إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / المملكة العربية السعودية بعد الملك عبدالعزيز









الفصل الأول

الفصل الثاني

عهد الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود

(1384 ـ 1395/ 1964 ـ 1975)

أمضى الملك فيصل، أربعين سنة من عمره، وهو في موقع المشاركة والمسؤولية، منذ أن كان يافعاً، يسهم مع والده الملك عبدالعزيز في غزوات توحيد البلاد، جندياً أو قائداً، أو في الحكم، عندما ولاه والده الإشراف على الحجاز، أو في المعترك السياسي، حيث أرسله في مهمات سياسية في الخارج، لتوطيد علاقات بلاده مع الدول العربية والإسلامية، وبقية دول العالم. وهو من هذه الناحية، ولطول خبرته بها، يعتبر بحق المؤسس الحقيقي للدبلوماسية السعودية. وعندما كان ولياً للعهد، كان يشارك أخاه سعوداً في الحكم، ورسم سياسة الدولة داخلياً وخارجياً.

تولى الملك فيصل عرش المملكة، وكان، يومئذ، في الثامنة والخمسين من عمره، في 27 جمادى الآخرة 1384/2 نوفمبر 1964. وقد ألقى خطاباً هاماً، بمناسبة البيعة الإجماعية، بتوليه الملك. (انظر ملحق خطاب الملك فيصل بمناسبة البيعة الإجماعية بتولية الملك).

1. أعمال الفيصل أثناء ولاية العهد

لقد كان الملك فيصل، في فترة ولاية العهد، الساعد الأيمن لأخيه الملك سعود، وكان فكره الوقاد المنفتح، وراء كثير من الأفكار، التي تبنتها الدولة. وخير دليل على ذلك، فكرة تعليم البنات والنهوض بالمرأة، وتطوير نظام الحكم ومجلس الوزراء، وصدور نظام المقاطعات، وتنظيم أمور الدولة المالية والاقتصادية.

ومن أجلّ الأعمال، التي قام بها الأمير فيصل في الحكومة، التي ألفها عام 1382/1962، إصداره بيانه الوزاري التاريخي الشهير في 9 جمادى الآخرة 1382/ 6 نوفمبر 1962، الذي اشتمل على برنامجه الإصلاحي، ذي النقاط العشر. (انظر ملحق خطة الأمير فيصل ولي العهد في وزارته الجديدة ).

ورسم، في ذلك البرنامج، سياسة حكومته الإصلاحية في جميع أوجه النشاط. وكان من بين هذه النقاط، إلغاء الرق في المملكة، مما يدل على بعد نظر الفيصل، وحسن تصريفه، وتقديره لمختلف مجالات الإصلاح.

وأهم هذه النقاط:

1. إصدار نظام أساسي للحكم مستمد من كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وسيرة الخلفاء الراشدين.

2. وضع نظام للمقاطعات، يوضح طريقة الحكم المحلي، بمختلف مناطق المملكة.

3. وضع نظام لاستقلال القضاء، يمسك بزمامه مجلس أعلى للقضاء، وإنشاء وزارة العدل.

4. تأسيس مجلس أعلى للإفتاء، يضم عشرين عضواً من خيرة الفقهاء والعلماء، للنظر فيما تطلب إليه الدولة النظر فيه، وفيما يوجه إليه المسلمون من أسئلة واستفتاءات.

5. اتخاذ جميع الوسائل الكفيلة بنشر دعوة الإسلام.

6. إصلاح وضع هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بما يتمشى مع الأهداف الإسلامية.

7. الاستمرار في الاجتهاد، للنهوض بالمستوى الاجتماعي للشعب السعودي، علاوة على ما بذلته الحكومة، وتبذله، في المعالجة المجانية، والتعليم المجاني، وإعفاء كثير من المواد الغذائية من الرسوم الجمركية. ووضع نظام الضمان الاجتماعي، ونظام حماية العامل من البطالة، والسعي لإجراء تعديلات هامة في شكل الحياة الاجتماعية، وتوفير وسائل التسلية البريئة لجميع المواطنين.

8. وضع الأنظمة، التي تساعد على تقدم المملكة، في المجال الاقتصادي والتجاري.

9. وضع برنامج ضخم للانتعاش الاقتصادي، وتقوية المركز المالي للمملكة، ووضع برنامج لرفع مستوى معيشة المواطن، وإنشاء شبكة طرق تربط بين أجزاء المملكة وأطرافها ومدنها، وبذل المال لدراسة مصادر المياه للشرب وتوفيرها للزراعة، وتأمين حماية الصناعات الوطنية الخفيفة والثقيلة. ويدخل في ذلك رصد جميع المبالغ الإضافية، التي ستتسلمها الحكومة من شركة أرامكو عن حقوقها، التي تطالب بها الشركات، عن السنوات الماضية، وتسخيرها لخدمة المشروعات الإنمائية.

10. تحرير الأرقاء، وإلغاء الرق، نهائياً، من المملكة.

وطرح الأمير فيصل برنامجه ذاك في وسط عربي وعالمي، تموج فيه التيارات الماركسية والاشتراكية والقومية.

2. منجزات الفيصل في فترة حكمه

شهدت فترة حكم الملك فيصل بن عبدالعزيز حيوية وتقدماً، قياساً على ماتم في خلال الستين سنة، التي مضت منذ توحيد البلاد. فقد قفزت خطوات التطوير قفزات واسعة، وتغير وجه الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بشكل سريع. وتبنى الملك فيصل، في أواخر أيامه، نظام الخطط الخمسية لتحقيق التنمية المطلوبة في كل المجالات.وقد بدأت الخطة الخمسية الأولى، عام 1390/1970 ، وفاقت نتائجها كل التوقعات، بالرغم من تحفظات بعض الاقتصاديين حول قابلية تلك الخطة للتنفيذ والاستمرار.

وأصبح اسم المملكة العربية السعودية مدوياً، في كل المحافل العربية والعالمية.

فعلى الصعيد الداخلي، نهج الفيصل سياسة إصلاحية تنموية، أطلق عليها بعض الكتاب " النهج الفيصلي".

يقول أحمد عسّة: " وإذا صح القول أن النهج الفيصلي، في الإصلاح، يعتبر بمثابة ثورة شاملة وعميقة على واقع المجتمع العربي السعودي، فذلك لأنها استهدفت تبديل مهامه الأساسية في التعليم، والصحة، والإدارة، والعمران، والتنمية الاقتصادية، والنظام الاقتصادي، والمالي، والعدالة الاجتماعية. إلا أن هذا التبديل الجذري للمجتمع لم يسلك طريق الثورة الدامية، ولا أثار الحقد والكراهية بين المواطنين، للوصول إلى حرب طبقية، ولا اتبع سياسة التشفي والمصادرة والاعتقالات، كما يفعل أرباب الماركسية، وإنما انتهج طريق التطور، والتكيف المبني على قواعد علمية مدروسة. وأخذ بعين الاعتبار طبيعة الإنسان العربي السعودي، وواقعه، وقابلياته، وإمكاناته، ومثله، ومفاهيمه وعقائده الروحية الدينية".

