضيف إلى شعارها شعار آخر هو: "بالدم والنار سقطت اليهودية، وبالدم والنار سوف تعود من جديد".

تأسست المنظمة العسكرية "هاشومير" في الأصل، من أعضاء اتحاد (حزب) "عمال صهيون"، وبعض الأعضاء القدامى، من وحدات الحراسة بالخارج "دياسبورا". وكانت في البداية مجموعة من 23 شاباً، ثم انضم إليهم عناصر يسارية أخرى من اليهود الروس، أُدخلوا إلى أساليبها، فكرة العمل الإيجابي، تحت اسم "النضال والكفاح"، وعدم الاكتفاء بأعمال الحراسة السلبية، بل ممارسة العنف ضد السكان العرب، لاكتساب صفة "اليهودي العنيف"، إحياء لروح الأساطير الشعبية اليهودية القديمة. وبذلك أنشأت نواة القوة العسكرية، بهدف خلق أمة يهودية في فلسطين، تحكم نفسها وتحقق إرادتها بالقوة والعنف، اعتماداً على الذات.

كانت "هاشومير" ترى أن يكون "تحقيق الذات اليهودية"، باعتناق المذهب الرئيسي في إيديولوجية الصهيونية، وهو "الاستيطان والعمل"، بواسطة التجمعات الزراعية، التي تدافع عنها "هاشومير"، واعتُبرت مستعمرة "الشجرة الجماعية"، نموذجاً لهذا العمل التنظيمي للصهيونية. وبرزت ملامح أيديولوجية "هاشومير"، في الاقتراحات التي أعلنتها، عام 1912، كأسلوب لحماية "الييشوف"، على أساس النقاط التالية:

(1) ألا يقتصر دور "هاشومير" على توفير الحماية المادية للمستعمرات اليهودية، بل عليها أن تغرس في السكان الإحساس بواجبهم في الدفاع عن أنفسهم.

(2) أن توفر النواة العسكرية، القادرة على توسيع نطاق الكوادر الدفاعية في المجتمع اليهودي.

(3) أن تحتكر "هاشومير" حق الإشراف على الدفاع، عن المجتمع اليهودي في فلسطين.

(4) أن تعمل "هاشومير" كقوة مسلحة محترفة ومتخصصة، في الدفاع عن الييشوف.

وضع هذا البرنامج، حجر الأساس لنشأة المؤسسة العسكرية، من خلال الأيديولوجية ذات النقاط الأربعة الرئيسية، التي هدفت إلى بناء وتطوير المجتمع اليهودي العسكري، وتوسيع نطاق الكوادر العسكرية، وإعطائها مركزاً متميزاً في المجتمع اليهودي. إضافة إلى السيطرة عسكرياً على "الييشوف"، من خلال تولي مسئولية الدفاع عن الشعب اليهودي، وصولاً إلى إنشاء قوة عسكرية مسلحة محترفة. استناداً إلى هذا البرنامج، قامت "هاشومير" باتخاذ الخطوات العملية، لوضع هذا البرنامج موضع التنفيذ. أسست منظمة شومير الأجهزة السرية التنظيمية، والتنفيذية، لممارسة تلك المهام، الواسعة، الجديدة، وتحقيق أهدافها في تحويل المستعمرات اليهودية إلى مجتمع مسلح. وكان هذا الجهاز بمثابة الطليعة للمؤسسة العسكرية اليهودية في فلسطين.

ب. فكرة الكتائب اليهودية

(1) الارتكاز على القوى الكبرى

توقف مخطط الهجرة الصهيوني إلى فلسطين، كما توقف إنشاء المستعمرات بها، مع نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914. وبدخول تركيا الحرب، نشطت الطائفة اليهودية في فلسطين لمعاونة الحلفاء (بريطانيا وفرنسا). فأثارت شك السلطات العثمانية، التي اتخذت عدداً من الإجراءات، للحد من النشاط اليهودي. وأدى ذلك إلى انكماش نشاط الطائفة اليهودية، في فلسطين. ترقبت المنظمة الصهيونية الموقف، حتى تتضح نتائج الحرب، لتتجه بكل قواها نحو الجانب المنتصر. واقتصر نشاط الصهيونية في بداية الحرب على:

(أ) الحفاظ على كيان الطائفة اليهودية في فلسطين، والسعي لاستخدام نفوذ الهيئات السياسية المختلفة، ذات التأثير، لدى زعماء تركيا في هذا الشأن.

(ب) كسب تأييد الدول الكبرى، لتحقيق أهداف الحركة الصهيونية، في فلسطين بعد الحرب[3].

(ج) إنشاء قوة مسلحة يهودية ضمن القوات البريطانية، لتخدم في الشرق الأوسط، بالقرب من فلسطين، لمعاونة القوات البريطانية فيها، لتكون بعد ذلك نواة القوة العسكرية الإسرائيلية، التي ستعمل من أجل إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين. إضافة لذلك، ستكتسب القوة اليهودية، خبرة الحرب، لخلق جيل من القادة والجنود اليهود، لخدمة المخطط الصهيوني، بالاستيلاء على فلسطين، بالقوة المسلحة.

