إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / المملكة العربية السعودية بعد الملك عبدالعزيز









الفصل الأول

6. الإعـــلام (التلفزيون والإذاعة والصحافة)

في قطاع الإعلام ووسائل الاتصال الجماهيري، حققت المملكة خطوات، تثير الإعجاب، فالاستديوهات التلفزيونية في الرياض، هي من أحدث طراز في العالم. والبرج التلفزيوني، في مبنى وزارة الإعلام الرخامي الفخم، يزيده على جماله جمالاً. وتدير الحكومة محطتي تلفزيون رئيسيتين، إحداهما تبث بالعربية، وأخرى تبث بالإنجليزية، وتذاع نشرات الأخبار باللغات الثلاث العربية والإنكليزية والفرنسية.

وتأسست وكالة الأنباء السعودية (واس)، عام 1390/1970، وتبث الأخبار، مجاناً، إلى جميع أنحاء العالم، وتستقبل الأخبار من الوكالات الأجنبية، بلغات مختلفة. وللوكالة مكاتب، في كثير من مدن المملكة، ولها مراسلون، في بعض العواصم العالمية.

ويصدر، في أنحاء المملكة، عدد وافر من الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية، وهنالك، على الأقل، ثلاث صحف مهمة، تصدر بالإنكليزية، منها ما له انتشار واسع على المسرح الدولي، وبخاصة في أوروبا والعالم العربي.

7. الزراعــة

حظيت الزراعة والموارد المائية، بنصيب كبير من الاهتمام الخاص، في الخطط التنموية، وينسجم هذا الاهتمام الخاص، مع سياسة تنويع القاعدة الاقتصادية في المملكة. إن حوالي نصف السكان، يعيشون في مناطق ريفية، والكثير منهم يعملون في الزراعة. وإنه لمن الأهمية الاستراتيجية بمكان، زيادة الإنتاج الجيد؛ للوفاء باحتياجات الأعداد المتزايدة من السكان. ولعل من أبرز الدلائل على نجاح هذه السياسة، ما قدمته المملكة لمساعدة ضحايا المجاعة في السودان، وبنغلاديش، والبوسنة والهرسك، وكوسوفا. فقد كان، من ضمن المعونات، 50 ألف طن من الإنتاج المحلي من القمح، إلى جانب 50 ألف طن أخرى، من المواد الغذائية والأدوية والملابس.

وتقوم الدولة بتشجيع المزارعين، عن طريق منحهم أراضي زراعية، وقروضاً دون فائدة. وقد أسهم البنك الزراعي، إلى حد كبير، في هذا المجال. وتقوم المؤسسة العامة لصوامع الغلال، بشراء القمح من المزارعين، بأسعار تشجيعية، تدعمها الدولة. وقد حقق القطاع الزراعي معدل نمو بنسبة 8.7%، خلال خطة التنمية الخمسية، للفترة 1400 ـ 1405/ 1980 ـ 1985. وكانت نسبة النمو للقطاع غير النفطي، في تلك الفترة، 5.1%. وقد اتخذت مساعدة الدولة للقطاع الزراعي الأشكال التالية:

ـ دفع تكاليف الأسمدة حتى 50%.

ـ دفع تكاليف علف الحيوانات حتى 50%.

ـ دعم إنتاج البطاطا، بتقديم 5 أطنان للمزارع مجاناً، ومن ثم دفع 1000 ريال سعودي لقاء كل طن، حتى 15 طناً كحد أقصى.

ـ تغطية نفقات المعدات المستخدمة لإنتاج الدواجن ومنتجات الألبان، حتى 30%.

ـ المساهمة في تكلفة المعدات الزراعية والمضخات، حتى 50%.

ـ تغطية تكاليف نقل الحيوانات جواً بالكامل.

وقد قام البنك الزراعي، وبنك التسليف السعودي، وصندوق التنمية الزراعية، بتقديم التمويل اللازم للمزارعين.

وارتفع إنتاج السماد، ويجري تصدير الفائض إلى الخارج.

وقد شجعت الدولة إنتاج القمح، وهي تدفع، منذ أواسط 1405/ بداية 1985، مبلغ ريالين سعوديين، لقاء كل كيلو غرام، وكانت سابقاً تدفع ثلاثة ريالات ونصف ريال، مقابل الكيلو غرام.

وفي السنوات العشر، بين 1395 ـ 1405/ 1975 ـ 1985، زادت الأراضي المزروعة في المملكة، بأكثر من 1300% ، وفي هذه الفترة ذاتها، ارتفع إنتاج القمح 400 ضعف. وكان من الإنجازات المشرفة، للخطة التنموية الثالثة، إنتاج القمح بكميات وفيرة. وقد بلغ هذا الإنتاج حوالي مليوني طن، عام 1406/ 1986، أي قرابة ضعفي الكمية اللازمة للاستهلاك المحلي.

وقد ازدادت سعة استيعاب صوامع الغلال، من 40 ألف طن، عام 1397/ 1977، إلى حوالي 900 ألف طن، عام 1404/ 1984. وكان لتطبيق نظم الري المتطورة، ووسائل المكننة الحديثة، أثره في تطوير القطاع الزراعي. وأدت الزيادة الضخمة، في الإنتاج، إلى توافر فائض كبير من الخضروات والفواكه والحبوب، للتصدير.

أما التمر، إنتاج المملكة التقليدي، فقد قفز، في الفترة نفسها، من 240 ألف طن، إلى نصف مليون طن.

وتواصل الدولة دعمها للمشاريع الزراعية الخاصة، بالمعدات والمكنات؛ لتوسيع نطاق مساحات الأراضي المستخدمة للزراعة.

وكالعادة، يتجاوز سخاء المملكة حدودها الإقليمية، إلى خارج البلاد. فقد قدمت إلى الصندوق الدولي للتنمية الزراعية منحة، بمقدار 260 مليون دولار؛ لتمويل 130 مشروعاً، في حوالي ثمانين بلدا من الأقطار النامية. وفي عقد السنوات، بين 1395 و 1405/ 1975 ـ 1985، بلغ مجموع ما قدمته المملكة، إلى برنامج الأغذية الدولي، أكثر من 210 ملايين دولار. كما قدمت المملكة، في السنوات الثلاث الأخيرة، 42000 طن من التمر، وآلاف الأطنان من القمح، إلى البلدان المحتاجة. وفي عام 1406/ 1986، أعربت مصر عن امتنانها، لتلقي 200000 طن من القمح الفائض، من شقيقتها المملكة العربية السعودية.