لقد أعلن الملك سياسته الاجتماعية، عندما قال ما نصه: " نحن لا نؤمن بالاشتراكية، ولا نؤمن بالشيوعية، ولا نؤمن بأي مذهب آخر سوى الشريعة الإسلامية ". وأعلن أن إيمانه الوحيد إنما هو بالشريعة الإسلامية، وقرر أن هذه الشريعة توجب تحقيق العدالة الاجتماعية.

لقد كانت الانطلاقة، التي انبثق منها أسلوب الملك فيصل في الحكم، هي أن الأنظمة والأساليب الماركسية والثورية في الإصلاح وجدت، في ظروف تاريخية معينة، وفي مجتمعات ذات طبائع ومفاهيم خاصة، وكانت أفكارها وعقائدها، في الحقيقة، ردود فعل مظاهرات اجتماعية، واقتصادية، وحضارية، خاصة بمجتمعاتها. في حين أن كل شيء في المجتمع العربي السعودي يغاير ما كان في المجتمعات، التي تبنت هذه النظم الماركسية والثورية، ويختلف عنها في عقائده وتقاليده وطبائع أفراده وظروفه التاريخية. إضافة إلى أن طبيعة تكوينه وقابلياته واستعداداته، تنفر بقوة من اعتماد الماركسية وبقية النظم الثورية لإصلاح المجتمع وتبديل واقعه.

إن دراسة للنهج الفيصلي في الحقلين الاجتماعي والاقتصادي، على ضوء ما طبق الفيصل، في المملكة العربية السعودية، تظهر أن الدولة قد أخذت المبادرة في يدها، عندما عزمت على معالجة المشاكل الاجتماعية، فسنت تشريعات حددت بموجبها الحقوق والواجبات المتبادلة، بين صاحب العمل والعمال، وضمنت للعامل راحة أسبوعية، وإجازات سنوية، وتعويضات عادلة، عند صرفه من الخدمة، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بكثير، عندما أخذت على عاتقها، وحدها، أعباء الخدمات الاجتماعية للشعب في التعليم المجاني، في كل مراحله، وفي التطبيب والعلاج المجاني، وفي الضمان الاجتماعي ضد البطالة والعجز والشيخوخة واليتم، وفي حقل إضافي آخر لا تصادفه بلدان كثيرة، حقل توطين البدو، ونقلهم من طور الرعي والارتحال، إلى طور الزراعة والاستقرار.

كما أن الدولة، في عهد الملك فيصل، أسهمت في تحمل قسط من أعباء المعيشة، لتؤمن المواد الغذائية للطبقات ذات الدخل المحدود، عندما أخذت على عاتقها تأمين المواد الأساسية الضرورية، لأفراد الشعب، بأسعار معتدلة، عن طريق إعفائها من كامل الرسوم الجمركية. وحرصت على تخفيض أسعار الخبز، عن طريق تحميل نفسها نسبة من أكلافه. وجهدت في تخفيض أسعار العلاج والدواء. كما خفضت أسعار الماء والكهرباء، بتقديم إعانات لشركاتها. وأمنت بناء مساكن لذوي الدخل المحدود بأسعار معقولة، وقسطت أثمانها عليهم تقسيطاً مريحاً لعدد من السنين.

أ. مجال النفط

لا يمكن الإحاطة، في هذه المادة، بكل منجزات الملك فيصل في المجال الاقتصادي، ولكن سنورد هنا إشارات سريعة لتلك الأعمال الجليلة:

ففي مجال النفط، عمل الفيصل، منذ ولاية العهد، على الاستفادة من دخل البترول، وذلك بالقضاء على نهم شركات البترول وجشعها. فقام بمراجعة اتفاقية "مناصفة الأرباح" مع شركة أرامكو، التي تتولى استخراج الزيت وتسويقه، ووجد أنها غير عادلة. فطالب بتعديل الاتفاق، مما أعطى للخزينة السعودية دخلاً إضافياً، بلغ قرابة 60 مليون دولار، في عام 1963. ووقعت شركة أرامكو مع الحكومة السعودية اتفاق " تنفيق الريع " عام 1965، الذي اضطرت الشركة بموجبه إلى دفع 11 سنتاً إضافياً، عن كل برميل من النفط للحكومة السعودية، إضافة إلى حقها في نصف الأرباح. وطبقت اتفاقية "مناصفة الأرباح" على خط نقل البترول، المعروف باسم التابلاين. وأصبحت الحكومة السعودية فيما تمتلك شركة أرامكو.

وانتقلت الحكومة السعودية، من دور"المشاركة" في اتفاقيات استغلال مكامن البترول في المملكة، إلى طور عدم منح امتيازات استثمار البترول، إلا لمؤسسة وطنية سعودية، يكون لها الحق بعد موافقة الحكومة في إحالة حصة شائعة من حقها في المنفعة الاقتصادية، التي أعطيت لها بموجب الامتياز، على شركات أجنبية. شريطة أن تبقى المؤسسات الوطنية، وحدها، صاحبة الحق الشرعي في ملكية هذا الامتياز. وكانت هذه المؤسسة الوطنية هي المؤسسة العامة للبترول والمعادن، التي عرفت اختصاراًبـ (بترومين)، وأنشئت في رجب 1382/ديسمبر 1962. وكان لها عدة أهداف من بينها تطوير الموارد الطبيعية، وإيجاد بدائل للنفط.

وأوجبت الحكومة، على بترومين، ألا تقل نسبة العاملين السعوديين فيها، فيما يختص بالامتياز، عن 75% من مجموع الموظفين بالمملكة.

ب. في مجال الزراعة

وضعت وزارة الزراعة والمياه، مستعينة بمجموعة من الشركات الاستشارية العالمية، برنامجاً شاملاً للبحث عن المياه في المملكة. وشرعت في تنفيذه عام 1965، بإجراء مسح لكل مناطق المملكة، وجمع المعلومات الجوية والمناخية عنها، وتقدير كميات المياه الجوفية، وتحليلها. وقد أنجزت في عام 1970 مسح معظم المناطق.

وركزت وزارة الزراعة، بعد توفير المياه الجوفية، على تحسين أساليب الزراعة، وتطوير الثروة الحيوانية، ومصائد الأسماك، والمحافظة على الغطاء النباتي للمملكة. وقدمت منظمة الأغذية والزراعة، التابعة للأمم المتحدة، معونتها الفنية لوزارة الزراعة، في هذا السبيل. فعنيت الوزارة بالبحوث الزراعية، وأقامت محطات التجارب الزراعية، ومكافحة التصحر. واهتمت بالإرشاد الزراعي. ووجهت المزارعين إلى تحسين إنتاج مزارعهم من التمر،المحصول الرئيسي في المملكة. وحثت القطاع الخاص على الاستثمار في تغليف التمور وحفظها.

ويذكر، من مشروعات وزارة الزراعة، مشروع وادي جيزان الخصب، وبناء سد جيزان، الذي أنجز بواسطة شركات أجنبية عام 1971. وكذلك مشروع الري والصرف في الأحساء، الذي حفظ مياه العيون والآبار من الهدر، وحسن الاستفادة من المياه الزائدة. ونفذ هذا المشروع عام 1971.