(2) العمل على إنشاء الكتائب اليهودية

تزعم فلاديمير جابوتنسكى[4] الدعوة لإنشاء القوة اليهودية. ورأى أن الحرب في الشرق الأوسط، فرصة لتحقيق حلم إنشاء "جيش يهودي"، يسهم في الاستيلاء على فلسطين، تحت ستار "تحريرها من الاحتلال التركي". لم ترحب القيادة البريطانية بالفكرة، ولم يمنع ذلك اليهود من تأليف لجنة تحضيرية، لتشكيل الوحدات اليهودية. وفي فبراير سنة 1915، بدأ اليهود بالفعل في جمع وتسجيل المتطوعين. وأعلن جابوتنسكي أنّ الغرض من إنشاء القوة المسلحة اليهودية "أنّ السبيل الوحيد لتحرير البلاد (فلسطين)، لن يكون إلا بحد السيف". أثار هذا الإعلان الزعماء الآخرين، أمثال وايزمان وبن جوريون ضده، اللذان يفضلان العمل في صمت وفي الخفاء، حتى يفرض الأمر الواقع نفسه. رفض جابوتنسكى فكرة القيادة البريطانية في مصر، بتشكيل كتيبة يهودية للنقل بالبغال تعاون الجيش البريطاني في حملة غاليبولـي[5] باعتبارها إهانة بالغة للصهيونية. (قبلت المهمة بعد ذلك). وفي مارس 1915، بمنطقة برج العرب في مصر، أنشأت كتيبة النقل بالبغال اليهودية من 8000 يهودي من فلسطين. وتم حل الكتيبة في مايو 1916 (بعد عودة حملة غاليبولي منهزمة)، مع استبقاء 120 فرداً، أرسلوا إلى لندن في أكتوبر من العام نفسه، كنواه لكتيبة يهودية تُجَمّعْ في بريطانيا. وخلال هذه الفترة (1915 ـ 1917)، انتشرت الجهود الصهيونية لدعاة "القوة العسكرية اليهودية"، من أمثال جابوتنسكي وبن جوريون وترومبلدور[6] في أنحاء متفرقة من العالم، سعياً وراء الترويج لإنشاء هذه القوة.

(3) الكتائب اليهودية، والحرب العالمية الأولى

شهد صيف عام 1917 تحولاً مهماً في السياسة البريطانية، إزاء المسألة الصهيونية عامة والكتائب اليهودية خاصة، إذ أعلنت الحكومة في أغسطس عام 1917 موافقتها على تشكيل كتيبة يهودية، وعينت الكولونيل جون باترسون (القائد السابق لكتيبة النقل بالبغال) قائداً لها. في فبراير 1918 أتمت الكتيبة تشكيلها تحت اسم "الكتيبة 38 حملة بنادق ملكية"، وأرسلت إلى مصر لاستكمال التدريب، تمهيداً لاشتراكها في القتال بفلسطين. أيد بن جوريون وبن تسفي الجهود، التي بذلت في لندن، وسارعا إلى بذل جهود مماثلة في الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء كتيبة أخرى من المتطوعين اليهود الأمريكيين. نجح بن جوريون وزميله في دعوتهما، فشكلت "الكتيبة 39 حملة بنادق ملكية" من اليهود الأمريكيين، وعين قائداً لها الكولونيل اليهودي "اليعازر مرجولين"، من مستعمرة رحبوت. وصلت هذه الكتيبة إلى مصر في أغسطس 1918، غير أن الروح المعنوية للمتطوعين الأمريكيين ما لبثت أن انهارت، بمجرد ذهابها إلى الصحراء.

تتابع النشاط الصهيوني لتنظيم وجوده في فلسطين، إذ نشطت الدعوة للتطوع لإنشاء كتيبة ثالثة من يهود فلسطين. وتكللت الجهود الصهيونية بالنجاح، على الرغم من الجدل الذي ثار بين اليهود، ومعارضتهم لفكرة التطوع في الجيش البريطاني، واتسع نطاق حركة التطوع.

بدأ في يونيه 1918 تشكيل الكتيبة اليهودية الثالثة، في مصر، وهي "الكتيبة 40 حملة بنادق ملكية". وبلغ عدد المتطوعين اليهود في الكتائب الثلاث، حوالي 5500 فرد. وأسهمت هذه الكتائب في الهجوم البريطاني، الذي بدأ في سبتمبر 1918 لاحتلال شمال فلسطين وسورية ولبنان، فاشتركت الكتيبة 38 في احتلال نابلس، أما الكتيبة 39 فقد عبرت نهر الأردن، واشتركت في الإغارة على السلط، وبقيت الكتيبة 40 تقوم بأعمال الحراسة في مصر، ثم انتقلت إلى فلسطين. وفي نوفمبر 1918، عُقدت الهدنة وتوقف القتال. وبدأت القيادة البريطانية في تسريح الكتيبتين 38، 39 من اليهود غير الفلسطينيين. وانضم بعض اليهود الأمريكيين إلى الكتيبة 40، لرغبتهم في البقاء في فلسطين. ووضعت الكتيبة تحت قيادة الكولونيل اليهودي مرجولين، وغيرت شعاراتها البريطانية، ورفعت علم درع داود الأبيض والأزرق، واتخذت طابعاً يهودياً بحتاً، وأطلق عليها اسماً يهودياً هو "هارشون ليهودا"، أي الجيش الأول ليهودا. وقد اعترض العرب على بقاء "الكتيبة 40" في فلسطين، لأعمالها الاستفزازية ضد العرب، ووقعت بعض الاشتباكات العنيفة مع العرب، فاضطر البريطانيون إلى نقلها من حيفا إلى رفح. وفي أوائل مارس 1930، صدر أمر بتسريح هذه الكتيبة، وانتهي تسريحها في يوليه من العام نفسه، بعد أن استمرت 12 عاماً.

