إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات عسكرية / نظرية الأمن الإسرائيلي





نظام القبة الفولاذية
مقطع لمدينة القدس
التهديدات الخارجية المعادية لإسرائيل

أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في الجولان
أوضاع الدفاعية الإسرائيلية في سيناء
المناطق العازلة
الأوضاع النهائية في فلسطين
الهجمات الإسرائيلية على سورية
الضربة الجوية كولمب
العمليات على الجبهة الأردنية
العملية العين (حوريب)
العملية عوفداه
العملية قادش المعدلة
ضربة صهيون
عملية السلام من أجل الجليل



نظرية الأمن الإسرائيلي

ثالثاً: انعكاسات نظرية الأمن الإسرائيلي على المؤسسة العسكرية، خلال الأعوام (2000 – 2009)

1. المؤسسة العسكرية، خلال الأعوام (2000 – 2005)

تتميز العقيدة العسكرية الإسرائيلية بتبنيها الفكر الأيديولوجي المتطرف، والاستفادة من دروس التاريخ العسكري الإسرائيلي والعالمي، والاعتماد المطلق على الدعم الأمريكي. وثمة ترابط وعلاقة اجتماعية بين الجيش الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي، حتى إنهم يطلقون عليه "جيش الشعب". وهكذا بات المجتمع الإسرائيلي مجتمعاً عسكرياً متطوراً، والقوة العسكرية هي أداة لتحقيق أهداف الدولة. ولذلك فإن العقيدة العسكرية الإسرائيلية هي جزء أساسي من مكونات النظرية الأمنية الإسرائيلية.

ترتكز العقيدة العسكرية الإسرائيلية على الحرب الوقائية، والردع، والتفوق، ونقل المعركة إلى أرض الخصم، وسياسة فرض الأمر الواقع، واستثمار الموقف الدولي، والانتقام السريع والرد الفوري. كما أن العقيدة العسكرية تتطور بشكل دائم لتأسس إستراتيجية عسكرية جديدة، ارتباطاً بالمتغيرات الداخلية والخارجية.

واجهت الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية حالة من الارتباك، مع بداية عام 2000، حيث المقاومة في لبنان، ومقاومة أخرى على الأراضي الفلسطينية. وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، في مايو 2000، بدأت الانتفاضة الفلسطينية الثانية (الأقصى)، في 8 سبتمبر 2000، بالحجارة، ودخلت مرحلتها الثانية بالعنف والأعمال الانتحارية، ووصلت ذروتها عام 2004. وقام الجيش الإسرائيلي بالاجتياح الأول عام 2002، والثاني عام 2004، كرد عسكري على الانتفاضة، والتي ماتت بموت ياسر عرفات، في نوفمبر 2004. وبلغت خسائر الجيش الإسرائيلي من الانتفاضة الفلسطينية الثانية (الأقصى)، خلال الأعوام 2000 – 2005، مقتل 229 جندياً، 75% منهم ينتمون إلى المجموعات السكانية المهمشة في الجانب الإسرائيلي، مثل الشرقيين والمهاجرين الروس، و8% من البدو والدروز، إضافة إلى العشرات من الجنود الذين قتلوا في هجمات انتحارية داخل الخط الأخضر.

تعاملت الإستراتيجية الإسرائيلية مع الانتفاضة بوصفها حرب كبرى ذات مغزى بعيد، ووظفت إسرائيل أحداث 11 سبتمبر 2001 الأمريكية، لتجعل حربها ضد الانتفاضة هي حرب ضد الإرهاب، وأن الفصائل الفلسطينية هي منظمات إرهابية.

التحول الأساسي في الإستراتيجية الإسرائيلية تأثر بأحداث 11 سبتمبر 2001 الأمريكية، وبنت الحركة الأساسية لها على أساس ما تواجهه من "إرهاب فلسطيني" بوصفه جزءاً من الإرهاب الدولي الذي ضرب الولايات المتحدة الأمريكية، وتبنت الأفكار الخاصة بالحرب الوقائية والإجهاضية والعقابية، والتي أصبحت سمة بارزة في الإستراتيجية الكونية للولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، الأمر الذي جعل من أساليب إسرائيل العسكرية المماثلة، والتي كانت في السابق محل نقد وإدانة من المجتمع الدولي، شيئاً مقبولاً ومرحباً به، خاصة الإفراط في استخدام القوة وسياسة الاغتيالات وانتهاك حقوق الإنسان.