وأقيمت سدود لحجز مياه الأمطار، في كل من أبها والمجمعة، وعلى وادي حنيفة قرب الرياض.

وأقيمت مشروعات زراعية في كل من تبوك، والجوف، ووادي السرحان، والقصيم، والأفلاج، ووادي بيشة، ونجران.

وكان البنك الزراعي يقدم العون للمزارعين والصيادين، فيقرضهم المال لشراء معداتهم، يسدد على أقساط طويلة الأجل، بدون فوائد.

وبذلت وزارة الزراعة جهدها، في تأمين مياه الشرب للمدن والقرى، وإقامة شبكات المياه لتوصيلها إلى المنازل، والعناية بالآبار ومعالجة مياهها.

وأسست إدارة لتحلية المياه من البحر، ثم تحولت هذه الإدارة إلى مؤسسة عامة، تحت اسم (المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة)، وزودت جدة، والدمام، والخبر، والخفجي، وينبع، والوجه، وضباء، بمياه محلاة من البحر.

ج. في مجال المواصلات والنقل والاتصالات

امتدت شبكة الطرق الحديثة، في عهد الفيصل، أضعاف ما كان قائماً من قبل. واستعانت الحكومة بالشركات العالمية لتنفيذ هذه الطرق، على أحدث المواصفات، وربطت بين أجزاء المملكة المترامية الأطراف، كما ربطت المملكة بجيرانها، مثل الأردن ومنها إلى سورية، وكذلك ربطت بالكويت ثم العراق.

واهتمت الحكومة بالطرق الزراعية، التي تخدم القرى والمزارعين لتسويق منتجاتهم.

ونتيجة لاتساع البلاد، فقد نشطت حركة الطيران المدني، وتوسعت الدولة في إقامة المطارات وتحسين القائم منها. ووجدت المطارات والمهابط، في كل من تبوك، وأبها، وبيشة، وحائل، والطائف، والهفوف، والجوف، ونجران، وجيزان، والوجه، وينبع، والمدينة المنورة، والقصيم، والقريات، وحفر الباطن(القيصومة)، وعرعر( بدنة)، وطريف. واقتنت الخطوط السعودية أحدث الطائرات النفاثة، التي سيرت بها الرحلات إلى كل أرجاء المملكة وللعالم الخارجي.

وأنشئ معهد للتدريب على الطيران المدني في جدة، وأقيمت إدارة الأرصاد الجوية.

واتسعت حركة الموانيء، فتم توسيع ميناء جدة، وأقيم ميناء ضخم في كل من ينبع وجيزان. وتطورت خدمات البريد، واستخدمت الآلات في رسم الطوابع والفرز. ونمت شبكة الهاتف الآلي بصورة سريعة، وتأسست شبكة للتلكس، وتوسع الاتصالات اللاسلكية والمبرقات. واهتمت الدولة بالكوابل المحورية، التي تربط جدة بالمدينة المنورة وينبع.

د. في مجال الصحة

تعاني المملكة العربية السعودية، منذ بدايتها، من قلة الأطباء السعوديين، وندرة الممرضات، إضافة إلى أنه لا توجد، في ذلك الوقت، صناعات دوائية. وتغلبت الدولة على هذه الصعوبات؛ لإقامة نظام صحي متوفر لكل مواطن. فاستقدمت آلاف الأطباء من البلدان العربية والإسلامية، وجلبت أعداداً كبيرة من هيئة التمريض، والتحقوا بالمستشفيات، التي أقيمت في مدن المملكة وقراها.

وأقام الفيصل مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، وافتتح عام 1975، والذي يعد من المؤسسات الطبية الرائدة في العالم.

وتعاونت الحكومة مع منظمة الصحة العالمية، في إعداد برامجها الصحية. واتخذت الدولة كل الاحتياطات في موسم الحج؛ لمنع انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، وعملت جهدها، على خلو الحج من تلك الأوبئة الفتاكة.

وارتفعت في عهد الملك فيصل ميزانية وزارة الصحة، وساندتها خدمات طبية أخرى، تقدمها وزارة المعارف، من خلال الصحة المدرسية ،و الخدمات الطبية المتوافرة للقوات المسلحة ومنسوبيها. وأوجدت الخدمات الطبية المتنقلة لتطوف بالقرى النائية.

هـ. في مجال التعليم

ضمنت الدولة السعودية الحديثة التعليم المجاني لكل مواطنيها، وألقى الفيصل بكل ثقله، وراء العلمية التعليمية، يسانده في ذلك رجال اختارهم، بعناية، لهذه المهمة الخطيرة. فتوسع في بناء المدارس والمنشآت التعليمية، ووفرت الكتب المدرسية بالمجان. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل منح الطلاب الفقراء معونات مالية، تغنيهم عن التسرب من المدرسة لكسب الرزق.

ووثب التعليم في عهد الملك فيصل وثبة كبيرة، تمثلت في ازدياد عدد الطلاب، وفي عدد المدارس، التي افتتحت في كل قرية ومدينة. واستقدمت الدولة آلاف المدرسين العرب، الذين خدموا بكل إخلاص. وأنشأت الدولة معاهد المعلمين؛ للتغلب على قلة أعداد المدرسين.

وتوسعت وزارة المعارف في إرسال البعثات الدراسية إلى الخارج، خاصة إلى أوربا وأمريكا، لدراسة التخصصات العلمية والفنية، وللحصول على الدرجات العلمية العالية. وتوافر من هذه البعثات عددٌ كبير من الخرجين، الذين عملوا في مؤسسات الدولة، وفي سلك أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية.

و. في مجال التعليم الجامعي

توسعت كليات جامعة الملك سعود، التي غير اسمها إلى (جامعة الرياض)، في عهد الملك فيصل، فألحقت بكلياتها الأربع القائمة آنذاك، كليات: الزراعة (1965)، الهندسة والتربية (1967)، والطب (1969).

وأقام القطاع الأهلي، بمبادرة منه، عام 1967، جامعة الملك عبدالعزيز الأهلية في جدة، وكان التعليم فيها بالمجان، بالرغم من أن نفقاتها تأتي من التبرعات، ومن الإعانة الحكومية السنوية. وبدأت بكلية الاقتصاد والإدارة، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية، ثم ضمتها الحكومة إلى مؤسساتها، عام 1971، وتوسعت كلياتها لتشمل كليات أخرى.

وضمت كلية التربية، وكلية الشريعة بمكة المكرمة، وكانتا تتبعان وزارة المعارف، إلى جامعة الملك عبدالعزيز عام 1969.

وبدأت الدراسة، في كلية البترول والمعادن بالظهران، في العام الدراسي 1964/1965، وارتفع عدد طلابها بشكل فائق، في الأعوام التالية.

وتأسست جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، عام 1394/1974، بكليات تهتم باللغة العربية، والشريعة، والعلوم الدينية، والإنسانية. وافتتحت لها فروعاً في بعض مدن المملكة، ومعاهد في الخارج.