واعترافاً بهذه الإنجازات، في ميادين الزراعة، قدمت منظمة الأغذية والزراعة في (روما)، جائزة تقديرية، إلى وزارة الزراعة والمياه في المملكة العربية السعودية. وفي عام 1409/ 1989، حصلت المملكة العربية السعودية على ثلاث جوائز، من الاتحاد العربي للصناعات الغذائية. فقد حصلت المملكة، ممثلة بوزارة الزراعة والمياه، على جائزة أحسن وزارة زراعة في العالم العربي، من حيث الجهد والإنجاز، كأفضل منتج عربي للقمح. والجائزة الثانية كانت من حظ المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق، باعتبارها أحسن مؤسسة لتخزين الحبوب.

8. الميــاه

إنه، من الطبيعي لبلد صحراوي، كالمملكة العربية السعودية، أن يضع وفرة الماء في أولويات اهتماماته، فبدون الماء لا يمكن تحقيق تقدم عمراني ولا صناعي. وقد عملت الدولة بجهد دؤوب، على تأمين مياه الشرب لجميع السكان، وركزت اهتماماً خاصاً، على توزيع المياه، إلى جميع مناطق المملكة. وتحتل المملكة مكاناً بازراً، في ميدان تحلية المياه، وهي تأتي في طليعة الدول المنتجة للماء العذب من المياه المالحة. ولديها ثلاثون محطة، لتحلية المياه على شواطئ الخليج العربي والبحر الأحمر.

وقد قامت المملكة ببناء عدة سدود، أحدها يقع في منطقة " بيشة "، في جنوب البلاد، ولعله الأضخم في الشرق الأوسط. وتعمل هذه السدود على جمع المياه من الأمطار، التي تهطل من حين لآخر، وتقدر سعة هذه السدود، بحوالي 650 مليون متر مكعب، وتجري حالياً دراسات لإقامة ثلاثة سدود كبيرة، سعتها الإجمالية 56 مليون متر مكعب، وستشاد هذه السدود في وادي أرداب وادي بيشة بالجنوب، ووادي خليص قرب مكة المكرمة. كذلك، فإن السدود، التي كان منها ستة عشر، عام 1395/ 1975، تضاعفت أكثر من عشرة أضعاف، إلى 170 سداً، في ربيع الآخرة 1405/نهاية 1984، وهذا التنامي المذهل إنجاز قياسي .

وتتلقى بعض المناطق الحضرية الماء من مناطق بعيدة جداً، فالعاصمة الرياض تتلقى كميات ضخمة من المياه العذبة (تقارب 300 ألف متر مكعب يومياً)، من مشروع التحلية في الجبيل، على ضفاف الخليج العربي، وتكمل المياه الجوفية هذا المورد حسب الحاجة.

وتعتمد مدينة جدة، إلى درجة كبيرة، على مشاريع تحلية المياه، التي تزود المدينة، بحوالي 350 ألف متر مكعب من الماء يومياً، وتمثل هذه الكمية 90% من إجمالي إمدادات المدينة، كذلك تزود مدينتا الطائف ومكة المكرمة، بحوالي 152 ألف متر مكعب من الماء العذب، يومياً، وتتلقى المدينة المنورة المياه المحلاة، من محطة ينبع على البحر الأحمر. وتعتمد المنطقة الشرقية على محطات التحلية فيها، أما منطقة عسير، فتتلقى المياه، من محطات على البحر الأحمر. وتنفذ وزارة الزراعة والمياه مشاريع، لخدمة القرى والمدن البعيدة في المملكة.

9. الصناعة والطاقة الكهربائية

ساندت الدولة السعودية، بسخاء، هذا القطاع من اقتصاد البلاد، بهدف توفير موارد كافية من الطاقة الكهربائية للصناعة، ولجميع المواطنين السعوديين، حيثما كانوا.

وقد كان صندوق التنمية الصناعية السعودي سخياً جداً، كذلك، في تقديم قروضه لمختلف الشركات الكهربائية. وكان ذلك حافزاً في بناء محطات توليد الطاقة الضرورية، إضافة إلى توافر مصادر غزيرة من النفط والغاز، بأسعار مشجعة رخيصة.

ويولي الملك فهد اهتماماً خاصاً وشخصياً، لمشاريع التنمية، وبخاصة توليد الطاقة الكهربائية، لأن الكهرباء أصبحت، في هذا العصر، عصباً حيوياً مهماً، يمس حياة عامة المواطنين، حيثما كانوا. وكانت تعليماته تقضي بتوفير الكهرباء وإتاحتها، لجميع القرى والمدن والمستوطنات، حيثما كانت.

وقد بلغت قدرات التوليد الكهربائي الفعلية، بنهاية عام 1419 (20611) ميجاوات. ووصل التيار الكهربائي، إلى حوالي 3372000 مشترك، بين منزل ومنشأة، في أكثر من 7083 مدينة وقرية. وبلغت أطوال خطوط نقل الطاقة، بين مناطق المملكة، أكثر من 17 ألف كيلو متر، بنهاية عام 1419.

وقامت الدولة بدور بارز، في تنمية وتطوير الصناعات الهدروكربونية الأساسية، وأدى القطاع الخاص قسطه، في إنشاء مشاريع صناعية أخرى.

وقد وسعت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، شبكة توزيعاتها العالمية؛ لتحسين استراتيجيتها التسويقية، وإيصال خدماتها إلى الزبائن، في شتى أرجاء العالم. وتمثل هذه الشركة إحدى دعائم حركة التصنيع، وتنويع القاعدة الاقتصادية في المملكة.

وكانت هذه الشركة قد أسست أصلاً كمظلة أساسية؛ لتقوم بمشاريع مشتركة، مع عدة شركات على أساس المناصفة. وقد تم اختيار الشركاء المحتملين، بناء على ما لهم من خبرة وطول باع، في ميادين اختصاصهم. وكان من بين الذين انضموا إلى هذه الشركة، شركات أمريكية، مثل موبيل، وشل، وإكسون، وكالس، وتكساس إيسترن، إلى جانب اتحاد من شركات يابانية، بزعامة مؤسسة متسوبيشي الشهيرة. وقد نجحت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، في تحقيق إحدى عشرة صناعة أساسية، منذ تأسيسها، عام 1396/ 1976. وتشمل هذه الصناعات مشاريع ضخمة، في قطاع المعادن والأسمدة، كما في البتروكيماويات، وتستأجر الشركة أحد عشر مرفقا، لتخزين الصادرات.