استخدمت إسرائيل الآلة العسكرية على نحو مفرط على الأراضي الفلسطينية، مثل الطائرات إف 16، والمروحيات القتالية "الأباتشي"، والمدافع الثقيلة والدبابات. وهدمت المنازل، وجرفت الأراضي الزراعية، وأغلقت المعابر، ومنعت أكثر من 120 ألف عامل فلسطيني يعملون داخل الخط الأخضر من الوصول إلى أماكن عملهم. كما نشرت الحواجز داخل الضفة والقطاع. وفي عام 2002، بدأ الجيش الإسرائيلي في تفعيل الجدار الفاصل لمنع تسلل المقاومة داخل أراضي 1948، وراح ضحية الانتفاضة الآلاف من الشهداء والجرحى. (اُنظر ملحق أبرز الاغتيالات الإسرائيلية على الساحة الفلسطينية (2000 – 2009))

شكلت إسرائيل قوات خاصة لمكافحة الشغب في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما شكلت قيادة خاصة باسم "قيادة مكافحة العصابات"، وخصصت لها قوات منفصلة تضم أربع قيادات للوحدات المشاركة في العمليات، وفي حالة الطوارئ تعزّز هذه القيادات بقوات مدرعة وميكانيكية وطائرات ومروحيات ومعدات هندسية؛ فضلاً عن تطوير قدرات أخرى لدعم حربها داخل المدن، ومنها الأسوار المكهربة على امتداد الحدود مع لبنان وسورية وقطاع غزة. وزودت هذه الأسوار بوسائل إنذار مثل الكاميرات والمستشعرات الإلكترونية، كما طورت وسائل الكشف عن الأسلحة المتفجرة، والملابس المضادة للرصاص، واستخدام الذخائر المطاطية ومدافع المياه، وبنادق وقنابل اقتحام الأماكن والأبواب المغلقة، وتزويد الحافلات بزجاج مضاد للرصاص، إضافة إلى استخدام الطائرات الموجهة من دون طيار، وأجهزة رادار محمولة، وأجهزة ليزر لإضاءة الأهداف، وزودت القوات ببلدوزرات للهدم والتجريف.

وكان التطور الرئيسي الأول للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية خلال القرن الحادي والعشرون، قد حدث بعد حرب العراق 2003. وأشارت التقديرات الإسرائيلية إلى أن خروج العراق من موازين القوى الإقليمية، غير الخريطة الجيو ـ سياسية بالمنطقة، وانتقال التهديد التقليدي الإسرائيلي إلى تهديدات الإرهاب والسلاح غير التقليدي، بعد اختفاء الدولة الأكثر راديكالية في الشرق الأوسط. واستبعدت التقديرات نشوء حروب نظامية مع دول عربية، على الأقل في المدى القريب والمتوسط، والتي تعد دائرة التهديد الثاني من دول الجوار الجغرافي. ومع الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الدول، ما أدى إلى تخفيض الميزانية لعام 2004 بنسبة 11 – 15%، في جميع الوزارات (كانت ميزانية وزارة الدفاع 5.7 مليار دولار وتعادل 14% من عموم الميزانية، وجاء التخفيض عليها 660 مليون دولار).

وعلى الجانب الآخر، كان ثمة ولع وإعجاب شديدين من القادة والخبراء الإستراتيجيين الإسرائيليين بالعملية العسكرية الأمريكية على العراق 2003، وتحقيقها للهدف خلال الحرب بأقل من نصف القوات الجوية وبربع عدد الغارات الجوية عن حرب الخليج 1991. وهذا يفسر دور التكنولوجيا في الحرب الحديثة، وذهبت كل الاتجاهات نحو بناء الجيش الذكي الصغير. (اُنظر نظرية الجيش الذكي الصغير)

عقدت قيادة الأركان الإسرائيلية ورشة عمل، خلال النصف الثاني من عام 2003، برئاسة رئيس الأركان "موشي يعلون" لبلورة الخطة الخمسية للجيش الإسرائيلي المسماة "كيلع"، حتى عام 2008، لتطوير الإستراتيجية العسكرية لمواجهة التحديات الجديدة، وتطوير الجيش الإسرائيلي بتخفيض حجمه ورفع كفاءته التكنولوجية، بما فيها القوات الجوية.