2. نشأة القوة المسلحة

بدأت على الفور الجهود الصهيونية لإعادة تكوين قوة عسكرية جديدة، حدد بن جوريون الدوافع الكامنة وراء إنشاءها في الآتي:

أ. مواجهة الخطر العربي المتزايد، الناجم عن اعتراض العرب على الاستعمار الاستيطاني الصهيوني لفلسطين.

ب. إتاحة أكبر قدر من حرية العمل، والاستقلال، في تنفيذ البرامج الصهيونية، المتعلقة بالاستعمار الاستيطاني والتوسعي. ذلك أن وجود القوة العسكرية، سوف يشجع على المضي في الاستيلاء على المراكز البعيدة عن المناطق، التي يسيطر عليها اليهود، فضلاً عن اختيار المناطق، التي تخدم المخطط الصهيوني في تحقيق مراميه.

ج. رفع الروح المعنوية ليهود فلسطين، وبث الثقة في نفوسهم، ودفعهم إلى البقاء في فلسطين، وقبول المخططات الصهيونية، والإقبال على تنفيذها.

د. التشكيل التدريجي للقوة العسكرية، حتى يمكن الاعتماد عليها مستقبلاً، في حالة حدوث اعتراض عربي عام، أو محاولة لاستعادة الأرض، عندما تتضح حلقات المخطط الصهيوني، عند إعلان الدولة اليهودية في فلسطين.

أ. منظمة "الهاجاناه"

بانتهاء الحرب العالمية الأولى، وتسريح الكتائب اليهودية، كان هناك ثلاث منظمات تعمل في فلسطين، وهي: منظمة هاشومير (الحارس)، ومنظمة جابوتنسكي (قوات الدفاع الذاتي)، ومنظمة ترومبلدور (فرق العمال). وبحلول عام 1919، كانت منظمة هاشومير تعاني ضعفاً شديداً، بفعل أحداث الحرب العالمية الأولى، وما ترتب عليها من توقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وازدياد الهجرة العكسية منها. لذلك تقلص حجم المنظمة وفاعليتها، وحاولت بقاياها أن تتخذ شكلاً اجتماعياً وسياسياً، فكونت اتحاداً للحراس يقوده عدد من الصهيونيين المتعصبين. وعندما اعترض بن جوريون، على أهداف هاشومير ووسائلها، أعلنت انفصالها عن الصهيونية الاشتراكية، الممثلة في حزبي "عمال صهيون"، و"العامل الشاب"، بعد أن نجحت في التسلل إلى صفوف "فرق العمال".

واعتنقت المبدأين القديمين: العمل "عفودا"، والدفاع "هاجاناه"، بالجمع بين حرمان العمال العرب من حق العمل، الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية تحت ستار العمل. اتخذ مؤتمر حزب العمال المتحدين في طبرية في يوليه عام 1920 قراراً، بتنظيم حركة الدفاع اليهودية. وأصبحت المنظمة العسكرية تابعة للهيستادروت منذ ذلك التاريخ، وعين "يوسف هاشت" قائداً لها. وأمكن التغلب على كافة العقبات بين الطوائف اليهودية. وفي 25 يونيه 1921، وافقت اللجنة العامة للهستادروت، ومن أعضائها بن جوريون، على إنشاء أول منظمة عسكرية صهيونية سرية، في فلسطين "هاجاناه"  وكانت البداية الفعلية لتاريخ منظمة "هاجاناه"[7].

وضعت الأسس والعقائدية العسكرية التي سارت عليها "هاجاناه" حتى عام 1948 بحيث يُحَوّلْ مئات العمال اليهود، إلى جيش سري، موزع في كل مكان من فلسطين، يستطيع الدفاع وتوجيه الضربة، في الوقت المناسب.

مع نهاية عام 1936، وفي أعقاب الثورة العربية، أدركت المنظمة الصهيونية وقيادتها العسكرية، أن مسألة فرض الدولة الصهيونية، لا بد وأن تتم بواسطة حرب، تنشب، حتماً، بين اليهود والعرب. لذلك، وجهت القيادة العسكرية اليهودية نشاطها لتطوير منظمة الهاجاناه، بإتباع عدة اتجاهات عسكرية. منها الاتجاهات الشرعية، التي توافق عليها سلطات الانتداب، ومنها الاتجاهات السرية غير الشرعية (وهي الأساسية). وتشكل هذه الأنشطة هيكل عسكري متناسق، قادر على تلبية مطالب القتال. وقد انحصرت هذه الاتجاهات في الآتي:

(1) الدفاع عن المستعمرات

تكوين قوة نظامية، بموافقة السلطات البريطانية، كضرورة دفاعية، تتولى تسليحها وتدريبها السلطات البريطانية، تحت اسم "الشرطة الإضافية اليهودية الخاصة". وقد وافقت السلطات البريطانية على إنشائها، في النصف الأول من عام 1936، واعتبرها اليهود الواجهة الشرعية للهاجاناه، وأطلق عليها اسم "نوتريم ".