ز. في مجال تعليم البنات

من الأمور المهمة، التي حرص الملك فيصل على تحقيقها، السماح للفتاة السعودية بالتعليم. فقد واجهت فكرة تعليم الفتاة معارضة حادة، ولكن الملك فيصل، الذي كان ولياً للعهد، وقف وقفة شجاعة لكي لا يحرم الفتاة السعودية من التعليم.

وناقش الفيصل الاعتراضات، التي سمعها من الناس، واستخدم كل حجة لإقناع المعترضين، بأن تعليم البنات عمل للخير، وأن كل الضمانات متوافرة في المدارس، التي أنشأتها الدولة؛ لتبقى الفتاة السعودية، التي تتعلم، محافظة على دينها وأخلاقها، منسجمة مع مجتمعها، ومعدة على نحو أفضل للقيام بوظيفتها في المستقبل زوجة وأمّاً. فلما أصر المعترضون على اعتراضهم، أصر فيصل على أن الدولة لن تغلق أبداً المدرسة، التي فتحتها للبنات، حتى ولو لم تأت إليها ولا فتاة واحدة لتتعلم، وقال للمعترضين: " إن الدولة تفتح المدارس تنفيذاً لواجباتها تجاه المجتمع، ولكنها لا تملك إكراهكم على إرسال بناتكم إليها، وما دام هناك احتمال بأن تأتي، ولو فتاة واحدة، في أي يوم من الأيام، لتتعلم في هذه المدرسة، فإن المدرسة يجب أن تكون مهيأة ومجهزة، مسبقاً، بالمعلمات، وأن تحمي الدولة بقاءها بما لها من سلطة.

وقد تمسك الملك فيصل بما قال، وتمسك المعترضون بوجهات نظرهم، ولكن مدارس الفتيات بقيت مفتوحة وحماها الفيصل. وما إن مضى وقت قصير، حتى جاءت أول فتاة للمدرسة، ثم لحقت بها جارتها، ولحقت الجارات الجارات، وانتظم التعليم في مدارس الفتيات، وتقبلت البلدة، التي كانت تعترض، مبدأ تعليم بناتها، لتلمس بعد ذلك فوائد تعليم البنات.

وتوسع تعليم البنات، وللتغلب على قلة المعلمات، خاصة للمراحل الأولى، تأسست معاهد المعلمات.

كما توفر التعليم الجامعي للبنات، في مراحل تالية، بالانتساب في جامعة الرياض (الملك سعود)، وبالانتظام في دراسات مسائية، في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، ثم أنشئت كلية التربية للبنات بالرياض عام 1390/1970، تلتها أخرى في جدة عام 1394/1974.

ح. في مجال التعليم الفني (التدريب المهني)

أسس الملك فيصل التعليم المهني، ضمن برامج وزارة المعارف، وبالتعاون مع منظمة العمل الدولية، التابعة للأمم المتحدة. واستحدث في البداية مركز للتدريب المهني السريع، في الرياض، عام 1964، لتخريج الطلاب في مدة تراوح بين ثلاثة أشهر وتسعة أشهر، تبعاً لقابلية الطالب، ومستوى العامل المطلوب، وطبيعة المهنة، التي يتعلمها. وكان وراء هذا تغطية النقص الكبير في الأيدي العاملة في السوق الصناعي والمعني في البلاد. وأوفدت الحكومة، في الوقت نفسه، بعثات إلى الخارج لدراسة الهندسة وغيرها من التخصصات الفنية.

وأنشئت مراكز للتدريب المهني، في كل مناطق المملكة، في جدة عام 1966، والدمام 1967، وبريدة عام 1971.

وبجوار هذه المراكز، أنشئت مراكز الإعداد المهني، لمن يرغب من الشباب، الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة (ما بين سن 14، 17 سنة) في تعلم إحدى المهن، ليكسب منها رزقاً حلالاً. ويستطيع، فيما بعد، أن يلتحق بمراكز التدريب المهني لإكمال تدريبه.

ط. في مجال الصناعة

اهتمت الدولة، في عهد الملك فيصل، بالصناعة، وتركزت على الصناعة القائمة على المنتجات البترولية، وتصنيع الغاز الطبيعي. وشيدت، لذلك، مصفاة للبترول في الرياض، وتوسعت مصفاة جدة،وقامت صناعات للأسمدة، والأسمنت، واستخراج المعادن، خاصة الفوسفات. وأنشئ مصنع للصلب في جدة.

وما ذكر سابقاً عن مجالات التعليم والصحة والزراعة والصناعة والنفط، يمكن أن يذكر مثله في مجال القوات المسلحة والأمن.

ي. في مجال رعاية الشباب

أسست في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، إدارة لرعاية الشباب؛ للاهتمام بهم بتأهيلهم، وشغل أوقات فراغهم، وتهذيب سلوكهم. وإقامة الدورات الرياضية، وإنشاء الملاعب الرياضية والإشراف على النشاط الثقافي. ثم تحولت هذه الإدارة إلى رئاسة عامة مستقلة، تحت مسمى الرئاسة العامة لرعاية الشباب.

ك. منجزات الفيصل في الحقل الاجتماعي

أنشئت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، عام 1961، في عهد الملك سعود، لرسم سياسة الدولة في مجال الخدمة والرعاية الاجتماعية والعمالية. وعملت الوزارة على تطوير الحياة الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة المواطن، في إطار المحافظة على القيم الإسلامية.

وأنشأت الوزارة مراكز للتنمية الاجتماعية في القرى، وبلغ عددها 16 مركزاً، تقدم خدماتها للمواطنين.

وتأسست دور التربية والتوجيه والرعاية، فتولت دور التربية العناية بالأيتام خاصة من البنات،وأنيطت، بدور التوجيه، مهمة حماية الأحداث والجانحين، وقامت دور الرعاية بتقديم الخدمة والعناية للعجزة، وكبار السن، وذوي العاهات.

واهتمت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتنشيط دور المرأة، من خلال الجمعيات النسائية، التي أسست في الرياض، وجدة برعاية من الملك فيصل، وزوجته، وبناته. وشملت بنشاطاتها تعليم ربات البيوت التفصيل، والحياكة، والخياطة، والتدبير المنزلي.

وصدر نظام الضمان الاجتماعي، عام 1962، في عهد الملك سعود، ونص على توفير الرعاية للعجزة، وكبار السن، والأيتام، والأرامل، والمرأة، التي لا عائل لها.

ل. نظام التأمينات الاجتماعية ونظام العمل والعمال

وفي خطوة موازية، صدر نظام العمل والعمال، عام 1969، وراعى حالات العامل وظروفه، ووفر له الرعاية، التي تجعله آمناً على مستقبله. وأكمل صدور نظام التأمينات الاجتماعية، عام 1969، منظومة الرعاية الاجتماعية للعمال، وحفظ حقوق العامل، وموظف القطاع الخاص وتأمين مستقبله. وكفل النظام الحماية للعامل، في حالة البطالة أو العجز.