وفي مجال الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية للقرن الحادي والعشرين، تمشت إستراتيجيتها مع التوجهات الأمريكية في هذا المجال، حيث منحت إسرائيل نفسها مهمة دولية، وليست إقليمية فقط، للحرب خارجها، وطورت أفكارها السابقة لتتمشى مع العمل على المستوى العالمي، وأطلقت العقيدة العسكرية بعيدة المدى Long Range Offensive Doctrine . ويعني المدى البعيد هنا المدى الجغرافي وليس الزمني.

ارتكزت محاور العقيدة العسكرية الجديدة في الآتي:

أ. لم تعد أسلحة الدمار الشامل تمثل تهديداً أساسياً لإسرائيل، وأصبح المهم هو التهديد الناشئ من الإرهاب الدولي وأساليبه غير التقليدية الجديدة، على غرار ما حدث في 11 سبتمبر بالولايات المتحدة الأمريكية.

ب. ترتكز العقيدة الجديدة على الحسم والردع، إضافة إلى الإنذار المبكر، ومنع الخصم وحرمانه من قدرات يمكن أن تمثل تهديداً لإسرائيل، واستخدام نظرية الصدمة والرعب بالإفراط في استخدام القوة بوصفها عامل ردع متراكم لإخراج الأطراف الأخرى من دائرة الصراع. كما أن الحسم والردع هما ثنائية مشتركة لمواجهة حرب الاستنزاف، وعدم التورط في حرب طويلة.

ج. التركيز على تراجع فكرة حدود الدولة وقدسيتها، وتغير فكرة السيادة بما يسمح لإسرائيل بحرية الحركة في تنفيذ مهام تتعدى الحدود، على المستوى الإقليمي والدولي.

د. الاستعداد لتنفيذ مهام إجهاضية ووقائية ضد أهداف بعيدة داخل وخارج إقليم الشرق الأوسط، أو قارات أخرى.

هـ. الاستعداد، مرة أخرى، للاستيلاء على أراضٍ خارج حدود إسرائيل وعلى مسافات بعيدة، لتحقيق عنصر الحسم في الحرب ضد الإرهاب.

و. امتلاك إسرائيل لذراع بحرية قوية تماثل الذراع الجوية، فلا يمكن تحقيق عمليات ضد أهداف بعيدة بقوة وكثافة، ونقل عتاد عسكري بالقرب منها، دون استخدام البحر.

أما على مستوى جيش الدفاع الإسرائيلي، فكان الآتي:

أ. تخفيض حجم القوات البرية العاملة[1] بنسبة 10%، وبحجم 6000 جندي، وحوالي ألف فرد من القوات الجوية، وتخفيض عدد من قوات الاحتياط، إضافة إلى حل لواء احتياط، وإلغاء كتائب الاحتياط لحراسة المستوطنات، وإلغاء أيام تدريب الاحتياط في المستوطنات. وعلى مستوى القوات الجوية، تضمن التخفيض إيقاف ساعات الطيران للتدريب والتأهيل الميداني، وبيع بعض الأراضي العسكرية والتابعة لأملاك الدولة، إضافة إلى وقف صيانة المعدات، مثل المدرعات والدبابات والسفن، وغيرها.

ب. تطوير القدرات القتالية وأسلحة الردع، خاصة في مجال الطيران، والصواريخ، ومراكز القيادة والسيطرة والإنذار المبكر.

ج. دعم الصناعات العسكرية، خاصة في مجال التكنولوجيا الحديثة، ودعم قطاع تصدير السلاح للخارج لما له من أهمية لدعم ميزانية الجيش الإسرائيلي.

د. إعادة تدريب وتأهيل القوات المسلحة الإسرائيلية، لاستيعاب الأسلحة والبرامج الحديثة.

2. المؤسسة العسكرية، خلال الأعوام (2006 – 2009)

المحطة الرئيسية الثانية لتطوير المؤسسة العسكرية الإسرائيلية خلال القرن الحادي والعشرين، جاءت بعد حرب لبنان 2006، خاصة بعد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها الإسرائيلية من الحرب، وتخبط الإستراتيجية العسكرية خلال الحرب بين العملية الجوية والعملية البرية، وفشل نظرية الجيش الذكي الصغير، وتورطه في حرب مع عناصر مسلحة شبه نظامية (حزب الله)، الذي قاتل بعقيدة حرب العصابات، أو بمعنى آخر حرب الجيوش النظامية التقليدية في مواجهة حرب الجيل الرابع من الحروب.. حروب المقاومة/ التمرد.