وقد أنشئت مراكز صناعية، على مقربة من عدة مدن سعودية، شملت الرياض، وجدة، والقصيم، والدمام، والهفوف، والأحساء.

وبلغ عدد المصانع المنتجة في المملكة، حتى عام 1420/1999، (3190) مصنعاً، استثمر فيها ما يربو على 232 ألف مليون ريال، مقارنة بـ(473) مصنعاً منتجاً ، استثمر فيها 10 آلاف مليون ريال، في عام 1395.

ـ مدينتا الجبيل وينبع الصناعيتان

إن الهيئة الملكية، لمدينتي الجبيل وينبع، هي بحق القوة الدافعة وراء إنجاز هذين الموقعين الصناعيين الجبارين العصريين. وقد صرح الملك فهد، في هذا الصدد، بأنه "لولا الهيئة الملكية للجبيل وينبع، لما كانت لنا، اليوم، هذه الصناعات الضخمة المشادة، في هاتين المدينتين". وكانت الهيئة قد أسست، عام 1395/ 1975، وفوض إليها مسؤولية المضي، قدماً، في تنمية وتطوير المدينتين، والصناعات المقامة في الجبيل وينبع. وكان من وظائفها الرئيسية، مساندة الاستثمارات في القطاع الصناعي، ودعم الصناعات الخفيفة، في الوقت نفسه، إلى جانب تطوير إدارات ومصالح وهيئات، تتولى تقديم الخدمات المدنية العامة. كذلك تولت الهيئة مسؤولية تطوير وتنفيذ برامج التدريب؛ لإعداد المواطنين السعوديين، لهذه المهمات، على نحو أفضل. والمقر الرئيسي للهيئة في الرياض، وهي تعمل، كوكالة مستقلة، مباشرة، برئاسة الملك فهد.

وتضم المدينتان الصناعيتان بعض أهم المجتمعات الصناعية، في العالم، اليوم.

لقد حولت عمليات التصنيع، في الجبيل وينبع، الغاز المهدور، الذي كان يرافق أعمال إنتاج النفط، إلى مورد بالغ النفع والأهمية، بدل إحراقه، لمجرد التخلص منه، كما كانت الحال عليه سابقاً. فقد أصبح هذا الغاز وقوداً للصناعات، ومورداً رئيسياً لخدمات التغذية، في صناعة البتروكيماويات. وكان إحراقه، سالفاً، هدراً بالغاً، وخطراً على الصحة العامة؛ بما يسببه الإحراق، من تلوث الجو والبيئة.

لقد اختير موقع مدينة الجبيل الصناعية، على الخليج العربي؛ لتكون قريبة من موارد المملكة النفطية، في المنطقة الشرقية، واختيرت ينبع كمدينة صناعية، على البحر الأحمر؛ لتكون قريبة من أسواق الغرب.

لقد تطلب تنفيذ خطة التنمية الخمسية الأولى، 1390 ـ 1395/ 1970 ـ 1975، 80 بليون ريال سعودي (9ر21 بليون دولار) فقط، بينما تبلغ أرقام الميزانية لخطة التنمية الرابعة، للأعوام 1405 ـ 1410/ 1985 ـ 1990، ترليون (مليون مليون) ريال سعودي (274 بليون دولار).

ـ البحـوث التطبيقية

تجرى البحوث التطبيقية والعلمية، في قطاعات متعددة، في الجامعات السعودية المختلفة. وقد تأسست مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، عام 1397/ 1977، وعليها تقع مسؤولية صياغة وتوجيه السياسية العلمية الوطنية للمملكة العربية السعودية، وتشجيع البحث العلمي، وتحدد احتياجات المملكة التقنية والعلمية، وتدعم البحث العلمي، الذي تجريه مراكز البحوث، في المملكة، بإشراف مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وتنفذ كذلك مشاريع مشتركة، مع مراكز البحوث العلمية الدولية الأخرى، في العالم.

وفي عام 1403/ 1983، وقع اتفاق، بين الهيئة الوطنية لإدارة أبحاث الملاحة الجوية والفضاء الأمريكية (ناسا)، وبين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، للتعاون في مجال الأبحاث الفضائية. وقد ساعد هذا التعاون، في برامج وضع الخرائط الجغرافية، والتنقيب عن المياه، ومراقبة انحراف الرمال والكثبان.

وقد أجرى معهد البحوث، وهو مركز بحوث رئيسي مستقل مرتبط بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أبحاثا حول الطاقة الشمسية، منذ عام 1397/ 1977.

10. الإسكان والتنمية في المدن

أنفقت مبالغ هائلة من المال، في مشاريع إنشاء المساكن لفئات المواطنين ذوي الدخل المنخفض، كذلك تقدم القروض بشروط ميسرة للمواطنين، ليقوموا هم ببناء منازل خاصة بهم. كما يقوم مستثمرون بتشييد المباني المتعددة الشقق. والقروض المقدمة طويلة الأجل، وبدون فوائد.

وقد قامت وزارة الأشغال العامة والإسكان، إلى جانب الهيئة الملكية لمدينتي الجبيل وينبع، ببناء أعداد كبيرة من الوحدات السكنية، كما أسهمت مؤسسات حكومية أخرى بتنفيذ مشاريع إسكان خاصة بمنسوبيها. ومن المؤسسات المتميزة في هذا المضمار: الحرس الوطني، والجامعات المختلفة، ووزارة الدفاع، ووزارة الداخلية، وبعض الوزارات الأخرى.

11. الصحـة

لقد أوليت الخدمات الصحية أولوية فضلى في المملكة العربية السعودية، فقد تحقق فيها نظام رعاية صحي شامل ورفيع المستوى، فأسست المستشفيات المتخصصة، وجهزت بأحدث المعدات الطبية في العالم، وتشمل بعض المعالجات التخصصية أمراض العين، واضطرابات القلب، والكلى، الحروق، والسل، والسرطان، إلى جانب حشد من الأمراض الأخرى.

إن مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون في الرياض، مثلا، يعتبر أحد أفضل مستشفيات العيون تجهيزاً في العالم، وأكبرها.

وقد امتدحت اللجنة الأمريكية المشتركة لاعتماد المستشفيات، عام 1405/ 1985، مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون، وأقرت المستوى الرفيع للخدمات الطبية، التي يقدمها.