م. تحرير العبيد والأرقاء وتأهيلهم

لقد طرح الملك فيصل، أثناء ولاية العهد، برنامجه الإصلاحي، الذي نص في إحدى مواده على تحرير العبيد، والقضاء على الرق في المملكة، واقتلاع جذوره نهائياً، والدخول في مصاف الدول المتحضرة، فهو بذلك يسترشد بهدي الإسلام وشريعته. ووضع الفيصل هذا الأمر موضع التنفيذ، فوراً، ولم يترك لأحد ذريعة أو حجة في بقاء هذا العمل، الذي يخالف حقوق الإنسان، فاشترى كل رقيق من صاحبه، وأعتقه لوجه الله، ووضع برنامجاً لإعادة تأهيله، ليكون عضواً نافعاً في المجتمع، يكسب قوته بنفسه.

ن. شؤون البادية توطينها

كان الملك عبدالعزيز رائد توطين البادية، وجعل البدو قوة منتجة، تعمر الصحراء، وتكتفي بذاتها. ولقد بدأ الفيصل مشروعه الضخم، في وادي السهباء، في حَرَض، قرب الخرج، لتوطين ألف أسرة من البادية. وأطلق عليه (مشروع الفيصل النموذجي)، توافرت فيه كل مقومات العمل الزراعي، والاستقرار للبدو.

وتلاه مشروع يبرين، في الجزء الشرقي من المملكة، ومشروع وادي السرحان، في الشمال.

3. أسس السياسة الخارجية السعودية في عهد الملك فيصل

إن من يتتبع خطب الملك فيصل وتصريحاته، تتبين له سياسته في وضوح كامل. فإن موقف المملكة من مشاكل العالم الكبرى، موقف إنساني شريف، فهي تريد نشر مبادئ السلام والأخوة والتضامن بين شعوب الدنيا كلها. وقد أوضح الملك فيصل المبادئ العامة لسياسة بلاده، فيما يتعلق بتدعيم السلام العالمي، في خطاب ألقاه في مؤتمر دول عدم الانحياز، الذي انعقد في القاهرة، عام 1954 /1375. وقد ألقى فيصل خطاباً في مؤتمر القاهرة لدول عدم الانحياز، ويمكن تلخيص ما قاله فيما يأتي:

1. نزع السلاح نزعاً شاملاً، تحت إشراف دولي فعال، وعدم استعمال الذرة، إلا لأغراض سلمية ترمي لرفاهة البشر.

2. تصفية الاستعمار بجميع أشكاله نهائياً.

3. اتخاذ الإجراءات الفعالة الكفيلة بالقضاء على التفرقة العنصرية.

4. حل المنازعات الدولية، بالطرق السلمية القائمة على الحق والعدالة.

5. بذل المجهود لرفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي لمختلف الشعوب.

4. التضامن الإسلامي

لقد كان الملك فيصل حريصاً على لمّ شمل المسلمين، في جميع أنحاء العالم؛ ليكونوا قوة متماسكة، تقف في وجه التيارات الهدامة، التي بدأت تدب في المجتمع الإسلامي، من شيوعية ماركسية وقومية علمانية. فأعلن، من مكة المكرمة، الدعوة إلى التضامن الإسلامي، في ذي الحجة عام 1384/1964. وقد واجهت هذه الدعوة قبولاً كبيراً من العلماء والرؤساء المسلمين، وقد كان المفتي الأكبر في المملكة العربية السعودية أول من أيدها، وذلك في خطاب له بمكة المكرمة، حيث قال: " .. قبل أربعة عشر قرناً اختار الله هذه الرقعة الطاهرة؛ لتكون موطناً لدينه، ينبعث منها ضوء الرسالة ونبراس الهداية" "والمملكة، حين تحرص على الدعوة الإسلامية ورفع شعار هذا الدين، فذلك هو الأمر الطبيعي المعبر عن واقعنا المنبثق من أهدافنا، نفديه بأرواحنا ونبذل فيه أموالنا، ونسأل أن نوفق فيه أو نهلك دونه".

وقال أيضاً: "وقد أوضح، بالأمس، إمامنا وولي أمرنا جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز هذه السياسة الإسلامية، بما لا يحتاج إلى مزيد من الإيضاح، فنحن أمة، الإسلام ديننا ودستورنا، والدعوة إليه هدفنا، والدفاع عنه واجبنا، نؤمن بالتجمع مع إخواننا المسلمين، متمثلين في ذلك قوله تعالى: ]واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا[ (سورة آل عمران، الآية 103).

وواجهت دعوة التضامن الإسلامي معارضة، من بعض الحكومات العربية، وأطلقت عليها اسم (الحلف الإسلامي)، واشتدت في خصومتها، معتبرة ذلك مشروعاً استعمارياً. وقام الملك فيصل بسلسلة من الزيارات الخارجية، طاف فيها بلاداً عربية وإسلامية، في عام 1966، مثل إيران، وتركيا، والمغرب، وتونس، ودول في أفريقيا.

وفي الوقت ذاته، لاقت الدعوة ترحيباً من بعض رؤساء الدول العربية والإسلامية، مثل الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، الذي عبر عن تأييد تونس الحار لفكرة الدعوة إلى التقارب الإسلامي، وذلك في خطاب ألقاه بمناسبة زيارة الملك فيصل إلى تونس، في عام 1966، فقال: " نحن نرحب بالدعوة الخيرة، التي زكيتموها، وأخذتم على عاتقكم العمل على إنجاحها. ونحن نتتبع بفائق الاهتمام جهودكم في المحافل الإسلامية، وما تحظى به من تأييد ومساندة، من طرف المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها".

وقد أشار الفيصل في إحدى خطبه إلى خصوم التضامن الإسلامي، فقال " إننا لا نجهل القوى، التي تعارض دعوتنا، فهي قوى استعمارية"، وقوى صهيونية، وقوى شيوعية. كما رد على افتراءات الذين يدعون أن الدعوة إلى التضامن الإسلامي حلف توجهه دول استعمارية، فقال: " إنني أمامكم، أيها الأخوان، أدعو من يقول ذلك بأن يتفضل ويشاركنا في هذه الدعوة، ويقوم بها معنا، فيرى بنفسه، إن كانت صادرة عن دوافع استعمارية، أم أنها نابعة من أعماق قلوب مخلصة لربها".

وأثمرت جهود الملك فيصل عقد أول مؤتمر قمة إسلامي، على أثر حريق المسجد الأقصى في القدس الشريف، في 21 أغسطس 1969. فعقد المؤتمر في الرباط عاصمة المغرب في 12 رجب 1389/25 سبتمبر 1969، وعقد، في عقبه، أول مؤتمر لوزراء خارجية الدول الإسلامية في جدة، في 17 محرم 1390/ 25 مارس 1970، حضره 17 وزير خارجية، للتنسيق بين الدول الإسلامية. وتأسست الأمانة العامة للمؤتمر الإسلامي، وبذلك قامت منظمة المؤتمر الإسلامي، لتضطلع بمهام سياسية واقتصادية وثقافية، بين دول العالم الإسلامي.