تعرض الجيش الإسرائيلي لانتقادات واسعة من فئات المجتمع الإسرائيلي، على أثر إخفاقاته في لبنان 2006، سواء على مستوى الإستراتيجية العسكرية، أو إعادة هيكلة الجيش طبقاً للخطة الإسرائيلية "كيلع" لتطوير المؤسسة العسكرية، الفترة من 2003 – 2008. وأبرز ما جاء من انتقادات هو أن مفهوم الردع، الذي اعتمدت عليه المؤسسة العسكرية، يلزم تغيره لأنه لم يمنع الحرب، وأهمية استعداد الجيش لمواجهة حرب استنزاف طويلة، وتطوير قوات الاحتياط، والاهتمام بالجبهة الداخلية، والوقاية من الهجمات الصاروخية، بجانب أهمية تحديد العلاقة بين المستويين السياسي والعسكري في الدولة، ومعالجة دور الاستخبارات لخدمة العمليات العسكرية.

وضعت قيادة الأركان الإسرائيلية إستراتيجية جديدة لشرق أوسط جديد، اتضحت بعض معالمها في الخطة "تيفين" 2008 – 2012 (اُنظر ملحق ملخص الخطة الخماسية لتطوير الجيش الإسرائيلي)، ووضعت الإستراتيجية الجديدة إيران والإسلام المتطرف (في لبنان وفلسطين والقاعدة) في الأولوية الأولى من مصادر التهديد والخطر الوجودي على الكيان الإسرائيلي. كما وضعت سيناريوهات محتملة بالخطر العسكري القادم، من تجدد الحرب مع حزب الله، واندلاع حرب تقليدية مع سورية، وعملية برية واسعة ضد حركة حماس في غزة، وشن هجوم وقائي ضد إيران. وفي ظل هذه السيناريوهات، من المتوقع أن تتعرض الجبهة الداخلية إلى صواريخ معادية، وتحولها مرة ثانية إلى ساحة حرب.

أما أولويات الإستراتيجية الجديدة، فتحدّدت في أربع مهام، الأولى في إعادة القدرة إلى الجيش الإسرائيلي، خاصة سلاح البر للعمل بنجاح؛ والثانية في تنفيذ خطة عمل رئاسة الأركان 2007، مع مراعاة القيود المالية نتيجة الأزمة الاقتصادية للدولة؛ والثالثة في إعداد الجيش الإسرائيلي للتصدي إلى أي هجوم نووي إيراني، وإستراتيجية حرب العصابات التي تستخدم القذائف الصاروخية والصواريخ المطورة المضادة للدروع والطائرات؛ والرابعة في إقناع السياسيين والإعلام والمجتمع الإسرائيلي لترك الجيش يعمل في هدوء لبناء نفسه.

أشادت المصادر الإسرائيلية بورقة عمل قُدمت إلى مؤتمر هرتزيليا، 21 – 24 يناير 2007، في موضوع التجربة الإسرائيلية في ردع المنظمات الإرهابية، للكاتب صموئيل بار، ورأتها ذات أهمية خاصة للإستراتيجية الإسرائيلية الجديدة لردع حزب الله وحماس والجهاد وفتح، بمفهوم جديد يُطلق عليه "الردع التكتيكي"، أو "الردع في الصراع غير النظامي"، وهو يختلف عن الردع الإستراتيجي التقليدي بين الدول والجيوش النظامية، وأن الردع التكتيكي يجب أن يشمل ردعاً مباشراً للجماعات المسلحة، وغير المباشر للدول والسكان الداعمين لهذه الجماعات. (اُنظر ملحق ورقة عمل التجربة الإسرائيلية في ردع المنظمات الإرهابية)

أشارت المصادر الإسرائيلية إلى أن الهدف الحقيقي للحرب على غزة، هو "إعادة الاعتبار لقوة الردع الإسرائيلية" بإضعاف "حماس"، وتُرجم ذلك عملياً في انتهاج إسرائيل سياسة أطلقوا عليها "الجموح العسكري"، حيث تظهر خلالها الدولة كمن فقدت السيطرة على نفسها وأطلقت العنان لذراعها العسكري، بما يعني رفع الخسائر في غزة وبث الرعب في السكان، دون الالتفات إلى أي قيود دولية أو قانونية أو إنسانية.