ويعتبر مستشفى الملك فيصل التخصصي، الذي افتتح عام 1395/1975، ومركز الأبحاث فيه، من أفضل المؤسسات الطبية، وأعلاها كفاءة، في العالم. وتحقيقاً لالتزاماتها بتقديم أفضل رعاية صحية للمواطنين، فقد نظمت وزارة الصحة برنامج تبادل للجراحين، بين كلية بيلور الطبية الشهيرة في هيوستن، وبين مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض. وقد ساعد في تنظيم برنامج التبادل هذا، جراح القلب الشهير مايكل دبغي، ويزور فريق من كلية بيلور الطبية المستشفى، دوريا، لمدة ثلاثة أشهر، وهكذا، فقد تسنى لحوالي ثلثمائة طبيب سعودي، اكتساب خبرات عملية واسعة في جراحة أوعية القلب.

وقد ألحق بمستشفى الملك فيصل التخصصي، مستشفى خيري فريد من نوعه، أنشيء في مدينة الرياض، متخصص لعلاج الأطفال المصابين بأمراض سرطان الدم (اللوكيميا)، والأورام اللمفاوية، وما يرتبط بهما، ويقوم بإجراء الدراسات والبحوث العلمية؛ لمكافحتها. ويحمل هذا المستشفى اسم "مركز الملك فهد الطبي للأطفال".

وكذلك تقوم في المملكة عدة كليات طبية، تتبع الجامعات، وتمنح درجات طبية، مثل جامعة الملك سعود في الرياض، وجامعة الملك عبد العزيز في جدة، وجامعة الملك فيصل في الدمام، وكلية الطب في أبها، التابعة لجامعة الملك خالد.

ومستشفى الملك خالد الجامعي، هو مستشفى تعليمي ضمن كلية الطب، في جامعة الملك سعود، ويتسع هذا المستشفى لحوالي 870 سريراً، وفيه 29 عيادة خاصة، ويعمل فيه قرابة 1700 موظف، بين أطباء وممرضين وممرضات وفنيين.

أما مدينة الملك فهد الطبية في الرياض، فهي مجمع طبي ضخم، يشمل أربعة مستشفيات رئيسية هي: مستشفيات الأطفال، والولادة، والأمراض النفسية، والعناية العامة.

ومن معالم نظام الخدمات الصحية الفريدة الأخرى، في المملكة العربية السعودية، الفريق الطبي الجوي، الذي يتيح إيصال العناية الطبية إلى السكان، في مناطق المملكة النائية. ويقدم أسطول المستشفيات الجوي الرعاية الصحية، لا إلى القوات المسلحة، كما كانت النية متجهة في الأصل، بل إلى جميع المواطنين، الذين يحتاجونها، في المناطق النائية.

ويقوم عدد من الوكالات الحكومية والوزارات، بتقديم الخدمات الطبية لموظفيهم ومستخدميهم وأتباعهم، كما لغيرهم من المواطنين. ومن هذه الهيئات: الحرس الوطني ،الذي يملك عدداً من المستشفيات الضخمة ذات المستوى العالمي، ومنها مستشفى الملك فهد بالرياض، ووزارة الداخلية، ولها مستشفى الأمن العام بالرياض، ووزارة الدفاع، التي تملك عدداً من المستشفيات العسكرية الرائدة. وكل هذه المستشفيات فيها مراكز متطورة، بعضها لزراعة الأعضاء، وبعضها لجراحات القلب، وبعضها لمعالجة الأورام. وتقدم خدماتها لكل المواطنين. وهناك وكالات أخرى تدير مستشفيات حديثة، ومراكز طبية خاصة لموظفيها، كذلك تتوافر مستشفيات كثيرة جيدة، في مختلف أرجاء المملكة.

وقد أمر الملك فهد، بإنشاء ألفي مركز صحي، بالتعاون مع القطاع الخاص. وبلغ عدد المشافي التابعة لوزارة الصحة 182 مستشفى، فيها أكثر من 27 ألف سرير، في مختلف التخصصات. وبلغ عدد مراكز الرعاية الصحة الأولية 1750 مركزاً، موزعة حسب كثافة السكان.

وتكمل جمعية الهلال الأحمر السعودية نشاطات وزارة الصحة، في مجالات الإسعافات الأولية، والحوادث العارضة، والحالات الطارئة.

وقام القطاع الخاص بدور أكبر في الحقل الطبي، وشيد رجال الأعمال والمستثمرون مستشفيات متخصصة رائدة، في الرياض، وجدة، والدمام، حققت إنجازات طبية فائقة، منها مستشفى دلة، والحمادي بالرياض، ومستشفى فقيه في جدة، والمانع في الدمام.

12. العدالة الاجتماعية والتنمية

وقد رافق القفزة العظمى، قدماً في مجال التصنيع وتزايد فرص العمل، حماية المستخدمين عن طريق الضمان الاجتماعي، أو التأمين ضد حوادث العمل. وتضمن الدولة الدخل المناسب، في حالة العجز أو التقاعد، وفي حال الوفاة، يدفع هذا إلى عيال المستخدمين.

وتيسر الدولة مستوى عيش لائقاً ومحترماً للأشخاص، الذين يعانون من عجز مؤقت أو ظروف اجتماعية قاهرة، أو الذين ألمت بهم الكوارث، فتصرف لهم المعاشات. وتقدم برامج إعادة التأهيل إلى المعاقين جسدياً أو عقلياً، إلى جانب خدمات اجتماعية متعددة أخرى. وهكذا يسد نظام الضمان الاجتماعي حاجة اجتماعية أساسية. وقد تزايد إجمالي ما تلقاه المستحقون، بنسبة 33.7% سنوياً.

13. رعايـة الشــباب

لقد بذلت جهود جبارة في المملكة، برعاية الأمير فيصل بن فهد ،رحمه الله، الرئيس العام لرعاية الشباب، للوفاء باحتياجات الشباب، وتلبية طموحاتهم وتطلعاتهم.

إن خير الشباب وصلاح شأنهم في المملكة العربية السعودية هما من الأمور، التي يحرص على حمايتها بشدة قادة البلاد، وبخاصة الملك فهد، الذي هو رئيس المجلس الأعلى للشباب. فاهتمامه العميق، بتوجيه الشباب وتنشئتهم التنشئة الصالحة، هو امتداد طبيعي لمحبته، أباً ومربياً. ولقد صممت برامج، لتثقيف عقولهم، وتقوية نفسياتهم، وتمتين معنوياتهم وأخلاقياتهم وتركز أنشطة الشباب وأنديتهم المتعددة على التعاليم الدينية والفضائل الاجتماعية، كما على الجوانب الفكرية والثقافية والأدبية المتحفزة بالجوائز العلمية أو الأدبية التقديرية.