(2) قوة للأعمال الهجومية

انتهزت الهاجاناه، الفرصة التي وفرها "أورد ويخت"[8] لإنشاء قوة هجومية يهودية بريطانية مشتركة، لمقاومة العناصر العربية الثائرة. وقد وافقت السلطات البريطانية، في منتصف عام 1938، على إنشاء هذه القوة تحت اسم "المفارز الليلية الخاصة"، ودعمتها بالضباط وصف الضباط البريطانيين. كما تولت تدريبها وتدبير الأسلحة اللازمة لها. كانت هذه القوة النظامية المختلطة، حلقة الوصل بين الواجهة الشرعية (قوات الشرطة اليهودية)، والقوات اليهودية السرية (منظمة الهاجاناه).

(3) منظمة الهاجاناه (السرية)

أنشأت منظمة "الهاجاناه" السرية، تنظيمات في كل أنحاء فلسطين. واتخذت طابعاً دفاعياً لافتقارها إلى عناصر القدرة الهجومية، وأبرزها خفة الحركة.

عندما نشبت الحرب العالمية الثانية، عقدت القيادة السياسية للهاجاناه، اجتماعاً في 8 سبتمبر عام 1939، حضره قادة الهاجاناه، لتحديد خطة العمل على ضوء الموقف الدولي الجديد. وفي هذا الاجتماع حدد بن جوريون (مسؤول الأمن في المنظمة) هدفين مباشرين للعمل، هما: إنشاء الجيش، وإنشاء الدولة اليهودية، وأوضح أن مثل هذا العمل، سوف يترتب عليه حرب واسعة النطاق، ويتطلب ذلك تغييراً جذرياً في الإستراتيجية، التي اعتادتها الهاجاناه. وطالب بن جوريون قادة الهاجاناه بما يلي:

(1) التخلي عن الدفاع الثابت، والخروج لمواجهة العدو، أقرب ما يمكن من قواعده.

(2) تشكيل جيش يكون في مقدوره مواجهة، الجيوش النظامية العربية.

(3) إقامة صناعة للأسلحة تتسم بالفاعلية، أكثر ملائمة للحاضر.

ب. البالماخ

بتطور أحداث الحرب العالمية الثانية، أصبح من الواضح أن منطقة الشرق الأوسط مهددة بغزو القوات الألمانية لها، التي كانت تشق طريقها من الغرب في صحاري شمال أفريقيا، وقد اقتربت من الإسكندرية في مصر. وأدركت الصهيونية أن هذا التهديد يمكن أن يطول الأراضي الفلسطينية. وطالب بعض اليهود، وعلى رأسهم اسحق صادح، بضرورة إنشاء قوة نظامية دائمة، تُمَكّنْ من بناء جيش مستديم في المستقبل. وبرز إلى الوجود فكرة إنشاء "قوة ضاربة" للهاجاناه، أُطلق عليها اسم "البالماخ"، وفي مايو عام 1941 صدّقت المنظمة الصهيونية على إنشائها، كما حددت قيادة الهاجاناه مهامها في الآتي:

(1) العمل ضد قوات العدو غير النظامية (السكان العرب في فلسطين)، باحتلال مناطق دفاعية، وكسب الوقت اللازم لتعبئة قوات الميليشيا (الهاجاناه)، بالأعمال الدفاعية التعطيلية، أو العمليات الهجومية الخاطفة القصيرة، ومهاجمة قواعد العدو، ورئاساته، وخطوط مواصلاته.

(2) العمل ضد قوات العدو النظامية، بالاستعداد للتعاون مع القوات البريطانية الصديقة، للعمل ضد القوات الألمانية (التي كانت تهدد مصر في ذلك الوقت).

كانت البالماخ أول وحدة عسكرية متفرغة، للهاجاناه. وأصبحت القاعدة، التي أمدت الجيش الإسرائيلي فيما بعد بالقيادات. نظّمت البالماخ في البداية من ثلاث كتائب، تستند على مجموعة من المستعمرات. وقد أدى ازدياد التهديد الألماني، إلى اعتراف القيادة البريطانية بالبالماخ في أغسطس عام 1941. واستمر التعاون وثيقاً بين القوات البريطانية والبالماخ حتى نهاية الحرب. استعداداً لمواجهة القوات الألمانية الآلية الحديثة. وبدأ السعي وراء المعرفة العسكرية، ودراسة أساليب الفكر والتخطيط العسكريين، كما تطلب الأمر وضع خطة، تناسب ظروف البلاد، والإمكانيات العسكرية الصهيونية المتاحة. سميت الخطة قلعة الهروب ـ Escape Fortress ، وتضمنت عنصرين أساسيين هما:

(1) المحافظة على أرواح أكبر عدد ممكن، من الجالية اليهودية في فلسطين.

(2) معاونة أعمال القتال في الجبهات الأخرى، بالعمل على عرقلة تقدم القوات الألمانية في فلسطين، من خلال العمل غير النظامي، خلف الخطوط (استطلاع ـ تخريب ـ إغارات ـ قطع خطوط مواصلات).