وعلى الرغم من الطفرة التي جرت في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بعد حرب لبنان 2006، للاستعداد للحرب القادمة، إلا أن الجيش الإسرائيلي كرر أخطائه نفسها في العدوان على غزة، 27 ديسمبر 2008 – 19 يناير 2009، مع الإفراط في استخدام القوة العسكرية والنيرانية، وعدم التفرقة بين ما هو مدني أو عسكري.

كشفت المصادر الإسرائيلية عن خلفيات قتل المدنيين والنساء والأطفال في غزة، حيث أشارت إلى وجود تعليمات واضحة للجيش الإسرائيلي بإتباع إستراتيجية الأرض المحروقة في غزة، إضافة إلى سيطرة المتدينين على الجيش الإسرائيلي؛ فحسب معطيات عام 2008، يوجد 60 – 75% من ضباط الجيش الإسرائيلي، خاصة قادة الألوية والكتائب والوحدات الخاصة، من أتباع التيار الديني الصهيوني. وكان جميع قادة الألوية والكتائب، عدا لواء المظليين، الذين شاركوا في الحرب على غزة 2008/2009، من أتباع التيار الديني الصهيوني. كما وزعت الحاخامية العسكرية فتوى على الجنود المتدينين تحثهم على قتل الفلسطينيين في غزة بلا أي قدر من الرحمة؛ إضافة إلى أن الفتوى الحاخامية، التي صدرت في كتاب باسم "عقيدة الملك" نُسخت منها كراسات مماثلة وزعها الحاخاميون على الجنود الإسرائيليون الذين شاركوا في الحرب على غزة. وكان تلك الفتوى هي الأساس الأيديولوجي الذي برر للإسرائيليين ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين، وشكل مبدأ أساسياً في العقيدة القتالية الإسرائيلية.

خلال عام 2009، صعدت إسرائيل من مخاوفها تجاه صواريخ حزب الله والمقاومة الفلسطينية والخطر الإيراني (اُنظر شكل التهديدات الخارجية المعادية لإسرائيل)، وطرحت العديد من التهديدات والسيناريوهات لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، مع نشاط مكثف لتبادل الزيارات لمسؤولين عسكريين أمريكيين وإسرائيليين. كما أجرت العديد من التدريبات والمناورات العسكرية المنفردة، أو المشتركة، مع الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى الاهتمام بمناورات الجبهة الداخلية التي تُعقد سنوياً، بعنوان "نقطة تحول"، وكان آخرها نقطة تحول 3، في مايو 2009. كما تسعى إسرائيل إلى استكمال مظلتها الدفاعية ضد الصواريخ الإيرانية، أو من حزب الله وحماس، عام 2010، في منظومة ذات ثلاثة مستويات، الأول منها في منظومة صواريخ آرو 3 المضادة للصواريخ بعيدة المدى، وصواريخ ديفيد سلنج الاعتراضية المصممة للتعامل مع صواريخ كروز؛ أما المستوى الثاني فهو من صواريخ آرو 2 وباتريوت باك 3 وثاد وهوك؛ أما المستوى الثالث في منظومة القبة الفولاذية لاعتراض صواريخ جراد وكاتيوشا والقسام (اُنظر شكل القبة الفولاذية). كما تسعى إسرائيل إلى الحصول على منظومة "فالكون فينكس" الأمريكية الصنع، عام 2010.

كما أعلنت شركة ريثيون الأمريكية، أنها تطور نظاماً جديداً (إس إم 3) المضاد للصواريخ البالسيتية، لدعم نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي بحلول عام 2013، لأن النظام الحالي "إيجيس إس إم 3" يعمل على القطع البحرية الأمريكية، والتطوير القادم سيكون للعمل على البر. وشاركت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في مناورة تدريبية أواخر عام 2009، شارك فيها 17 قطعة بحرية أمريكية، وأنظمة للدفاع الصاروخي من نوع ثاد وأيجيس وباتريوت 3 الأمريكية. وهناك احتمال لبناء هذه الأنظمة في إسرائيل لتشكيل درع مضاد للصواريخ والطائرات، إضافة إلى التحرك الإسرائيلي الجاد للحصول على طائرات إف 35 "الشبح" الأمريكية قبل عام 2013.