وتعمل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، على توجيه الشبان، وتساند اهتماماتهم، فهي تصمم السياسة الإجمالية الشاملة لاستغلال أوقات الفراغ لدى الشباب، على نحو مجد ومفيد؛ ليتمكن الشبان من تنمية مواهبهم وإمكانياتهم، لما فيه خيرهم وخير أوطانهم.

14. مجال النفط

تتميز المملكة العربية السعودية، بصوتها القوي والمعتدل، في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، كما تساهم في استقرار الاقتصاد العالمي.

وتعالَج الغازات الخام المرافقة وتُجزأ؛ لتستخدمها شركة (أرامكو)، والشركات الصناعية السعودية المختلفة، ويبعث الإيثان المستخلص، إلى مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين؛ لإمداد الصناعات البتروكيماوية فيهما، فهو لقيم التغذية الأساسي لها. أما المنتجات الغازية الأخرى الحاصلة بالتجزئة، كالبروبان والبيوتان والغازولين الطبيعي، فتصدر إلى بلدان عديدة.

وشمل مخطط شبكة الغاز الرئيسية، مد وتشغيل خط أنابيب؛ لتوصيل سوائل الغاز الطبيعي والإيثان، إلى ينبع على البحر الأحمر.

وإلى جانب مشاريع تجميع الغاز الرئيسية، طورت أرامكو مرافق لإنتاج ومعالجة كميات كبيرة من الغاز غير المرافق (للنفط)، من مكمن (خف)، ويستخدم الغاز غير المرافق، لاستدراك النقص في إمدادات الغاز المرافق، حينما يكون إنتاج النفط الخام خفيضا.

وقد افتتح الملك فهد مركز التنقيب والهندسة النفطية في الظهران، في رجب 1403/ مايو 1983، وهذا المركز هو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط كلها.

وتقوم شركة الزيت العربية المحدودة بإنتاج النفط في الخفجي، في المنطقة المحايدة (المتقاسمة)، بين المملكة العربية السعودية والكويت، وقد تأسست هذه الشركة في 22 رجب 1377/ 1 فبراير 1958، وقد منحت جميع الحقوق والامتيازات من الشركة الأم ـ شركة البترول التجارية اليابانية المحدودة.

15. بتروميـن

كانت المملكة العربية السعودية قد أسست المؤسسة العامة للبترول والمعادن (بترومين)، في 9 رجب 1382/ 5 ديسمبر 1962، وشملت مسؤوليات هذه المؤسسة تطوير الموارد الطبيعية في المملكة، بما فيها النفط الخام، والغاز الطبيعي، والمعادن، والصناعات الأخرى المتعلقة بها. وقد ساعدت هذه الهيئة، في زيادة إجمالي الدخل الوطني، وتطوير الموارد البشرية، وتنويع الإيرادات؛ للتقليل من اعتماد البلاد على النفط. وهكذا أسهمت بترومين، في تنويع الاقتصاد، وتوصلت إلى إيجاد عدد من الشركاء لإنجاح عملياتها، من هؤلاء الشركاء شركة شل وشركة موبيل للنفط. فالمشاريع المشتركة مناصفة مع مثل هذه الشركات، تقرن خبرة شركات البترول العالمية الكبرى، إلى إمكانات أكبر مصدر للنفط في العالم.

وفي قطاع المعادن، واصلت بترومين جهودها؛ لتفي بمسؤولياتها، وتحقق أهدافها. وتقدر الطاقة لمنجم مهد الذهب، الواقع على بعد 280 كيلو مترا شمالي جدة، بحوالي 120000 طن، من المواد الخام سنوياً، وقد تم اكتشاف خامات الحديد والزنك والفوسفات والتنجستن والرصاص وبعض الفحم.

وفي ربيع الآخر 1409/13 نوفمبر 1988، صدر المرسوم الملكي بإنشاء شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية). وأصبحت الحكومة السعودية تمتلك أسهمها كاملة. وصدر الأمر الملكي، في عام محرم 1414/ يوليه 1993، بدمج جميع مصافي البترول، ومرافق توزيع المنتجات، وشركة أرامكو السعودية مسؤولة عن جميع أعمال البترول في المملكة، من تنقيب، وإنتاج، وتكرير، ونقل، وتسويق.

كما عمل الملك فهد، على تخفيف اعتماد المملكة العربية السعودية، على صادراتها من الزيت، عن طريق التوسع في التعليم والتدريب، ورفع المستوى الصحي والصناعي، وزيادة الرفاهية لجميع فئات المجتمع السعودي، ودعم الاستقرار الاجتماعي في المملكة العربية السعودية، في مواجهة التغيرات والتحديات الاجتماعية وغيرها .

16. في مجال الدفاع

أولت حكومة المملكة العربية السعودية الدفاع عناية فائقة؛ نتيجة لاضطراب الوضع في الشرق الأوسط، منذ الأربعينات من القرن العشرين. وكانت مظاهر هذه العناية تتمثل في إقامة المنشآت العسكرية، وتزويد القوات المسلحة بالأسلحة الحديثة، وتدريب القوى البشرية.

فقد أنشئت ثلاث مدن عسكرية، في خميس مشيط، وتبوك، وحفر الباطن، وهذه المدن ليست حاميات عسكرية في أرض صحراوية، بل هي مدن للتعليم، والصحة، والتربية، والتدريب. وأنشأت وزارة الدفاع القواعد العسكرية، في مختلف مناطق المملكة، واستفادت، في ذلك، من عوائد النفط الضخمة. وأنشئ مبنى جديد لكلية الملك عبدالعزيز الحربية وكلية القيادة والأركان، بمنطقة العيينة، في شمال الرياض. وتضم منشآتها الكلية، ووحدات سكنية للأفراد، وأفراد الهيئة التعليمية. وتوسعت الكلية في قبول الطلاب الراغبين في الدراسة العسكرية، وتوسعت أيضاً تخصصاتها وتنوعت مناهجها، على غرار الكليات العسكرية المشهورة. وتبتعث وزارة الدفاع بعض الضباط، لدراسات عليا في العلوم العسكرية، أو لدورات تدريبية في الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وغيرها.