وعلى الرغم من أن هذه الخطة لم تنفّذ، إلاّ أنها أتاحت لقادة "هاجاناه" و"بالماخ" فرصة ثمينة للدراسة والإطلاع، على أساليب الفكر العسكري الإستراتيجي، بمعاونة البريطانيين. وسمحت بعقد دراسات عن "العدو" الألماني، تضمنت إستراتيجيته وتكتيكاته، فضلاً عن تشكيل قوات نظامية مدرّبة ومعدة للحرب. وزود ذلك القيادات اليهودية بالخبرات العسكرية، التي لم تكن متاحة ومن قبل، ودفعت بالفكر العسكري اليهودي للنضوج. كما ساعد اشتراك بعض عناصر البالماخ، في الحملة البريطانية، ضد قوات فيشي الفرنسية، في سورية ولبنان (تنفيذ عمليات خاصة مستقلة)، على اكتساب خبرة قتال مهمة. استمرت هذه القوة تعمل علناً طوال الحرب، وبانتهائها عادت لتعمل في الخفاء.

تحملت الهاجاناه العبء الأساسي لإنشاء القوة المسلحة، وتنظيمها، وتدريبها، وتسليحها. فإضافة إلى تنفيذها بعض المهام القتالية، أنشأت الهاجاناه "هيئة للأركان العامة"، مزودة بالعناصر المدربة، وقسّمت فلسطين إلى مناطق، ونظمت قيادات لها للسيطرة على النشاط العسكري. كما أنشأت مراكز لتدريب الضباط، ونشرت المؤلفات العسكرية، لزيادة المعرفة والعلم العسكري لدى الكوادر القيادية الجديدة. كذلك، أنشأت الهاجناه، شبكة واسعة لجمع المعلومات، عن العرب والبريطانيين، كما اهتمت بشؤون التسليح، وشراء الأسلحة، (وأحياناً سرقتها من المستودعات البريطانية)، وأقامت صناعات صغيرة للأسلحة، وبدأت في إنشاء نواة بحرية، وقوة جوية محدودة. وفي اتجاه آخر، أنشأت الهاجاناه نظاماً دفاعياً للمستعمرات، ووضعت خطة لإنشاء المستعمرات الجديدة، بحيث يمكنها تغطية الثغرات، ومعالجة العيوب التكتيكية والإستراتيجية، كما حولت كافة المستعمرات إلى شبكة دفاعية منسقة، واعتمدت على نظام "السور والبرج" في تخفيف الأمن المحلى للمستعمرة.

تحددت المهام الرئيسية للهاجاناه، خلال تلك المرحلة، في تنظيم الهجرة، وإقامة المستعمرات، وشن العمليات العسكرية. وكان لهذه المهام وأساليب تنفيذها، أثرها المباشر على تنمية الخبرة العسكرية للهاجاناه. وكانت الهجرة غير الشرعية تتم تحت إشرافها، عن طريق شواطئ فلسطين، حيث تتولى عمل الكمائن البحرية، ودوريات الزوارق والكمائن البرية، لحماية رأس الشاطئ الصغيـر، حتى يتم إنزال المهاجرين ونقلهم إلى الداخل. كما تولت الهاجاناه في أوروبا نقل المهاجرين، من شرق أوروبا ووسطها، إلى الساحل الأوروبي للبحر المتوسط، وتجميعهم في معسكرات سرية، وترحيلهم على السفن. وأدت هذه الأعمال إلى تطوير الهاجاناه نفسها، فتحولت إلى منظمة عسكرية، فعّالة قادرة على تخطيط وإدارة وتنفيذ عمليات معقدة نوعاً.

ج. اللواء اليهودي، والحرب العالمية الثانية

عندما نشبت الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، تطوع أكثر من 100 ألف يهودي، في فلسطين، للخدمة العسكرية. إلاّ أن حكومة الانتداب رفضت تطوعهم، خشية أن يترتب عليه مزايا لليهود، على عرب فلسطين، الذين كانت في أمس الحاجة إليهم، في هذا الوقت الحرج. إلاّ أن اليهود لم يضيعوا الفرصة، وفي خريف عام 1944، تطوع 27 ألف شاب للخدمة في اللواء اليهودي في مسرح إيطاليا، ضمن القوات البريطانية، بمجرد أن سمح البريطانيون بتشكيله، بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية. بذلك توفر لأعضاء اللواء اليهودي الخبرة الميدانية، التي نقلوها لجيش إسرائيل، حال إعلان الدولة. ثم أضاف إليه المهاجرون الجدد مزيداً من القوة والكفاءة، ليكون قادراً على خوض المعارك الكبيرة.

بانتهاء الحرب العالمية الثانية، عاد معظم أفراد هذا اللواء إلى فلسطين، ليدرّبوا اليهود، ويشكلوا البنية الأساسية لجيش الدفاع الإسرائيلي. كانت الوكالة اليهودية تسعى لفرض حل صهيوني لمشكلة فلسطين بقوة السلاح، معتنقة سياسة العنف منذ البداية.