5. سياسة الملك فيصل العربية

اتبعت المملكة العربية السعودية، في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز، سياسة عربية، نبعت من إيمان الملك فيصل بأن العرب أمة واحدة، بل أسرة كبيرة تشد أفرادها بعضهم إلى بعض، صلات الدم وروابط الروح، وذكريات الماضي، وآمال المستقبل. ولقد انغمس الفيصل، منذ زمن بعيد، في الشؤون العربية، وشارك من موقعه، وزيراً للخارجية، في كل النشاطات العربية والمؤتمرات، التي عقدت لمعالجة قضايا العرب.

وقد أكد الملك، في عدة مناسبات، أهمية الهوية العربية، لأن فكرته عن العروبة نابعة عن عقيدة أصيلة، فيقول الفيصل: " ليست القومية العربية مذهباً، وليست مبدأً، وليست عقيدة، وإنما هي حس، ودم، ولغة. ونحن لا نحتاج إلى إقامة الدليل على قوميتنا العربية، فهذه البلاد (المملكة العربية السعودية) هي بحق قلب العروبة النابض، ومهد الحضارة، التي جمعتنا حول قيمها الروحية، ووحدت بين آمال أبناء الأمة العربية ومشاعرهم. إن العربي، مهما اختلفت أوطانه، يرجع بأصوله إلى شبه الجزيرة العربية، وإليها تتجه آماله ومشاعره. وأنتم، أيها الأخوان، أبناء هذا الشعب، أنتم أصل العرب".

ويقول الفيصل: "إنهم يتحدثون الآن عن الوحدة العربية، فليعلموا أننا أول من أسسها وبناها، ونحن أول من دعا إليها. إنه لفخر عظيم لهذه البلاد أن تكون أول من أسس الوحدة العربية، وذلك في عهد الملك عبدالعزيز، الذي سعى بجهده لتوحيد هذه المملكة، بعد أن كانت نهباً للفتن والقتال والنهب".

6. الملك فيصل والجامعة العربية

بدأت الجامعة العربية بداية حسنة، عام 1945، ثم تعثرت، فلم تستطع تحقيق الآمال المعقودة عليها، في إشاعة روح السلام والمودة بين مختلف بلاد العرب، وإزالة أسباب الجفاء والخلاف بينها.

وبدأت علاقة الفيصل بالجامعة العربية، منذ تأسيسها، ومشاركته بفعالية في معظم لجانها واجتماعاتها الدورية والطارئة. وكان للفيصل رأي في نجاح الجامعة وإخفاقها، بينه في إحدى خطبه فقال: " إذا ذكرت الجامعة العربية، فلا يعني هذا مجرد اسمها، أو المبنى، الذي تعقد فيه الاجتماعات، بل الدور، الذي يقوم به أعضاؤها، والثقة المتبادلة فيما بينهم، فهم المسؤولون عن إيجابية القضايا المعروضة عليها. لقد قامت الجامعة العربية، في السابق، بدور فعال في معالجة القضايا العربية، ونأمل أن تقوم، في المستقبل، بجمع كلمة العرب، وبتوجيه جهودهم إلى حل القضايا المشتركة. أما بصدد المقترحات الرامية إلى تعديل الميثاق، فإني أعتقد أن القضية هي أعمق من تعديل في الميثاق، لأن الثقة المتبادلة، والنية الحسنة، إذا توافرتا سهل كل شيء. وكل ما أرجوه من الله أن يوفق العرب إلى العمل لمصلحة العرب، مع إنكار الذات، في سبيل المصلحة العربية العليا".

ويقول الفيصل في الوحدة العربية: " الوحدة العربية هي غاية كل عربي، والهدف الأسمى لجميع الشعوب العربية؛ لذلك يجب أن تبقى فوق أهواء الأشخاص، وفوق الشعارات والأحزاب".

وقامت المملكة العربية السعودية بمناصرة القضايا العربية كلها، وخاصة في عهد الملك فيصل. ولم تتخل الحكومة السعودية، قط، عن نصرة فلسطين، وخاصة بعد النكبة وقيام إسرائيل، فهي ساهمت في التخفيف عن اللاجئين الفلسطينيين، مساهمة كريمة.

وشاركت في الدفاع عن حقوق فلسطين، على الصعيدين الدولي والإسلامي. ومن أعظم الخدمات، التي قدمها الملك فيصل لقضية فلسطين، مساهمته بقوة في طرحها على الصعيد الإسلامي الرحب. فقد زار الفيصل بلاداً إسلامية، واجتمع إلى رؤسائها، وخطب في شعوبها، وتحدث إلى أصحاب الرأي فيها. ودعا إلى التضامن الإسلامي، فكانت قضية فلسطين تأتي في المحل الأول من عنايته، فاكتسب لها تأييد الدول والمؤسسات الإسلامية. وهذه قوة عظيمة لا يستهان بها.

كما استخدم الملك فيصل منبر منظمة الأمم المتحدة، دفاعاً عن قضية فلسطين، ففي عام 1963، خطب في منظمة الأمم المتحدة فقال: " عندما يأتي الكلام عن السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، فإن من واجبنا، نحن الشعوب العربية، أن نشعر الأمم المتحدة بأن الشيء الوحيد، الذي بدد السلام في تلك المنطقة، بدون شك، هو مشكلة فلسطين. ومنذ اللحظة، التي اتخذت فيها الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين وخلق إسرائيل ـ فإن السلام قد تعرض للخطر مراراً. إن ظهور إسرائيل يشكل طغياناً واضحاً، لم يعرف له التاريخ مثيلاً من قبل. إن فلسطين أرض عربية وأهلها الشرعيون هم عرب فلسطين".

ويمكن تلخيص سياسة الفيصل تجاه فلسطين فيما يأتي:

أولاً: عدم الاعتراف بقيام إسرائيل، مهما تكن الظروف.

ثانياً: على الصعيد العربي: توحيد الجهود بإخلاص، وترك الخلافات والمؤامرات حتى لا يفتح العرب جبهات جانبية، تستنفذ جهودهم وأموالهم ودماءهم.

ثالثاً: على الصعيد الفلسطيني: إنشاء هيئة، تمثل فلسطين، وتقترح الحلول، وتتخذ القرارات.

رابعاً: على الصعيد الإسلامي: إشراك المسلمين في الدفاع عن قضية فلسطين، بحيث يعتبرونها قضيتهم هم أيضاً، لا قضية العرب، وحدهم.

خامساً: على الصعيد الدولي: العمل بكل وسيلة لإظهار حق العرب ودحض أباطيل الإسرائيليين .

وفي أول يونيه عام 1967، كان الملك فيصل في زيارة لإنجلترا وبلجيكا وفرنسا، ومع أنه كان على خلاف كبير مع الرئيس المصري جمال عبدالناصر، بسبب قضية اليمن وغيرها، فقد عقد مؤتمراً صحفياً في لندن قال فيه: "نحن نعتقد أن أي عربي يتخلف عن تأييد الإخوان العرب في معركتهم المصيرية مع إسرائيل، فهو لا يستحق أن يطلق عليه اسم عربي. ربما يتبادر إلى بعض الأذهان أن هناك بعض الخلافات بين الدول العربية، ولكن هذا يجب أن لا يؤخذ بعين الاعتبار. إن الخلاف بين الأخوين لا يكون عائقاً دون تعاونهما ضد عدوهما المشترك".