وعقدت صفقات للتسليح مع الولايات المتحدة الأمريكية، منذ عام 1394/1974، وحصلت بموجبها المملكة، على طائرات مقاتلة، من طراز إف 15، وطائرات الاستطلاع المعروفة باسم ( أواكس). وتمت تلك الصفقة في عام 1401/1981. وفي شوال 1406/يونيه 1986، أبرمت المملكة عقد شراء معدات عسكرية أمريكية، بمبلغ يقارب خمسة بلايين دولار أمريكي. ووقعت صفقات مماثلة، مع فرنسا، لشراء صواريخ مضادة للطائرات، وطائرات عمودية وبوارج حربية.ومع بريطانيا جرى الاتفاق العسكري، من خلال مشروع اليمامة للسلام.

وأدخلت وزارة الدفاع السعودية برنامجاً للتوسع البحري، وأجريت تغييرات جذرية على قدرات الأسطول وتدريب رجاله. وزود الأسطول بسفن حربية وزوارق من ألمانيا وفرنسا وأمريكا. وأقيمت موانئ للأسطول، في جدة، وفي الجبيل على الخليج العربي، وأقيمت قاعدتان بحريتان فيهما، زودتا بكل المرافق الحيوية، لسكنى عائلات الضباط والأفراد.

وفي مجال سلاح الطيران السعودي، كان الاهتمام واضحاً، من خلال تطوير كلية الملك فيصل الجوية، والبعثات التدريبية للطيارين، على أحد المقاتلات النفاثة. ويجري بناء مقر جديد للكلية الجوية. وانتشرت القواعد الجوية، في كل من الظهران، وتبوك، وحفر الباطن، وخميس مشيط، والطائف. وتتألف أسراب الطائرات السعودية، من مقاتلات إف 15، وإف 5. وتساندها طائرات الاستطلاع ( أواكس).

وقيادة الدفاع الجوي، من القوى العسكرية، التي حظيت بالتطوير والاهتمام، من خلال تزويدها بالأسلحة والصواريخ أرض ـ جو، وأجهزة الرادار المتطورة. ولعل امتلاك هذه القيادة للصواريخ الصينية( سيلك وورم) أهم أحداثها.

وفي مجال التصنيع الحربي، شهدت المصانع الحربية في الخرج تطوراً مهماً، بالتعاون مع الخبرات الأجنبية.

وقام الحرس الوطني، على ما كان يعرف بقوة (الأخوان)، على عهد الملك عبدالعزيز. واتبع في إنشائه نسق الحرس الوطني الأمريكي. وتولى الأمير عبدالله بن عبدالعزيز رئاسة الحرس الوطني في عام 1383/1963. ومنذ ذلك الحين أخذت هذه المؤسسة العسكرية تتقدم في مجال التدريب والتسليح، وتقطع خطوات واسعة نحو اكتساب الخبرات والمهارات، حتى صارت قوة منيعة للأمن الداخلي. وتؤدي قوات الحرس الوطني خدمات جليلة في موسم الحج. وأبلت قوات الحرس الوطني بلاءً حسناً، في حرب تحرير الكويت، عندما خاضت معركة تحرير الخفجي، من القوات العراقية الغازية.

ونال الحرس الوطني حظه من التطوير في المنشآت، أسوة بالقوات المسلحة، فقامت مدينة متكاملة للحرس الوطني في خشم العان بشرق الرياض تضم سكن عائلات الأفراد والضباط والعاملين في الحرس، وتضم كلية الملك خالد العسكرية وهي كلية عسكرية، مهمتها إعداد ضباط للحرس الوطني، وقد افتتحت في ربيع الأول 1403/ديسمبر 1982. وهناك مدينة سكنية للحرس في المنطقة الشرقية، وأخرى في جدة.

وأقام الحرس الوطني منشآت طبية راقية، منها مستشفى الملك فهد للحرس الوطني بالرياض، والذي يضم مركزاً للقلب، ومركزاً لزراعة الكبد والكلى، ومركزاً لمعالجة الأورام. وهناك مستشفى الملك خالد للحرس الوطني في جدة.

ويرعى الحرس الوطني نشاطات تعليمية وثقافية، تتمثل في مدارس الحرس الوطني العسكرية، والفنية، وفي إصدار مجلة (الحرس الوطني) الشهرية المتخصصة، والإشراف على المهرجان الوطني للثقافة والتراث، الذي يقام، سنوياً منذ عام 1405/1985، في منطقة الجنادرية بشمال شرق مدينة الرياض.

17. في مجال الأمن

حظي الأمن العام برعاية فائقة من الأمير فهد بن عبدالعزيز، عندما تولى منصب وزير الداخلية، في عام 1387/1967. وتشمل مسؤوليات وزارة الداخلية شؤون الأمن العام، والمباحث العامة، والقوات الخاصة، وسلاح الحدود، وخفر السواحل، والدفاع المدني، والجوازات، والجنسية، والأحوال المدنية. وترتبط بالوزارة الإمارات في المناطق المختلفة.

وتطورت قوات الأمن العام، بعد إنشاء كلية قوى الأمن الداخلي، التي تحولت، فيما بعد، إلى كلية الملك فهد الأمنية، وارتفع مستوى التدريب في المدينة المعدة لذلك. وزودت قوى الأمن بوسائل تقنية متطورة، تساعدها على أداء مهامها. وبفضل تطبيق الأحكام الشرعية، ويقظة رجال الأمن العام، انخفضت معدلات الجريمة في البلاد. واستخدمت قوات الدفاع المدني الطائرات العمودية، في مهامها. وزود سلاح الحدود وخفر السواحل، بوسائل مراقبة ومطاردة حديثة. وتتحمل قوات وزارة الداخلية العبء الأكبر في تنظيم حركة الحجاج، منذ دخولهم الحدود السعودية، حتى عودتهم إلى بلادهم سالمين.

وقامت وزارة الداخلية بإنشاء المركز الوطني للمعلومات؛ لتسجيل المواطنين والأجانب بالحاسب الآلي. وأدارت جميع ما يتعلق بالمواطن والمقيم آلياً.

18. عناية خادم الحرمين الشريفي الملك فهد بمكة المكرمة وما شهدته من تقدم حضاري وعمراني

لقد كان اهتمام الملك عبدالعزيز وأبنائه، سعود، وفيصل، وخالد ـ رحمهم الله ـ بأمور المدينتين والحرمين الشريفين، كبيراً، وقد عمل كل منهم، حسب الحاجة، بما وفقه الله عز وجل، من توسع في خدماتهما وتطويرهما.