كما طورت إسرائيل منظومة دفاعية يمكنها رصد الصواريخ الموجهة ضد الدروع فور إطلاقها والتشويش عليها، لتحويل مسارها عن الهدف. ومنظومة أخرى يتم تركيبها على الدبابة الميركافا، لإصابة الصواريخ المعادية قبل إصابتها للدبابة. وهذه المنظومات ما زالت تحت التطوير، وتحتاج بضعة أشهر للخدمة بالجيش الإسرائيلي.

كما حققت الصناعات العسكرية صادرات قياسية للأسلحة الإسرائيلية عام 2009، بقيمة أكثر من ستة مليارات دولار، مقابل 6.3 مليار دولار عام 2008، و5.6 مليار دولار عام 2007.

وعلى مسار البعد الدولي في الإستراتيجية الإسرائيلية الجديدة، وافقت إسرائيل، في أغسطس 2009، على مشاركة سفينة من البحرية الإسرائيلية في عملية لحلف شمال الأطلسي بالبحر المتوسط، يُطلق عليها "مشروع المساعي النشطة لحلف شمال الأطلسي"، وهو مشروع خاص بمكافحة الإرهاب. كما أبحرت غواصة وسفينتان حاملتان للصواريخ خلال النصف الأول من شهر يوليه 2009، في البحر الأحمر وخليج العقبة لإجراء تدريبات، في إطار سياسة بحرية جديدة، وأُعلن حينها أن التحركات الإسرائيلية تأتي في إطار التجهيز لتوجيه ضربة عسكرية لإيران. وأعلنت مصادر أخرى أن التحركات الإسرائيلية هي رد على تحركات عربية من الدول المطلة على البحر الأحمر ودول الخليج العربي، حيث اجتمع قادة القوات البحرية وممثلون من وزراء الخارجية في الرياض، 27 – 30 يونيه 2009، لبحث تشكيل قوة بحرية مشتركة في البحر الأحمر وخليج عدن لمكافحة القرصنة، وأن التحرك الإسرائيلي جاء بهدف إثبات وجوده في البحر الأحمر، كإحدى الدول المطلة عليه للمشاركة في هذه القوة البحرية المشتركة، أو منع تشكيلها.

كما تسلمت إسرائيل، في 30 سبتمبر 2009، غواصتين من نوع دولفين من ألمانيا، ليصبح لديها خمس غواصات دولفين يو 212، يمكنها حمل صواريخ ذات رؤوس نووية. كما تعاقدت على غواصة دولفين جديدة.

إضافة إلى حصول إسرائيل على العديد من صفقات السلاح الأمريكي خلال المرحلة الأخيرة، خاصة استعواض الذخائر الذكية بمختلف أنواعها للقوات البرية والبحرية والجوية، وكان آخرها الحصول على 100 قنبلة ذكية أمريكية جديدة من نوع "جي دي أي إم"، في أغسطس 2009.

كما اهتمت المصادر الإعلامية الإسرائيلية خلال شهري أغسطس وأكتوبر 2009، بإبراز التجنيد العربي والفلسطيني في الجيش الإسرائيلي. وأشارت إلى وجود شباب من جنسيات عربية، بينهم 44 جزائرياً و121 أردنياً و12 فلسطينياً و42 عراقياً و18 مغربياً و120 سودانياً و50 مصرياً و20 تونسياً، في إطار برنامج تدريبي يُطلق عليه "سيرا ـ ال"، حيث ينضم إليه الكثير من اليهود والمسيحيين الأجانب، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، والمقتنعون بفكرة أرض الميعاد، وأهمية الدولة لعودة المسيح. وأشارت معطيات وزارة الدفاع الإسرائيلية إلى أن عدد المتطوعين المسلمين والمسيحيين يبلغ 1200 شاب سنوياً، أغلبهم من البدو في الجليل والنقب، ويبلغ عدد المتطوعين الفلسطينيين البدو حوالي 200 – 400 شاب سنوياً، يخدم أغلبهم في كتيبة التجوال الصحراوية ووحدة قصاصي الأثر، وبعضهم في وحدات قتالية أو غير قتالية.

 



[1] تختص إسرائيل دون غيرها بالمحافظة على وجود جيش قوي وكبير مقارنة بعدد سكان إسرائيل، حيث إن متوسط المعدل العالمي والطبيعي لتعداد أي جيش هو 0.5% من سكان الدولة، أما في إسرائيل، فتعداد الجيش يصل إلى 5% بحساب القوات العاملة، ويرتفع إلى 12% بعد إضافة قوات الاحتياط، وذلك من إجمالي سكان إسرائيل.