د. نواة جيش الدفاع الإسرائيلي

أُعيد تنظيم الهاجاناه، وتوسيع نطاقها. وقسمت إلى قسمين رئيسيين: قوات الميدان وأطلق عليها اسم "هيش"، وقوات الدفاع (الحماية) وأطلق عليها اسم "هيم". وينضم إلى جيش الميدان (هيم)، الرجال من سن 18 إلى 25 سنة. وكانت مهمته تنفيذ العمليات التعرضية، ضمن المناطق الإقليمية (حسب تقسيم اليهود لفلسطين). وكانت أكبر وحدات جيش الميدان التكتيكية هي السّرية، أما وحدة التدريب فكانت الفصيلة. وتضمن جيش الدفاع (هيش) الرجال من سن 25 سنة فأكثر، كما احتوى على عناصر نسائية، للتمريض والاتصالات (مثل سلاح الإشارة). وكان واجبه احتلال المواقع الدفاعية في المستعمرات، والدفاع عنها[9].

كذلك، تطوع في الجيش البريطاني، حوالي 23 ألف جندي يهودي، كانت السلطة البريطانية تعتبرهم وحدات وطنية، لها شعارها الخاص وبلغ عدد الوحدات الصغرى اليهودية في القوات البريطانية من المشاة والمدفعية والمهندسين وخدمة الجيش، فضلاً عن البحرية والطيران حوالي 60 وحدة. وفي عام 1944 شكل اللواء اليهودي.

بلغ حجم القوات العسكرية اليهودية، التي شُكلت أثناء الحرب العالمية الثانية، 50 ألف فرد، بخلاف المتطوعين اليهود، في صفوف الجيش البريطاني، والذين بلغ عددهم 23 ألف فرد، ليصل عدد اليهود المدربين، ذوي الخبرة العسكرية إلى 73 ألف فرد. منهم حوالي 20 ألف فرد، من قوات الميدان "هيش"، وحوالي 17 ألف فرد، من قوات الدفاع "هيم"، وحوالي 2500 فرد، من البالماخ، وحوالي 6000 فرد، من الشرطة اليهودية، وحوالي 5000 فرد، من اللواء اليهودي.

3. المنظمات الإرهابية

لم تكن المنظمة العسكرية السرية "الهاجاناه"، وقوتها الضاربة النظامية "البالماخ"، هي العنصر الوحيد للمؤسسة العسكرية في ذلك الحين. بل كان هناك منظمات سرية أخرى أكثر تطرفاً، انشقت عن المنظمة الأساسية الهاجناه، وتبنت الجانب الإرهابي في العمل العسكري وأهمها منظمة الأرجون[10] ومنظمة شتيرن[11] وحركة البيتار:

أ.  منظمة الأرجون: (المنظمة العسكرية القومية في أرض إسرائيل): (اُنظر ملحق نموذج لأعمال عصابة الأرجون الإرهابية الإسرائيلية ضد قوات الانتداب البريطاني في فلسطين)

هي جماعة منشقة عن الهاجاناه، تزعمها فلاديمير جابوتنسكي، زعيم حزب الصهيونيين الإصلاحيين، عام 1931. أنشأت فرقاً خاصة تُدعى "الحرس الأسود"، للتدريب على العمل في المناطق العربية، بفلسطين وخارجها. وكان أعضاؤها يختارون من بين، الذين تشبه ملامحهم أبناء الدول العربية[12]. هدفت إلى القيام بعمليات انتقامية ضد العرب، وكانت سياستها تختلف مع سياسة الوكالة اليهودية، وأعلنت السلطات البريطانية، أنها منظمة غير شرعية.

تزعم المنظمة، بين عامي (1943 ـ 1948) مناحم بيجين، ووصل حجم قواتها المسلحة، طبقاً لتقدير لجنة التحقيق الأنجلو أمريكية (1946)[13] حوالي 3 ـ 5 آلاف رجل. وقد قامت المنظمة بهجمات ومذابح على القرى العربية[14]. ومع إعلان قيام دولة إسرائيل، في 14 مايو 1948، أعلنت المنظمة عن حل نفسها، وانضمامها إلى جيش الدفاع الإسرائيلي، فيما عدا وحدات المنظمة في القدس، التي ظلت مستقلة. وبعد مقتل الكونت فولك برنادوت F. Bernadotte[15]، في 17 سبتمبر 1948، حُلّتْ هذه الوحدات المستقلة، طبقاً لأوامر الحكومة، وضُمت قواتها إلى جيش الدفاع الإسرائيلي. تحولت المنظمة بعد وقف دورها العسكري، إلى حركة سياسية باسم "حزب حيروت". كانت العلاقة بين الهاجاناه والأرجون، تنطوي على اختلافات كبيرة، في النواحي التنظيمية والعقائدية والسياسية، تفصل بين حركات اليسار واليمين اليهودي. ولكن، على الرغم من هذه الفوارق، كان هناك مفهوم أساسي واحد ومشترك، يجمع بين كافة الطوائف اليهودية، السياسية والعسكرية. كانت نقطة اللقاء بينهم، هي "دور القوة المسلحة اليهودية في إقامة الدولة وبنائها". إذ كان هناك إدراك عام، بأن جيشاً يهودياً، يمكن أن يلعب دوراً حيوياً، في تقرير الاستقلال السياسي في فلسطين.

ولاشك في أن هذا الجانب العدواني العنيف، قد لعب دوراً أساسياً في الاستيلاء على مساحات كبيرة من أراضي فلسطين، قبل إعلان الدولة. فقد تمكنت سياسة العمليات الإرهابية الوحشية[16] ضد السكان العرب، من إجبارهم على ترك أراضيهم، تحت وطأة الإرهاب، وهو ما أتاح لليهود الاستيلاء على مساحات كبيرة من الأرض، قبل إعلان الدولة.