"والمملكة العربية السعودية تؤيد شقيقاتها الأخرى في موقفها ضد إسرائيل واعتداءاتها على البلاد العربية، وقد أبلغنا الحكومة العربية السعودية، أن تضع كل القوات المسلحة السعودية تحت الإنذار، وأن تكون مستعدة لخوض المعركة المصيرية ضد إسرائيل، ونحن نعتقد أن كل الاضطرابات في المنطقة حدثت، أصلاً، بعد خلق إسرائيل غير المشروع".

وفي 5 يونيه 1967، وقع العدوان الإسرائيلي على مصر، وسوريا، والأردن. وعند تلك اللحظة، تناست المملكة العربية السعودية، تحت قيادة الفيصل، كل ما بينها وبين مصر، من خلاف، فهبت لنجدة مصر في كل مجال.

وقدمت المملكة إلى مصر والأردن، بعد مؤتمر القمة العربي الرابع في الخرطوم، في سبتمبر 1967، معونة مالية ضخمة جداً، تعهدت بدفعها سنوياً، حتى تزول آثار العدوان. ولما سمع الملك فيصل، في أثناء مؤتمر القمة بالخرطوم، أحد ممثلي الدول العربية البترولية يقول في وصف هذا الدعم المالي كلمة" معونات"، " مساعدات "، عقب عليه بقوله: أفضل أن تكون الكلمة المدونة في محاضر هذه الجلسة التاريخية، لفظة " التزامات" نتعهد بها، لا " معونات" أو " مساعدات".

وأدركت حكومة مصر حاجتها إلى التعاون مع شقيقاتها العربيات، وفي مقدمتهن المملكة العربية السعودية. وجرى الاتفاق معها على إعادة العلاقات بين القطرين العربيين إلى أحسن ما كانت عليه من الصفاء والمودة".

إن هذه المساعدات المالية الضخمة، من المملكة العربية السعودية، واستخدام البترول سلاحاً في المعركة، والتنسيق العربي الرائع، كانت من أسباب انتصار مصر التاريخي في حرب 10 رمضان 1393/ 6 أكتوبر 1973، وتحرير قناة السويس وسيناء. فقد كانت مواقف الملك فيصل، في تلك الحرب، جليلة وبناءة، أشاد بها كل العرب.

ولم يقتصر الدعم السعودي على مصر، بل شمل دولتي المواجهة الأخريين، الأردن وسورية، فنالتا دعماً مالياً سخياً أعانهما على تجاوز آثار الحرب. وحظيت منظمة التحرير الفلسطينية، التي قامت في مطلع عام 1965، بدعم مالي مستمر حسبما قررت القمة العربية.

وعمل الملك فيصل على حل الخلاف بين مصر والسعودية حول مشكلة اليمن، وفعلاً عاد السلام لهذا القطر، بعد انسحاب القوات المصرية منه، في أواخر عام 1967.

ولم تتخلف المملكة العربية السعودية، في عهد الملك فيصل، عن المشاركة بفعالية، في كل مؤتمرات القمة العربية، ووضعت كل ثقلها لحل المشكلة، التي وقعت بين الفلسطينيين والحكومة الأردنية، في سبتمبر 1967، ووقعت بسببها حرب أهلية دامية.

7. سياسة الملك فيصل مع الغرب

حدد الفيصل سياسة المملكة العربية السعودية مع الدول الغربية، في حديث أدلى به، عام 1957 قال:

"إن علاقات المملكة مع دول الغرب تختلف باختلاف ما تقتضيه مصلحة المملكة وسلامتها وأمنها، وما تقتضيه المصلحة العربية العامة. إن سياسة حكومة جلالة الملك كانت، ولا تزال، تهدف لمصادقة كل دولة لا تعتدي عليها، وتسعى لأن تتعامل مع كل دولة في العالم، طبقاً لما تقتضيه مصلحتها والمصلحة العربية العامة، غير مقيدة بأي اتجاه أو ارتباط، تجاه أي دولة أجنبية، لا يتلاءم مع مصالحها ومصالح العرب ".

وكانت سياسة الملك فيصل تجعل من صداقة المملكة وخصومتها مع الغرب، من أجل شقيقاتها العربيات، وقد أثبتت ذلك غير مرة، فهي لم تقطع علاقاتها السياسية مع فرنسا وإنجلترا، مثلاً، لعدوان وقع من هاتين الدولتين على أراضيها، وإنما قطعتها، انتصاراً للبلاد العربية المعتدى عليها، وهذا ما يقال، أيضاً، في سبب قطعها البترول عنهما.

أ. العلاقات مع فرنسا

أخذت المملكة بتنمية علاقاتها مع فرنسا، بعد اتجاه الحكومة الفرنسية نحو تأييد العرب والابتعاد عن إسرائيل. وأعطيت شركة "أوكسيراب " وغيرها من الشركات الفرنسية مشاريع مهمة، في المملكة، وأسست المملكة في "الخرج" معمل سلاح اشترته المملكة من فرنسا، يعمل فيه خبراء فرنسيون.

ب. العلاقات مع بريطانيا

لقد حظيت بريطانيا، عند الملك عبدالعزيز، بمكان الصدارة، واطمأن إلى صداقتها. فبعد الاستيلاء على الحجاز، واعتراف بريطانيا بملكية عبدالعزيز، وعقدها معه معاهدة "جدة " عام 1927، تطورت العلاقات نحو الأفضل. لذا فالعلاقات البريطانية السعودية ظلت قوية، منذ ذلك العهد.

ولكن في عام 1933، أخذ جو العلاقات بين المملكة وبريطانيا يتجهم، بسبب الاختلاف على الحدود والبريمي، وبلغ هذا التجهم ذروته عام 1955، حين استولت بريطانيا على واحة البريمي بالقوة.

وفي عام 1956، اشتركت بريطانيا في العدوان الثلاثي، على مصر، فأسرعت السعودية إلى قطع علاقاتها معها، قال الفيصل، في حديث له عام 1377، وكان ولياً للعهد: "لقد ساءت العلاقات بين حكومة جلالة الملك والحكومة البريطانية، على أثر نقض الحكومة البريطانية لاتفاقية التحكيم واعتدائها على منطقة البريمي والمناطق الأخرى المتنازع عليها، والواقعة في الجنوب الشرقي من المملكة، وكانت حكومة جلالة الملك تعمل بالطرق السلمية؛ لحل هذه المشكلة، ولكن كانت كل مساعيها بدون جدوى، ثم قامت بريطانيا وفرنسا، وراء إسرائيل، بالاعتداء على مصر، فوجدت حكومة جلالته، لزاماً عليها، ودفاعاً عن المصالح العربية، وتأييداً للضمان الجماعي، أن تقطع علاقاتها السياسية مع بريطانيا وفرنسا، وأن تمنع تزويدهما بالبترول.

ولما أوقف عدوان بريطانيا على مصر، وانسحبت قوات المعتدين عن الأراضي المصرية، زال السبب المباشر، الذي قطعت العلاقات من أجله.