ولما وصلت أمانة الحكم إلى يد خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز، أولى اهتماماً خاصاً بالمدينتين المقدستين، وكذلك بالمسجدين الشريفين. وكان من عادته كل سنة، قضاء النصف الأخير من رمضان في مكة المكرمة، مجاوراً للبيت العتيق. كما كان يخصص أياماً أخرى يقضيها في المدينة المنورة، يتابع خلالها الأوضاع والمشاريع، في هاتين المدينتين المقدستين.

وكان ازدياد عدد الحجاج والمعتمرين، عاماً بعد عام، وزيادة سكان المدينتين، مدعاة لبذل مزيد من العناية في تطوير المدينتين في جميع المرافق، ولا سيما تلك، التي لها مساس بالحج والحجاج. وما تطوير مطار جدة والميناء البحري، وتوسعتهما، منذ أكثر من ثلاثين سنة إلا تحسباً لزيادة عدد الحجاج. وكذلك تطوير منطقتي المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريفين، بإنفاق بلايين الريالات، ليس ذلك إلا لأجل خدمة الحجاج، والمعتمرين، والمواطنين، والمقيمين.

وأنشئت شبكة طرق فريدة تربط المملكة ببعضها، وبالدول المجاورة، وأغلبها تستخدمها قوافل الحجاج، وكلفت هذه الطرق أكثر من 137 ملياراً من الريالات، غير عقود الصيانة والإصلاح.

ومنذ عقود من السنين، كان هناك إحساس واضح بزيادة عدد الحجاج في المستقبل، مما دعا إلى التخطيط والدراسة؛ لفتح الطرق وتوسيعها، وإزالة العوائق، التي قد تواجه الحجاج في المدينتين، لذا عملت المملكة، من لدن عهد مؤسسها الملك عبد العزيز، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين، على إزالة كل العوائق، دون نظر إلى النفقات، التي تصرف على تلك الأعمال والمشاريع.

فأنشأت الطرق الموصلة إلى مكة وفي داخلها، وكان من أهمها، في عهد خادم الحرمين الشريفين:

  • طريق جدة مكة السريع، الذي نفذ بطول 61 كم، عام 1402 بنفقة إجمالية، قدرها 500 مليون ريال.
  • جسر الميناء، وهو أطول الجسور داخل المدن، وقد نفذ بطول 12.5 كم، عام 1405 بنفقة قدرها 612 مليون ريال. والغرض من هذا الجسر، أن يربط بين ميناء جدة الإسلامي، وطريق جدة مكة السريع.
  • طريق مكة الدائري الأول، وقد نفذ عام 1402 وما بعده، وقد تم إنشاء أربعة أنفاق مزدوجة، وذلك من أجل إبعاد الازدحام عن المنطقة المكتظة، حول المسجد الحرام، وتسهيل حركة المرور داخل مكة المكرمة؛ نظراً لزيادة حركة المشاة بالمنطقة خلال المواسم.
  • طريق مكة الدائري الثالث، بطول 28 كم، نفذ في عام 1404 بنفقة، قدرها 280 مليون ريال، ويهدف إلى ربط طريق جدة ـ مكة السريع بطريق كدي وبالأحياء المختلفة في مكة المكرمة.
  • طريق أجياد السد بطول 1 كم، بنفقة قدرها 8.5 مليون ريال، لربط أنفاق السيارات القادمة من منى ومحبس الجن بالمسجد الحرام.
  • نفق أجياد ـ كدي بطول 1.6 كم، تم تنفيذه عام 1404 بنفقة قدرها 183 مليون ريال، لربط طريق كدي بمنطقة أجياد والمسجد الحرام.
  • ومن الأعمال المهمة عمل نفق السوق الصغير، بحذاء المسجد الحرام بطول 1500م، والجزء المغطى منه 661م، في مسارين منفصلين للقادمين من غرب مكة وشرقها.

ومما تم في المشاعر من التطوير:

  • مشروع تطوير منى، بقطع الجبال وتسويتها، لتوسعة الطرق، فقد كان الطريق غرب الجمرات ضيقاً جداً، فقُطع جزء كبير من الجبل العالي، وصار الطريق واسعاً كما قُطع، للغرض نفسه، جزء من الجبل الواقع شرق الجمرات.
  • زيادة الرقعة المهيأة لسكن الحجاج داخل منى، بقطع سفوح الجبال وتسويتها. وكانت المنطقة المهيأة للسكن، حتى عام 1394، مليوناً ونصف مليون متر مربع، وبلغت بعد التطوير والتوسعة 46.600 مليون متر مربع، منها أربعة ملايين متر مربعة مستوية، والباقي سفوح جبال.
  • إنشاء شبكة من الطرق، والجسور الكثيرة، والأنفاق؛ لتسهيل حركة السير داخل منى، بلغت نفقاتها 3242 مليون ريال.
  • إنشاء خزانات مياه ضخمة، وشبكة للمياه والصرف الصحي، ودورات المياه، ومواضع للوضوء والغسل، بلغت نفقاتها 744 مليون ريال. وقد بني في منى خزان كبير، في عام 1418، لغرض إطفاء الحريق، ووصل إلى الخيام، بأنابيب يتدفق منها الماء تلقائياً عند الحاجة.
  • إنشاء مجزرة المعيصم النموذجية، بطاقة مليون وخمسمائة ألف ذبيحة، تم تنفيذ الجزء الأول منها، بنفقة 150 مليون ريال، والهدف منها الاستفادة الكاملة، من لحوم الهدي والأضاحي، واستفادة فقراء الحرم منها، وتوزيع الفائض على فقراء العالم الإسلامي.

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، نفذت المشروعات التالية :

  • توسعة مسجد الخيف بمنى، بنفقة تزيد على 31 مليون ريال.
  • توسعة مسجد نمرة بعرفات، بنفقة قدرها 366 مليون ريال.
  • تجديد عمارة مسجد التنعيم وتوسعته.
  • ترميم مصنع كسوة الكعبة المشرفة.
  • تطوير جامعة أم القرى وتوسعتها، في مبانيها وكليتها وأقسامها.
  • تطوير مركز أبحاث الحج، وتم تغيير اسمه، في شهر ذي الحجة 1418، إلى معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج.
  • إنشاء مبرة خادم الحرمين الشريفين؛ لسقيا الحجاج والمعتمرين.