وقد نُظّمت قوات الأرجون، في ثلاثة أقسام كالآتي:

(1) جيش الثورة: ولم يكن له وجود فعلى، إنما هو اسم يطلق على قوات الاحتياط. ويضم الأعضاء غير العاملين في الأقسام الأخرى.

(2) وحدات الصّدمة: وقد ضمت العناصر القديمة، التي كان يُطلق عليها اسم "الفرقة الحمراء"، وأحيانا "المفرزة السوداء". واختير أفرادها من اليهود ذوى القسمات الشرقية، للقيام بالأعمال الإرهابية داخل المناطق العربية، سواء في فلسطين أو خارجها.

(3) وحدات الاقتحام: وهي القسم الذي كان مكلفا بأعمال عسكرية، ضد القوات البريطانية، والأهداف والمرافق الحيوية. وفيما بعد انضمت وحدات الصدمة، إلى وحدات الاقتحام، لتشكل قوة الأرجون الأساسية التي قامت بشن العمليات الإرهابية العنيفة سواء ضد سلطات الانتداب أو السكان العرب.

ب. منظمة شتيرن Stern: (منظمة المحاربون من أجل إسرائيل)

انشقت شتيرن من "الأرجون"، لتشكل منظمة منفصلة عام 1940، بزعامة "ابراهام شتيرن"[17] لتبنيه سياسة أشد تطرفاً، ورفضه التعاون مع الإنجليز. كانت هذه المنظمة محدودة القوة، ولكنها كانت تضم أكثر العناصر اليهودية تعصباً للنظريات المتطرفة، وأشدهم إيماناً بوجوب إتباع أعنف الطرق لبلوغ الأهداف الصهيونية[18]. وظلت شتيرن تعمل سراً تحت قيادة ثلاثية، حتى اندمجت المنظمات الثلاث (شتيرن، والأرجون، والهاجناه)، ولكنها عادت لتنفصل بعد زمن وجيز، وتعاود نشاطها الإرهابي بإرسال خطابات متفجرة للسياسيين البريطانيين خارج فلسطين، وقد شاركت مع الأرجون والهاجناه في مذبحة دير ياسين، في 10 إبريل 1948. عقب إعلان دولة إسرائيل انضمت شتيرن إلى جيش الدفاع الإسرائيلي.

ج. حركة البيتار Betar

اختصار للعبارة العبرية "بريت ترومبلدور"، أي حلف ترومبلدور. وهي تنظيم شبابي صهيوني، نشأ في بولندا سنة 1923، بهدف إعداد أعضائه للحياة في فلسطين، بتعليمهم العبرية، وتلقينهم مبادئ الصهيونية والفاشية، وتدريبهم عسكرياً وزراعياً تحت شعار "الغزو أو الموت". تأثر التنظيم بالتيارات الفاشية، التي سادت أوروبا آنذاك. ومؤسس هذه المنظمة فلاديمير جابوتنسكي، وهو صهيوني متطرف، انفصل عن الحركة الصهيونية، في الثلاثينيات، وأسس مع شباب بيتار المنظمة الصهيونية الجديدة، وهي المنظمة الأم للأرجون.



[1] الكيبوتز: هي المستعمرات (المزارع الجماعية)، التي أقامها اليهود في فلسطين في مطلع القرن العشرين، لتكوين قاعدة زراعية للاستعمار الاستيطاني لإقامة الدولة الصهيونية، وتتميز بعدم وجود ملكية فردية بها.

[2] بن تسفي، (1884 – 1963) صهيوني عمالي، ولد في أوكرانيا، زار فلسطين عام 1904، وعند عودته بدأ في تنظيم مجموعات دفاع يهودية وجماعات عمال صهيون، هاجر إلى فلسطين عام 1907، اشترك في قيادة منظمة الهاشومير، أسس مع بن جوريون جمعية الرواد عام 1915، ساهم في تجنيد الفيلق اليهودي، انتخب لسكرتارية الهستدروت عام 1920، ثم رئيساً للمجلس القومي عام 1931، أنتخب في الكنيست الأول والثاني عن الماباي، ثم عين ثاني رئيس لإسرائيل عام 1956.

[3] لم يقتصر السعي الصهيوني لكسب تأييد الدول الكبرى على معسكر بعينه ، فما أن اشتعلت الحرب حتى راحت تبذل الجهود لدى طرفي الصراع . فاتصلت بألمانيا ورئيس وزراء بريطانيا ، ولكن لم يلتفت الجانبان لهذه المساعي في بادئ الأمر.

[4] فلاديمير جابوتنسكى: (1880-1940) قائد حركة الصهيونيين الإصلاحيين ، ولد في روسيا ومات في الولايات المتحدة الأمريكية ، تحول عام 1903 إلى صهيوني متعصب ، اشترك في المؤتمرات الصهيونية الأولى وعارض مشروع شرق إفريقيا، من أهم مؤسسي الصندوق الوطني اليهودي والفيلق اليهودي، قاد وحدات الهاجاناه لقمع المظاهرات العربية عام 1920 في القدس، أسس حركة بيتار، عمل على تشجيع الهجرة غير الشرعية لفلسطين ، تبنى سياسة الردع النشط ، تولى قيادة منظمة الارجون التي عملت من خلال فلسفة “ الوقائع الجديدة” التي جعلها ديان محور سياسة المؤسسة العسكرية.