ولكن، هناك اعتداء بريطاني آخر، لا يزال قائماً في البريمي والمناطق الأخرى المتنازع عليها، فإذا حل هذا الخلاف على هذه المناطق، بسحب قوات العدوان البريطانية، وحل الخلاف على هذه المناطق بطريق التحكيم، الذي تعتبره حكومة جلالة الملك لا يزال قائماً، أو بطريقة حل أخرى يتفق عليها، إذا تم ذلك، فلا مانع لدى الحكومة العربية السعودية، من إعادة علاقاتها مع بريطانيا".

وفي عام 1963، استؤنفت العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وبريطانيا، فانتقدت ذلك الصحف المصرية، فرد عليها الفيصل ولي العهد آنذاك، في إحدى خطبه الشعبية، قال: "كنا ـ كما تعلمون ـ قد قطعنا العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة البريطانية، حين الاعتداء على قناة السويس، في سبيل مصر، وبعد أن سويت مسألة مصر، طلبنا من الحكومة البريطانية أن تحل مشكلة الحدود بيننا وبينها، ورفضنا أن نعيد العلاقات قبل حل هذه المشكلة. ولكن شقيقتنا مصر، التي قطعنا العلاقات مع الإنجليز، من شأن خاطرها، سبقتنا إلى إعادة العلاقات معهم، وهي تعلم أن بيننا وبين الإنجليز مشكلة الحدود والبريمي، ولم تكلف الحكومة المصرية نفسها ـ حتى من باب المجاملة ـ أن تسألنا رأينا في ذلك.. فصبرنا، وقلنا، بالاصطلاح المصري، معليش برضه، في سبيل الأخوة ".

وأخذت الحكومة السعودية، بعد إعادة العلاقات مع بريطانيا، تستخدم بعض الفنيين والخبراء البريطانيين في المملكة، وتعاقدت مع بعض الشركات البريطانية الكبرى، وأوصت على طائرات وأسلحة.

وفي يونيه عام 1967، قام الملك فيصل بزيارة بريطانيا، بناء على دعوة رسمية، فاستقبله الإنكليز، ملكة وحكومة وشعباً، استقبالاً منقطع النظير، وكان ذلك إيذاناً " بتدشين " عهد جديد من الصداقة والتعاون بين المملكتين.

ج. العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية

لم يكن للولايات المتحدة الأمريكية، أي تدخل في سياسة الشرق الأوسط، قبل الحرب العالمية الأولى. وكان "الوجود" الأمريكي في الشرق، يتجلى في بعثات تنصيرية، وثقافية، وخيرية، وأعمال تجارية محدودة، وخصوصاً في لبنان.

المصالح البترولية الضخمة، التي تملكها الشركات الأمريكية في المملكة، إضافة إلى مركز المملكة الكبير في العالمين الإسلامي والعربي، جعلتها موضع عناية خاصة عند الولايات المتحدة الأمريكية. ولا يعني ذلك أن المملكة تضع نفسها تحت النفوذ الأمريكي، وإنما يعني وجود مصالح متبادلة بين الدولتين، وقيام تعاون بينهما يعود نفعه على الطرفين، وهذا أمر لا يستنكر.

ولكن خصوم المملكة المغرضين أحبوا، في فترة من الزمن، أن يثيروا قصة مطار الظهران. ليزعموا أن المملكة جعلته قاعدة عسكرية إستراتيجية لأمريكا، وأنها دخلت مع الأمريكان في محالفة ضد الاتحاد السوفيتي، وأنها تتلقى منهم مساعدات لهذا السبب.

لم تكن المملكة العربية السعودية تملك مطاراً صالحا لهبوط الطائرات، قبل إنشاء الأمريكان لمطار الظهران. ولم تكن لديها الإنشاءات والتجهيزات الفنية الحديثة الضرورية للطيران، ولا الخبرة الفنية. فقبلت المملكة الاتفاق مع الأمريكيين، على إنشاء مطار في الظهران، لقاء تسهيلات محدودة، خلال مدة محدودة. وقد استطاعت الحكومة السعودية أن تحصل من الأمريكيين، بسبب مصالحهم البترولية في المملكة، وبسبب مطار الظهران نفسه، على فوائد مقابل ذلك.

لقد أوضح ولي العهد الأمير فيصل، طبيعة العلاقات القائمة بين السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية، فقال إنها علاقات صداقة، وبينهما مصالح اقتصادية مشتركة، ولكنه وضع النقط على الحروف، حول قصة مطار الظهران، التي أراد بعضهم استغلالها لانتقاد سياسة المملكة نحو أمريكا، فقال منذ عام 1377/1957:

"تود حكومة جلالة الملك أن تعلن أنه لا توجد في الظهران قاعدة أمريكية، وأن مطار الظهران مطار سعودي وقاعدة سعودية. وكل ما للحكومة الأمريكية في هذا المطار، هو تسهيل المرور لبعض الطائرات، وللتموين بالوقود. كما أنه ليس مخزنا لأي أسلحة حربية من أي نوع كانت، كما أنه غير مسموح بمرور الأسلحة والذخائر الحربية فيه".

وفي عام 1963، أصبح مطار الظهران ملك المملكة العربية السعودية وحدها، وأنهيت الاتفاقية، التي كانت معقودة مع الأمريكيين، واستمرت عشر سنوات تقريباً، لم تشك المملكة خلالها من أي محاولة أمريكية للإخلال بسيادتها أو تجاوز حدود الاتفاقية.

وعند، حدوث الانقلاب في اليمن، في 26 سبتمبر عام 1962، وكان الأمير فيصل ولي العهد، ورئيس وفدها إلى منظمة الأمم المتحدة، وممثلها في اجتماع وزراء الخارجية العرب في نيويورك. فاجتمع بالرئيس الأمريكي جون كيندي، وجرت، بين بينهما محادثات خاصة في 5 أكتوبر 1962، حول العلاقات السعودية الأميركية والوضع الدولي.

وزار الملك فيصل، في مايو 1966، الولايات المتحدة، تلبية لدعوة رسمية، من الرئيس الأمريكي ليندون جونسون. وتظاهر اليهود في نيويورك ضده.

د. العلاقات مع المعسكر الشيوعي

لم يكن بين الدول الشيوعية، أو دول الكتلة الشرقية، وبين المملكة العربية السعودية تمثيل سياسي، وقد أوضح الفيصل سبب ذلك، في بيان له عام 1377، قال:

"إنه، وإن لم يكن بين المملكة العربية السعودية والدول الشرقية تمثيل سياسي، فإن العلاقات قائمة بينها وبين هذه الدول، على أساس ميثاق هيئة الأمم المتحدة. وفي نفس الوقت، فإن حكومة جلالته لا تسمح لأي مبدأ يختلف مع مبادئ الشريعة الإسلامية بالظهور في بلادها".

وكان هذا الانقطاع في العلاقات بين السعودية والمعسكر الشرقي، يقابله علاقات وثيقة بين ذاك المعسكر وبين بعض البلاد العربية، مثل مصر، وسورية، وليبيا، والجزائر، والعراق، واليمن، والسودان.