19. عناية خادم الحرمين الشريفي الملك فهد بالمدينة المنورة وما شهدته من تقدم حضاري وعمراني

شهدت المدينة النبوية تطوراً عمرانياً وحضارياً كبيراً، في عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، ففي سنة 1405 خُصصت جلسة لمجلس الوزراء ،عقدت في المدينة المنورة،لدراسة المشاريع التطويرية للمدينة النبوية.

ولقد أشرف خادم الحرمين الشريفين على تنفيذ عدد من المشروعات بالمدينة المنورة، من أبرزها:

  • إنشاء مجمع لطباعة المصحف الشريف، باسم مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ووضع حجر الأساس في 16 محرم 1403، وتفضل بافتتاحه في 6 صفر 1405، والغرض من إنشائه طباعة المصحف الشريف، وترجمة معاني القرآن الكريم، وطباعتها بلغات مختلفة، وتسجيل القرآن الكريم ونشره، وإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بالقرآن الكريم. وطاقته الإنتاجية 30 مليون نسخة من المصحف الشريف، سنوياً، وتشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد. وقد طبع فيه حتى نهاية عام 1417 124.267.700 نسخة من مصحف المدينة المنورة، ووزع منها 105.000.000 نسخة على المسلمين في مختلف أقطار المعمورة. ويعطى كل حاج نسخة من القرآن الكريم عند قدومه للحدود السعودية. وأصدر المجمع، حتى نهاية عام 1417، إحدى وعشرين ترجمة لمعاني القرآن الكريم، بالعديد من اللغات.
  • إنشاء مركز خدمة السنة والسيرة النبوية، حيث إن السنة النبوية هي الأصل الثاني لديننا الحنيف بعد كتاب الله، وهي المفسرة له، فكان الاهتمام بها من أهم أمور الدين، وشعوراً بأهميتها وحاجة الأمة إلى نشرها، أمر الملك فهد، بإنشاء مركز خدمة السنة والسيرة النبوية، في الجامعة الإسلامية، وكان إنشاؤه في 20/ 4/ 1406. ومن أهم أغراضه إصدار الموسوعات العلمية للحديث الشريف، وموسوعة رواة الحديث، وموسوعة متون الحديث، وموسوعة السيرة النبوية. وتحقيق كتب السنة ونشرها، وإعداد الدراسات والأبحاث لخدمة السنة والسيرة، وقد صدرت عنه عدة مطبوعات ذات قيمة علمية عالية.
  • وضع حجر الأساس، لأكبر توسعة للمسجد النبوي الشريف، في التاريخ الإسلامي، في 5 صفر عام 1405.
  • وضع حجر الأساس، لأكبر توسعة لمسجد قباء، في يوم الخميس 8 صفر 1405.
  • توسيع الجامعة الإسلامية والنهوض بها. وأزاح ـ حفظه الله ـ الستار عن مشروع توسعتها في 8 صفر عام 1405.
  • أمر بتنفيذ مشروع الطريق الدائري الثاني، وأزاح الستار عن اللوحة التذكارية لحجر الأساس في يوم الخميس 8 صفر عام 1405، بتكلفة مائة وتسعين مليون ريال، وطوله 27 كيلومتراً.
  • أمر بفرش المسجد النبوي بسجاد فاخر في عام 1405.
  • أمر بتشكيل لجنة لوضع الحلول المناسبة لمشاكل المواصلات داخل المدينة المنورة، وللإشراف على مشاريع تحسين المدينة المنورة وتجميلها، ودراسة إمكان عمل ميادين لتسهيل حركة المرور، وتحسين شارع المطار، ودراسة إمكانات فتح شوارع بالأماكن المزدحمة في المدينة.
  • أمر بإنشاء مجمع قضائي، يضم المحاكم الشرعية كلها، وكتابة العدل، وبيت المال.
  • أمر بإعداد مخطط مقترح للمناطق المحيطة بالمسجد النبوي الشريف بعد التوسعة الكبرى.

وتمت هذه المشاريع، وتلتها مشاريع أخرى، مثل:نفق المناخة، والجسور، وغيرها، مما يصور الاهتمام البالغ من خادم الحرمين الشريفين بالمدينة المنورة. (انظر ملحق توسعة المسجد الحرام بمكة المكرمة، وترميم بناء الكعبة المشرفة، و توسعة المسجد النبوي الشريف في عهد الملك فهد).

إن هذه الأعمال الجليلة، التي قام بها الملك فهد، تجاه شعبه، وتجاه الأمة الإسلامية عامة، وتجاه الحرمين الشريفين خاصة، كانت وراء قراره، الذي أعلنه في المدينة المنورة، في 28 صفر 1407/ أول نوفمبر 1986، باتخاذ لقب "خادم الحرمين الشريفين" ـ الذي يفخر به ويحبه ـ وإلغاء لقب "صاحب الجلالة"، وتجنب استخدام عبارات سيدي المعظم، مولاي وأمثالها، من عبارات التمجيد والتعظيم.

وفاة الملك فهد

أصيب الملك فهد بجلطة عام 1995، ولكنه ظلّ يُصرِّف أعباء الحكم. ثم تدهورت صحته، فأدخل إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض في 9 ربيع الآخر عام 1426، الموافق 27 مايو 2005، وظل ملازماً للمستشفى حتى توفي يوم الاثنين 26 جمادى الآخرة سنة 1426، الموافق الأول من أغسطس 2005. فخلفه في حكم البلاد أخيه وولي عهده الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، الذي أصبح ملكاً للبلاد.

تقدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز جموع المصلين من أبناء الأسرة السعودية الحاكمة، والقادة والزعماء العرب والمسلمين، في الصلاة يوم الثلاثاء الموافق 27 جمادى الآخرة 1426هـ، الموافق الثاني من أغسطس 2005 على جثمان الملك فهد بعد صلاة العصر في مسجد الإمام تركي بن عبدالله الكبير، وسط مدينة الرياض.

ووسط مشاعر من الحزن والأسى، احتضنت مقبرة العود بالرياض جثمان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، الذي ووري الثرى بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز، والأمراء وأبناء المليك الراحل والوزراء وكبار المسؤولين، وحشد كبير من زعماء وقادة دول العالم، ومواطني المملكة والمقيمين، الذين اكتظت بهم جنبات المقبرة. كما أقيمت صلاة الغائب عليه في جميع مناطق المملكة، وفي عدد من الدول العربية والإسلامية.