[5] حملة غاليبولي: قوة من الحلفاء (بريطانية ـ فرنسية) أنزلت على ساحل الدردنيل في 24 مارس 1915، للاستيلاء على دفاعات الأتراك والألمان في غاليبولي، المسيطرة على مضيق الدردنيل، حتى يمكن مرور السفن والقوات إلى البحر الأسود لفتح جبهة قتال جديدة للتخفيف عن الجبهة الروسية، وفتح الملاحة عبر الدردنيل، لإمداد القوات الروسية بالأسلحة. وقد انتهت الحملة بفشل الحلفاء، وهزيمة ساحقة لهم وخسائر جسيمة في الأفراد، واضطرت القوات البريطانية للانسحاب في 8 يناير 1916.

[6] كان ترومبلدور ضابطا في الجيش الروسي ، وقد فقد أحد ذراعيه أثناء اشتراكه في الحرب الروسية اليابانية. ويعتبر التاريخ الصهيوني أنه بتكوين القوات اليهودية في عام 1917، يكون هناك عنصران من عناصر تكوين "الأمة ذات السيادة" قد اكتملا هما: التنظيم السياسي، والقوة العسكرية. ولكن بقيت أهم الحلقات وأخرها، وهي "الأرض" التي يمكن للتنظيم السياسي أن يعمل عليها

[7] اسم هاجاناه لم يطلق على هذه المنظمة السرية في بداية الأمر، وإمعانا في إخفاء طبيعته العسكرية، أطلق عليها اسم فرقة الدفاع والعمل . ولم يستخدم هذا الاسم علنا كذلك، وكان الاسم المتداول في السنوات الأولى لإنشائها هو فرقة العمل، مع إغفال كلمة الدفاع فيما بعد عندما أصبحت فرقة العمل أكبر وأقوى وصارت تضم وحدات عسكرية نظامية عرفت باسم منظمة الدفاع، أي هاجاناه.

[8] تشارلز أورد ويخت Wingate, Charles Orde ، ضابط بريطاني مسيحي، صهيوني الميول، تعلم العربية في السودان، وعمل في فلسطين (1936 ـ 1939) كضابط استخبارات، نظم السرايا الليلية للهاجاناه، ودربهم على مهاجمة الأحياء العربية، كما خطط لهم أسلوب الاغتيالات للشخصيات العربية المهمة، من تلاميذه موشي ديان، كتب تقريراً أوصى فيه بإنشاء قوة مسلحة مشتركة بريطانية يهودية، لتأمين المصالح البريطانية والمهاجرين اليهود. اقترح تكوين قوة يهودية من 60 ألف يهودي بفلسطين، للعمل مع القوات البريطانية في شمال إفريقيا، خلال الحرب العالمية الثانية، قتل في حادث طائرة في بورما.

[9] كلمة "هيش" هي اختصار للكلمتين العبريتين "حبل سارين" ومعناها سلاح الميدان. أما كلمة "هيم" فهي اختصار للكلمتين العبريتين "حبل م ستاف" ومعناها "سلاح الحماية" أو الدفاع.

[10] الاسم المختصر للمنظمة الصهيونية "أرجون تسفاي لتومي بارتس يسرائيل" أي المنظمة العسكرية القومية في أرض إسرائيل

[11] منظمة منشقة عن الأرجون، تأسست عام 1940، بزعامة إبراهام شتيرن.

[12] شعار المنظمة يد تمسك بندقية، كتب تحتها "هكذا فقط".

[13] لجنة شكلت من مجموعة سياسيين أمريكيين وإنجليز، بناء على قرار من الأمم المتحدة، للتحقيق في أحداث العنف في فلسطين بين اليهود والعرب، ووضع مقترحات لحلها.

[14] من أشهرها، لقسوتها وبشاعتها، مذبحة دير ياسين.

[15] سياسي سويدي، ودبلوماسي دولي، عمل وسيطاً للأمم المتحدة في فلسطين في 20 مايو 1948، وقد اغتالته منظمة أرجون في 17 سبتمبر 1948 في القطاع الذي احتلته إسرائيل، لمعارضته ضم أجزاء من فلسطين إلى الدول اليهودية في قرار التقسيم الصادر في نوفمبر 1947.

[16] مذبحة دير ياسين: كانت قرية دير ياسين من القرى العربية الآمنة التي لم يشترك سكانها في الصراع المسلح الدائر في فلسطين باعتراف اليهود أنفسهم. وفي يوم 10 إبريل 1948، هاجمها عند الفجر، مجموعتين مسلحتين من منظمتي الأرجون وشتيرن، وأكرهت سكانها على إخلائها، حيث أذعن فريق منهم، وبقى فريق آخر، فما كان من الإرهابيين اليهود إلا أن هاجموا القرية بالرشاشات والقنابل اليدوية بأساليب وحشية ذهب ضحيتها (250) عربي من الرجال والنساء والأطفال. وتسببت القصص البشعة عن وحشية المنظمة اليهودية الأرجون في هرب 635 ألف فلسطيني إلى الدول المجاورة.

[17] قتل في اشتباك مسلح مع الإنجليز (سلطة الانتداب في فلسطين)، عام 1941.

[18] اغتالت اللورد موين في مصر، عام 1944.